الأحد، 12 أغسطس 2018

المُرجِفُون في مدينة العلم - القائلون باستواء سطح الأرض - وتفنيد شبهاتهم - الجزء الثاني

الجزء الثاني: الرد على أمين صبري

                                                                                                     عصام (ختلة)                                                                    أمين صبري

   كتبه: عزالدين كزابر

    
لنستمع إلى ما قاله أمين صبري عن الأرض - وكيف أنها مستوية السطح بزعمه



ثم نحلل ما قاله لنرى أين أخطأ، وما هو تصحيح أخطاءه.
مسلسل الأخطاء:
1- قوله: الكليات مستقيمة، والجزئيات مكورة.
2- المخلوقات المكورة تقوم بوظيفتها في داخلها وليس على سطحها.
3- كلمة ظهر لا تصح أن تصف الشيء الكروي.
4- الأرض مذللة للإنسان، وكذلك الأنعام، فلا بد أن تكون الأرض أفقية ممتدة بتمامها كالأنعام!
5- لو كانت الأرض كرة لكانت أدوات النقل كروية ودائرية مثل تروس السيارة.
6- قوله تعالى "فامشوا في مناكبها" ومنكبي الإنسان مستويين على خط الأفق وكذلك الأرض وإلا مالت مناكبها بالإنحناء.
7- قوله تعالى "والأرض وضعها للأنام"، وهذا الوضع لا يتناسب مع الشكل المنحني، .. وهي أسفل خط أفقي في هذا الكون الذي نعيش فيه.
8- قوله تعالى "والله جعل لكم الأرض بساطا" .. والشكل الكروي مقبوض كاليد، أما المبسوط فهو الأفقي المنبسط، ولا يمكن أن تكون الأرض مقبوضة ومبسوطة في نفس الوقت.
9- قوله تعالى "والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة" .. فإذا كانت الأرض الآن كرة، أي مقبوضة، فكيف ستقبض يوم القيامة؟!
10- قوله تعالى "والأرض مددناها" و "هو الذي مد الأرض" والمد زيادة في البسط. وهذه الآيات ليس لها معنى عند من يعتقدون أن الأرض كروية.
11- قوله تعالى "أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها" لا يمكن أن يتم الإنقاص من شكل كروي، فقط الشكل المسطح كالطبق يمكن أن ينقص من أطرافه. وليس للكرة أطراف.
12- قوله تعالى "وأورثنا القوم ... مشارق الأرض ومغاربها"، .. والشكل الكروي لا يمكن أن يكون له مشارق ومغارب.
13- القبلة لا يمكن أن يصح الاتجاه إليها في النموذج الكروي.
14- قوله تعالى "غلبت الروم في أدنى الأرض"، أي "أسفل"، ولا يمكن أبداً أن يكون مواقع أدنى وأعلى في  النموذج الكروي.
15- قوله تعالى عن الثلاثة الذي خُلفوا "حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت"، وهذه الكلمات "ضاقت" و "رحبت" لا يمكن أن تصف كرة إلا إذا كنت تعيش داخل الكرة.  
16- كلمتي (دحى) و (كور) لا علاقة بينهما فكيف تكون الأولى بمعنى الثانية، من يقل بذلك لا يفقه في اللغة شيئا، وهذا عبث لٌغوي.
17- قول الله تعالى "وبنينا فوقكم سبعاً شدادا" .. كلمة "فوق" وكما في قوله تعالى "ألقى فيها رواسي من فوقها" أيضاً لا تصح في النموذج الكروي، بل تصح كلمة "حول". كلمة "فوق" عكسها "تحت" وضع يده تحت كرة في يمسكها في يده. كلمة فوق في القرآن في استخدامها مع الأرض تعرفنا أن الأرض كيان مسطح والسماوات فوقها. ولا يوجد شيء تحتها، لأن الأرض هي الواقعة تحت كل شيء، والسموات فوقها، وكلمة فوق عكسها بكل بديهة كلمة تحت. ولو كانت السموات فوق الأرض فلن تكون هناك سموات تحتها. ومن يريد أن يجعل فوق محيط بالأرض من جميع الجهات، فليفتح القرآن ويقرأ قول الله تعالى "إن أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه". ولو كانت كلمة فوق تعني حول، فمعنى ذلك أن الرجل يحمل الخبز حتى حول رأسه! .. كلمة فوق تنفي وتقطع وتحطم وتبدد تماما الغلاف الجوي المحيط بالأرض المكورة، وأن السموات كذلك. 
18- الوجود مكون من بعدين اثنين فقط، الأفقي الأرضي والرأسي السماوي.
19- قوله تعالى "رفع السموات بغير عمد ترونها"، لو أن السماء حول الأرض، كيف يفهم كلمة رفع وكيف يفهم كلمة فوق وكيف يفهم كلمة عَمَدْ. 
20- قوله تعالى "ويمسك السماء أن تقع على الأرض" .. لو كانت الأرض مكورة، لا يمكن أن تقع السماء عليها. 
21- قوله تعالى "ملء الأرض ذهبا" لا يمكن أن تفهم إلا في شكل مسطح شبه القرار وشبه المهاد، فالشكل الكروي لا  يمكن أن يُملأ.
22- الاعتقاد بأن الأرض تدور حول الشمس يلزمه بالضرورة أن الإنسان وآدم المخلوق من طين هو من سيسجد للشيطان ويسجد للنار وليس النار - بتسخير الشمس في قوله تعالى وسخر ... - هي التي ستسجد للإنسان.

الرد على الأخطاء:
تمهيد: من يتابع هذا الشاب الواثق من نفسه ثقة عمياء! حتماً سيعلم أنه لا يتبع أي مدرسة علمية، ولا تخصص من التخصصات المعروفة، ويتبع ذلك أنه لا يشترك في تصوراته مع تصورات غيره من الشرعيين ولا العلميين. كما أن معجمه اللغوي يختلف عن معاجم العلم المعروفة الشرعية أو الفلسفية أو العلمية المتخصصة، أللهم إلا بالاشتراك العفوي أحياناً. وباختصار، فهذا الشاب متعالم قائم بذاته، أشبه بمتسفسط من القرون الوسطى وقد بنى أوهاماً هائلة، فصدقها، واعتبرها علما لم يُؤت أحدٌ مثله، وأنه ممن يُلهم الحق وأن إخلاصه لما وهب نفسه له قد كفل له الحصول على هذه الميزات التي لم يحصل عليها أحدٌ غيره.

الخطأ الأول:
[قوله: الكليات مستقيمة، والجزئيات مكورة]
لا يقصد من (الكليات) ما اصطلح عليه المتفلسفة والشرعيين من "المعنى الكلي" الذي يدخل تحته معاني جزئية، أو "المعنى العام" الذي يدخل تحته معاني خاصة. إنما يقصد الأشياء ذات الكينونات المتكاملة، كالشجرة، والإنسان، والأرض. ويقصد من الجزئيات ما يتركب منه كل كلي من هذه الكليات، فلكل كلي جزئاته الخاصة به.
ويقصد من عبارته هذه (الكليات مستقيمة، والجزئيات مكورة) أن أي كيان مخلوق متكامل ومنفرد (أي كلي) فهو حتماً مستقيم الشكل. ويقصد بالاستقامة هنا (الامتداد الطولي) وذلك في مقابل (التكور) الذي خص به جزئيات ذلك الكلي. فجزئياته حتماً مكورة؛ أي أن لها هيئة ليست ذات امتداد في جهة بعينها، وإنما هيئته مكورة على نفسها دائماً.
وإذا تساءلنا، هل هذه قاعدة علمية، أو قول مشهور، أو نقل عن حكيم، أو .. إلخ، لوجدنا أنها قوله هو وحكمه هو ولم يقل بذلك أحدٌ غيره حسب بحثنا.
 وإذا بحثنا عما يؤيد هذا الكلام، ويكون مصدراً له أو يزكيه أو يرتكز عليه فيؤيده أو أن أحاد الموجودات التي تم استقرائها والوصول بذلك إلى تلك النتيجة، لوجدنا أن هذه المقولة متهافتة، وتنهار مع التحقيق الذي لا يستغرق بضع دقائق من النظر. 
وإذا تساءلنا عن دوافع هذا الشاب في نطقة بمثل هذا الكلام، الذي وضعه كأصل أو قاعدة أو قانون، لوجدنا أنه اختلقه ليسند إليه شيئاً واحداً هو أن الأرض كيان كلي (من الكليات)، وبحسب هذه القاعدة التي اختلقها، لابد أن تكون الأرض مستقيمة، ويقصد من ذلك مستوية السطح، وحيث أن الأرض من الكليات، فهي ليسن من الجزئيات، ومن ثم لا يمكن أن تكون مكورة.

