الاثنين، 20 نوفمبر 2017

وإن تعدوا أخطاء علي منصور كيالي لا تحصوها

علي منصور كيالي - رجل يفسر بلا علم

بقلم: عزالدين كزابر
بسم الله الرحمن الرحيم

رابط ذو صلة                                          
لسنوات طويلة أسمع لهذا الرجل ثم أعرض عنه بمجرد أن يبدأ لسانه بالزلل، وغالباً ما يكون ذلك بعد ثواني أو دقائق قليلة من أي شيء يتكلم فيه، ولكن طفح الكيل!

حقاً لقد طفح الكيل من (علي منصور كيالي) لأنه يفسر بلا علم، وليس له في الفيزياء من نصيب. أما اللغة والحديث وباقي العلوم الشرعية فقد تبين ضعفه الشديد في الإلمام بها إلا بما عند العوام، وما ربما يتصادف وينقله صحيحاً عن غيره. فإن أضاف شيئاً من عنده، ثم يصدق، فهو على سبيل المصادفة، وليس على سبيل العلم بالدليل.

وما يعنينا هنا هو إيقافه عند حدّه. فقد ثبت عندي جهله الفاضح بأغلب ما يتكلم فيه. ولست معنياً بفضحه، وإنما بإحاطة الناس بأنه لا ثقة في كلامه، لأنه لا يعلم عم يتكلم. ويمكنني حذف هذه المقالة إذا ظهر أمام الناس وسحب كل كلامه المغلوط واعتذر للمسلمين، ثم يعد المسلمين بالكف عن اللغو في تفسير كلام الله تعالى بما لا يعلم.


زعم أن النبي (ص) ذكر طبقة الأوزون، وأن الملائكة تتحرك في ثقب دودي وو..!!



1- قال أن السيرة النبوية عتَّمت (أخفت) أن النبي تكلم عن غاز الأوزون. وجاء بحديث (لم نجد له أصل) يزعم (على هذا الرابط) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: [مشـينا قُـرْب بحـرٍ منَ الهـواء الأخضـر فسـألتُ ما هذا يا جبريل ، فقال لولا هذا البحر منَ الهـواء لاحترقت الأرض بمـنْ فيهـا]

- نقول: هذا افتراء وتدليس. فالحديث لا أصل له، لا في صحيح مسلم كما زعم، ولا في غيره، وقد بحثنا بالألفاظ التي أوردها فلم نجد لا أثر.


********************
2- زعم أن سبب تسمية المسجد الأقصى في فلسطين بـ "الأقصى" هو أنه سيكون بين مكة وموقع المسجد الأقصى مسجد آخر عظيم (يقصد المسجد النبوي). ويقصد من ذلك أن تسمية مكانٍ ما أنه أقصى يقوم على عمران قائم من نوعه بين ما إليه يُنسب هذا الأقصى (أي: مكة) وموقع هذا المكان المنسوب. أي أنه لو لم يوجد ذلك المسجد الوسيط (المسجد النبوي بالمدينة الواقع بين مكة وفلسطين)، لما سُمِّى المسجد الأقصى باسم الأقصى.

- نقول: هذا الكلام لا أصل له، وليس إلا وهما ولغواً، فنسبة الأقصى يكفيها أن تُنسب للمسجد الحرام وكفى، حتى ولو لم يُبن المسجد النبوي في المدينة.

********************

3- يقول: [الملائكة يستخدمون الثقب الدودي في التنقل من أقصى الكون إلى أقصى الكون].

نقول: هذا افتراء وكذب على الغيب. فالثقب الدودي - في هذه المرحلة من العلم- ليس إلا وهماً ليس عليه دليل، ولم يتخط مستوى التخمين. وليس هناك في العلم أي طريقة تثبت وجوده، فضلاً عما ينفي وجوده من الأدلة العلمية، ناهيك على إمكانية أن يجتازه مخلوق إنساً كان أو ملكا. فكيف يقول هذا الرجل ويقرر أن الملائكة تستخدمه للتنقل في الكون بين أقاصيه؟!
********************
4- قال: يوجد في القدس الشريف أسباب الصعود إلى السماء .. وهذا السبب لا يوجد في مكة .. (القدس الشريف هو) المطار الكوني.

نقول: هذا الكلام افتراء وكذب على الغيب. فليس هناك نتفة من دليل على هذا الهراء. فلو ساءلنا العلم (المتعلق بالخروج من الأرض إلى الفضاء) عن أفضل المواقع الأرضية للصعود إلى السماء لقال أن القرب من خط الاستواء يحقق أفضل صعود (بحسب نظرية المقلاع، وذلك إذا أردنا قذف شيء بأكبر قوة، نُديره بقوة بحبل مثلا، ثم نفلته، وتتحقق أعلى قوة مع اتساع دائرة الدوران، وهو ما يتحقق بالاقتراب من خط الاستواء - وعلى ذلك فالعلم يقول أن مكة أفضل من القدس للانعتاق من جاذبية الأرض ، هذا لو كانت آلية الصعود إنسانية تافهة كآلياتنا). ونسأل هذا الرجل، من أين أتيت بأن القدس الشريف هو المطار الكوني. وما أتيت به من تبرير تقول فيه أن العودة من السماء كانت إلى القدس قبل مكة، فليس بدليل. ألم يصلي النبي بالأنبياء في القدس؟!، ألم يصف المسجد للسائلين، ألم يرى من المسافرين بالطريق بين القدس ومكة ما يدلل على صدقه؟! .. كيف تجاهلت هذه الحوادث في التبرير وجعلت الذهاب إلى القدس دليل على الذهاب إلى المطار الكوني الذي تتوهمه؟!  

********************
5- يقول: [الله تعالى قال (للنبي) تعالى عندنا .. إرجع .. بعملية طي المكان] (واستشهد وقال: ألله وحده قادر أن يطوي السماء كطي السجل للكتب).

نقول: أولاً طي المكان لم يثبت علمياً بأي آلية ممكنة، وكل ما هنالك فهو قول النظرية النسبية العامة أن الأجرام السماوية تسبب انحناء المكان حولها كالحفرة، ولم يثبت أي شيء حول إمكانية الدخول في حفرة سماوية والخروج من حفرة أخرى في مكان بعيد، فهذا محض وهم، ولا توجد حتى ولو نظرية تدعمه. ولو ثبت لكان على منصور كيالي أن يثبت لنا أن هذه الطريقة هي التي انتقل بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء في العروج. وعندما يتحقق له هذين المطلبين فعليه ألا يتخرص بكلام يحسبه العوام علما.
********************
6- يقول: [كل النظريات العلمية تقول أن الكون مبني على شكل هرمي سداسي (ثم يقدم مشروعه في أن بناء الكون إنما على شكل المكعب، ويلحقه بشكل الكعبة)، ثم يقول: الدليل على ذلك أن الألماس هو فحم (لعله يقصد أن مادته هي نفس مادة الفحم الغالبة، أي عنصر الكربون)، ثم يكمل: حين يُضغط الماس (لعله يقصد ذرات الكربون) بدون أي إضافات، صار شكله مكعب، صار قابل للصقل، ويعطي هذا البريق.]

نقول: في هذه العبارة وحدها - وما يصابحها - أربعة أخطاء: 
أولاً: ليس هناك نظرية معاصرة واحدة معتبرة (فضلا عن كل النظريات كما زعم) تقول بأن الكون مبني على شكل هرمي سداسي Hexagonal pyramid structure. فهذا كلام عبثي. فإذا تتبعنا تاريخ الأشكال الهندسية التي توهم القدماء أنها عناصر تركيب الكون، فسنجد أن اليونان قالوا بأن الكون يتركب من العناصر الأربعة (التراب والهواء والماء والنار) واشتهرت تصورات أفلاطون في محاورة تيماوس بأن هذه العناصر الأربعة تتركب من عناصرهندسية (سًميت بمجسمات أفلاطون Platonic solids) هي على نفس الترتيب: (المكعب، والمجسم الثماني، والعشريني، ثم المثلث الهرمي). ثم جاء كبلر سنة 1596 في كتابه Mysterium Cosmographicum بمحاولة لتفسير حركة أجرام الكون بمجسمات هندسية متعددة السطوح تتحرك عليها الكواكب وتتوسطها الشمس، استناداً لنموذج كوبرنيكوس.
ثم اندثرت هذه الأوهام في العلم الحديث، ولم يعد لتلك المجسمات الهندسية أي أصل بنيوي لتركيب الكون.
وبعد السعي الحثيث وجدنا ما عساه يكون مقصد منصور كيالي من الشكل الهرمي السداسي الذي ظن أن له أهمية في بنية الكون، وذلك هو المجموعة الثمانية الجسيمات (والمركب من قاعدة سداسية على أركانها ستة جسيمات، بالإضافة إلى جسيمين اثنين في الوسط يمكن وضعهم على خط متعامد مستقيم على القاعدة، ويظهر بشكل هرمين متقابلين على قاعدة سداسية - هذا لمن يحب التلاعب بالرسم الهندسي) وقد وضعه موري جيلمان الفيزيائي الحاصل على جائزة نوبل سنة 1964، وأصبح الآن جزءاً من نظرية المجال الكمومي في فهم بنية الجسيمات الأولية التي تتركب منها المادة بما في ذلك الذرة. غير أن هذا التركيب الهندسي غير مقدس في النظرية حتى يعتبر ركناً أصيلاً في بنية الكون.

