كتاب: براءة التفسير والإعجاز العلمي في القرآن من الشكوك عليه
الفصل (ب4) محمد بن صالح العثيمين
بقلم: عزالدين كزابر
بسم الله الرحمن الرحيم
الاتجاه
السلفي مذهب صريح في اتباع سلف الأمة الطاهر – الصحابة والتابعين وتابعيهم - الذين
هم خير القرون كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، لذا فهو أقرب السبل لتتبع
خُطى النبي الكريم الذي أُمرنا باتباعه والاهتداء بهديه، الذي أنزله الله تعالى في
كتابه، وبيَّنه عليه الصلاة والسلام لنا في سنته المطهرة. ولما كان كل اجتهاد بشري
في فروع الدين يُخطئ ويُصيب، فمن الوفاء أن نهدي إلى أهل هذا المذهب أخطاءهم، خيرٌ لنا ولهم، من
أن نُماليهم أو نداهنهم فيها فنأثم، أو نعاديهم عليها فنُجرم. وتأتي الإشارات
الآتية في هذا السياق.
بمراجعة عدد
من أقوال الشيخ ابن عثيمين[1]
رحمه الله في المسائل الكونية، وجدنا أنه له إيجابيات وممدوحات يُشكر عليها ويحمد
قوله، وكذلك وجدنا له آراءً أخرى، لم نجد لها نصيباً من الإصابة، نسأل الله تعالى
أن يغفرها له، ويحسب له أجر اجتهاده فيها. .. ونورد هنا كلا النوعين.
*******
إيجابيات وممدوحات آراء الشيخ بن عثيمين:
1-[سُئل فضيلة الشيخ[2]
: عن دوران الأرض ؟ ودوران الشمس حول الأرض ؟ وما توجيهكم لمن أسند إليه تدريس مادة
الجغرافيا وفيها أن تعاقب الليل والنهار بسبب دوران الأرض حول الشمس؟
فأجاب: "خلاصة
رأينا حول دوران الأرض أنه من الأمور التي لم يرد فيها نفي ولا إثبات لا في
الكتاب ولا في السنة، وذلك لأن قوله تعالى "وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ
أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ"(النحل:15) ليس بصريح في دورانها، وإن كان بعض الناس قد استدل
بها عليه مُحْتَجَّاً بأن قوله "أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ" يدل على أن للأرض حركة،
لولا هذه الرواسي لاضطربت بمن عليها.
وقوله "اللَّهُ
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا"(غافر:64) ليس بصريح في انتفاء دورانها،
لأنها إذا كانت محفوظة من الميدان في دورانها بما ألقى الله فيها من الرواسي صارت قراراً
وإن كانت تدور.]
نلاحظ هنا–
وللمفاجأة الكبرى – أن الشيخ يُضعِّف كل استشهادات الشيخ بن باز ، من قرآن وسُنّة،
والتي رأيناها من قبل، على سكون الأرض. ولا يمكن افتراض أنه لم يطلع عليها، لأنه
كان معاصراً للشيخ بن باز، وكان كلاهما عَلمَاً من أعلام الفكر السلفي بالجزيرة
العربية، وكان كتاب الشيخ بن باز الذي ناقشناه من قبل، من الشهرة وبلوغ الصيت ما
يُستنكر معه عدم اطلاع الشيخ العثيمين عليها.
كما نُنبِّه
إلى أن هذا القول للشيخ أي: (دوران الأرض .. من الأمور التي لم يرد فيها نفي ولا
إثبات لا في الكتاب ولا في السنة) سيختلف عما سنراه من أقوال بعد قليل، ... والراجح
عندنا أن الشيخ كان متردداً، .. أو أنه أقرب إلى نفي الدوران، مع ترك الباب
موارباً لما يشيع صدقه في علوم الفلك، إذ لربما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن!
كما نلاحظ
أيضاً من قول الشيخ أعلى أنه مع رَفْعِه لأدلة نفي الدوران من الآيات، إلا أنه رفع
أيضاً أدلة الإثبات، رغم أنها أقوى مما ظن بها. وهذا يرجِّح لنا تردده، لذا لجأ
إلى الموازنة بين النفي والتأييد، فنفى كلاهما. وكان الأجدر أن يُصرِّح بعدم وقوفه
على أدلة تؤيد الدوران لأنه المطابق للحال. فقول القائل [لا أعلم دليل كذا في كتاب
الله وسنة رسوله] أصوب من قوله: [لم يرد كذا، لا في الكتاب ولا في السنة].
فالقول الأول ينفي العلم بالورود، أم االثاني فينفي أصل الورود، أياً كان موقف
الناظر في هذه المسألة، ويجعل قائله قاطعاً بأن فهمه مطابق لمراد الله في آياته.
لذا كان نفي العلم بما ربما يتكشف أو يستبين لاحقاً أسلم وأشبه بالحق.
*******
2- [قوله[3]: (كان)
الصحابة - رضي الله عنهم - يختلفون في أمور كثيرة، ومن أراد أن يطلع على
اختلافهم فليرجع إلى الآثار الواردة عنهم، يجد الخلاف في مسائل كثيرة، ....(ومِنْ
ثمَّ ينهي عن اتهام الناس بالابتداع لمحض الاختلاف معهم، فيقول:) كلمة مبتدع ليست هينة على النفس، إذا قال لي
(أحدٌ
من الناس) هذا سيحدث في صدري شيء من الكراهية ..... أما من عاند وكابر
بعد ظهور الحق فلا شك أنه يجب أن يُعامَل بما يستحقه بعد العناد والمخالفة، ولكل
مقام مقال.]
وهذا من جميل إيجابيات
وممدوحات آراء ابن عثيمين، وينبغي على طلبته الاعتبار بها، وكيف أنه كره (بعد
قليل) أن يقال لمسلم أنت مبتدع في مسألة خلافية، فما الحال بمن يتعمد تجريح
المخالفين بالألفاظ الشديدة (كما نقلنا عن الشيخ بن باز في اتهامه القائلين
بالدوران بالبهائمية، وكما جاء على لسان أبي عبد المعز في اتهام أصحاب الإعجاز
العلمي بالفجور، ناهيك عن الاتهام بالتكفير الصريح لمن لا تنطبق عليه أسباب
التكفير، (القائل بثبات الشمس - وهو يقصد الثبات المقيد (النسبي) - فكيف يُكَفَّر؟!)
ثم نرى في
كلام الشيخ ابن عثيمين النكران على من يعاند بعد ظهور الحق، ... فإذا ما تبين وظهر
أن الأرض تدور حقاً رأي العين، وأنها قد رُصدت من مركبات فضائية تُجْزِم بدورانها
بالرصد والتصوير، بل تُرينا إياها وهي تدور رأي العين[4] (شكل
1)، ... فتكون هذه الشهادة العامة للشيخ، شهادة على كل معاند للدوران بعد رؤيته،
.. وخدش للمنهجه الفكري الذي يجعل صاحبه يُنكر ما تبين أنه حق (أقصد الدوران).