التحقيق:
الأصل في الكلام عن الأشياء، كليات كانت أو جزئيات؛ أو كليات الكليات، أو جزئيات الجزئيات (لأن هذا التقسيم نفسه يستدعي النظر)، هو المعاينة التامة؛ أي الرصد والتجريب والاختبار والوصول من ذلك إلى توصيف مطرد، لا يعتمد على موقف خاص أو محقق خاص أو ظرف خاص. فإذا بحثنا عن ما يصدق مقولة (الكليات مستقيمة، والجزئيات مكورة) أو يكذبها بحسب مقصد صاحبها من ألفاظه - والذي شرحناه أعلى - لوجدنا أن معاينة الأشياء تنقض هذه المقولة، وتهزأ بها، بل تسخر منها، وتصل إلى نتيجة واحدة؛ وهي أنها مقولة متهافتة، بل وفاسدة كل الفساد. وذلك من عدة وجوه:

الوجه الأول:
تقسيم الموجودات إلى مستويين اثنين: كليات وجزئيات؛ أي: كيانات منفردة، وإجزائها، وإن كان جائزاً في إطار تحديد موضوع الكلام لمتكلم يريد الحديث عن هذين المستويين، إلا أنه غير جائز على سبيل حصر التصنيف الوجودي للموجودات جميعاً. فإن كان أحد الكليات التي عناها أمين صبري هو (الشجرة)، فرغم أنها كيان مستقل باعتبار جزئياتها، إلا أنها جزئية من كلي أعم وهو الغابة، أو الكيان النباتي الذي تمثل الشجرة ثمرة من ثماره، مثلما أن التفاحة ثمرة من ثمار تلك الشجرة. والغابة لا تمتد أفقياً فقط في مستوى لا يعلو ولا يهبط، بل الوضع العام أن الغابة تنشأ سواء كانت أرضها منبسطة أو على منحدرات أو جبال بكل هيئات التكوين المحتمل ما دام أن أسباب نشأة الغابة محققة، فالاستواء الأفقي ليس شرطاً منها. كما أن ثمرة الشجرة، مثل التفاحة أو غيرها، يمكن أن تعتبر بذاتها كلية (باصطلاحات أمين صبري) ولها جزئيات. ويقال نفس الشيء عن كل كلي ظنه أمين صبري قد انفرد بكليته مثل الأرض ذاتها (التي بنى القاعدة لتخدم غرضه في إثبات استواء سطحها). فالأرض محض جرم (جزئي) في تكتل جرمي يتكون من جملة أجرام تتفاعل جميعاً في منظومة واحدة؛ تسمى المجموعة الشمسية، وتلك المجموعة هي الأخرى جزئية من جزئيات حشد نجمي أكبر، وذاك بدوره كذلك .. في سلسلة متصاعدة. فأين ذلكم المستويين الاثنين الكليات والجزئيات التي قضى أمين صبري عليهما بالاستقامة والتكور؟! - لذلك كان حصره الوجود في مستويين اثنين فقط: كلي وجزئي محض وهم ينفيه معاينة الموجودات والنظر المحقق فيها.
الوجه الثاني:
القول بأن (الكليات مستقيمة) قول تنقضه المعاينة العامة. فحيوان مثل الناقة (والذي لا ينازع أمين صبري في كونه كلي - باصلاحه) لا استقامة في شيء من جسده يرشحها دون سواها بأنها الخط أو الامتداد الأساسي له. فإن قال أنه يمشي على أربع على مستوى أفقي، قلنا هذا تابع لا يمشي عليه، وليس لأنه كلي، مثلما أن القرود قد اءتلفت هيأتها مع فروع الأشجار التي تعيش عليها بلا استقامة أفقية خاصة ولا رأسية خاصة. كما أن التفاحة والبرتقالة (حتى وإن نازعنا فيها، فنزاعه مردود) هي كليات باعتبار محتوياتها الجزئية، ومع ذلك فهي مكورة.
الوجه الثالث:
الاستقامة والتكوير في الأشياء ليستا أصلين منفصلين من أصول البنى الهيكلية فتنقسم الموجودات (كلية أو جزئية) بينهما؛ إما هذا وإما هذا. فكل موجود كلي أو جزئي، يجمع بين الامتداد والالتفاف أو الاستقامة والتكوير باصطلاحات أمين صبري. والحاصل أن النمو التخليقي للموجود من جهة، ونمط النشاط المصحوب له هما المحددان بقدر ما يجمع الموجود بين الاستقامة والتدوير، وذلك من حيث أن كل حركة ميكانيكية في التحليل الرياضي لها تؤول بالفعل إلى جمعاً جبرياً اتجاهياً بين حركة مستقيمة وحركة دورانية. لذا يعد الفصل بينهما فصلاً حادا كما رأينا ليس إلا فصلاً تعسفياً لا سند له من واقع يؤيده، بل يؤيد فساد القول به.
ونكتفي بذلك لعدم الإطالة، خاصة وأن ما قلناه يحقق الغرض في تفنيد الخطأ الأول.


*********************
الخطأ الثاني:
[قوله: المخلوقات المكورة تقوم بوظيفتها في داخلها وليس على سطحها]
نقول: اختلق صاحب هذه المقولة ليؤسس لقاعدة يريد منها نفي أن تكون الأرض كروية، وإلا لكانت وظائقها في باطنها، وهو خلاف الظاهر الذي يتضمنه كلامه من أن وظيفتها التي هي تأمينها لأسباب الحياة تقع على ظهرها.

التحقيق:
الوجه الأول: 
القول بأن وظيفة موجود مكور الشكل (مجسم) منحصر فقط في داخله، يُعد تَحَكُّم لا أصْل له. فلكل موجود حكمة من أدائه لوظيفته. والقول بانحصارها في داخله فقط دون سطح مُصادرة غير مبررة. والحكم على أي شيء موجود أياً كان شكله إنما يكون بمعاينة ومراقبة ذلك الموجود في بيئته، وعلاقاته الوجودية مع غيره، لا بإلقاء الأحكام الجزافية، وخاصة في الأمور العلمية المستقلة في ذاتها عن الأهواء. والقول بأن هذا الموجود كلي مستقيم، وهذا جزئي مكور - كما سبق وأشرنا - كان تحكمّاً أيضاً. والحقيقة أن كل موجود هو مجسم البنية، وتتوزع وظائفه ما بين الباطن منه والظاهر، ولا يمكن اجراء الفصل التعسفي على النحو الذي رأيناه مرتين حتى الآن.
الوجه الثاني: 
ثبات الأرض من أهم الوظائف استقرار الحياة. ومعلوم أن ذلك الثبات راجع إلى ثقل الأرض، وهو ما أكدته الآيات من جهتين: الأول: كتلة جملة الأرض والتي تتعين بكم المادة المحتواة في محتوى جِرم الأرض، وجاء فيه قول الله تعالى "وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم"(النحل: 15) علماً بأن الرواسي هنا ليست الجبال كما فهم بعض الناس، ذلك لأن الجبال نشأت بالارتفاع من الأرض كما في قول الله تعالى "وإلى الجبال كيف نُصبت"(الغاشية: 19)، بل الراوسي في آية (النحل:15) هي ما أُلقي في الأرض من أثقال على مر تاريخ نشأتها الأول، والذي تكون منه جرمها، ومن ثم آلت الأرض إلى ما هي عليه من وزن، ومن ثم، من ثبات نسبي. ومعنى ذلك أن وظيفة ثبات الجرم بجملته عن الميدان راجع إلى ما في جوف الأرض من كتلة. أي أن وظيفة التثبيت كامنة في جوف الأرض، على خلاف تعميم صاحبنا بأن الوظيفة محلها الخارج فقط للأرض.
الوجه الثالث:
الجبال أيضاً لها دور في وظيفة الأرض، ومعلوم أنها غائرة في الأرض غوراً عميقاً يصل إلى عشرات الكيلومترات وتصل في أعمقها إلى 100 كم، ومن أهم فوائدها الوظيفة تثبيت القشرة الأرضية، بخلاف الوجه الأول الخاص في تثبيت الجرم بجملته. وهذا أمران مختلفان في علم الجيوفيزياء.
الوجه الرابع:
من وظائف الأرض تجديد ثرواتها السطحية التي هي مداد الحياة على الأرض، ومعلوم أن القشرة الأرضية تتجدد بدوران صفائح القشرة صعوداً وهبوطاً كما هو مكتشف في ظاهرة الحركة التكتونية للصفائح الأرضية. وهذه الظاهرة المعنية بتجديد العناصر الأرضية محلها الجوف الأرضي، وهو ما ينفي كلام صاحبنا.
الوجه الخامس:
الحياة المائية أهم مظاهر الحياة على الأرض، وتعيش الأسماك في باطن البحر، فهل باطن البحر من الباطن أم  السطح؟! - لو قال السطح لأخطأ، ولو قال الباطن لأثبت أن الأرض مكورة، وسقطت حجته في أن الأرض مستوية السطح.
الوجه السادس:
سطح الأرض ليس هو نهاية الأرض من أعلاها. فالصحيح أننا نعيش في جوف بحر من الهواء مثلما تعيش الحيوانات المائية في جوف البحر. ويقال بحق وظيفة الحياة على البر مثل ما قيل في في حق وظيفة الحياة في البحر.
من كل ذلك يتبين أن القول بأن (المخلوقات المكورة تقوم بوظيفتها في داخلها وليس على سطحها) واستخدامه لنفي الكروية عن الأرض قولاً عارياً عن الصحة.