7- الثاني: في قول على منصور كيالي: [أن هندسة الكون مبنية على أساس المكعب، ولن تجد لسنة الله تبديلا، وعلينا نحن المسلمين أن نتبناها بأن نعطي نظرية علمية تستبدل الهرم بالمكعب]. .. نرد عليه ونقول هذا عبث. فليس هناك من دليل على أهمية المكعب على الهرم في النظريات العلمية، لمجرد أن بيت الله تعالى له شكل المكعب. بل إن الكعبة ليست مكعبة الشكل تماماً كما توهم، وهو ما أثبتناه في مقالة قديمة لنا لمن أراد التوسع في فهم شكلها واتجاهاتها.

8- الثالث: تعليله بأن الشكل المكعب هو أساس هندسي في بنية الكون يعود إلى أن الآية (جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) انتهت بـ (ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فاستدل من ذلك على أن سر هذا العلم كامن في أهمية الكعبة من حيث شكلها الهندسي. وهذا الاستدلال غير ضروري، لأن الآية وما قبلها من لوازم الإحرام في الحج من امتناع عن الصيد، مما يحفظ انقراض الحيوانات بسبب كثرة الحجيج، لو أن الصيد كان مباحاً، وهذا الأمر لم يفطن إليه الإنسان إلا حديثاً في حماية الحيوانات من الانقراض في المحميات الطبيعية، هذا بخلاف ما صاحب الآية من فوائد للناس في تقواهم وسد عوز الفقراء منهم بالهدي. 

9- الرابع، فيما يخص الماس وتبرير قيمة الشكل المكعب تعظيماً للقيمة الهندسية للكعبة، يقول: [الماس هو فحم، ولكن الفحم ليس له قيمة لأن الذرة (المفترض أنه يتكلم عن ذرة الكربون) ليس شكلها مكعب. حين يُضغط الماس ويأخذ شكله مكعب صار قابل للصقل ويعطي هذا البريق]. وهذه هي نظريته التي يبرر بها قيمة الماس فوق الفحم. 
نقول: حين يقارن الماس فإنه لا يقارن بالفحم على العموم، بل بأحد أنواعه غير المشتعلة والكربونية الخالصة، ألا وهي الجرافيت. 
وذرة الكربون هي هي في الجرافيت كما في الماس. فإن كانت غير مكعبة (وهو وصف في منتهى الغرابة ويعتبر وصفاً غير علمي، ومثير للفكاهة) فهي واحدة في الحالتين الماس أو الجرافيت. والسبب في قيمة الماس عن الجرافيت لا تعود لأي تكعيب للشكل الذري، بل لأن ذرات الكربون يمكن أن تتلاحم بين بعضها بأحد طريقتين: إما أربع روابط تساهمية أو ثلاث روابط تساهمية. وإذا ترابطت بثلاث روابط، فإنها تصنع أغلفة طبقية متماسكة، ولكن هذه الطبقات ضعيفة الترابط بين بعضها بما ينتج عنه انزلاقها بيسر، وهذا هو الجرافيت المستخدم في الأقلام الرصاص. أما إن ترابطت ذرات الكربون بين بعضها بأربع روابط تساهمية، فإنها تتماسك في جميع الجهات ثلاثية الأبعاد، وتصبح شديدة التماسك في كل جهة وأعلى كثافة، وأكثر بللورية. فالمسألة ليست تكعيب الذرات أو عدم تكعيبها، وليس هناك شيء اسمه تكعيب الذرات، ولا أن الماس يُضغط لكي يصبح مكعب، ولا أنه يقبل عندئذ الصقل. كل هذا كلام فارغ، وليس فيه لمحة من علم.

  --------------------------------------------------------------------------------
زعم أن النبي الأمي (ص) يعني (النبي العربي) وليس أن الأمي هو من لم يكتسب معرفة قراءة وكتابة!


10- زعم في هذا المقطع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن أُمِّياً بمعنى عدم العلم المعرفي، وإنما بمعنى أنه عربي، لأن معنى الأمي عنده هو العربي خصيصاً، وليس عدم العلم المعرفي. ويقصد أن الأمية وصف لا علاقة له بنفي العلم.

نقول: لعل القارئ أن يلاحظ أنه (يسمي عدم العلم بـ "الجهل" المعرفي، ويقصد عدم العلم، ومن الواضح أنه لا يعرف أيضاً الفرق بين الأمية والجهل). فالجهل هو العلم  الفاسد الذي يخالف المعلوم، وليس عدم العلم ابتداءا والذي هو حال الأمِّي.
وهنا الرأي التراثي كما يعرضه الشيخ المنجد في معرض حديث له.




أما الرد المفصل على هذا التخبيص في معنى النبي الأمي، فيجده القارئ على الرابط الآتي:
http://kazaaber.blogspot.com/2012/10/blog-post_20.html

وكفى الله المؤمنين القتال!
--------------------------------------------------------------------
زعم أن النقير والفتيل هما نقير الكوارك وفتيل نظرية الوتر وو..!!



في هذين المقطعين جملة من الأخطاء


11- يقول في المقطع الأول من هذين المقطعين: [اكتشفوا في مدينة سيرن بسويسرا ...]
نقول: سيرن ليست مدينة، بل هي (منظمة بحثية علمية) تتشارك الدول الأوربية (ومعهم إسرائيل) فيها، دعماً للأبحاث النووية النظرية والمختبرية والفائدة منها للدول الأعضاء. وكلمة سيرن CERN ليست إلا الحروف الأولى من Conseil Européen pour la Recherche Nucléaire، وتُترجم إلى (المنظمة الأوربية للأبحاث النووية). فمن أين جاء علي منصور كيالي بأن سيرن اسم مدينة؟!
********************
12- يقول في المقطع الأول: [القرآن تحدث عن الذرة ... إن الله لايظلم مثقال ذرة، تحدث القرآن عن الوزن الذري وجدول مندليف ..]
ويقصد الذرة بمعناها الاصطلاحي في الفيزياء والكيمياء. 
   
أما قوله أن [القرآن تحدث عن .. جدول مندليف] فهذا افتراء، وتخرُّص.
  
وأما قوله أن القرآن تحدث عن الوزن الذري (الاصطلاحي)، والذي أخذه المتخصصون مرة ليساوي وزن ذرة الهيدروجين، ثم نقحوه إلى 1/ 12 من وزن ذرة الكربون12. فنقول: الذرة التي تحدث عنها القرآن ليست هي تلك الذرة الاصطلاحية، بل هي أدق ما يمكن أن يُذر من المادة. ومما يؤكد ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه: [أنه أدخل يده في التراب فرفعه ثم نفخ فيه فقال: كل واحدة من هؤلاء ذرة.](كما ورد في تفسير الكشاف للزمخشري، وغيره) ومعنى ذلك أنه أيما شيء قابل لأن يّذر إلى أبعاض منه، فهو نفسه ليس بذرة، وإنما الواحدة من ذلك المذرو منه هو الذرة، شريطة أن ذلك المذرو لا يمكن ذرّه إلى ما هو أدنى منه. أي أن الذرة هي نهاية الذر التي ليس بعدها أي إمكانية إلى مزيد من الذر. فإذا تفحصنا الموجودات في ضوء هذا الفهم، لوجدنا أن الذرة الاصطلاحية ليست هي المقصودة، بل المقصود مكوناتها التي لا تُذر، مثل الإلكترون، لأنه ثبت عدم ذرُّه. أما نواة الذرة نفسها فهي أيضاً أكبر من ذراتها، أي مذروَّاتها، لأنها قابلة لأن تُذر إلى ما هو أدنى منها بتجارب التصادم، بل حتى البروتونات والنيوترونات في نواة الذرات مركبة من أشياء (سًميت بالبارتونات، وسميت بالواركات ومعها جلوونات)، ومن ثم فهي ليست ذرات بالمعنى القرآني. والصحيح أن ما يقابل الذرة بالمعنى القرآني، ما اصطلحوا على تسميته في الفيزياء بالجسيمات الأولية الأساسية fundamental particles، سواء نجحوا في حصرها وتسميتها أو أنهم في الطريق إلى ذلك. كل هذا التفصيل يهدم ما قاله علي منصور كيالي، ومن يقول بمثل قوله.
********************
13- يقول في المقطع الأول: [في عام 2000 أثبت العالم الياباني يوكاوا Yukawa...
نقول: العالم الياباني يوكاوا والمشهور جداً في الفيزياء توفي سنة 1981 !!!
ثم أنه لم يثبت ما سيتحدث عنه منصور كيالي، وإنما تعود شهرته إلى سنة 1935 حين افترض نظرياً وجود جسيمات وسيطة الكتلة سُميت ميزونات، تقع كتلتها بين البروتونات والإلكترونات، وقد ثبت وجودها سنة 1947. ولذلك كان أول ياباني يحصل على جائزة نوبل في الفيزياء سنة 1949.