شكل (1) تصوير دوران الأرض من مركبة الفضاء (جاليليو) سنة 1990 أثناء انطلاقها باتجاه كوكب المشترى
As Galileo (Spacecraft) receded from its first flyby of
Earth on December 11 and 12, 1990, it took images of Earth in six different
filters almost every minute over a 25-hour period. The animation here includes
images taken once an hour, representing about a tenth of the full number of
frames.
أطلقت المركبة
الفضائية (جاليليو) إلى الفضاء[5]،
في 18 أكتوبر 1989، لدراسة كوكب المشترى وأقماره، وأثناء ابتعادها عن الأرض،
وتحديداً في يومي 11 و 12 ديسمبر 1990، قامت بتصوير الأرض بصور متتابعة بمعدل
صورةكل دقيقة تقريباً، صورة لكل فلتر لعدد 6 فلاتر للصورة تامة الألوان، ولمدة 25 ساعة، وبعرض هذه
الصور متلاحقة تبين منها حركة الأرض الطبيعية حول نفسها، ويتبين في الفيديو أعلاه
عرض 10% فقط من هذه الصور، وبما يكفي للقطع بدوران الأرض، لكل من لا يُصدق إلا
برأي العين [4].
*******
3- أقر الشيخ
رحمه الله بأهلية دارسي علم الفلك في فهم مسائله على نحو أشبه بالحق ممن لا
يدرسونه، حيث قال[6]:
[من فوائد
الآية الكريمة أن الليل لا يسبق النهار .... وقد يكون لها معنى غير ما نفهمه من
ظاهرها، ولهذا ربما يكون الذين يدرسون في علم الفلك يتبين لهم من هذا التعبير أكثر
مما تبين لنا.]
وهذه شهادة
بصلاحية علم الفلك من حيث المبدأ في مزيد من الفهم في مسائله عند دارسي هذا العلم دون
مَن سواهم.
*******
من
المؤآخذات على كلام الشيخ العثيمين – رحمه الله:
1- قوله[7]: [تفسير القرآن بالنظريات العلمية له خطورته، وذلك إننا إذا فسرنا
القرآن بتلك النظريات ثم جاءت نظريات أخرى بخلافها فمقتضى ذلك أن القرآن صار غير صحيح في نظر أعداء الإسلام]، ...
والمؤآخذة
هنا، أن تفسير الآيات الكونية في كتاب الله تعالى لم تكن في يوم من الأيام – من
غير رسول الله صلى الله عليه وسلم – إلا نظريات. فأقوال الصحابة والتابعين
وتابعيهم – في غير العبادات والمعاملات والأخلاقيات- لم تكن إلا حسب نظرتهم في
زمنهم لمساقط المعاني كما تصوروها، أي أن تفسيراتهم في هذا الشأن ليست إلا نظريات،
وما جاء في تفسير الطبري كان جمعاً لما وصله لتلك النظريات التأويلية، أو
التأويلات النظرية، .. فإذا وصلنا إلى الفخر الرازي، نجده يضيف إلى ما قيل من
أقوال أهل الفلك، ويرجح المعاني الفلسفية والفلكية التي علمها من علماء الهيئة من
هند وصابئة ويونان، فكان يوازن، ويعدد آراء، ويذكر ما ظهر له، وما نظر فيه فكان
أيضاً نظريات مع رحابة في التصور والمعارف الزمنية في عصره. وإذا آل الحال إلى
زمننا، وقد ظهرت معاني طبيعية لم تكن معلومة، منها ما عليه دلائل يصعب الفكاك
منها، ومنها ما ترجح دون قطع، ومنها ما هو دون ذلك. ... ولا نرانا نخطئ إذا عممنا
كل نظر إنساني سابق في معاني الآيات الكونية (المنزَّلات)، والآيات العيانية (المخلوقات)،
بأنها جميعاً نظريات من حيث هي فعل إنساني في محاولة الفهم والترجيح، كلٌّ بأدلته.
... فكيف نرد التفسيرات احتجاجاً بأنها نظريات؟!.. وإن رددناها، فعلينا أن نرد
قديمها وحديثها. إذ لا حجة لنظرية قديمة على الجديدة – في المسائل الكونية- فقط
لكون قائلها من السلف، وما معها من دليل غير ذلك. إذ أن هذا لا يرتقي بها إلى
معصومات الأقوال، ولا أن مجموعها معصوماً، لأنها منبتة الصلة بتشرب السلف لمعاني
الإسلام بقربهم من النبي، لأن تلك المعاني ليست أخلاقية، ولا روحانية، ولا قلبية،
ولا سلوكية. ... فإذا كان الحال على نفس المنوال بين قديم النظريات وحديثها، لم
يبق أمامنا إلا ترجيح عين النظريات، وما تقدم به دليله قدمناه، وما تأخر أخرناه.
... ولا نرى خلاف ذلك من معنى مقبول لقول الله تعالى "الَّذِينَ
يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ
اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ"(الزمر:18).
ونورد هنا أمثلة
لتنظيرات علمية (أي مما يدخل في باب النظريات) جاء بها الشيخ بن عثيمين نفسه، في
تفسير ثلاث معاني من الآيات (38-40) من سورة يس:
أ- ففي تفسير
قوله تعالى "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ
الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ"(يس:38)، قال رحمه الله تعالى[8]:
[- من
فوائدها (أي: هذه الآية): أن هذه الشمس .. لا بد لها من منتهى لقوله "لِمُسْتَقَرٍّ
لَهَا". ويتفرع على ذلك:
-
أن جميع الخلائق لها منتهى، وسوف يزول " يَوْمَ
تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ".]
وهذه الفائدة
التي يذكرها الشيخ ليست إلا نظرية له عن الشمس، وخلاصتها أن الشمس لها منتهى تصل
إليه، وأن مثل هذا المستقر للشمس مثل منتهى كل شيء؛ ولا بقاء للشمس بعده باعتبارها
شمساً. ولكن، هذا التصور يصطدم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عن مستقر الشمس،
والذي فيه أن الشمس تذهب إلى مستقرها، وتعود منه، لا يستغرب الناس منها شيء،
ويتكرر هذا مرات عديدة، بل حتى أنه في آخر الأمر، ستعود منه الشمس شمساً لا تختلف
عما سبق من أمرها، ولن تختلف إلا أنها ستطلع عليهم من الغرب وليس من الشرق. فكيف
يكون مستقر الشمس إذاً منتهى لها؟! مثله مثل منتهى كل شيء؟! .. فهذا القول منه
إذاً نظرية .. وبشيء من التحليل على مستوى المقابلة مع حديث النبي، يترجح بطلان
هذه النظرية، ناهيك عن مقابلتها مع جديد العلوم الفلكية!!