*********************
الخطأ الثالث:

[كلمة ظهر لا تصح أن تصف الشيء الكروي]
قال الله تعالى "ولو يؤآخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة"(فاطر:45)، فأراد صاحبنا أن يجعل من هذه الآية دليلاً ضمنياً على نفي الكروية عن الأرض. فخصص لفظ الظهر لما هو مستوي السطح من الأشياء جميعاً، ومن ذلك الأرض بزعمه.

التحقيق:
لا يوجد سطح مستوى أو موجود كلي مستقيم - بحسب اصطلاحات أمين صبري - هكذا باستقلال استوائه أو استقامته عن الصفة الجسمانية. فالحقيقة أن كل موجود مخلوق في هذا العالم المنظور - باستقراء موجوداته - لا يخلو عن الصفة الجسمانية بالاصطلاح القديم، أو ثلاثي الأبعاد - بالاصطلاح الحديث. والجسمانية أو الأبعاد الثلاثة للأشياء هي الطول والعرض والعمق. ولفظ (ظهر) هو ما ظهر من أي جسم، من جهته الخارجة عنه، واشتهر في الحيوان ما كان منه للاستواء عليه وكان جهة العلو منه بالتأكيد، لأن الاستواء لا يكون إلا إلى الأعلى. وقال ابن منظور في معنى (ظهر): (الظهر من كل شيء خلاف البطن). ونقل عن ابن الأثير قوله: (قلَّب فلانٌ أمرَه ظهراً لبطن). ويطلق لفظ الظهر والبطن من الأرض على أبعاض منها. فالظهر من الأرض ما غلظ وارتفع، والبطن ما لان منها ورق واطمأن، مثلما يقال (بطن الوادي)، وانتقل اللفظ إلى سكان هذه البطون، وقيل بطون مكة وكذلك لكل بلد إذا كانت جبلية متعددة النواحي السهلة - أي الوديان - بين جبالها، فدل لفظ البطون على سكان هذه السهول الغائرة بين الجبال. والظواهر أشراف الأرض. .. إلخ .. ومن ذلك نجد أن الظهر ليس خاصاً بشيء مستوي دون المجسم، بل بالظاهر يكون الباطن المختبيء. وإذا كان الحديث عن جملة الأرض، ومن يسكنها، أصبح سكانها جميعاً على ظهرها لأنهم منكشفون لله، لا يخبيء عنه منهم أحدٌ حتى ولو كان في وادٍ عميق أو مغارة دفينة. لكل ذلك، لا ينبغي أن يخصص الظهر للمستوي دون المجسم من الأشياء. فالبرتقالة لها ظهر، وخلافه باطنها. فإن برز للشيء ظهر وعلا دون ظهر له آخر كان الأظهر منها أولى بالاسم من غيره، مثلما أن ظهر السيارة ما كان في أعلاها دون غيره. وإن تساوت الظهور كما في الشكل الكروي كانت جميعاً ظهراً له بلا تمييز.
لكل ذلك يُعد القول (كلمة ظهر لا تصح أن تصف الشيء الكروي) قولاً عارياً عن الصحة.


*********************
الخطأ الرابع:


[يقول: الأرض مذللة للإنسان، وكذلك الأنعام، فلا بد أن تكون الأرض أفقية ممتدة بتمامها كالأنعام!]
وذلك في قول الله تعالى عن الأرض "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا.. "(الملك:15)، وقوله تعالى عن الأنعام "وذللناها لهم"(يس: 72). 
ولنستمع له مرة ثانية فنجده يقول بالتفصيل: [الأرض لها ظهر، والدواب لها ظهر، ووصف الله الأرض بـ ذلول .. ووصف الدواب وظهورها بـ ذللناها لكم .. هذا معناه أن شكل الدواب هو شكل مصغر للأرض التي تعيش عليها تلك الدواب. وبما أن الأرض لها ظهر والدواب لها ظهر وهذه وصفت بذلول وهذه وصف بالتذليل .. فهذا يعني أن الأرض كلها من الألف إلى الياء .. من أولها إلى آخرها عبارة عن شيء مستقيم متشابه أو متوازي مع العمود الفقري لتلك الدواب.]

التحقيق:
هذا الاستدلال من أغرب ما سمعنا. ولا يقبل عاقل أن كل مُذلل حتماً مركوب ممن ذَلِّل له، وأنه بالضرورة ليس إلا ذو سطح مستوٍ وأن الركوب عليه ليس إلا على سطح مستوي، وأن كل مذلل هو كذلك أبدا! 
الوجه الأول:
نقول: أوليست الطائرات مذللة للإنسان، وهي من جملة الأرض، رغم أن الإنسان يركب في جوفها! وكذلك الغواصة، والسيارة، .. أوليس المنطاد كان وما زال مذللاً للإنسان، ويحمل الركاب في أسفله. 
الوجه الثاني:
علة التذليل لا علاقة لها بالشكل والهيئة، حتى وإن خدم الشكل والهيئة حكمة التدليل. فتذليل الأرض ليس لمشي الإنسان عليها خصيصاً، أو امتياطه لها كالدواب، بل لأنها سُخرت له بما لا يحدث يوماً أن تتمنع عليه في ما شاء من فعل بها وكان عليه قادر. فالعبيد مذللون لأسيادهم، بدواعي التملُّك والاستعباد، فهل يلزم من هذا أن يمتطي السيد عبده كالدابة - أم أن المعنى أنه لا يخالفه أبدا ما دام عبدا له؟!


*********************
الخطأ الخامس:
[لو كانت الأرض كرة لكانت أدوات النقل كروية ودائرية مثل تروس السيارة - لكن، لأنها مُسَطَّحة وأُفقية، جعل الله ظهور الدواب وشكل أدوات النقل فيها (الفُلك) مستقيمة وأفقية، مثل شكل الأرض تماما.]
كتب أمين صبري هذه الفقرة (في الدقيقة 37) ولم ينطق بها. وتُعد ليس فقط من أعجب الأقوال، بل من أفكهها أيضا. 

التحقيق: 
الوجه الأول: كل حيوان متحرك على الأرض، أو طائر أو سابح بها، له كيان وبنية وخلقة قد اتسق معها آليه حركته حسب نوعه. وكلها جميعأً يجمعها قانون الفعل ورد الفعل. والذي بموجبه يقوم الحيوان بفعل (أي: دفع) في صورة قوة واتجاه ولكن في عكس الاتجاه الذي يود الحركة ناحيته، وهذا الفعل يكون على الشيء الذي يعتمد عليه لكي يتحرك. أرضاً مسطحة تحت قدميه أو هواءاً أو ماءا محيطا به. فينفعل القانون ويأتي ذلك الشيء برد فعل عكسي يؤثر على الحيوان فيندفع إلى الجهة التي أراد. لأن شرط تفعيل هذا القانون أن يؤثر على جسمين (الحيوان والأرض) بحيث يمكن أن ينزاح أحدهما عن الآخر، وإلا لم يكن للقانون تأثير حركي بين شيء وآخر. ولا يختلف فعل الحيوان إذا كان بقدمه أو بجناحه أو بزعانفه أو حتى بعجلة مثل عجلات السيارات التي صنعها الإنسان. فكل هذا يستخدم نفس القانون. وكل ما يجب أن يتوفر في الشيء الجاري فيه الحركة هو أن يكون ذو ممانعة بالقدر الكافي. لذلك يصعب المشي في الأرض الترابية الناعم ترابها لأن ممانعتها ومن ثم رد فعل على قدم الماشي ستكون ضعيفة لانزلاق التراب وتسرب قوة القدم خلاله، فلا يتبقى إلا القليل، لذا على الماشي أن يضاعف قوة دفع قدمه للخلف ليمشي إلى الأمام عن لو مشى على أرض صلبة، وهذا هو السبب في صعوبة المشي في الرمال الناعمة. 
الوجه الثاني:الأرض هنا لا اعتبار لها في جملتها، سواء كانت سطحاً مستوياً أو مقعراً أو محدباً، لأن المشي لا يكون إلا بين موضعين اثنين. لذا فالحكم على جملة الأرض وهل هي كروية أو مستوية من آلية مشي الحيوانات عليها أمر غسر ذي علاقة لانفكاك العلة. فسواء كانت جميع الأرض دائرية أو كانت مستوية، فالمشيء بالخطوات كالمشي بدوران العجل. لا اختلاف البتة، ولا حكم منه على شكل جملة الأرض كما توهم أمين صبري، وكما سعى إلى أن يفتي الناس في أمور علمية لا يعلم هو عنها شيء!

*********************
الخطأ السادس:
[قوله تعالى "فامشوا في مناكبها" ومنكبي الإنسان مستويين على خط الأفق وكذلك الأرض وإلا مالت مناكب الأرض بالإنحناء
هذا القول أيضاً أضحكنا كثيرا.