********************
14- يقول في المقطع الأول: [الإلكترون أو البروتون أصغر من الذرة تقريباً بألف مرة]
نقول: هذا تخبيص ما له من مثيل.
ففي ذرة الهيدروجين، وزن البروتون يساوي تقريباً وزن الذرة كلها، وليس جزء من ألف منها.
أما وزن الإلكترون فيها فهو جزء من 2000 جزء تقريباً من وزن ذرة الهيدروجين.
من الواضح جداً أن الرجل لا يعلم فيزياء المدارس، ولا نقول الفيزياء على مستوى الجامعات، فكيف به يفسر القرآن به !!!


********************
15- يقول في المقطع الأول عن الكوارك: أن العالم الياباني يوكاوا [أثبت أن الإلكترون أو البروتون فيه أيضاً جسيم أصغر منه بمئة مرة .. هو الكوارك]
ويقول في المقطع الثاني عن الكوارك أيضاً: [بعد عام 2000 ثبت في اليابان أن كل فوتون ضوئي هو كرة فارغة، بداخلها جسم أصغر منها بمئة مرة، يُسمَّى الكوارك.]

نقول: مرة قال أن الكوارك داخل الإلكترون، ومرة داخل البروتون، ومرة قال داخل الفوتون الضوئي. !!!! ..... ونسأله: من أين جئت بهذا اللغو. .. الكوارك لا علاقة له إطلاقاً لا بالإلكترون، ولا بالفوتون. فلا هو داخل هذا ولا ذاك.

ثم من أين جاء هذا الرجل بأن الفوتون الضوئي كرة فارغة، ثم أن داخلها كوارك أصغر بمئة مرة؟!!!! ... هذا كلام من أعبث العبث. إنه يشوه المعاني العلمية الصحيحة أو المشهورة في أذهان سامعيه، صغاراً وكبارا. ... هذا فضلاً عما هو أهم، وهو حشو أذهانهم بأباطيل، ... فإذا حاوروا ملحدين بما ألبسه عليهم هذا الرجل ... انخذلوا ... ثم انهزموا ... وربما فقدوا الثقة بالقرآن بسبب هذا العبث.

   أوقفوا هذا الرجل، وقولوا له ... لا تقْفُ ما ليس لك به علم .. هذا قول الله لك. 
فهل أنت منتهي، أم نُنهيك أدبياً؟! ... كف عن غلوائك يا رجل ... وكفى تخبيصاً.

********************
16- يقول: [الكوارك داخل (الفوتون) لا يدور ضمن فلك ولكنه يتحرك بحركة اهتزازية مستمرة وكأنه ينقر نقراً مثل الكرة الصغيرة داخل الجرس، لذلك هذا هو النقير، (يقصد في قوله تعالى "وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا")]

نقول: من أين جاء هذا الرجل بأن الكوارك يهتز ولا يدور في فلك؟! وإذا كان ينقر على شيء (جداري) فما هو هذا الشيء؟ ... ومن أين جاء بهذا الكلام؟! لا يوجد في الفيزياء أي مصدر يمكن أن يشتق منه هذا الإثبات للاهتزاز والنفي للحركة في فلك، .. وكل هذا إذا ثبت وجود الكوارك، وليس في الفوتون كما قلنا أعلى، لأنه لا علاقة له بالفوتون، بل الحديث عن أنه أحد مكونات البروتونات أو النيوترونات، بمعنى أن البروتون ليس إلا ثلاث كواركات، وليس أن الكواركات تهتز بداخل شيء اسمه البروتون. ثم ماذا عن أن الكوارك أصغر مما هو بداخله بـ 100 مرة، .. فمن أين جاء بهذه النسبة؟ .. لا يوجد مصدر علمي يمكن أن يُشتق منه هذا الكلام. ولو كان صحيحاً فالنسبة هي بين حجم الكوارك وحجم البروتون مثلاً، فكيف يصبح النقير أصغر من البروتون بـ 100 مرة، فالنقير بحسب كلامه هو محض النقر، وليس انتقاص شيء بالنقر من شيء آخر!!! .. كل هذا الذي سمعناه ليس إلا كلاماً باطلاً، وسخف يتشبه بالعلم، ... ولو أن هناك محكمة علمية لوجب أن تُقيمعلى هذا الرجل حداً بالتعزير بأن يُضرب بدرة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حتى يكف عن اللغو في كتاب الله.

ولو سألني سائل عن ما هو النقير الأدنى في عالم الفيزياء، لأجبته كلاما علمياً كما يلي:
النقير هو انتقاص الناقر من المنقور فيه بجزء شديد التفاهة هو النقير. أي لو نقر الطائر أو حشرة ما أحد حبات أو ورقة نبات مثلاً، فما ينتقصه بمنقاره ليأكله منها هو النقير. فلو ذهبنا لأدق مكونات المادة لنرى ما هو النقير المقابل لذلك، والأشد خفة بالتأكيد، فسنجد أنه عند قذف جسيم بآخر، في تجربة تسمى الاستطارة scattering، ولو حدث وانتقص أحد الجسيمين جزء من كمية عزم الجسيم الآخر، سُمِّيت الاستطارة بأنها استطارة غير مرنة  inelastic scattering (لأن الاستطارة المرنة elastic scattering لا يُنتقص فيها شيء، كالحبل المطاط المرن يعود إلى ما كان عليه تماماً بعد شدة ثم تركه). والآن، يصبح تصور النقير على هذا المستوى هو أرهف اجتزاء لكمية حركة الجسيم يمكن أن يفقدها أحد الجسيمين المقذوف أحدهما على الآخر. وهذا النقير يمكن أن يكون صغيراً إلى درجة تؤول إلى الصفر، ولكنها تُنتقص على صورة كم من كمات الطاقة، حتى ولو آل قدره إلى الصفر. هذا هو الوصف العلمي للفظ النقير في عالم الفيزياء الدقيقة، وليس الكوارك على التعيين والذي تخبط علي منصور كيالي في وصفه، حتى افرغ العلم من قيمته ومصداقيته.
********************
17- يقول: ["وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا" ما هو الفتيل؟ .. ثبُت حسب النظرية الخيطية أن هذا الكوارك أيضاً هو كرة فارغة وفيه حوالي ألف خيط من خيوط الطاقة وبينها فراغات، فإذا كان الفتيل هو أحد هذه الخيوط معنى ذلك أن الله لا يظلم أصغر من الذرة بـ 100 مليون مرة.]

نقول: لم يثبت أي شيء فيزيائي بالنظرية الخيطية!! ... فمن أين جاء هذا الرجل بهذا الإثبات المزعوم. ... إنها نظرية فيزيائية موهومة لم تستطع بعد  أكثر من 30 سنة أن تزعم إثبات أي شيء، حتى أنها تم تصنيفها مؤخراً على أنها نظرية رياضية وحسب. أما قوله بأنها أثبتت أن الكوارك كرة فارغة، وفيها 1000 خيط، وبينها فراغات، فهذا مثل أن يزعم إنسان أنه ثبت وجود جِنٍّ يلبس ثياباً خضرا عليها 19 زراً مذهباً، وكل زر منها به كرات زمرد أخضر. بمعنى أنه كذب على كذب على كذب على كذب، فلا هو رأي جناً فضلاً عن أن يكون لباس هذ الجن أخضراً وذو أزرار مُذهَّبة، وأزراره محشوة بالزمرد. 

ونقول له، لو أنك صادق، فدلنا على هذا الإثبات الذي زعمت، وإن لم تفعل، فاحكم على نفسك بنفسك.


--------------------------------------------------------------------
زعم أن قول النبي (ص) "أوتيت علوم الأولين والآخرين" نتج عن تأثيرات نسبوية تعرض لها في دخوله الثقب الأسود وو..!!