ثم أننا في
تفسيرنا الراجح علمياً لمستقر الشمس، تبين منه أن مستقرات الشمس ليست إلاّ مواضع
تجري إليها الشمس عبر مسارها حول مجرة درب التبانة، تحقق لها أعلى درجات الاستقرار
الحركي، إلا أنها تعاني الشمس عند وصولها هذه المواضع من أشد حالات التفرطح
والانبساط، بفعل جذبها من أطرافها بفعل الكواكب التي تتنازعها، ورجَّحنا أن هذا هو
سجودها، وعيَّنَّا أزمنة وقوع الشمس – عبر مئات من السنين ماضياً ومستقبلاً - في
هذه المواضع. .. وبيَّنَّا أن هذه المواضع ليست نهائية، بل إنها ليست إلا محطّات
للشمس عبر مساراها. ... وهذا التفسير أيضاً نظرية من عندنا نعتبرها الأرجح لأنها
تستند إلى الواقع المرصود، وبما يحقق التوافق مع آية (يس:38) وحديث النبي صلى الله
عليه وسلم، في آنٍ واحد.
والجدير
بالملاحظة هنا أن هذا التصور الفلكي ينفي تماماً نظرية ابن عثيمين القائلة بأن
المستقر هو المنتهى، ومن ثم قوله بأن هذا المنتهى يشبه أو يماثل أن (أن جميع
الخلائق لها منتهى)، حيث أن العلة منفكة بين مستقر الشمس ومنتهاها، ومن ثم، لا
سبيل إلى التعريج على الخلائق على إثر الشمس، إذا سقط الفهم القائل بأن
الأمر يتعلق بمنتهى الشمس.
*******
ب- ونجد أيضاً
للشيخ ابن عثيمين في الآية (يس:40) نظرات تفسيرية لا تستقيم مع المؤكد من المعاني
الفلكية، حيث يقول[9]:
[قال (سبحانه): "لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ
الْقَمَرَ" يعني: لا يمكن أن تدرك القمر فتجتمع معه في الليل، فإذا غابت لا
يمكن أن تخرج في زمن الليل، فإذا قدرنا أنها تغيب في الساعة الثانية عشرة، وتخرج
الساعة الثانية عشرة، فبين غروبها وطلوعها اثنتا عشرة ساعة، لا يمكن أن تطلع في
الساعة الثامنة، فيكون بين غروبها وطلوعها ثمان ساعات، لأن هذا خلاف التقدير الذي
قدره الله عز وجل لها، والذي جعلها تسير عليه لتمام قدرة الله تعالى، ونظام هذا
الكون، وأنه لا يمكن أن يختلف ويضطرب، لكن إذا جاء يوم القيامة فإنه يجمع الشمس
والقمر ويختل نظام الفلك، بل كل النظام يختلف "يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ
غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ.."]
وقال في موضع
تالي: [ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الشمس لا يمكن أن تخرج ليلا بحسب السنن
الإلهية، أما بحسب قدرة الله تعالى فإنه يمكن أن تخرج ليلاً، لأن الله يقول: (كن)
فيكون.]
وقال[10]:
["وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ" أي:
الليل لا يسبق النهار، بل لا يأتي إلا بعده، وهنا قال: "وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ" كأن
الليل هو الذي يمكن أن يسبق النهار، فنفى الله عز وجل أن يسبق الليل النهار، قيل:
المراد أن الليل لا يأتي قبل انتهاء النهار، فيكون الله عز وجل ذكر الشروق في
قوله: "لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ"
يعني لا يمكن للشمس أن تطلع في الليل " وَلَا
اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ" أي لا يمكن للّيل أن يأتي في
زمن النهار، فإذا قدّرنا أن الشمس تغرب الساعة الثانية عشرة، فلا يمكن أن تغرب الساعة
التاسعة مثلاً؛ لأنها لو غربت الساعة التاسعة لسبق الليل النهار ولو في بعض
أجزائه.
وقيل: المعنى
" وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ " أي:
لا الليل يحل محل النهار فيتوالى ليلتان سواء.
والمعنى
الصحيح على كلا القولين، فلا يمكن لليل أن يأتي وقد بقى شيء من النهار، ولا يمكن
أن يأتي الليل كله في مكان النهار؛ لأن هذا ينافي تقدير الله عز وجل ..]
ثم قال
احتياطاً[11]:
[.." وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ
" هذا ما يظهر لنا من الآية الكريمة، وقد يكون لها معنى غير ما نفهمه من
ظاهرها، ولهذا ربما يكون الذين يدرسون في علم الفلك يتبين لهم من هذا التعبير أكثر
مما يتبين لنا.]
نقول: كل ما
قاله ابن عثيمين، في قوله تعالى "لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ
الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ" سواه من عنده، أو من أي
مصدر نقل عنه، ليس إلا نظرية، ومن جنس التنظير الذي ذمَّه من قبل، .. فلماذا ذمَّ
التنظير الذي لم يستسغه رغم تأييده من أهل الخبرة بالفلك، وقدّم تنظيراً يعلم أهل
الفلك أنه خاطئ بكل المعايير. .. والإشكال الذي نؤآخذه عليه، أن يبرر ذم ما لم
يستسغ من تنظير؛ لكونه تنظير (نظريات) يمكن أن تتغير، في وقت يُمارس فيه نفس
المنهج الذي يرفضه من غيره، بل من أهله الذين وصفهم بأنهم أكثر فهماً في هذه
المسائل، وبما يتأكد من قوله الأخير: [ولهذا ربما يكون الذين يدرسون في علم الفلك
يتبين لهم من هذا التعبير أكثر مما تبين لنا.]
ويمكننا تأكيد
أن رأي ابن عثيمين السابق ليس إلا تنظيراً (نظرية) ... أقل في القيمة العلمية من
تنظير مختلف للشيخ الشعرواي حين قال في تفسيره لآية (النور:5)، : [{ وَلاَ اليل
سَابِقُ النهار وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [ يس : 40 ] .. هذا القول الحكيم
قد أثبت للعرب حكماً يعتقدونه ، ونفى حكماً آخر يعتقدونه ، فالعرب كانت تعتقد أن
الليل قبل النهار ، بدليل أن تحديد الليلة الأولى في رمضان هو الميعاد الذي يبدأ
فيه شهر الصوم ، وما داموا قد حكموا بأن الليل هو الذي يسبق النهار ، فلا بد من
حكم مقابل؛ وهو أن النهار لا يسبق الليل.