التحقيق:
الوجه الأول:
مناكب الأرض هي المواضع المرتفعة منها، ونُقل عن عدد من الصحابة والتابعين أنها الجبال، وأنها الأطراف والفجاج والنواحي. وفي أعراف الترحال قديماً كانت المرتفعات من الأرض علامات لها، يستهدي بها المسافرون، ويتخذونها محطات يمشون بإزائها، وتتعرج طرقهم على نواصيها. لذلك فالمناكب من الأرض هي تلك الأطراف من المرتفعات على الأرض التي تمثل مرتكزات يمر بها المسافرون. وسبب التسمية وعلاقة هذه المناكب الأرضية بمنكب الإنسان وجيه، من حيث كونه علامة بارزة في البدن، وليس من حيث المنكبين على استقامة أفقية واحدة. بمعنى أنه لا يشترط من حيث المبدأ أن تتساوى ارتفاعات المواضع المعلم بها الطريق لكي تستحق اسم المناكب كما جر صاحبنا المعنى إلى ما يريد.
الوجه الثاني: 
أن قول أمين صبري بأن مناكب الأرض هي أطراف ممتدة للأرض على خط الأفق من كل جهة قول خاطئ تماما. ويلاحظ أن هذا القول مرتبك جداً ويدحض أي تصور طبيعي للأرض لأنه سيضطر إلى القول بأنها نهايات للأرض، مثلما أن منكبي الإنسان نهايتيه. كما أنه سيضطر إلى نفي أنها ارتفاعات من الأرض غرضها تمييز الطرق والسير بإزائها. وسيضطر إلى التلعثم في كيف يمكن المشي في مناكب تمثل الأطراف النهائية للأرض. وإن لم تكن نهائية فلا بد أن المشي فيها سيؤدي إلى تجاوزها. وعندها ستفقد عناصر التشابه الذي ركبه لها من منكبي الإنسان باعتبارها أطراف لها نهاية. ولن نجد لها تمثيلاً عندئذ إلا في الجبال والمرتفعات التي تتفاوت ارتفاعاتها، بل حتى سهول الأرض، ستتفاوت أيضاً في الارتفاعات، إلا تساوت جميعاً مع مستوى سطح البحر مثلاً، وهذا غير حاصل لأن تفاوت ارتفاع الأراضي المنبسطة قائم في كل بقاع الأرض، ومن ثم وجود ميل دائم في الطرق الواصلة بينها.
الوجه الثالث:
كثيراً ما أخطأ أمين صبري في تمثله لنطاق حجم الإنسان وسعة بيئته الضيقة وكونها أفقية بشكل عام، هذا من جهة، ونطاق سعة الأرض وأبعادها من جهة ثانية. ويعود خطئه إلى المكافأة بين هذين النطاقين من حيث الهيئة الأفقية. بمعنى أنه يحمل ضرورة الوضع الأفقي لبيئة الإنسان على الوضع الأفقي لكامل سطح الأرض. فيفرض الأول على الثاني، فيخلص إلى أن سطح الأرض كله أفقي بالضروري؛ أي مستوي وليس كروي. وفي هذا الحمل للنطاق الصغير على النطاق الكبير (أو ما يسمى بالنطاق التفاضلي على النطاق التكاملي) تسطيح هزلي للمعاني. فالبيئة الإنسانية التي تقاس بالأمتار إلى المئات منها لا ينبغي أن تحمل على بيئة سطح الأرض الممتدة على آلاف من الكيلومترات. بمعنى أن سطح الأرض المنحني بسبب الاستدارة لا يتم الشعور به سواء للماشي ولا حتى للراكب على الأرض. ويكفي أن يعلم القارئ أن الماشي مسافة 1 كيلومتر سينحني به سطح الأرض (وكأنه يهبط) بمقدار 8 سم فقط (تعلم ذلك هنا).
وتكفينا هذه الوجوه في إثبات خطأ أمين صبري الذي نحن بصدده.
  
*********************
الخطأ السابع:

حول قوله تعالى "والأرض وضعها للأنام"، [قال: هذا الوضع لا يتناسب مع الشكل المنحني، .. وهي أسفل خط أفقي في هذا الكون الذي نعيش فيه]

التحقيق:
الوجه الأول:
تقول الآيات: "والسماء رفعها ووضع الميزان، ألا تطغوا في الميزان، وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان، والأرض وضعها للأنام، فيها ..." (الرحمن:7 - 10).
ونتساءل: 
دخل لفظ (وضع) على كل من الميزان والأرض. فإذا كان المعنى في (وضع الأرض) جعلها أسفل خط أفقي في هذا الكون كما يقول أمين صبري، فماذا عن وضع الميزان؟! هل هو أيضاً كيان مخلوق في أسفل خط أفقي؟! - كلام غير مقبول.
وإذا كان (وَضَعَ الميزان) أي أقره، ليُعمل بمقتضاه، وليكون مرجعاً يُسند إليه، فلم لايكون (وضع الأرض) على ما هي عليه من وضع فيزيائي مستقر (لا تميد بجرمها كله ولا بارجحة سطحها فوقه) مثلها مثل الميزان في قيمته المعنوية؟! .. بل إن الميزان لَيَمتد معناه ليكون منها الفيزيائي الذي تتزن به الأجرام في أوضاعها الفلكية، ومنه المعنوي الذي بينته الآيات أعلاه.
هذا الجمع الأخير في معنى (وضع) بين الميزان والأرض يحجب هذا الوهم الذي جاء به أمين صبري من أن وضع الشيء يعني جعله أسفل سافل؛ أو كما قال: أسفل خط أفقي في هذا الكون.

الوجه الثاني:
نتساءل: هل أقام أمين صبري تصوره للأرض في الكون على هذا المعنى المتوهم للفظ (وضع)؟! ... وإذا كان هذا ما فعله، فماذا يفعل بالأرصاد والنظر في الكون الذي أمرنا الله تعالى به، والذي يتبين منه أن الأرض ليست كما قال: (أسفل خط أفقي). أم أنه يعلم من مصدر آخر أن الأرض هي كذلك بالفعل، ومن ثم أقام على ذلك العلم ذلك التأويل للفظ وضع عندما ألحق بـ (الأرض)؟!
الظاهر من جملة كلامه أنه بنى تصوراته على سفلية الأرض لكل شيء، واستقامة سطحها، وذلك من منظور الوهم الساذج الذي يشترك فيه مع أكثر عوام الناس غير المتلقين لأي أصول علمية استدلالية. بمعنى أنه أتانا بكلام يخلو من العلم، كما يخلو الكوب الجاف من الماء. حيث لا يمكن أن يبني على لفظ (وضع) ذلك الذي قاله عن الأرض، ويتجاهل عموم معنى نفس اللفظ في باقي آيات القرآن، وخاصة تلك الآية التي سبقتها ومن جمعهما يمكننا المقارنة بين وضع الأرض ورفع السماء، وأنهما قطبان في العين والفعل؛ فعينهما (الأرض والسماء) دائما يتقابلان عيناً، والفعلين (وضع ورفع) كذلك يتقابلان فعلاً. وإذا جمعنا هذان القطبان مع المنظور من الكون واستقراء ظواهره، وباقي آيات القرآن، يتبين على الفور أن هذين القطبين يؤولان إلى بنية مركزي شعاعية تدور فيها الأجرام وتعرج المتحركات، وليس إلى بنية سفلية علوية تصعد فيها الموجودات وتهبط. ومن افتقر إلى العلم بالموجودات، كثر كلامه في المعدومات.

*********************
الخطأ الثامن:

حول قول الله تعالى "والله جعل لكم الأرض بساطا" .[قال أمين صبري: والشكل الكروي مقبوض كاليد، أما المبسوط فهو الأفقي المنبسط، ولا يمكن أن تكون الأرض مقبوضة ومبسوطة في نفس الوقت.]
 

التحقيق:
لا يعلم هذا الشاب المسكين شيئاً عن "انفكاك العلة" عند الأصوليين والفقهاء. وأن الحكم على الشيء الواحد بحكمين مختلفين إنما يكون لعلتين مختلفتين بالضرورة. فكما أن اليد في المثال الذي أتى به تكون مقبوضة باعتبارها جميعاً، فهي منبسطة باعتبارين: إما جميعها، ببسط الكف والأصابع، وإما إذا كان الحديث عن سطح الجلد منها؛ بمعنى أن جلدها منبسط، وليس مُجَعَّداً خشناً مثلا. والحاكم على أي المعنيين؛ أي الوجهين، إنما يكون بالسياق. وكذلك الأرض، فإذا قال الله تعالى "جعل لكم الأرض بساطا" فالمعنى بساطاً لكم يا بني آدم. أي أنه بسطٌ تفاضلي موضعي لأن حياة الإنسان موضعية، من سُكنى وترحال وزرع .. إلخ. وكلها متعلقة بسطح الأرض وليس بجرم الأرض الكلي، أي أن متعلق قوله تعالى "جعل لكم الأرض بساطا" هو سطح الأرض، وعليه يكون لفظ (سطح) هنا محذوف من النص لكونه مفهوماً. هذا هو المعنى ولكن الغُفل المساكين لا يعلمون. 
*********************
الخطأ التاسع:

حول قوله تعالى "والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة" .. [قال أمين صبري: فإذا كانت الأرض الآن كرة، أي مقبوضة، فكيف ستقبض يوم القيامة؟!]