18- يقول: [ثبت حالياً بعد عام 1971، أوجدوا الثقوب السوداء]
نقول: القصة ليست ثبت ولا أوجدوا ولا عام 1971. وإنما أنها تنبؤ كان له إرهاصات منذ القرن الثامن عشر على يد جون ميتشل وتحديداً سنة 1784 في التنبؤ بكتلة نجم عظيم تصل من الكبر إلى الحد الذي يجب أن تصبح سرعة الهروب من جاذبيته هي سرعة الضوء، وعند الوصول إلى نجم بهكذا كتلة فإنه لا شيء يمكن أن يهرب منه ولا حتى الضوء. ثم جاءت النظرية النسبية العامة لأينشتاين وبدأ تعيين الخصائص الجرمية لمثل ذلك الجرم بحلول معادلة أينشاين، وأهمها حلول شفارتزشيلد، والتي تعين فيها نصف قطر ذلك الجرم وسُمِّي بنصف قطر شفارتزشيلد سنة 1924. وتواصلت الدراسات النظرية فيما بعد. وفيما يخص التسمية (الثقب الأسود) فقد اقترحها أحد الطلبة سنة 1967 في محاضرة لـ جون وييلر، فأعجب بها وييلر وتبنَّى الاسم (الثقب الأسود) ونادى به. وليس هناك ثبات قطعي لشيء، أكثر من تحليلات الأرصاد عن حركة النجوم في المناطق الوسطى من المجرات، وأنها تعاني من تأثير جاذبية مفرطة توحي بصدق التنبؤ بما يمكن أن يكون ثقباً أسود في وسط كل مجرة، أو ربما أكثر. أما العام 1971 فليس عاما مميزا لا في ثبات ولا في إيجاد للثقب الأسود.  
*******************
19- يقول: [القرآن الكريم منذ 1400 عام قال لنا أنه يوجد ثقوب سوداء وسمَّاه الطارق.]
نقول: ما قاله القرآن هو "وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)". وتصبح مسألة التعرف على الطارق أهو هو (الثقب الأسود) أم لا مسألة اجتهادية منفتحة على مزيد من العلم والتحقيق. فالآيات صرحت بصفة الثقب للنجم الطارق، ولكن لم يصحبها سواداً. كما أن القرآن صرح بصفة الطرق، غير أن الثقوب السوداء لم تشمل هذه الصفة إلا فيما يُسمى  النجوم النابضات pulsars والتي اكتشفت سنة 1967 وتم التعرف عليها على أنها نجوم نيوترونية دوراة وليست من النجوم التي حملت اسم الثقوب السوداء صراحة.  .. وهكذا تواصلت الدراسات وما زالت، وليس هناك من تأكيد على أن الوصف القرآني (الطارق الثاقب) هو هو (الثقب الأسود) وهل هذا الأخير يشمل أو لا يشمل (النجم النيوتروني النابض الدوار) فينطبق عليه صفة الطرق صراحةً. لذا فالتصريح بالإثبات الذي سمعناه تهور ورعونة، بما يمكن أن يكون خلاف الحق. هذا فضلاً عن نقل أخبار مشوشة وخاطئة في محتواها.
*******************
20- قال: [فحينما قال (الله تعالى) والسماء، ماذا يعني السماء؟، مواقع النجوم، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم.]
نقول: هذا خلط بين قَسَمَيْن، يمكن أن يدخل الثاني (القَسَمْ بمواقع النجوم) في الأول  (القَسَمْ بالسماء) بالاشتمال، ولكنهما مختلفين. ولا يجوز شرح أحدهما بالآخر، إلا إذا كان على سبيل تعديد آيات السماء، والذي تصبح مواقع النجوم في مقدمة هذه الآيات. ولكن سياق الكلام لم يستدع ذلك. وإذا أراد الرجل أن يقول أنه أينما جاء قسماً بالسماء فمعناه مواقع النجوم، وعندها سيكون خطءاً منه فادح. لذا نراه يدخل الأمور في بعضها بما لا داعي له،وبما يشوش المعاني على المستمعين له.  
*******************
21- يواصل ويقول: [والسماء .. والطارق، فالقسم بالطارق يعادل القسم بالسماء كلها.]
نقول: هنا يتجلَّى خطأ التفسير. فالواو تفيد هنا المغايرة. فالقسم بالطارق لا يعادل القسم بالسماء في معنييهما، فالطارق بعض من السماء ولا معادلة بينهما، ومثلها مثل المعادلة بين كوكب الأرض والمدن الكبرى المسماة بعواصم البلدان، وهو خطأ لا شك فيه. وإن أراد أن يوحد الرجل بين مواقع النجوم في رقم (20) السابقة، والنجوم الطوارق بعينها، فهذا خلط ثالث. ومنه يتبين أن الرجل مشوش.
*******************
22- يقول: [الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم أوجد أول اكتشاف عملي للثقوب السوداء، منذ معجزة الإسراء والمعراج. يقول حالياً العلم الحديث أنه حول الثقب الأسود يوجد منطقة تسمى أفق الحدث. قالوا إذا تمكن إنسان ما .. يتحرك أقل شيء بسرعة الضوء 300000 كم/ث (أو بسرعة الضوء) من عبور أفق الحدث، قالوا سيمر عليه كل الماضي وكل المستقبل بلحظات؛ أي يرى الكون من بدايته إلى نهايته كشريط سينمائي. فحينما عاد صلى الله عليه وسلم وقال: (أوتيت علوم الأولين والآخرين) يجب أن نبصم له بالمئة أنه فعلاً عبر هذا الأفق بكامل جسمه الشريف، جسماً وروحاً وعقلاً، .... ]
نقول: أولاً، التصريح بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوجد (أول اكتشاف عملي للثقوب السوداء) تصريح كله رعونة يجب الا تمر هكذا بسلام، لأنه يدخل في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى لو صدق هذا الرجل في تحليلاته للظواهر الطبيعية المتعلقة بالمسألة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن في الإسراء والمعراج منتقلاُ بقوانين الفيزياء التي يمكن أن نعهدها لأنه حتماً سيكون عندئذ مقيداً بسرعة الضوء، والتي يستحيل معها اجتياز السماء والعودة في نفس الليلة، وذلك لأن سرعة الضوء هي سقف السرعات الطبيعية، ولا يستطيع الفيزيائيون وعلماء الكونيات أن يأخذوا في اعتبارهم ما هو أعلى منها وإلا لانهارت قوانين الفيزياء الراهنة جميعا. 

فإذا أضفنا إلى ذلك أن علي منصور كيالي أخطأ في فهمه لما تكلم عنه، من حيث زعمه بمرور التاريخ الإنساني على المار عبر أفق الحدث. فهذا خطأ جسيم في الفهم، والحاصل هو أنه في حالة اجتياز هذا الأفق بسرعة الضوء فإن الزمن سيتوقف تماماً - مثلما تتوقف عقارب الساعات عن الحركة - (هذا لو صدقت النظرية النسبية في بطء مرور الزمن على الأجسام الجاسئة كما الذرية)، وليس أنه سيستعرض الماضي والحاضر والمستقبل. فهذه المقولات ليست إلا أوهام الخيال العلمي الغارق فيه الرجل حتى اذنيه، ومولع به أشد الولع ويحسبه هو العلم! والحاصل أنه في هذه الأمور لا هو عالم ولا حتى طالب علم، بل هو شخص مبهور ومندهش وفي حالة من الانتشاء المضل. فهنا نقول له: اتق الله يا رجل، وعليك أن تدرس الفيزياء دراسة أكاديمية قبل أن تتحدث فيها. فأنت لا تعلم عم تتكلم فيه! فضلاً عن أنك تلبس هذا التخبط في الفهم بتفسير آيات القرآن، والكذب على النبي صلى الله عليه وسلم وما أوتي من ربه من معجزات وإكرامات. 

ويحق لنا أن نسأل الرجل: إلى أي مدى سيقوم بتطبيق قوانين الفيزياء التي استخدمها (استخداماً خاطئاً) في وصف دخول النبي صلى الله عليه وسلم إلى الثقب الأسود؟ّ .. فالداخل إليه بحسب هذه القوانين لا يعود، وإذا دخل بهذه السرعة يجب أن تكون كتلته لانهائية، و... إلخ ... فهل سيواصل الرجل تطبيق هذه القوانين علي النبي صلى الله عليه وسلم؟! .. لا أحسبه سيجرؤ. وإلا سيكون قد صك رأسك بأشد الجدران صلابة. وإذا توقف عند حد، فأي علمِ قرر له هذا الحد؟! .. قبل الدخول أم بعده؟! ... وإذا قال بأن الثقب الأسود ليس إلا فتحة معبر إلى الطرف الآخر من الكون، فسنقول له: استيقظ يا رجل، وكف عن مشاهدة أفلام الخيال العلمي التي خلطت نومك بيقظتك، وأحلامك بأيامك.

وإذا أضفنا إلى ذلكم الخطأين خطأً ثالثاً، وهو التسوية بين عرض شريط سينمائي من الماضي إلى المستقبل، وقول النبي صلى الله عليه وسلم (أوتيت علوم الأولين والآخرين) فهذه تسوية فاضحة لفهم قائلها! .. فهل رؤية تاريخ الأرض من أوله إلى آخره هو هو العلم بعلوم أهلها؟! .. بالطبع لا. إلا إذا كان السفر بطائرة فوق مدينةٍ ما يكافئ العلم بما أُلقي في جميع جامعاتها من محاضرات ساعة مرور الطائرة، وما طبع في مطابعها من كتب، وما صنع في مصانعها من تقنيات. وهذا القول الأخير لا يصدق به إلا أبله. ولعله في مرة تالية نسمع له يقول أن قول النبي (أوتيت جوامع الكلم) يعني أنه صلى الله عليه وسلم قد أودع في قلبه معاجم لغات البشر جميعاً إلكترونيا يوم ضمه جبريل عليه السلام وقال له إقرأ، ويصبح كل ما آتاه الله قد تم بأعاجيب (علي منصور كيالي) التي أملاها عليه وهمه بألفاظ يحسبها الظمآن للعلم علما. ومن المؤكد أنه لا الحاضرين أمام (علي منصور كيالي) ولا مشاهديه على اليوتيوب بُلهاء حتى يُصدقوا بمثل هذا التُّرّهات، وإلا أصبح دينهم لعبة في يد الجهلاء. وإن كان بعضهم كذلك، فهم مستحقون بأن يوصفوا معه بأن الرجل قد غرر بهم عن جهل وألبس عليهم دينهم فضلُّوا في أفهامهم. وعندئذ ينطبق على هذا الرجل أنه ضال مضل. 