وجاء
القرآن إلى القضية المتفق عليها وتركها، وهي أن النهار لا يسبق الليل مثلما اعتقد
العرب، ونفي القرآن أن يسبق الليل النهار. وكأن المخاطب - إذن - يعتقد أن الليل
يسبق النهار ، ويصحح الله المفاهيم فلا الليل يسبق النهار ولا النهار يسبق الليل .]
وهذا التفسير
من الشعراوي، هو الصواب، وهو أيضاً نظرية من حيث كونه تنظيراً لناظر (يُصيب أو
يُخطئ)، إلا أنها هي النظرية الصحيحة. إذ أن وصف التنظير بـ "النظرية"
لا ينبغي أن يؤول دائماً إلى كونها دون الصواب. وعليه تكون النظريات، ليست إلا رؤى
وأقوال تتفاوت في القوة والضعف، ويعلو الحق فيها على الباطل بالتحليل والتدقيق،
ولولا طرحها جميعاً على بساط الدرس والموازنة العلمية، لما استبان الحق وتميز عن
الباطل، ويدعم هذا قول الله تعالى "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ
أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو
الْأَلْبَابِ"(الزمر:18)، إذ لا سبيل إلى معرفة الأحسن إلا بالمفاضلة،
وهل يُفاضل بين أقوال غير مطروحة للدرس، وعليه يجب أن تُطرح النظريات، وخاصة ما
كان منها مشتبهاً بحق، ويكون النصيب الأَوْلى لأحسنها.
*******
ج- قال الشيخ
ابن عثيمين: [من فوائد الآية الكريمة الرد على من يقول: (إن الشمس ثابتة ولا
تدور) والعجب أنهم يقولون: إنها ثابتة، وأن القمر يدور على الأرض. وهذا غلط؛ لأن
الله سبحانه وتعالى جعل الحكم واحداً، قال: "وَكُلٌّ
فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" فإذا فسرنا السبح بالدوران،
وأثبتنا ذلك للقمر فلنثبته أيضاً للشمس.]
نقول: من
الواضح جداً أن للشيخ هنا نظرية تقول: "وَكُلٌّ
فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" يجب أن تصح على الشمس والقمر من
كل وجه، فإن كان القمر يسبح في فلك حول الأرض، فالشمس كذلك، تسبح في فلك حول الأرض!
ويدل كلامه على أنه يقصد أنهما يسبحان في نفس الفلك، وأن الفلك كروي وفيه يسبح
الجرمان؛ الشمس والقمر! ..وهذه النظرية خاطئة، بل شديدة الخطأ، وليست ضرورية من
اللغة العربية وأساليبها إذا احْتجَّ علينا أحد، بأن اللغة تستدعي ذلك. فلفظ (فلك)
نكرة، مما يسمح بكون كل جرم من المشار إليه بـ (كلُّ) له الفلك الخاص به. وهذا هو
الحاصل. فبالنسبة للشمس، يقع فلكها حول المجرة، وهو ما لم يُشر إليه الشيخ من قريب
أو بعيد، أو أنه ربما لا يعلم به، أو لا يعلم أن من ينتقدهم يقصدون ذلك، بل الراجح
من تحليل كلامه أنه فَهِمَ أنهم يعنون أن الشمس لا فلك لها، وأنها ساكنة سكوناً
مطلقا، وهو خطأ آخر، ونقصد عدم وقوفه على مراد القوم من كلامهم عن الشمس (هذا كله
رغم أن الشيخ بن عثيمين يعلم يقيناً وجوب الوقوف على اصطلاحات الناس ومقاصدهم،
وذلك لقوله في موضع آخر: [من صفات القاضي أن يكون عارفاً بأحوال الناس
ومصطلحاتهم في كلامهم وأفعالهم] (كتاب العلم، المسألة 116، ص166)).
ثم أن هناك
تفصيل في لفظ (كلٌّ) في كونه لا يمثل بدلاً فقط عن عين المستبدل به، أي الشمس
والقمر، بل لجنسهما، وذلك من حيث أنه يدل على الشمول والاستغراق، ومن ثم يكون معنى
"كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" أي [كل جرم سماوي شأنه مثل شأن
الأجرام المذكورة]. وبمعنى أكثر تفصيلاً، أن (كلٌّ) الـمُنَوَّنة، تشير إلى كل
شموس وكواكب وأقمار السماء، لاتحادها جميعاً في الجنس الذي هو "الجرمية"،
أو ما نعرفه حديثاً بـ (الكتلة)، وأنه ما منها إلا ويسبح في السماء، وله فلك يسبح
فيه. وذلك على نحو شبيه بـ (كلٍّ) في قوله تعالى "أَلَمْ تَرَ أَنَّ
اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ
كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ"(النور:41)،
وقوله تعالى "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ
وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ
وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ"، وقوله تعالى "وَمَا
مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ
مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي
كِتَابٍ مُبِينٍ"(هود:6). وقوله تعالى "وَعَادًا وَثَمُودَ
وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39)"(الفرقان)
وهذا المثال
الثالث يؤكد أن طعن ابن عثيمين بكلام الغير في كونه نظريات، يعم كل من يتكلم في
تفسير القرآن، ولو منعناه لما جاز لأحد أن يطرح فهمه للغير، ولبقى المخطئ على خطئه
لا يصوَّب، والضال على ضلاله لا يهتدي، ولما ارتقى التفسير من خطأ إلى صواب، ومن
حسن لأحسن.
*******
2- الاحتجاج
بـ (الظاهر):
قال ابن
عثيمين[12]:
[ظاهر القرآن والسُّنة أن اختلاف الليل والنهار يكون بدوران الشمس على الأرض،
وهذا هو الذي يجب أن نعتقده، ما لم يوجد دليلٌ حسيٌ قاطع يُسوّغ لنا أن نصرف
النصوص عن ظواهرها إلى ما يوافق هذا النَّص القاطع؛ وذلك لأن الأصل في
أخبار الله ورسوله أن تكون على ظاهرها حتى يقوم دليل قاطع على صرفها عن ظاهرها،
لأننا يوم القيامة سنُسأل عما تقتضيه هذه النصوص بحسب الظاهر
والواجب علينا أن نعتقد ظاهرها إلا إذا وجد دليلٌ قاطع يسوغ لنا أن نصرفها عن هذا
الظاهر.]