التحقيق:
قول الشاب أمين صبري (إذا كانت الأرض الآن كرة، أي مقبوضة) قول خاطئ. والسبب أن المادة في الكون لا تقع بين حالتين انقباض وانبساط. ولا يوصف شيء في جملته بالانقباض إلا إذا كانت له حالة انبساط أراد المتكلم نفيها. ولا يقال أنه منبسط جميعه إلا إذا كانت له حالة انقباض أو طي أراد المتكلم نفيها. ومادة الأجرام لا تتأرجح بين هذين الوضعين حتى نثبت أحدهما بنفي الآخر. أللهم إلا في أوهام العوام الذين ركبوا تصورات عن الكون ما أنزل الله تعالى بها من سلطان. فالأرض الآن مكفوتة (من "وجعلنا الأرض كفاتا") على نفسها وما تتطاله من مادة تقترب منها أو تحملها على ظهرها  - في شكل كروي طبيعي- باعتبار السنة الكونية التي قدرها الله تعالى عليها، ويوم القيامة ستكون مقبوضة بمعنى أنها مُندْكَّة - هي وغيرها من أجرام - واالأرض جميعا تعني المادة جميعاً (لأن الأرض هنا اسم جنس؛ أي كل ما كان من جنس الأرض) - في قبضة الله لا ينفلت منه شيء. فالحديث عن انقباض الأرض (جميعاً) في الآخرة إنما باعتبار القابض وملكيته المتفردة وسطوته سبحانه على كل ما خلق، ما اجتمع منه وما انفرد وباعتبار حالة انقباض ما كان حراً سابحاً في الدنيا. فكل شيء - حي وميت - تحت رحمة الجبار وحده سبحانه وقتها، حتى الأرض التي هي ملجأ الإنسان ومُستقره - وما خلق من أمثالها - سيصبح في قبضة الله وحده. فأي حديث هنا عن محض الكروية ذهب إليه أمين صبري؟! .. وأي دليل هذا الذي لا يعلم صاحبه معناه ثم جاء به ليقيم علينا حجة لا يفقهها هو؟!!!


*********************
الخطأ العاشر:
حول قوله تعالى "والأرض مددناها" و "هو الذي مد الأرض" [ يقول أمين صبري: المد زيادة في البسط. وهذه الآيات ليس لها معنى عند من يعتقدون أن الأرض كروية]

التحقيق:
قوله بأن (المد زيادة في البسط) قول خاطئ. البسط يحمل في معناه المد مع اليسر إذا كان الشيء معنوياً، أما إذا كان مادياً فهو المد مع التسطيح. وليس البسط بعض المد فيكون المد زيادة في البسط كما فهم هذا الشاب.
المد هو الإسهاب أو الإطالة أو التطويل أو التوسيع أو المط أو البسط أو الشد ... كلٌّ بحسبه وسياقه. ............... 
فإذا أردنا فهم معنى (مد الأرض) فعلينا فهم المادة التي خلقت منها الأرض، لأن الإجابة متعلقة بالبنية المادية. والتي لو تفحصناها لوجدنا أن الاتصال continuity الـمُشاهد من المادة والذي يمكن التعرف عليه بسهولة للمتخصصين أنه المد المادي. ولن نتفاجأ إذا علمنا أنه ظاهرة ماكروسكوبية فقط. بمعنى أننا لو راقبنا المادة على المستوى الذري وما دونه لوجدنا عجائبيات التركيب الدقيق، والبعد كل البعد عن أي اتصالية مادية، وأن المرئي من المادة من استقرار وسطحية متصلة أمراً في غاية الإعجاز التخليقي. ولعلمنا عندها أن ظهور المادة بهذا الامتطاط والاتصال والاستمرار الفيزيائي في جمع من الخصائص الفيزيائية ما كان ليظهر إلا بقدرة حكيمة، وإبداع تخليقي لا يقل عن ظهور الحياة من طيات الموت.
وربما تلقي المحاضرة الآتية بعض الضوء على هذه المسألة

*********************
الخطأ الحادي عشر:
حول قوله تعالى "أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها"، [ يقول أمين صبري: لا يمكن أن يتم الإنقاص من شكل كروي، فقط الشكل المسطح كالطبق يمكن أن ينقص من أطرافه. وليس للكرة أطراف]

التحقيق: 
نتساءل: على ماذا يعتمد هذا الشاب في تصوراته للوجود الطبيعي حتى يمنع وصف الأطراف عن المجسمات؟!
ونفس التساؤل نطرحه عن فهمه لمعاني ألفاظ القرآن، وهل يعلم أو لا يعلم أن اللفظ القرآني له وجوه سياقية عديدة، فيتعين الوجه بحسب السياق؟!

الوجه الأول: 
نجيب عن التساؤل الأول ونقول:
نفى هذا الشاب أن يكون للكرة أطراف، ونسأله هل لباقي الأشكال المجسمة أطراف؟! .. لن يستطيع الإجابة إلا بالنفي أيضاً، لأن الأشكال غيرها مثلها مثل المكعب؛ لن يمتلك أطرافاً لكون بعض نهاياته حادة وبعضها غير حاد. فأطراف المكعب هي نهاياته من كل جهة بعيدة عن مركزه أو منتصفه. ونقصان المكعب من أطرافه يعني نقصان أبعاده؛ فطوله وعرضه وارتفاعه جميعهم ينقصون، أي أن حجمه ينكمش. وما يقال عن المكعب يقال عن الكرة. فنقصانها من أطرافها يعني أن أنصاف أقطارها (وكلها متساوية) تتناقص، أي أن حجم الكرة يتناقص، أي ينكمش بانكماش نصف قطرها.
وما يؤيد هذا الوصف المعاني اللغوية التي تجاهلها أمين صبري، والتي نجد فيها أن:
معاني أطراف الشيء هي: [أواخره، جوانبه، حوافه، حدوده، حروفه، شفاهه، شفيره، أكنافه، نواحيه، نقاطه النهائية]، أما أضداد الأطراف فهي: [داخله، قلبه، مركزه، منتصفه، وسطه].
وعلى ذلك، فكل جسم؛ مسطح أو مجسم أو حتى أحادي البعد كالحبل، لا بد أن له أطراف، وهي نقاطه النهائية التي تجافي الوسط منه، وليس بعدها من امتداد للجسم. وعلى هذا تكون أطراف الكرة حي سطحها في كل نقطة فيه، مثلما أن أطراف الدارئرة حي محيطها من كل نقطة فيها. ونقصان هذا أو ذاك هو انكماش نصف قطره.

الوجه الثاني:
يصح كلامنا السابق عن وجه واحد من وجوه معاني لفظ (الأرض) دون باقي الوجوه، وهو الأرض جميعها التي نقف عليها، والتي هي موطن الإنسان في هذا الكون. وعلينا قبل أن نقرر مناسبة هذا الوجه من عدمه أن نُعدد في القرآن وجوه معاني هذا اللفظ ولا نفترض صحة وجهاً واحداً بلا تحقيق، حتى لو كان ظهر لاحقاً أن هذا الفرض هو الأليق بسياق الآية التي نحن بصددها. فالوصول إلى كونه الوجه المقصود دون استفراغ الوسع في تمحيص باقي الوجوه ونفي علاقتها بالآية يعد خطءاً تحليلياً، ويقع فيه غير المتخصصين؛ المفتقرين لأسباب الاجتهاد المعتبرة، والتي يتميز بها العالم من غيره، أي الواقف على العلم بدليله، من الذي يخبص تخبيصا.
فقد جرت أقلام المفسرين بأن الأرض في هذه الآية هي التي لم يُسْلِم أهلها، وأن نقصانها هو دخولهم في الإسلام؛ أي أن نقصان أرضهم زيادة في أرض الإسلام. وهذا وجه مختلف عن الأرض المكورة (أو المسطحة حسب وهم القائلين بذلك). ولو رحنا نعدد كل الوجوه الممكنة، لقلنا: 
1- الأرض التي تحمل الناس (الكرة الأرضية).
2- الأرض التي لم تتعرف على دين الله به.
3- الأرض بجنسها، سواء كانت أرضنا أو غيرها، (هذا الوجه من إضافاتنا).
4- الأرض اليابسة التي أطرافها شواطئ البحار. 
وذلك بالإضافة إلى بضع وجوه أخرى (ينظر في ذلك كتاب الأعين النواظر لابن الجوزي، أو غيره من كتب الوجوه والنظائر)
ولو انتبهنا، لوجدنا أن أمين صبري لا يعلم عن ذلك شيء. ويمكن أن يجيبه المتمسكين بالمعنى القديم الشائع لمعنى الأرض في الآية - والقائلين أيضاً بكروية الأرض كإبن تيمية - من أنها الأرض التي تدخل في الإسلام وانتقاصها من أيدي غير المؤمنين، وأن كلامه من ثم خاطئ في نفي التكوير عن الأرض بهذا الدليل. وعندها سيقف أمين صبري وقد أسقط في يده، ولو أنه أمين حقاً لوجب عليه الاعتذر عن عدم العلم بالوجوه والنظائر، وأن أخذها بالاعتبار يسقط كلامه في الاستدلال بعيداً عنها.
أما دفاعنا عن كروية الأرض بإسقاط الأدلة الخائبة كالذي نحن بصدد تفكيكها، وأخذنا الوجوه والنظائر بالاعتبار، فقد رجح عندنا أن الأرض المقصودة من نقصان الأرض من أطرافها هي المادة الأرضية جميعاً التي هي جنس الأرض التي نعلمها، وأن أرضنا كروية لم ينل من كرويتها شيء من أدلة هي أوهى من أن يُلتفت إليها. 
*********************
الخطأ الثاني عشر:
حول قوله تعالى "وأورثنا القوم ... مشارق الأرض ومغاربها"، [ يقول أمين صبري: الشكل الكروي لا يمكن أن يكون له مشارق ومغارب]