لذا وجب إيقاظ الناس عن غفلتهم من الوقوع في براثن الضالين باسم العلم، وتحت ستار تعظيم كتاب الله تعالى ونبيه الكريم. أللهم قد بلغت، .. أللهم فاشهد. 
*******************
23- يقول: [تحدث القرآن الكريم عن الملكوت، "وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ". إبراهيم عليه السلام لم يحصل لديه معجزة الإسراء والمعراج، فكيف رأى ملكوت السموات والأرض؟، ... رسولنا الأعظم عليه الصلاة والسلام حين ذهب إلى القدس، يعني إلى المطار الكوني. (يراجع الرد على ذلك في رقم 4 أعلى) فصعد داخل الملكوت، لم يصعد مكشوفاً، هناك فرق بين أن أصعد على سلم ثابت أو أدخل ضمن سلم متحرك، يعني المكان يتحرك بالشخص، والشخص ثابت، أو المكان ثابت والشخص يتحرك فيه. صعد صلى الله عليه وسلم في هذا الملكوت فأصبح سيد الموقنين، إبراهيم عليه السلام رأى هذا الملكوت فكان من الموقنين.]

نقول: أي سامع لهذا الكلام يفهم أن الملكوت مكان أو شيء يحتوي من يدخله ويصعد به كالمصعد. وأن إبراهيم عليه السلام رأي هذا المصعد الملكوتي، ولم يصعد فيه. أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخله وصعد به. 
نقول: هذا كلام مردود، لا يقوم على أي نقل صحيح ، ولا علم معتبر. وأن قائله يحمل من الوزر ما الله به عليم، وأن مصدقه أبله، يترك المضلين يتلاعبون به في فهم دينه ويوهمونه بالضلالات.

ثم أن التمييز بين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام على النحو الذي سمعناه تمييز سقيم، ولا مبرر له، وخاصة إذا بناه صاحبه على أوهام كالتي سمعناها.
*******************
24- يقول: [بدأت الفيزياء تتحدث عما يُسمى الثقب الدودي (رددنا عليه في رقم 3 أعلى)، فقالوا هذا الثقب يصل بين نقطتين بعيدتين جدا جدا في الكون وخلال ثوانٍ قليلة. حين ذهب صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى وعاد .. إذا فعلاً عبر من أقصى الكون إلى سدرة المنتهى (يقصد في هذا الثقب الدودي) وذلك حسب نظرية الإلتفاف. العلم حالياً عاد إلى نظرية الإلتفاف وليس الصعود المباشر. المسلمون هم الوحيدون في العالم الذين يحققون نظرية الإلتفاف عكس عقارب الساعة بالطواف الشريف حول الكعبة ..  ]

نقول: هذا الذي سمعناه خلط وتضليل. فالقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم صعد على هذا النحو قول بلا علم، لا ديني ولا دنيوي. والقول بأي علاقة بين ذلك الوهم المسمى بالثقب الدودي وما سماه نظرية الإلتفاف ليس إلا تشبيك وهم بوهم. لأنه لا توجد نظرية اسمها الإلتفاف ولا عاد لها العلم ولا أنه ترك شيئا اسمه كذلك. ويجب التمييز بين الحركة المنحية في الكون لأي متحرك، وهو حق، ويطابق وصف القرآن للحركة في السماء بالعروج، وبين ما يتخبص به هذا الرجل ويسميه نظرية الإلتفاف. كما يجب التمييز بين حركة الأجرام في مدارات، وهو أمرٌ محقق، وما يطابقها في القرآن من قول الله تعالى "كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ". لذا فلا نظرية التفاف ولا شيء مما يتوهمه هذا الرجل ويتشدق به أمام الناس. 
ونعوذ بالله أن نقول على الله بغير علم.

---------------------------------------------------------------------------------------------
زعم أن (كتاب مرقوم) يعني (كتاب رقمي digital) وهو خطأ لغوي فادح ..!!




---------------------------------------------------------------------------------------------
زعم أن الجبال أوتادا لتثبيت الغلاف الجوي .(وهو من شنائع القول فيزيائيا).!!
وزعم أن توزع القارات على سطح الأرض هو المسبب لميل محور دوران الأرض ... (وهو قول يستحق عليه التوبيخ العلمي ويقال له اصمت خيرا لك ولأبنائنا)!!!
وزعم أن مد الأرض في الآخرة سيجعلها كالفطيرة (وهو تصور لم أجد أسخف منه فيزيائيا)






---------------------------------------------------------------------------------------------
أخطأ في تفسير الشفع والوتر (علمياً) ..!!






---------------------------------------------------------------------------------------------
زعم أن طلوع الشمس من مغربها يرجع لقذيفة تضرب الأرض ..(ولو حدث ذلك لدُمِّر سطح الأرض وأسباب الحياة عليها تماماً .. وهو خلاف سياق حديث طلوع الشمس من مغربها، والذي يتضمن سير الحياة بشكل طبيعي إلا من طلوع الشمس من الغرب)!!




---------------------------------------------------------------------------------------------
جملة من الأخطاء: زوجين اثنين، طي السماء، دوران الزمان، الكون المضاد وو..!!





---------------------------------------------------------------------------------------------
جملة أخطاء حول مزاعمه عن الزمن والزمان في القرآن ..!!





---------------------------------------------------------------------------------------------
والقائمة طويلة طويلة.  ..!!
فليحذر الناس من هذا الرجل ... فلا علم عنده ... ولا يصح من كلامه إلا أقل القليل









يستكمل، 

حيث أمامنا لهذا الرجل أخطاء لا يعلم عددها إلا الله !!! 


الخميس، 10 أغسطس 2017

حوار حول ضوابط التفسير العلمي - يضعها خصومه

حوار حول ضوابط التفسير العلمي لآيات القرآن الكريم والسنة الصحيحة

بقلم: عزالدين كزابر
بسم الله الرحمن الرحيم
افتتح أحد أعضاء ملتقى أهل التفسير وعلومه (اسمه: مسعود محمد محمود) موضوعاً بسؤال طرحه يمثل عنوان الموضوع، هو:



وفي رأس الموضوع، قال مسعود محمد مسعود:


هناك من تستهويه تفاسير الإعجاز العلمي للقرآن الكريم حتى أنه يراها كالقول الفصل في مراد الله تعالى من آياته.. وهناك من يرفض هذه الظاهرة رفضا باتا , ويراها تفسيرا ظنيا , وحملا لمراد الله عز وجل على مقاصد " مؤقتة" , ليس لها حظ من الدليل.ولكل منهما ملاذا في إختلاف كلام أهل العلم حول هذه الظاهرة المحدثة. 


- لهذا أهيب بإخوتي من أهل الإختصاص التواصل مع الموضوع لبيان " الضوابط العلمية" من جهة , والراجح من أقوال أهل العلم في هذا الموضوع الخطير , حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود منه. وشكر الله سعيكم ..وبارك في علمكم.

وبعد عدة مشاركات من أعضاء الملتقى يعرضون عددا من المؤلفات في الموضوع، شاركت برأيٍ أتحفظ فيه على المسارعة في وضع ضوابط للتفسير العلمي في مرحلته الراهنة وقلت:

بسم الله الرحمن الرحيم

إن التفسير العلمي - بمعنى تفسير آيات القرآن بمستجدات العلوم ذات العلاقة - علمٌ جديد.
ولا يُطلب ضبط علم جديد وهو في مهده، وإلا كان واضع الضوابط على علم به قبل نشأته، وهذا تناقض. (ومن توهم أنه أحاط علماً بكل شيء في كتاب الله تعالى، وسعى في ضبط ما لا يعلم - أي: ما لم يولد بعد، فيسعى في وصف خلقته - فلا يؤبه لوهمه، ولا يُلتفت لضبطه.)

فإن قيل: وكيف يتميز الحق من الباطل فيه؟!
فيجاب: بالتحقيق والمناظرة والترجيح بين حجج المؤيدين والمعارضين، وفي مسألة مسألة. ولا يقال: كل مجتهد مصيب، فتتعارك المتناقضات في نفس الباحثين، وينطمس الطريق.

فإذا ما تراكمت المسائل تُصنّف، والحجج تُهذب، والخلل يُركم، والصواب يُفرد، وتتضح الصورة، ثم تزداد وضوحاً مع التراكم المعرفي.
وعندها، يُقيّم العلم، وتظهر الضوابط، وتفرض نفسها بنفسها، باعتبارها المسالك التي أثمرت الراجح، ودرأت المرجوح، فتصبح منارات يهتدي بها المتعلمون لهذا العلم الجديد، ويُلجم به المتخرصون، المبهورون المنبهرون.

والخلاصة: أنه يجب تحقيق مسائل التفسير العلمي مسألة مسألة، وعلى مستوى التخصص البحثي، وليس الدعوي، ولا الإعجازي، ولا التعليمي. وهذا يستدعي الجمع بين علم التفسير بضوابطه العامة (غير المذهبية ولا الثقافية التاريخية)، جنباً إلى جنب مع التخصصات الدقيقة في مباحث العلوم الحديثة، وعلى المستوى الاجتهادي التحقيقي، وليس مستوى أصحاب الثقافة العلمية الصبيانية .. وهنا يستعصي الأمر على الباحثين الجادين، لأن التأهل لكلا الجانبين (الشرعي والعلمي البحثي) معدوم في المعاهد البحثية في زمننا هذا، إلا ممن ندب نفسه لذلك باجتهاد شخصي، وهذا نادر جدا.