نقول: هذه
القاعدة التي يسوقها إلينا الشيخ ابن عثيمين، والتي يقول فيها: [أن الظاهر واجب
الاعتقاد والعمل به]، قاعدة مُجملة، يمكن أن يتذرع بها كل من له رأي في
القرآن، موافق أو مخالف لغيره، وأن ظاهر القرآن عنده هو ما يقول به. ورغم أن هذه
القاعدة صحيحة تماماً في الـمُحكمات، لأنها ليس لها إلا ظاهر واحد مطابق للواقع،
وهو في نفس الوقت "نص"، و
"محكم" باصطلاحات الأصوليين. لأن ما كان محكماً لا بد أن يكون نصاً، ولا
بد أن يكون ظاهراً. أما العكس فغير ضروري. إذ أن الظاهر اصطلاحاً قد لا يكون نصاً،
والنص قد لا يكون محكماً.
وفي هذا
التحليل الأخير يكون الإشكال: أن الظاهر لفظاً – في حسبان عدد من المفسرين - قد
يكون مشتبهاً في معناه السياقي، وإلا لكان محكماً (بالمعنى الشرعي). وإذا كان ظاهر اللفظ مشتبه المعنى
السياقي، لما وجب اعتقاد معناه المشتبه، ولما لزم منه عمل مشتبه، إذ لا اعتقاد ولا
عمل إلا بيقين، ولا يقين مع مشتبهات المعاني، فكيف يقول الشيخ رحمه الله: [ الأصل
في أخبار الله ورسوله أن تكون على ظاهرها حتى يقوم دليل قاطع على صرفها عن ظاهرها،...
والواجب علينا أن نعتقد ظاهرها إلا إذا وجد دليلٌ قاطع يسوغ لنا أن نصرفها عن هذا
الظاهر.]
والصحيح أن
يقول: [الأصل في أخبار الله ورسوله أن تكون على ظاهرٍ لا شُبهة فيه، .. والواجب
علينا أن نتوقف عن اعتقاد هذا الظاهر المشتبه، إلا إذا وُجد دليلٌ قاطع يُسوّغ لنا
أن نلحقه بالمُحْكَم، أو نستبدله بما هو أحكم منه في المعنى.]
والسبب في هذا
التعديل التأصيلي الذي وضعناه، هو أن الشيخ بن عثيمين قد بنى علي تأصيله بوجوب
الاعتقاد والعمل بالظاهر – في حسبان المفسر، حكماً ملزماً رغم أنه خاطئاً، وذلك
حين قال: [ظاهر القرآن والسُّنة أن اختلاف الليل والنهار يكون بدوران الشمس على
الأرض وهذا هو الذي يجب أن نعتقده ما لم يوجد دليلٌ حسيٌ قاطع يسوغ لنا أن نصرف
النصوص عن ظواهرها] ..
وإذا بحثنا عن
ذلك الظاهر الذي بنى الشيخ عليه هذا الكلام لوجدناه يقول: [لأن الله تعالى أضاف
الطلوع والغروب إلى الشمس فقال عز وجل: (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ
تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ
الشِّمَالِ) فهذه أربعة أفعال أضيفت كلها إلى الشمس (إذا طلعت) (وإذا غربت، تزاور،
تقرض) كلها أفعال أضيفت إلى الشمس، والأصل أن الفعل لا يضاف إلا إلى فاعله، أو
من قام به؛ أي: من قام به هذا الفعل].
إذا تجاوزنا عن
الجدال اللغوي في صحة هذا الاستدلال للشيخ، وإذا تجاوزنا أيضاً عن الجدال الحسابي
والأدلة الفلكية المرصودة على الأرض، وإذا ذهبنا نطالع الأرض ونحن – أو ما نرسله
من كاميرات التصوير – نبتعد عن الأرض ونتجه إلى السماء حيث كوكب المشترى (مثلاً)،
فماذا سنرى؟ .. سنرى أن الأرض تدور أمام أم أعييننا دورة كاملة كل 24 ساعة ميقاتية.
(أنظر شكل (1) أعلى). ونسأل: أوليس هذا عين يقين؟! ... فإن تعارض عينُ يقين مع
علمٍ - يظنه صاحبه – يقيناً، أفلا يكون هذا الظن موهوماً وعلى صاحبه أن يراجع
استدلالاته؟! ... الإجابة هي: (بَلا)، وبكل ثقة، إنهما ظن واستدلال موهومين.
وبالرجوع إلى الاستدلال اللغوي، فلا بد أن نسبة الفعل إلى فاعله ليس ضرورياً على
الحقيقة الواقعية، ولكن على ما يبدو للناظر في علاقة الفاعل بالفعل. فالله تعالى
يقول في شأن الجدار في سورة الكهف "فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ
أَنْ يَنْقَضَّ"، ومن البيِّن أنه لا إرادة للجدار، ولكنه تشبيه يحمل
للسامع هيئة وصفة يستشعرها، فيدرك مراد المتكلم من الإخبار به. وكذلك القول في
"وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ"، وأمثاله في وصف الشمس على
ما يعلم ويألف السامع.
أما ما يقترحه
الشيخ بقوله[13]:
[لو كان تعاقب الليل والنهار بدوران الأرض لقال (الله سبحانه وتعالى): وترى
الشمس إذا تبين سطح الأرض إليها تزاور كهفهم عنها أو نحو ذلك.] فيجيب على مثل
هذا الرأي الشيخ الشعراوي بقوله[14]:
[لو قال القرآن بصريح العبارة: إن الأرض كروية، لعارض الناس ذلك وقت نزول
القرآن، ..؛ لذلك لم يكشف الحق (يقصد الله تبارك وتعالى) كل الحقائق الكونية،
بل أشار إليها بما يحتمل قبول العربي البسيط لها.]
ولو عدنا إلى
استدلالات الشيخ ابن عثيمين اللغوية على نسبة الأفعال (تطلع وتغرب وتزاور وتقرض)
.. إلى حركة حقيقية للشمس، لوجدنا أن الفهم اللغوي والسياقات العربية لا تسعف هذا
الفهم بالضرورة، ... فالمعروف يقيناً في مسألة علاقات الأشياء المتحركة أن ألفاظ
تطلع وتغرب وتقرضهم وتزاور[15]
لا تُعيِّن المتحرك الحقيقي من الأرض والشمس، وإنما تعين وجود حركة نسبية بينهما.
وذلك مثلما يقول راكب السيارة المتحركة بجانب شجرة على الطريق: (اقتربت الشجرة)،
أو (ظهر الجبل)، أو (انحنى الطريق)، .. إلخ كما اعتاد الناس أن يقولوا ذلك في
ثقافتهم اللغوية، وهم يقصدون – ويفهمون من بعضهم دون حرج - أن الشجرة أصبحت قريبة بعدما كانت بعيدة، وأن
الجبل أصبح منكشفاً بعد كان مستوراً، وأن السيارة وصلت للجزء المنحني من الطريق،
ولم ينحني الطريق من نفسه بعد استقامة، وهذا لا يفيد في حقيقة المعنى اللغوي بالطبع
أن الشجرة هي التي تحركت على الأرض، ولا أن الجبل تحرك بجرمه للظهور، ولا أن
الطريق ينحني في موضعه بعد أن كان مستقيماً ...