التحقيق:
تعد تقريرات هذا الشاب (الشبيهة بالتقريرات العلمية) في غاية العجب. ومنها هذا التقرير الذس سنفس أن يكون للشكل الكروي مشارق ومغارب! .. ولكن، ما هي المشارق والمغارب بعيداً عن شكل الأرض، كما يصفها أهل التفسير واللغة؟!
أما الآية "وأورثنا القوم.." فالمقصود من المشارق الشام، ومغاربها التي باركنا فيها، القدس وأكنافها". وأما المشارق والمغارب من الأرض على العموم، كما في قوله تعالى "رب المشارق والمغارب" فهي أقصى جهات الأرض التي تطلعمن جهتها الشمس، والتي تغرب عندها عند غروبها. 
ونتسائل: هل الأرض، سواء كانت مكورة أو مسطحة، فيها ما يمنع وسم البلدان التي تقع على أقصى الشرق وأقصى الغرب منها مشارقها ومغاربها؟! 
الإجابة: هي لا .. فهذه أوضاع متعلقة بطلوع الشمس على جهات أولى من الأرض تستقبلها، وجهات أخيرة منها تودعها في كل يوم. .. فأين العلة التي تمنع ذلك من أن تكون الأرض كروية وأنها يجب أن تكون مسطحة؟ .. أين تلك العلة المفتراة ... لكل من كان له عقل وفهم معتبر؟! ... أين؟!


*********************
الخطأ الثالث عشر:
قال أمين صبري: [القبلة لا يمكن أن يصح الاتجاه إليها في النموذج الكروي]

التحقيق:
قال تعالى " وحيثما كنتم فلولا وجوهكم شطره... ولكلٍّ وجهة هو موليها ... ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام ... "
ويُقال للمسافر في السؤال عن وجهته في السفر: .. أين أنت مُوَلِّي وجهك . أو .. أين تتوجه؟
يجيب فيقول: أولي وجهي شطر كذا .. (الشام مثلاً).
وهذه هي الفائدة التي جاء من أجلها قول الله تعالى (ومن حيث خرجت). أي أن التوجه إليها هو نفس التوجه الذي يستقبل به المسافر مقصده أثناء سفره على الأرض، فيعلم وجهته ويولي وجهه تجاهها.
ومن هذا التوجه اشتُق اسم الوجهة في قوله تعالى "ولكلٍ وجهة هو موليها"، وكذلك التوجه، والاتجاه ... إلخ.
ومنها جاءت ترجمة الوجهة: direction، رغم أن الأصل الانجليزي direct وتفيد الوجهة المباشرة أي الخط الستقيم، (فهل يقيم أمين صبري على الإنجليز حجة أيضا بأن التوجه يجب أن يكون خطا مستقيما؟!!! .. لو فعل ذلك لقالوا له: shut up). إلا أن الوجهة كالطريق يعلو ويهبط على الأرض ولا غبار على الطارق عليه ما دام أنه يوجه وجهه شطر مقصده النهائي بلا عوج يمينا أو يسارا. فهل نفرض على الأرض تسطحاً - إن لم تكن كذلك - حتى يفي بشرط أن تكون وجهة القبلة خطاً مستقيما؟! ... أم نصلي برؤسنا إلى أسفل وأرجانا إلى أعلى إن كنا على الجهة المقابلة من القبلة على الأرض الكروية؟! ... أم ترى يا أمين صبري أن الله قد شرع لنا من الدين ما يخالف ما خلق الأشياء عليها إن كنتم من العاقلين؟! ولو اتبع الله فهم القاصرين عن العلم لفسدت السموات والأرض، وفسد الدين، وفسد العلم، ولم يبق إلا متعالمين يضلون الناس أمثال أمين صبري يجيئونا بفاسد من العلم والدين والأهواء لا يعلم غور فسادها إلا الله العليم الحكيم. سبحانه وتعالى عما أقحموا في دينه ما أضلوا به أنفسهم وفئامٍ من الناس وما يشعرون.

*********************
الخطأ الرابع عشر:
حول قوله تعالى "غلبت الروم في أدنى الأرض"، قال أمين صبري: [أي "أسفل"، ولا يمكن أبداً أن يكون مواقع أدنى وأعلى في  النموذج الكروي.]

التحقيق:
يعيش عقل هذا الشاب في عالم موهوم ثنائي الأبعاد (كما سيعترف بعد قليل). فما كان أسفل فهو عنده أسفل بالنسبة لسفل مطلق، وما كان أعلى، فهو عنده أعلى بالنسبة لعلوٍّ مطلق. فهذا بُعد طولي كوني مطلق كما يتوهم. وما خلا هذا البعد، فهو البعد الأفقي، ويتوهمه أيضاً على أنه مطلق من كل جهة. 
وكما سبقت الإشارة إلى أن هذا الشاب يعيش في عالم تفاضلي (أي صغير جداً) لا يزيد في حجمه عن أفق عينه القريب. ثم قام بمده على كامل الوجود وراء هذا الأفق ليماثل ويطابق هذا العالم الصغير وإلى مالانهاية.
والصحيح أن اللفظ (أسفل) لفظ نسبي إلى عالم الجسم الإنساني، أي أسفل منه؛ أي تحت أقدامه. وما كان أعلى فهو أعلى من الإنسان، ومن ذلك ايضاً السماء لأنه تسمو عن الإنسان؛ أي: تعلوه.
أما لفظ (أدنى) فيحتمل وجهين: أقرب، و أسفل. ويتعين المراد بأيهما من سياق الآيات. وقد جرى العرف التفسيري على أن أدنى بمنى أقرب، لأنهم استبعدوا الوجه الثاني (أسفل) لأن الأوائل منهم لم يكونوا يعلمون عن الأرض كرويتها. وقبلوا (أدنى) على أنه ما كان أقرب لأرض العرب من الشام. 
أما أمين صبري، فكأنه لم يتعلم شيئا في حياته. وذهب بلفظ أسفل إلى ما قلنا، ثم ذهب بلفظ أدنى وطابقه بلفظ أسفل كعادته في عدم العلم بالوجوه والنظائر. أي أنه جمع بين ضيق الأفق، وضيق نطاق العلم بالآليات اللغوية العربية. فجمع جهلاً على جهلٍ. 
والصحيح أن أدنى الأرض تعني أسفل أي أخفض بقاعها بالنسبة لسطح الأرض الشائعة، وتُقاس في أيامنا هذه بمستوى سطح البحر. فالأدنى بالنسبة إلى سطح الأرض هو أخفض البقاع الأرضية بالنسبة لمستوى سطح البحر. 
ونستغرب من منطق هذا الشاب، فلو كانت الأرض مسطحة أو كروية فعلاقة هذا الانخفاض الأشد لا تمنع أن كون الأرض كروية إذا كانت في نفسها مسطحة، ولا تمنع بانفرادها سطحية الأرض إذا كانت كروية. بمعنى أن منطق الاستدلال نفسه فاسد، ومرة أخرى، لانفكاك العلة. كما عهدنا من هذا الشاب عدم علمه بمنطق الاستدلال. وقد أثبت لنا مراراً جهله البشع بالعديد من متطلبات الفهم في اللغويات العربية، والعلوم الطبيعية، وآليات الاستدلال العقلي. فهل يعود إلى صوابه؟!


*********************
الخطأ الخامس عشر:
حول قوله تعالى عن الثلاثة الذي خُلفوا "حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت"، [ يقول أمين صبري: هذه الكلمات "ضاقت" و "رحبت" لا يمكن أن تصف كرة إلا إذا كنت تعيش داخل الكرة.]

التحقيق:
الوصف القرآني ليس وصفا للأرض ذاتها، بل للإحساس النفسي للثلاثة الذين خُلِّفوا. فما لهذا الشاب لا يكاد يفقه حديث القرآن؟! 


*********************
الخطأ السادس عشر:
يقول: [كلمتي (دحى) و (كور) لا علاقة بينهما فكيف تكون الأولى بمعنى الثانية، من يقل بذلك لا يفقه في اللغة شيئا، وهذا عبث لٌغوي].

التحقيق:
متعلق الدحو في اللغة هو هيئة السطح متمثلاً في صقله أو تمليسه. ومتعلق التكوير هو التدوير متمثلاً بتدوير العمامة على رأس الإنسان. وقد أخطأ الذين ربطوا كروية الأرض ببيضة النعامة، لأنها لا تُدحى، بل يُدحى لها موضعها، وخطأهم لا يعول عليه في نفي التدحية عن السطح المقررة في قوله تعالى "والأرض بعد ذلك دحاها". بمعنى أن اتخاذ خطئهم ذريعة لنفي كروية الأرض تعلق بغير حجة.