والنتيجة: أن أكثر ما نسمع من تفسير علمي حتى الآن، فهو من قبيل التهافت أو اللغو، وهنا أمثلة لذلك (في باب أطروحات متهافتة في التفسير العلمي)، وما وراءه أكثر وأكثر، ولا يصح مما نُشر في التفسير العلمي إلا أقل القليل.

هذا والله تعالى أعلم،

فعقّب أحد أعضاء الملتقى (اسمه البهيجي) وقال:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...الأستاذ الفاضل عز الدين كزابر جزاكم الله تعالى خيرا..
أرغب بالتعليق على قولكم:
(ولا يُطلب ضبط علم جديد وهو في مهده)
الأستاذ المحترم ان مقصود من أراد وضع ضوابط للتفسير العلمي هو إحاطته بقيود علمية كي لا يقع من يبحث فيه بمخالفة أصول وقواعد علم التفسير وهذا الامر جيد ومفهوم...وخاصة فيما يتعلق بالمصطلح القرآني لإن البعض يتعجل بالقول عندما يلاحظ تطابق بين المصطلح القرآني والمصطلحات العلمية التجريبية...فلابد من ضبط ما عناه القرآن بلفظة معينة قبل ان نبحث بعلاقتها بالعلم التجريبي...ولنذكر مثلا لذلك ففي قوله تعالى (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُوم
)(الواقعة- 75) 

قال الطبري:(وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَلَا أُقْسِمُ بِمَسَاقِطِ النُّجُومِ وَمَغَايِبِهَا فِي السَّمَاءِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوَاقِعَ جَمْعُ مَوْقِعٍ ، وَالْمَوْقِعُ الْمَفْعِلُ مِنْ وَقَعَ يَقَعُ مَوْقِعًا ، فَالْأَغْلَبُ مِنْ مَعَانِيهِ وَالْأَظْهَرُ مِنْ تَأْوِيلِهِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ ، وَلِذَلِكَ قُلْنَا : هُوَ أَوْلَى مَعَانِيهِ بِهِ) إنتهى.

وقال الأستاذ زغلول النجار:(ومواقع النجوم هي الأماكن التي تمر بها في جريها عبر السماء وهي محتفظة بعلاقاتها المحددة بغيرها من الأجرام في المجرة الواحدة‏,‏ وبسرعات جريها ودورانها‏,‏ وبالأبعاد الفاصلة بينها‏,‏ وبقوى الجاذبية الرابطة بينها‏,‏ واللفظة: مواقع جمع موقع يقال‏:‏ وقع الشيء موقعه‏,‏ من الوقوع بمعنى السقوط‏.‏


والمسافات بين النجوم مذهلة للغاية لضخامة أبعادها‏,‏ وحركات النجوم عديدة وخاطفة‏,‏ وكل ذلك منوط بالجاذبية‏,‏ وهي قوة لا تُري‏,‏ تحكم الكتل الهائلة للنجوم‏,‏ والمسافات الشاسعة التي تفصل بينها‏,‏ والحركات المتعددة التي تتحركها من دوران حول محاورها وجري في مداراتها المتعددة‏,‏ وغير ذلك من العوامل التي نعلم منها ولا نعلم...!!!


وهذا القَسم القرآني العظيم بمواقع النجوم يشير إلى سبق القرآن الكريم بالإشارة إلى إحدى حقائق الكون المبهرة‏,‏ والتي مؤداها أنه نظراً للأبعاد الشاسعة التي تفصل نجوم السماء عن أرضنا‏,‏ فإن الإنسان على هذه الأرض لا يري النجوم أبدا‏ً,‏ ولكنه يري مواقع مرت بها النجوم ثم غادرتها‏,‏ وفوق ذلك أن هذه المواقع كلها نسبية‏,‏ وليست مطلقة‏,‏لأن الضوء كأي صورة من صور المادة والطاقة لا يستطيع أن يتحرك في صفحة السماء إلا في خطوط منحنية، وعين الإنسان لا ترى إلا في خطوط مستقيمة وعلى ذلك فإن الناظر إلى النجم من فوق سطح الأرض يراه على استقامة آخر نقطة انحنى ضوؤه إليها، فيرى موقعا وهميا للنجم غير الموقع الذي انبثق منه ضوءه، فنظرا لانحناء الضوء في صفحة السماء فإن النجوم تبدو لنا في مواقع ظاهرية غير مواقعها الحقيقية، ليس هذا فقط بل إن الدراسات الفلكية الحديثة قد أثبتت أن نجوماً قديمة قد خبت أو تلاشت منذ أزمنة بعيدة‏,‏ والضوء الذي انبثق منها في عدد من المواقع التي مرت بها لا يزال يتلألأ في ظلمة السماء في كل ليلة من ليالي الأرض إلى اليوم الراهن‏,‏ ومن هنا كان هذا القسم القرآني بمواقع النجوم‏,‏ وليس بالنجوم ذاتها)الهيئة العالمية للإعجاز في القرآن والسنة.


فنلاحظ ان المعنى الذي اختاره الطبري يتطابق مع التفسير العلمي الذي ذهب اليه الأستاذ النجار.....فهذا التفسير أراه صحيحاً والله تعالى أعلم.


لكن هل من الصواب ان نقول ان الطاقة الذرية مذكورة في القرآن لمجرد وجود لفظة (الذرة) في القرآن؟ طبعا لا لان معنى لفظة (الذرة) في القرآن لا يطابق ما قصده العلم التجريبي والله تعالى أعلم.

فرددت وقلت:

التفسير الذي اختاره الطبري لمواقع النجوم هو المواضع التي تتخذها النجوم على الأفق قبيل غروبها (حين قال: مَسَاقِطِ النُّجُومِ وَمَغَايِبِهَا فِي السَّمَاءِ) وهذ مختلف تماماً عن تفسير زغلول النجار، والذي أراد من مواقع النجوم مساراتها في السماء (حين قال: هي الأماكن التي تمر بها في جريها عبر السماء). 
وإلى هذا الحد فالصواب في جانب د. زغلول النجار. 

غير أنه لما ذهب يفصل المسألة، ذهب بعيدا بالمعنى عن مراده. وذلك حين أراد أن يعلل القسم، فإذ به يُعلِّقه بعدم علم الإنسان بحقيق المواقع بسبب انحناءات الضوء بقوله: (الإنسان على هذه الأرض لا يري النجوم أبدا‏ً,‏ ولكنه يري مواقع مرت بها النجوم ثم غادرتها) والصحيح أن يقول: (الإنسان لا يرى مواقع النجوم الحقيقية إذا تتبع حركة النجوم، بل يرى النجوم ذاتها في غير مواضعها، بسبب حيود ضوئها الدائم، وظهورها في أزمانٍ قد انقضت.)

ولكن قصر التعليل على عدم العلم بالمواقع لا قيمة لها إذا علمنا بأسباب شديدة القوة في قيمة المواقع. ولتقريب طرف من المسألة، نذكر ما يعلمه مهندسو الإنشاءات المدنية. وذلك حين يريدون هيكلة مبنى ضخم من عشرات الطوابط ومئات الغرف. فإذ بهم يضعون أعمدته الخرسانية في مواضع بعينها وبأحمال مقدرة لكل منه، .. وإذا اختلت تقديراتهم، فالمبنى ينهار. ومثل مواقع هذه الأعمدة من المبنى مثل مواقع النجوم من الكون. هذا لو كان الكون ساكن لا حركة فيه، ولا حياة فيه لنجوم تولد وتكبر وتشيخ وتموت، هذا مع جريان أجرام الكون جميعاً وتقاذف أبعاضه وترابط كواكبه وانتثارها وهويان نجومه والتآمها ووو .. إلخ ... ومع كل هذا يحتفظ الكون ببنيانه .. والسبب في اختيار مواقع أعمدته (نجومه)، والتي إذا لم تكن على ما هي عليه، لانهار الكون كما ينهار المبنى المثال.

والآن: ما هي الضوابط التي كان يمكن أن توضع قبل دراسة مسألة كهذه، في معنى (مواقع)؟ .. الحقيقة أني لا أرى من ضابط يمكن أن يمنع كلام الطبري، مع خطئه، ولا كلام زغلول النجار مع حيوده، ولا يسمح بما ذكرته، رغم رجحانه في تقديري. .. إلا ضابط واحد يأتي لاحقاً بدراسة المسألة لا سابقاً عليها، ألا وهو دراسة المسألة وتحقيقها .. وفقط دراستها وتحقيقها، .. علماً بأن المعاني اللغوية جزء من الدراسة وليست سابقة عليها ولا مستقلة عنها.

هذا والله تعالى أعلم

فرد صاحب الموضوع (مسعود محمد محمود)، وقال:

بارك الله في الأخوين الكريمين "عز الدين كزابر" , والأخ " البهيجي", على مادار بينكما من نقاش , أضاء زوايا, ولكنه طرح إشكالات جديدة مرتبطة بالموضوع.


أرجو أن يتفاعل النقاش أكثر بين الأخوة الكرام , حتى يتبين " الخيط الأبيض من الخيط الأسود" , في هذه المسألة الحديثة , والتي تعد من " مستجدات", إن لم نقل "نوازل" علم التفسير..وعلى الله قصد السبيل..