والصحيح في
مسألة الشمس والأرض أنها محكومة بقانون يحكمها، مثلما أن لقواعد اللغة العربية
قوانين تحكمها. وقانون الشمس والأرض – وأمثالهما من أجرام - أنهما متزنتان (وهذا
هو تأويلنا لـ "الْمِيزَانَ" في قول الله تعالى "وَالسَّمَاءَ
رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ"(الرحمن:7)) حول مركز هندسي في الفراغ
الواقع بينهما، أنظر الفيديو في شكل (2)،
وذلك مثلما يتزن طفلان أمام بعضهما على أرجوحة دوارة. وموقع
هذا المركز أقرب إلى الأثقل منهما، بنسبة الأخف إلى الأثقل. فلو أن أحد الطفلين
وزنه أربعة أضعاف الآخر، لاقتضى ذلك أن يقترب أثقلهما من مركز الدوران لتصبح
المسافة بينه وبين هذا المركز - الذي هو أيضاً مركز اتزان الأرجوحة - رُبع بُعْد
الآخر. وهكذا الشمس والأرض. ولكن الشمس تزن 333 ألف مرة وزن الأرض، لذلك تكاد
الشمس تجلس في موضع شديد القرب من المركز الهندسي لدورانها مع الأرض. ولو رجعنا
للأرجوحة وأدرناها فدارت، لكان الطفل الأخف يدور بعيداً والأثقل يدور قريباً.
وكذلك الشمس والأرض. وهذا هو السبب في أن الأرض تدور بعيداً جداً عن مركز الدوران
(أي الاتزان) مع الشمس، وتكاد الشمس أن تغشى هذا المركز. وهذا القانون يسمى (قانون
حفظ العزم الزاوي) ومحسوب بكل دقة لكل من الشمس والكواكب الدوارة حولها... بل
وللسيارات على الطريق، ولهذا يصنع مهندسو الطرق طرق السيارات في المنحنيات مائلة،
ولو لم يصنعوها كذلك، لطاحت السيارات بعيداً وخرجت عن الطريق. فكيف نؤمن بالقانون
في طرقنا ونكفر به في طرق الأجرام، وقد أكتُشف أول ما اُكتُشف في مسارات تلك
الأجرام السماوية، ووجدنا أنه عام لكل جِرْم متحرك، صغيراً كان أو كبيرا؟!!! ...
فالقول بدوران الشمس حول الأرض لا يصمد ولو لبرُهة أمام الأدلة والحسابات التي
تؤكدها الأرصاد، فضلاً عن التصوير الفضائي للأرض والشمس من المركبات الفضائية السابحة
بين الكواكب. ولو حفظ الطلاب ما يقوله فضيلة المفتي في المدارس وأجابوا أسئلة
الاختبارات على أساسه، لما اجتازوا اختبارات الجغرافيا والفيزياء والفلك، ولأدّى
ذلك إلى انكسار عُرى العلوم التي يقوم عليه صرح التعليم. ولاتُّهم الإسلام
بمعاداته للعلم!! ... والعِلَّة للأسف: حمل ثقافة قديمة مع الدين حُسبَت
عليه وما هي منه.
شكل (2): الاتزان الدائم للشمس والكواكب مع دوام الدوران
ونصل في شأن
الاحتجاج بـ "الظاهر" – الذي تبين أنه احتجاج خاطئ في
عمومه- إلى النتيجة التالية شديدة الأهمية:
"الظاهر" ليس صفة انجلاء المعنى في ذاته، بل صفة ما فهمه
الناظر في آي القرآن بحسب النظر العامي السطحي للمعاني
وإذا
كان القرآن ينقسم شرعاً – أي بنص الآيات – إلى محكم ومتشابه، وإذا كان المحكم، بافتراقه
عن المتشابه، يعني الجلى في معناه، الظاهر في مراده، فيكون تعريف الظاهر واعتقاده
والعمل به صحيح، ومراد في شأن المحكم (شرعاً – لا اصطلاحاً حادثاً بعده). أما في
شأن المتشابه، فلا ظهور فيه لمعنى دون غيره من معاني، وإلا لما كان متشابها. وعليه
لا يقال أن المتشابهات لها ظاهر. وإن قيل، فلا بد وأن تُدرج في المحكم، ولكنها
مفترقة عنه، وعليه يكون الزعم بظهور معنى لها، وأنه "الظاهر"، وأنه واجب
الاعتقاد، والعمل به، ومنذ أن نزل الوحي، قولٌ مُشكل .. ويؤدي إلى مثل هذا الخطأ
الذي نواجهه هنا.
لذلك، يجب
إدراج كل الآيات ذات الدلالات الكونية في المتشابهات، وخاصة تلك التي نَقَّحَت
المعارف الجديدة معانيها، وبما أظهر لها معاني كانت متشابهة مع غيرها، .. ويكون
انجلاء معنى واحد بانفراد لهذه الآيات بمثابة "الظاهر" الجديد لها.
ويكون ذلك إيذاناً بانتقالها من المتشابه إلى المحكم، فتنضاف هذه الآيات عندئذ –
بعد إحكامها بالاستدلال - إلى ما يجب اعتقاد ظاهره المنجلي، والعمل به، وأنه
المعنى المراد من وحي الله تعالى لنا. ويصبح تعريف الظاهر الذي ننتقده، صحيح فقط
في شأن ما كان محكماً منذ نزوله، وعلى النحو الذي نجده في تفاسير السلف، وفقه
الأئمة على ما نجده في كتبهم. ونرى أن هذا يقتصر فقط – من حيث التصنيف السريع -
على الآيات المتعلقة بالعقائد والعبادات والمعاملات والأخلاقيات. أما الإخبارية
والكونية فهي جامعة للمحكمات والمتشابهات، وهذه الآيات يجب التعامل معها بحذر في
شأن الإلزام بما ظُن فيه معنىً "ظاهرا"، وعلى النحو الذي قيل فيه
"وجوب الاعتقاد والعمل".
*******
3-
متى يكون للعلم أهمية، ومتى يكون من فضول الكلام؟!
سُئل الشيخ بن
عثيمين: [هل صحيح أن للأرض حركتين أم لا، وهل في ذلك آيات (يقصد في القرآن)
تدل على ذلك أم العكس ...]
فضمَّن إجابته
قوله[16]:
[... البحث في هذا من فضول العلم وليس من الأمور العقدية التي يجب على الإنسان
أن يحققها ويعمل بما تقتضيه الأدلة ... إن اشغال النفس بمثل ذلك ليس فيه كبير
فائدة...]