أما الارتباط بين الدحو وكروية الأرض فيمكن فهمها - لمن أراد أن يفهمها - بما نقرأه مثلاً في لسان العرب، 
[في حديث أَبي رافع: كنت أُلاعِبُ الحَسَن والحسين، رضوان الله عليهما، بالمَدَاحِي؛ هي أَحجار أَمثال القِرَصَة، كانوا يحفِرون حُفْرة ويَدْحُون فيها بتلك الأَحْجار، فإن وقع الحجر فيها غَلَب صاحِبُها، وإن لم يَقَع غُلِبَ.
والدَّحْوُ: هو رَمْيُ اللاَّعِب بالحَجَر والجَوْزِ وغيرهِ.]
ومنه يفهم أن الدحو هو الرمي بما يُدحى به، وهو بهيئة القرص أو الجوزة أو الحجر، فينجرف جرفاً، وينصقل سطحه صقلاً من أثر الدحو.
وعلى ذلك يكون دحو الشيء المجتمع هو عملية قذف له فينتج عنه اندحاء سطح المدحو به. وحتما يكون الشيء المدحو ملتف أو مكور الشكل، بل ويدور حول نفسه أيضاً وإلا اندحت منه جهة دون غيرها. 
وبهذا تكون الآية دليل على أن الأرض كالحجر أو الجوزة أو مثل ذلك؛ قُذفت فدُحيت ... 
وذلك في عملية طبيعية ما زالت متصلة الفعل والانفعال. وهذا هو ما يقوله علم الفلك والفيزياء عن هيئة الأرض وتشكل سطحها المعهود. فأين الغرابة ولماذا الاستنكار؟!

ونسأل أمين صبري: من هو الذي لا يفقه في اللغة شيئا؟! .. وممن صدر العبث اللغوي بطول هذه الفيدو وعرضه؟!


*********************
الخطأ السابع عشر:

حول قول الله تعالى "قول الله تعالى "وبنينا فوقكم سبعاً شدادا" ... يقول هذا الشاب: [كلمة "فوق" وكما في قوله تعالى "ألقى فيها رواسي من فوقها" أيضاً لا تصح في النموذج الكروي، بل تصح كلمة "حول". كلمة "فوق" عكسها "تحت" وضع يده تحت كرة في يمسكها في يده. كلمة فوق في القرآن في استخدامها مع الأرض تعرفنا أن الأرض كيان مسطح والسماوات فوقها. ولا يوجد شيء تحتها، لأن الأرض هي الواقعة تحت كل شيء، والسموات فوقها، وكلمة فوق عكسها بكل بديهة كلمة تحت. ولو كانت السموات فوق الأرض فلن تكون هناك سموات تحتها. ومن يريد أن يجعل فوق محيط بالأرض من جميع الجهات، فليفتح القرآن ويقرأ قول الله تعالى "إن أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه". ولو كانت كلمة فوق تعني حول، فمعنى ذلك أن الرجل يحمل الخبز حتى حول رأسه! .. كلمة فوق تنفي وتقطع وتحطم وتبدد تماما الغلاف الجوي المحيط بالأرض المكورة، وأن السموات كذلك.]

التحقيق:
أثار هذا الكلام شفقتنا على صاحبه أشد الشفقة. فهو - كما سبق وأشرنا - يعمم لفظ (تحت) ليجعل منه دلالة على جهة سفلية مطلقة. ومشكلته أنه محى من عقله أي دراسة هندسية أو طبيعية تصحح له هذا الفهم الخاطئ. ونذكره - وغيره ممن انخدع بكلامه، وافتتن بثقته بنفسه - بالحديث الذي جاء فيه أن السماوات في الكرسي كحلقة في فلاة، والكرسي في العرش كحلقة في فلاة. وأقول له: بحسب كلامك وطبقاً لهذا الحديث يكون العرش من أحد جهاته تحت الأرض .. أليس كذلك؟! ولكن العرش هو سقف الوجود من كل جهة، ولا يكون ذلك إلا أن يكون لفظ (فوق) تعني (محيط ويعلو رؤوس الناس) وأن لفظ (تحت) تعني ما تحت أرجل الناس، وأن الأرض من ثم يجب أن تكون تحت أرجل الناس جميعاً أي أنها مركزية. وهذا لا يكون إلا أن تكون الأرض ذات شكل كروي أو ما يشبهه.

أللهم زينَّا بزينة الإيمان والعقل والعلم ... آمين


*********************
الخطأ الثامن عشر:

يقول: [الوجود مكون من بعدين اثنين فقط، الأفقي الأرضي والرأسي السماوي.]

التحقيق: في أي علم يضع أمين صبري هذا الكلام؟! ... دين؟! هندسة؟! فيزياء؟! ميكانيكا؟! ...إلخ
لن نجد له أي تصنيف علمي يمكن أن يقبله، ... وما كان شأنه كذلك، فهو مرحلةٍ ما من مراحل ما قبل العلم! وفي أحسن أحواله ومن باب إحسان الظن بعقل صاحبه، يمكن اعتباره من قبيل تفيهم الطفال في المدارس معنى الوضع الأفقي، ومعنى الوضع الرأسي، وذلك تمهيداً لتفهيم ما وراء ذلك من أن الأفقي ينقسم إلى اثنين؛ الأول: الذي تقتفي الشمس أثره فيه مسيرها الظاهر ويسمى شرق-غرب، والثاني: الذي تدور حوله النجوم ويسمى شمال-جنوب. 
بمعنى أن ما قاله أمين صبري يمكن أن يقال للأطفال في أول مرحلة دراسية، وكان عليه أن يمحو من كلامه  (بعدين اثنين فقط)، ويكتب مكانها (وضعين اثنين). لأن عبارته خاطئة حتى إذا صيغت لتفهيم الأطفال أول شيء يمكن أن يستتشعروه عن الوجود. لأن هناك فرق بين كلمة (بُعد) وكلمة (وضع) لأننا يمكننا أن نقسم أي ظاهرة وجودية إلى ما شئنا من أوضاع بحسب متعلق التصنيف الـمُراد. أما أن نستخدم اصطلاحات العلوم مثل (بُعد = dimension) في غير ما اصطلح عليه أهل العلوم، ونفي ما أثبتوه بها، فذلك جهالة جهلاء.
ورغم أن ما اصطلح عليه أصحاب العلوم من أن الأبعاد المكانية ثلاثة أبعاد، إلا أن ذلك يأتلف دينياً وظاهراتياً بعيداً عن الدواعي الميكانيكية لهذا التقسيم الثلاثي للأبعاد، وذلك من أن الجهات المميزة المنسوبة لجسم الإنسان هي ست جهات، فتصنع ثلاث أبعاد، فيربط كل بعد منها جهتين متقابلتين. ويجمع الجهات الست حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال:
[اللهم اجعل .. عن يميني نورا وعن يساري نورا وفوقي نورا وتحتي نورا وأمامي نورا وخلفي نورا
وقد طابق العرب - والأمم غيرها - هذه الهيئة الجسمانية مع الهيئة الطبيعية مطابقة تامة، وذلك بأن يقف الإنسان ويواجه الشمس (أي الشرق) فيكون أمامه الشرق، وخلفه الغرب، وعن يمينه الجنوب، وعن شماله الشمال، ومن فوقه السماء، ومن تحته الأرض. وقد ثبَّت القرآن هذا التقسيم والتسمية في كلمات (يمين) و (شمال) - يُنظر في ذلك مقالة
الشرق - عمدة الاتجاهات الجغرافية القديمة - وإعادة اكتشاف معنى (يمين) في القرآن

وائتلافاً مع كون الأبعاد المكانية ثلاثة أبعاد، كما يظهر من تحليل أهل الميكانيكا والفيزياء للحد الأدنى من المعلومات الضرورية لتعيين موضع الأشياء وحركتها فيما سموه الاتجاهات المكانية الثلاثة (x, y, z)
نجد أن الله تعالى، العليم بما خلق، قد وضع في أجسامنا (في الأذن الداخلية) مجسات تستشعر هذه الأتجاهات الثلاثة بعينها، كلٌ على حدى.  كما يظهر من الرسم والمقطع التالي:
حاسة الاتجاهات في الأذن الداخلية وكيف أنها تستشعر ثلاثة اتجاهات وليس اثنان
ولو كان الوجود الذي خلقنا الله تعالى فيه ثنائي الأبعاد لتطلب الأمر أن يكون تصميم حاسة الاتجاهات في الأذن تتركب من حلقتين متعامدتين فقط، وليس ثلاث متعامدات كما هو الحال الذي خُلقنا عليه (تُسمى قنوات أو أنفاق)

والخلاصة أن هذا الشاب لا يعلم معنى الأبعاد والجهات، حتى يثبت منها وينفي ما يشاء، لا في القرآن ولا في الخلق، ولا في العلم.


*********************
الخطأ التاسع عشر:

حول قول الله تعالى "رفع السموات بغير عمد ترونها"، يقول: [لو أن السماء حول الأرض، كيف يفهم كلمة رفع وكيف يفهم كلمة فوق وكيف يفهم كلمة عَمَدْ.]