وإذا كان من المبكر إستعمال لفظ" ضوابط" , كما يذهب الأستاذ "عز الدين", فإن هذا لايعفي أهل الإختصاص من التدخل لوضع " قيود" تحد من هذا "الوضع الهلامي" , الذي يمنح الفرصة لكل " من هب ودب" أن يدلي برأيه في إسقاط آيات الله تعالى على ماشاء من الظواهر العلمية والكونية ..


فشارك عضو جديد بالموضوع (اسمه: علي سبيع)، وقال:


بسم الله الرحمن الرحين
أخي مسعود جزيت خيرا علي هذا الطرح المهم .فمتابعة الآية الكونية المشهودة للآية القرآنية المتلوة هي من دلائل الإعجاز في القرآن الكريم.
يقول ابن القيم رحمه الله :البيان نوعان بيان بالآيات المسموعة المتلوة وبالمشهودة المرئية وكلاهما أدلة وآيات علي توحيد الله وأسمائه وصفاته وكماله وصدق ماأخبرت به عنه ولهذا يدعو عباده بآياته المتلوه إلي التفكر في آياته المشهودة.فالرسل تخبر عن الله عز وجل كلامه وهي آياته القولية ويستدلون علي ذلك بمفعولاته التى تشهد علي صحة ذلك. انتهي كلامه
قال تعاليسَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌوقال تعاليوَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
ويقول الشعراوي رحمه الله :يجب أن نفرق بين الحقائق العلمية والنظريات العلمية فالأخيرة من الممكن أن تكون غير مجزوم بها أي يعتريها الشك أو الظن أو الوهم وفي هذه الحالة تتناقض مع الحقيقة القرآنية أما إذا كانت مجزوم بها لا تطابق الواقع فهذا جهل وأما إذا كانت مطابقة للواقع ولا تستطيع أن تقيم الدليل عليه فهذا تقليد و لابد أن يصتطدم ذلك كله بالحقيقة القرآنية أما ماهو مجزوم به واقع و تستطيع أن تقيم الدليل عليه فهذا هو العلم الذي لايمكن أن يتناقض مع الحقيقة القرآنية. 
فهنا أشار الشيخ إلي أهم ضابط وهو تحرى الحقيقة العلمية بمعني أن تكون واقعة مجزوم بها عليها الدليل فعند المقابلة بالحقيقة القرآنية فلا تناقض لأن من أنزل القرآن هو خالق الكون .وأبسط مثال كروية الأرض فهي الآن حقيقة علمية لاشك فيها وشهد علي ذلك شاهد من كتاب الله من 1400سنة قبل أن توجد الأقمار الصناعية وفي وقت سادت فيه الأمية في قوله تعاليوَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ  وفي قوله تعاليوَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ وفيه قوله تعاليوَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا .
فقال (مسعود محمد محمود):
....
أما ماهو مجزوم به واقع و تستطيع أن تقيم الدليل عليه فهذا هو العلم الذي لايمكن أن يتناقض مع الحقيقة القرآنية.
فهنا أشار الشيخ إلي أهم ضابط وهو تحرى الحقيقة العلمية بمعني أن تكون واقعة مجزوم بها عليها الدليل فعند المقابلة بالحقيقة القرآنية فلا تناقض .
**بارك الله في علمك وفهمك أخي الأستاذ الفاضل " علي سبيع"..وكلامك القوي هذا , أضعه أمام من يذهب (يقصدني) إلى أنه لايمكن لأهل الاختصاص -إذا شحذت عزائم الجد فيهم - أن يضعوا ضوابط لهذا العلم الناشيء..وإلا كيف أمكن للشيخ الشعراوي رحمه الله , ومن وافقه , أن يقرروا هذا الضابط الوجيه في "التفسير العلمي لآيات القرآن الكريم..شكر الله لك صنيعك , ووفقك لما يحب ويرضى.
فعقَّبت وقلت:

1- إن ضوابط علمٍ ما أخص من ضوابط العلم الأعم منه، وضوابط هذا العلم الأخير أخص من ضوابط العلم الأشد عمومية، وهكذا.
وحيث أن (علم) التفسير العلمي أخص من علم التفسير (العام)، فضوابط الأول أخص من ضوابط الثاني. 
كما وأن علم التفسير (العام) أخص من علم اللغة، ومن ثم فضوابطه أخص من ضوابط علم اللغة.
كما وأن علم اللغة أخص من عموم الفكر الإنساني، وعليه فضوابط علم اللغة أخص من ضوابط التفكير الإنساني (والتي تسمى المنطق)

فإن أتيت لضابط من ضوابط الفكر الإنساني مثل (رفع التناقض)، وتجاوزت به عموم ضوبط الفكر الإنساني، إلى خصوص علم اللغة، ثم إلى خصوص علم التفسير العام، ثم إلى خصوص (علم) التفسير العلمي. لتدعي به أنك وضعت يدك على أول ضابط من ضوابط (علم) التفسير العلمي. فأنت لم تفعل شيئاً، لأن كل ضوابط العلم الأعم ضرورية الأخذ بها في العلم الأخص، بلا تنصيص ولا ادعاء إبداع، والتي تصبح عندئذ من الضوابط البدهية، أللهم إلا عند العوام، وهؤلاء هم من كان يحدثهم الشيخ الشعرواي بالدرجة الأولى. ولو ذهبت تبني علماً على مستوى العوام، فأنت بحاجة إلى تعليمهم الأبجدية. فهل تُعد ضوابط الأبجدية من ضوابط (علم) التفسير العلمي؟!

إن ضوابط (علم) "التفسير العلمي" الجاري البحث عنها – كما ينبغي أن يفهمها المتخصصون- هي الضوابط الخاصة به، والتي تزيد عن ضوابط علم التفسير العام، التي يجب أن تكون مُضمَّنة بالضرورة في أي علم تفسير فرعي، وبلا إعادة إنتاج، أللهم من حداثة الإسقاط فقط. فرفع التناقض واجب في اشتباه وجوده بين آيات القرآن بعضها وبعض، وواجب في اشتباه وجوده بين آيات القرآن والحديث الصحيح، وواجب في اشتباه أو حصول وجوده بين أفهام الصحابه عليهم رضوان الله تعالى إذا أصابوا، وواجب في كلام كل عاقل، وإلا كان كلامه مجافياً للعقل.

وبناءاً عليه لا يكون رفع التناقض من قائمة ضوابط (علم) التفسير العلمي، إلا أن يقال:
ضوابط علم "التفسير العلمي" هي ضوابط "علم التفسير العام" + (أ، ب، ج، ..)
وما بين القوسين هي الضوابط الجاري البحث عنها. وهي التي أعنيها بالغياب في هذه المرحلة المبكرة، إلا بعد التقصي والبحث والتراكم العلمي الكافي في عيون مسائل التفسير العلمي.

2- أما ما ورد من ألفاظ (الحقيقة القرآنية) و(الحقيقة العلمية"الطبيعية") في كلام الشعراوي رحمه الله، فقد يُفهم منها أنها على قارعة الطريق، وفي متناول يد من شاء وقتما يشاء، وهذا غير صحيح. ولو كان الأمر كذلك، لما تأخر التفسير العلمي إلى زمننا هذا حتى تُكتشف كلتا الحقيقتان. بل الحق يقال (عن تجربة) أن القول بأن هذا المعنى أو ذاك هو حقيقة قرآنية - ومثله الحقيقة الطبيعية - هو أمر من أشد إشكالات هذا العلم الجديد. وهو مجال البحث والاجتهاد في مسائله، والذي بدونه لن يُعلم أهي حقائق أم ظنون أم جهالات. والنتيجة أن البحث العلمي يجب أن يسبق الحكم على أي زعم بحقيقة قرآنية أو حقيقة طبيعية، وما كان كذلك، وجب أن يسبق تطبيق قاعدة رفع التناقض، في ضبطها له، لا أن يسبق هذا الضابط توفر الحقيقة، والتي يصبح معها عندئذ ضابط بلا موضوع.

هذا والله تعالى أعلم.
فكتب (مسعود محمد محمود)، وقال:

الاقتبـــــــــــــاس:
بسم الله الرحمن الرحيم

....فإن أتيت لضابط من ضوابط الفكر الإنساني مثل (رفع التناقض)، وتجاوزت به عموم ضوبط الفكر الإنساني، إلى خصوص علم اللغة، ثم إلى خصوص علم التفسير العام، ثم إلى خصوص (علم) التفسير العلمي. لتدعي به أنك وضعت يدك على أول ضابط من ضوابط (علم) التفسير العلمي. فأنت لم تفعل شيئاً، لأن كل ضوابط العلم الأعم ضرورية الأخذ بها في العلم الأخص، بلا تنصيص ولا ادعاء إبداع، والتي تصبح عندئذ من الضوابط البدهية، أللهم إلا عند العوام، وهؤلاء هم من كان يحدثهم الشيخ الشعرواي بالدرجة الأولى. ولو ذهبت تبني علماً على مستوى العوام، فأنت بحاجة إلى تعليمهم الأبجدية. فهل تُعد ضوابط الأبجدية من ضوابط (علم) التفسير العلمي؟!