نقول: إن تصور
المسلم المعاصر للكون والحضارة، والحياة والموت، يعتمد على مصادره المعرفية، ولا
تنفك تصوراته، ومصداقية العلم بها، عن إيمانه وتوجه قلبه، وأين يضع ثقته المعرفية،
وأين ومتى يسحبها. وإذا أصبح للعلم الغربي المعاصر مقاليد الحياة، والفهم، والعمل،
والتخطيط، وبناء المفاهيم، أصبح القبلة التي تتطلع إليها الأبصار والأفئدة. فإذا
تنحى ديننا عن منازلته حيثما يظهر للنزال جولات، ولم ينتصر دين الله الحق، ومعانيه
ومراميه، انتصر دين الغرب (العلمي في ظاهره) ومزاعمه. وتصبح السباقات المعرفية، والحجج
الإفحامية علامات على الطريق، إن لم تكن لعين مسائلها، تكون لأهلية مصادرها، فإمّا
أن تأخذ المسلم إلى طريق الله الـمُنتصر دينه، أو إلى غير ذلك من ضلالات الأقوام
والحضارات، التي تبهر الأبصار فتزيغ بها، والمشاعر فتدغدغها، والأعناق فتقودها
انقيادا.
وإن كان الحديث
عن دين الله تعالى، فقد أكد القرآن أن السبق له، حيث قال سبحانه فيما أنزل فيه
"وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا
يُعْجِزُونَ"(الأنفال:59). وإن نكص حملة الوحي عن بلوغ هذه المنزلة،
ويأَّسُوا الناس من أنها مُرادة تبريراً لعجزهم هم، وهوَّنوا عليهم أمر زهوهم
بدينهم، وعزة إيمانهم، فقد خدشوا من وراء ذلك صدق الوعد، وحق الوعيد! ... فإن
فعلوا ذلك فقد خزلوا الدين، وجعلوه للناس وراء ظهورهم، بدلاً من أن يكون - دون
غيره - إمامهم.
ثم كيف يكون
الكلام في العلم الحديث فضولاً، وهو الذي بواسطته سخر الله تعالى ما سخر للإنسان من
أمر الأرض والسماء؟! .. وكيف لا يكون في ذلك كبير فائدة كما قال الشيخ؟! ...
وبماذا نُعِدُّ لأعداء الله من قوة ،كما أمرنا إن لم يكن بأمثال هذا العلم؟! ...
وبماذا نفهم آيات ربنا عما خلقه من شيء، وهو سبحانه الآمر بذلك؟! .. وبماذا؟ ..
وبماذا؟ .. أسئلة تلح بنفسها علينا من جرَّاء هذا الوصف للشيخ ابن عثيمين: [العلم
الحديث من فضول الكلام ... ليس له كبير فائدة]!! بما تنخلع لها أفئدتنا، خوفاً
على معاني كلام الله في القرآن الذي يظن سامع الشيخ أنه يؤدّي إلى ما قاله الشيخ،
وعلى طلاب العلم الذين يسمعون هذا الكلام ويصدقوه.
*******
4-
الإنكار على الدليل المحكم المؤدي لليقين:
هنا مسألة شديدة
الإشكال، وهي قول الشيخ بن عثيمين[17]:[ما
ذكره علماء الفلك العصريون، فإنه لم يصل عندنا إلى حدّ اليقين]
نقول: لا يمكن
الإنكار على دليل بمحض الإنكار اللفظي كالقول أنه "ليس عندنا بدليل"،
بل يجب إثبات خطأ الاستدلال وبنفس آلياته. ولو صح مثل هذا الإنكار الخطابي، لصح عن
كل ناكر أن يكتفى بنفيه كلاماً. فإن كان الناكر للدليل ليس من أهل التخصص في نوع
الاستدلال، فليستعن بمن يثق به من الناس في إعانته عليه. أما غير ذلك فلا حجة في
الإنكار. ومصداق ذلك قول الله تعالى لمن ينكر شيء مما قاله سبحانه أن يأتي ببرهان،
إذ أن الإنكار الكلامي لا فائدة فيه، ولو كان الأمر كذلك، لاحتج كل منكر للقرآن
أنه لم يقم عنده الدليل على صدقه، ولأصبح محض القول بغياب اليقين والصدق مطية لكل
منكر لما لا يقبل من أدلة وبراهين.
*******
5-
فتنة طلاب العلم من المسلمين، وإلجائهم إما إلى ذراية العلم والعكوف عنه، أو
إلى الإلحاد:
قال الشيخ ابن
عثيمين[18]:
[إذا قال الطالب: أيهما نأخذ به؛ أظاهر الكتاب والسنة، أم ما يدعيه هؤلاء الذين
يزعمون أن هذه من الأمور اليقينيات؟ .. .. فجوابه : أنا نأخذ بظاهر الكتاب والسنة،
لأن القرآن الكريم كلام الله تعالى الذي هو خالق الكون كله، والعالم بكل ما فيه من
أعيان وأحوال، وحركة وسكون، وكلامه تعالى أصدق الكلام وأبينه، وهو سبحانه أنزل الكتاب
تبياناً لكل شيء، وأخبر سبحانه أنه يبين لعباده لئلا يضلوا.]
فنقول: إن هذا
القول فتنة شديدة لطلبة العلم الأغرار من المسلمين، لأنه تهوين القوي من البراهين
الفلكية بمحض الزعم، دون إبطال لها. ويضع هذا الحكم المسلمين في حرج بالغ، إذ أن
تلقيهم العلم إنما يقوم على الاستدلال، لا على التلقين، فإن ذهبوا يستدلوا بالعلم
بطل ما يسمعون بأنه منسوب إلى الله تعالى وكتابه الحكيم، وإن سمعوا وأطاعوا
بالتلقين، وجدوا العلم البرهاني الاستدلالي الرصدي يفند ما تم تلقينهم إياه، ويصبح
أمامهم أحد طريقين، إما الاستهانة بأدلة العلم الرصينة المبرهنة أمامهم بحق، وبشهادة
أهل العلم جميعاً في الفلكيات، فيعتزلوا العلم، ويكونوا من العُبَّاد الذين اعتزلوا
التعليم الطبيعي عن غير بينة، أو أن يكونوا من أهل العلم الطبيعي الذين فقدوا
الثقة بالدين وأهله، فينفتح أمامهم باب الغواية والإلحاد. وفي كلا الأمرين شرٌ
مستطير، وليس أقلهما إلا الضلال عن سُبل العلم القويم، أما أشنعهما فهو الكفر
بآيات الله. .. وهكذا تكون عواقب النكارة على العلم والحق، وفقط لمحض الكراهة وعدم
الإحاطة!!! .. وهما أمران مستنكران، وقد أدان القرآن من يسلك هذا السبيل حين يتبعه
من ينكرون دين الله تعالى على أصل شبيه، وقال في شأنهم "بَلْ كَذَّبُوا
بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ"(يونس:39).