التحقيق:
أما كلمة (فوق) ومضادها (تحت)، واتفاقهما مع الشكل الكروي للأرض، والأجرام بشكل عام، فقد شرحناهما أعلى.
وأما كلمة (عَمَدْ) فالآية تنفي أن رفع السماء حادث بعمد، وتثبت بأن السموات مرفوعة بغير (عمد مرئية) أي بشيء آخر غير مرئي. والنفي لا يستلزم علاج معنى العمد وعلاقتها بالأرض الكروية، ما دام أن العمد منفية.
وأما رفع السموات وما يفهمه أمين صبري من أن الرفع إنما هو عن الأرض، فذلك لأن فهمه محدود وقاصر. والحاصل أن السموات كمثل كرة داخل كرة داخل كرة وهكذا إلى سبع كرات متتابعة النهايات. ونصف قطر كل كرة هو سَمْك كل سماء، وهو ما جاء في قول الله تعالى "رفع سمكها فسواها". وأما نهايات السموات وبعد كل منها عن الأرض فهذا هو رفع السموات. وتمثل كل نهاية من نهايات السموات حالة تهيج وعنف واضطراب تتناسب مع وصف القرآن لها في قول الله تعالى "تكاد السموات يتفطرن من فوقهن".
ولا يخرج معنى رفع السموات عن مثله من قولنا رفع الغلاف الجوي (أي مَدِّه) عن الأرض لعشرات الكيلوترات، ومثل قولنا رفع طبقة من طباقتها فوق طبقة أسفل منها. 
ثم أن هذا الرفع (بمعنى الإمتداد) لطبقة وراء طبقة، لا يثبت أو ينتفي بأرض مكورة أو مسطحة، ونستغرب من احتجاج هذا الشاب بـأن هذا الرفع يتعارض مع شكل سطح الأرض. 
وربما أن عدم علم هذا الشاب بأن الشكل الكروي يمكن أن يحمل طبقات متعاقبة من التراكيب فوق سطحه حجبه عن القدرة على تصور ذلك، فسعى إلى استخدام هذا الفشل في التصور إلى الاحتجاج به لنفي حدوثه، وهو بهذا ينتقل بما تحار فيه العقول ويجعل منها دليلاً على ما تمنعه العقول، أو بتعبير ابن تيمية، ينتقل من محارات العقول إلى محالات العقول. رغم أن ما يتحير فيه عقله مشروط بعقله هو وليس بعقول غيره. والغريب أنه سعى للاحتجاج على تلك العقول غير الحائرة بعقله الحائر هو، فكانت النتيجة أن انكشف عقله، ودارت عليه الدائرة.


*********************
الخطأ العشرون:

حول قوله تعالى "ويمسك السماء أن تقع على الأرض" .. [ يقول: لو كانت الأرض مكورة، لا يمكن أن تقع السماء عليها.]

التحقيق:
الوجه الأول:
يُفهم من كلامه أن الأرض لو كانت مسطحة فلا إشكال في وقوع السماء عليها. ونسأله: ما هي السماء التي تقع على أرض مسطحة ولا تقع على أرض مكورة؟!
ليس هناك من إجابة إلا أن يكون الوقوع إلى سفل مطلق وليس إلى الأرض، وأن الأرض المسطحة التي يتصورها ستكون دائماً حائلاً بين السماء الواقعة وبين هذا السفل المطلق ومن ثم سيكون الوقوع دائماَ عليها. أما لو كانت الأرض مكورة فمعنى ذلك أن السماء التي ليست فوق الأرض إذا وقعت، فلن تقع على الأرض. كما وأن الأرض من الجهة السفلية لن يقع عليها شيء لأنها محجوبة عن السماء!!!!
ومعنى ذلك أن أمين صبري لا يؤمن بأن الوقوع ليس بسبب جاذبية الأجرام، بل بسبب ميل طبيعي للهويان إلى سفل مطلق، تماماً كما كان التصور في عالم إنسان ما قبل العلم.
وإذا سألناه، وماذا عن الأرض نفسها، لماذا لا تهوي إلى هذا السفل المطلق، سيجيب (في موضع آخر من كلامه) بأن الأرض المسطحة تقع في الأسفل المطلق، وأنها ليس تحتها من شيء، لأنها آخر شيء.
وكما يتفق معنا كل متعلم يقف على براهين العلم أن هذا الكلام عابث ويثير الرثاء والشفقة.

الوجه الثاني:
ولنا أن نسأله سؤال آخر: ما هي السماء التي فهم أنها يمكن أن تقع، وأنها ممنوعة من ذلك؟! 
فنتوقع أنه يفهم منها ذلك اللون الأزرق الذي يمثل سقف السماء (الدنيا) كما يتوهمه كل أصحا بالأرض المسطحة! وإذا قلنا له: وماذا عن وجوه معنى السماء؟! وأي وجه منها يلائم سياق الآية "ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه" لما تلفظ بشيء لأنه - كما مر علينا مراراً أعلى - أنه لا يعلم ما هذا الذي نتكلم عنه، وجوه ونظاائر!! .. إنه لا يعلم أن السماء تأتي على عدد من المعاني، منها محض العلو، ومنها الغلاف الجوي، ومنها السحاب، ومنها المطر، ومنها ذوات الكسف، منها ما سماه القرآن سبعاً شدادا، ومنها أسقف السماوات .. إلخ. 
فكيف به بعد كل هذا الحيص بيص يعين معنى الآية ويستدل منها على عدم كروية الأرض؟!
إنه مسكين، بل شديد المسكنة العلمية. وما نتعجب منه حقاً هو ثقته البالغة بنفسه.


*********************
الخطأ الواحد والعشرون:


حول قول الله تعالى "ملء الأرض ذهبا"، يقول: [لا يمكن أن تفهم إلا في شكل مسطح شبه القرار وشبه المهاد، فالشكل الكروي لا  يمكن أن يُملأ.]

التحقيق:
 لو أننا بإزاء وعاء كروي الشكل مملوءة بالهواء أو بالماء أو بالحديد أو بما شئنا من شيئ، فهل يمنعنا من ذلك أنه كروي الشكل؟! ... أم تراه تصور أن قول الله تعالى "ملء الأرض ذهباً" أن الذهب سيوضع على السطح، وأن السطح لو كان كروياً فلابد أن يميل عند الجوانب، ثم يصبح قائما ... فيقع الذهب إلى أسفل !!! .. وعليه يظن أن الأرض يجب أن تكون مستوية حتى لا يقع الذهب. لا أستبعد أن يأخذه تصوره إلى هذا المستوى من السذاجة المتشحة بالعلم زوراً وبهتانا. (يجتمع في قلبي الآن من ذلك ضحكاً وبكاءاً يتنازعان نفسي وقد تركا فيها حسرة شديدة على مستوى التعليم الذي تلقاه هذا الشاب وأمثاله حتى يفكر بهذه الطريقة).


*********************
الخطأ الثاني والعشرون:

يقول: [الاعتقاد بأن الأرض تدور حول الشمس يلزمه بالضرورة أن الإنسان وآدم المخلوق من طين هو من سيسجد للشيطان ويسجد للنار وليس النار - بتسخير الشمس في قوله تعالى "وسخر لكم الشمس والقمر دائبين" ... - هي التي ستسجد للإنسان.]

التحقيق:
 واضح أن هذا الشاب يريد إثبات علاقتين وهما:
1-  أن ما يدور حول غيره فإنه يعبده ويسجد له. 

2- أن ما سُخِّر لغيره فإنه يدور حوله.

ونسأله الآسئلة الآتية والتي تفند تلك العلاقات الوهمية: 
1- هل هذه العلاقات دينية أم علمية؟!
إن كانت دينية ففي أي مصدر نجدها من قرآن أو سنة، وإن كانت علمية ففي أي قانون طبيعي.
2- هل  إذا كانت الأرض تدور حول الشمس، هل لعلة نارية كما تزعم أم لعلة طبيعية (الكتلة) كما أكده العلم بالتنبؤ بمسارها قبل المسير فيه؟!
3- هل دوران القمر حول الأرض أمر تكليفي كأوامر الله تعالى للإنسان تسخيراً إياها للإنسان، أم بسنة طبيعية اكتشف العلم أنها الجاذبية، وعلتها الكتلة كما هو الحال في علاقة الأرض بالشمس؟!
4- هل دوران الشمس حول مركز المجرة (كما يقول العلم) يعد تسخير الشمس لعبادة المجرة؟!
5- هل المجريات الطبيعية تجري بالقانون الإلهي (إفعل ولا تفعل) أم بالسنن الطبيعية التي بثها الله تعالى في المخلوقات والتي يكشف العلم مجرياتها وأسبابها؟!
6، 7، 8، .. إلخ .... وتتوالى الأسئلة التي تُنقب في نفس هذ الشاب عن منطقه العقلي المنهجي، إن كان عنده من ذلك شيئا؛ أهو طلباً للعلم بالأشياء على ما خلقها الله تعالى، أم إسقاطاً لجهل الوهم، وعبثيات الخواطر؟!

*********************
انتهى