غير أننا نرى أن التكذيب مع وفرة البيان والاستدلال والتأويل الكاشف للحق، يزيد في
إدانة منكره، عما لو كان محض تكذيب بما لم يأت وقوعه، والوارد في الآية، مما يجعل
المكذبين بالبراهين الفلكية مع عدم القدرة على تعلم أسبابها، في مأزق ديني وعلمي
شديدين. .. وأقل ما يقال لهم عندئذ: إذا لم تستطيعوا الوقوف على آليات البرهان
الفلكي إثباتاً ونفياً فعليكم أن تأتمروا بأمر الله تعالى القائل فيه "وَلَا
تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ
كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"(الإسراء:36).
*******
6-
غلق أبواب العلم الطبيعي فيما خلا الوحي! – حتى لو شهدت بحق (لأنه لن يعترف
به)!!
قال الشيخ ابن
عثيمين: [لا يُنطق بمثل هذه الأمور – الفلكية وما شاكلها- إلا بوحي من الله
عز وجل لأنه لا مجال لتلقيها من غير الوحي.]
ويعطينا هذا
الحكم علة إعراض الشيخ عن تحقيق أدلة الفلك. إذ لا يصر على هذا الإعراض إلا من لا يؤمن
بصدق علوم الفلك وأمثالها من حيث المبدأ. وأن أي خبر عنها – لكي يكون صادقاً - لا
بد حتماً وأن يمر عبر الوحي !!! ... وهذا نتيجة مأساوية في حق الإسلام. ... وشهادة
لأهل الملل الأخرى، يمنحها الشيخ ابن عثيمين إياهم، بدون وجه حق. أن يضع الإسلام
الذي هو من عند الله، منكراً للحق الي يمكن أن تنطق به مخلوقات الله، إذا استنطقها
الإنسان، قياما بدوره الذي كلَّفه الله تعالى به، من تسخير هذه المخلوقات بعد العلم
بسننها، وآلياتها في العمل.
وإنّي لا أتحرج من الإفصاح عن القصة المؤلمة الآتية،
والتي هي نتيجة طبيعية لما سمعنا من فتاوى، وفي هذا الموطن بالذات:
سألني أحد
القضاة الشرعيين قبل حوالي عشرين عاما تقريباً (1415-1416هـ)، وكان من أتباع الشيخ
ابن عثيمين والشيخ بن باز، وما زال هذا القاضي الشرعي حيٌّ يُرزق، وربما أنه يقرأ
كلامي هذا، سألني باعتباري ذو خبرة في الطبيعيات، وقال: [ألا يمكن أن يكون
الغربيين على اتصال بالجن، وأن الجن قد ساعدوهم على صناعة هذه الأجهزة التكنولوجية
العجيبة التي نراها؟! .. أما تظن من وسيلة في تسخير الجن لفعل أعمال خيِّرة، ذات
فائدة للإنسان، من هذا النوع؟!] ... وكما هو بيِّن أن هذا السؤال من نوع
الأسئلة التي تبهت الإنسان!!! ولا تترك له مجالاً إلاّ أن يقول: ... لا تعليق!!!
.. فضلاً عن أنه يعكس ثقافة (لا- علمية) بالمعنى المعاصر، بل بالمعنى القرآني
الحقيقي الذي يدفع الإنسان إلى معرفة سنن الله تعالى فيما خلق، كما قال تعالى
"قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"(يونس:101)،
وفي الخلق وتسخيره "وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي
الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"(الجاثية:13)،
وهما الأمران اللذان نص عليهما القرآن ليقطع الطريق على منكرهما، .. وأشد ما يؤلم،
أن يكون المنكرون هم الحاملون لكتاب الله، وسنة نبيه. الذي يُصَدِّرون أنفسهم،
بأنهم النخبة المنتخبة لله تعالى على الأرض، في فهم معاني كتابه، وأنهم شهداء الله
تعالى على الناس! ... ولكنهم يبحثون عن تسخير أسباب الدنيا بالاستعانة بالجن ...
الجن الذين حقد رئيسهم على آدم ... لماذا؟ .. لأن آدم كان أعلم منه بأسماء كل شيء ..
فانقلب الحال، وأصبح من بني آدم الحاملون لكتاب الله، من يبحث عن العلم عند الجن!!!
.. لماذا؟ ... لما بثه منهجهم هذا من قطيعة بين الوحي والعلم المعاصر، فاضطر
الباحثون منهم عن فهم أسباب الحياة وقيادتها، إلى التنقيب عن علم الشهادة خارج
دائرة الحواس، .. عسى أن يجدوها، حتى ولو كان ذلك عند الجن، بعد أن تم تكذيب أعمال
الإنس واتهامهم بالكذب، حتى ولو نطقت الأعمال نفسها بشيء من الحق!
هذا والله
تعالى أعلم،،
المؤلف
[1] محمد بن صالح العثيمين، (1929-2001)،
كان عضواً في هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية منذ عام (1407هـ-1987م)
وحتى وفاته.
[3] كتاب العلم، ص
15-17.
[6] كتاب العلم، ص 146.
[7] السابق، ص 105.
[8] ابن
عثيمين، تفسير سورة يس، دار الثريا للنشر، 1424-2003م ، ص 139-140.
[9] السابق، ص 146-147.
[10] السابق، ص 146.
[11] السابق، ص 149.
[14] (في تفسير آية (النور: 5)
[15] وآيات أخرى أتي بها الشيخ بن
عثيمين رآها تؤكد دوران الشمس حول الأرض .. قال: ["إِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ
الْمَغْرِبِ"، "فَلَمَّا أَفَلَتْ"، " يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ
النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ "، .. ولو كانت الأرض هي التي تدور عليهما لقال : "يكور الأرض على الليل
والنهار"، "والقمر إذا تلاها" ولو كانت الأرض التي تدور عليهما لم يكن
القمر تالياُ للشمس، " والشمس تجري لمستقر لها" يدل على أنه
جريان حقيقي بتقدير بالغ (هذا حق بانفراده)، بحيث يترتب عليه اختلاف الليل والنهار
والفصول، ..(وهذا منفك عن الحق السابق)]
وقد بينّا أن (جريان الشمس لمستقر لها) لا علاقة له باختلاف الليل
والنهار، ولا الفصول، يراجع في ذلك دراسة:
(مستقر الشمس وسجودها: رجحان التفسير، والرد
على المنكرين)
[18] السابق.