المناقشـــــــــــــــة:
...............
ولكن الشيخ الشعراوي رحمه الله في مجالسه, لايكتفي فقط بإثارة " المسائل"الموجهة للعامة, بل كثيرا مايتطرق إلى الكلام في مسائل " خاصة", ثم أن رواده ليسوا عواما فقط , بل فيهم " المتميزينن "..وعلاوة على هذا, مالعيب إذا أمكن للشيخ أن يبسط الكلام في مجلس عام عن مسألة علمية؟ , فأنا أرى أنه لايضره , ولايضر الحقيقة العلمية أبدا, أن تفصل , فتبين بلغة عادية , ولو كان ذلك مجردا عن مصطلحات الفن والتخصص, وقد كان علماء الإسلام مثل شيخ الإسلام " ابن تيمية" يلقي دروسه في الفقه, والعقيدة, وغيرها في مجالس عامة بالمساجد.وكلامالشعراوي رحمه الله واضح, في أنه لاينبغي أن يعول في التفسير العلمي على مجرد " النظريات العلمية", بل لابد من ثبوت " الحقيقة العلمية", التي يدعمها الحس, والنواميس الكونية, والعقل,مثل كون الماء يتكون من"H2o", أي من ذرتين هيدروجين +ذرة أوكسيجين.
هذا وإنني شاكر لك أخي على مداخلتك المباركة , المفيدة, وعلى ماتفضلت به من بيان.. 
هذا ولا أدعي شيئا حتى لايقال "ادعيت من غير داعي" , ولكنني " طالب حقيقة", يبحث عنها وسط جهود إخوته .

فعقبت وقلت:

عندما قلت: [من كان يحدثهم الشيخ الشعرواي بالدرجة الأولى هم العوام. ...
قصدت منه أنه رحمه الله كان يتنزل بالمعاني إلى مستوى العوام وأدوات الفهم البسيطة التي تلائمهم، وهذه الأدوات لا تصلح أن تكون ضوابط للباحثين المؤهلين، وإنما هي محض بدهيات. 

وأستنكر أي علاقة تضاد بين مقصدي هذا مع العبارات الآتية التي جاءت في المداخلة السابقة؟!
1- الشيخ الشعراوي رحمه الله في مجالسه, لايكتفي فقط بإثارة " المسائل"الموجهة للعامة, بل كثيرا مايتطرق إلى الكلام في مسائل " خاصة".
2- رواده ليسوا عواما فقط , بل فيهم " المتميزينن ".
3- وعلاوة على هذا, مالعيب إذا أمكن للشيخ أن يبسط الكلام في مجلس عام عن مسألة علمية؟ ... إلخ
ولم يكن في كلامي أي خدش لمنهج الشعراوي الذي هو منهج تعليمي pedagogy على أعلى المستويات. 

أما تعليقي عن الحقيقة القرآنية والحقيقة العلمية فقلت فيه: [ما ورد من ألفاظ (الحقيقة القرآنية) و(الحقيقة العلمية) في كلام الشعراوي رحمه الله، قد يُفهم منها أنها على قارعة الطريق، وفي متناول يد من شاء وقتما يشاء، وهذا غير صحيح. ...] أي غير صحيح لمن يفهم هذا من كلام الشيخ الشعراوي، وليس أنه كلام غير صحيح من الشعراوي، لأنه لم يقصده.

وأستغرب أيضاً، عن العلاقة بين قولي هذا، وبين العبارة الاتية التي جاءت في المداخلة السابقة:

كلام الشعراوي رحمه الله واضح, في أنه لاينبغي أن يعول في التفسير العلمي على مجرد " النظريات العلمية", بل لابد من ثبوت " الحقيقة العلمية", التي يدعمها.
لأن مقصدي من عبارتي هي: أن طريق البحث العلمي طريق وعر، ولا يصل الباحثون فيه إلى الحقيقة القرآنية أو العلمية إلا بعد البحث والدراسة المستفيضة. وغرضي من قولي هذا أن أقدم البحث والدراسة المستفيضة على أي ضوابط تعيق الباحثين المؤهلين. لأن طريق البحث في هذه المجالات (بين القرآن والسنن الطبيعية) لم يُطرق من قبل. فكيف يُنصِّب أحدٌ كلامه (كائنا من كان من محبي وضع الضوابط، دون تعيين) على أنها علامات على الطريق، ومثله مثل طلاب العلم في عدم العلم بهذا المجال الجديد ابتداءا؟! .. فإن جاء بضوابط من علوم أعم، فقد جاء بتحصيل حاصل عند الباحثين المؤهلين، وحشو لا فائدة فيه إلا عند العوام. وهؤلاء وما يُناسبهم من مناهج التفهيم يقعون خارج دائرة البحث العلمي والضبط المنهجي، والتي هي موضوع النقاش.

ويبدو لي أن السؤال الأَوْلَى بالطرح يجب أن ينحصر في متطلبات التأهيل البحثي، للباحثين المفترضين في علم التفسير العلمي، وليس عن ضوابط البحث، وهؤلاء هم المتخصصون الذين يمكن أن ينضج على أيديهم لاحقاً بحث علمي جاد، بعد أن يخوضوا غماره وتُصقل معه قدراتهم، وتظهر لهذا العلم على أيديهم ضوابطه، والتي يسترشد بها طلاب هذا العلم ودُعاته، وتنحسر معه ضوضاء غير المؤهلين، وتهافتاتهم.
فكتب علي سبيع وقال:

بسم الله الرحمن الرحيم
أخي عز الدين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
بالنسبة للشيخ متولي الشعراوي رحمه الله هو علامة مضيئة في عالم التفسير كما تعلم والحقيقة كنت أتوقع منك عناية كبيرة بكلامه نظرا لعملك كباحث ولعمق ماتقدم لنا في باب الإعجاز العلمي.

وكما تعلم إن هذا الباب لايصلح خطابا للبسطاء وعامة الناس إلا أن رب الناس لم ينس أحدا من عموم الناس وخاطب كل علي قدره قال تعالي أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ  فبالعين المجردة وفطرة سليمة تعلم أن لهذا الكون إله واحد قادر وبنظرة مجهرية تحليلية إلى الإبل والسماء والجبال والأرض تصل إلى توحيد الله وقدرته ورب العزة لم ينتظر ضوابط من أحد فلابد أن تحقق الآية الكونية المشهودة الآية القرآنية المتلوة في الوقت المحدد لها قال تعالىسَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
فهذا هو موعود الله عز وجل في آياته ولا بد أن يتحقق والنكتة أن أصحاب العلوم التطبيقية يتسارعون فيها ليس خدمةَََ للقرآن ولا انتصارا لسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بل لبيان قدرتهم وهيمنتهم على الكون وأهل القرآن ينئون عنهم خشية الوقوع في التناقض مع القرآن وإذا بهم يلتقون على مراد الله 
عز وجل ويكون السؤال كيف جاء بهذا رجل أمي من1400سنة في بيئة بدوية ؟ ومن أهل القرآن من يسارع لمقابلة الآية القرآنية بالآية الكونية بغية الانتصار للقرآن وقد يحدث التناقض.هنا قال الشيخ الشعراوي عز وجل رفعا للتناقض اياك أن تقابل النظرية العلمية بالقرآن بل قابل الحقيقة العلمية بالقرآن تسلم من التناقض وهذا ضابط لا يمكن انكاره أو تجاوزه وخلاف ذلك تقابل غير المجزوم به بالمجزوم به ويحدث التناقض فمن يقوم بهذه المهمة ليس من العوام .والسؤال الذي يفرض نفسه ماذا قدمنا من ضوابط حتي نقابل حقيقة كروية الأرض بما لدينا من آيات دالة على ذلك؟ 
فكتبت وقلت:

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

1- ليس محل النزاع (أي موضوع الخلاف) عدم اتفاق حول ما قدمه الشيخ الشعراوي من فكر منير في التفسير العلمي، حتى أُعاتَب في عدم التعريج عليه. ولو كان هذا هو شاغلنا، لاستحق موضوعاً برأسه. وهذ هو ردي على العبارة:
الشيخ متولي الشعراوي هو علامة مضيئة في عالم التفسير كما تعلم والحقيقة كنت أتوقع منك عناية كبيرة بكلامه
2- وليس محل النزاع في صلاحية أو عدم صلاحيته هذا الباب للعوام من الناس، حتى أُنَبَّه عليه، رغم أن لهم نصيباً كبير في الجانب الدعوي منه، ولكن بعد نضوج هذا العلم، وليس قبله. وهذا هو ردي على العبارة:
هذا الباب لايصلح خطابا للبسطاء وعامة الناس إلا أن رب الناس لم ينس أحدا من عموم الناس وخاطب كل علي قدره ..
3- وليس محل النزاع في معنى التناقض، رغم وضوح معناه العقلي، وأنه إن وقع، فحتماً لمخالفة النظرية الطبيعية للحقيقة القرآنية، كما يُفهم من العبارة: 
ومن أهل القرآن من يسارع لمقابلة الآية القرآنية بالآية الكونية بغية الانتصار للقرآن وقد يحدث التناقض
رغم أن سبب التناقض في كثير من هذه الحالات، أن يكون المتصدر لها غير محيط إما بمعنى الآية، أو بالموضوع العلمي، أو بجرأته على كليهما رغم قلة بضاعته أو انعدامها فيهما جميعاً! .. هذا في وقت يمكن أن ينتفي فيه ذلك التناقض إذا تأهل لها المتخصصون في طرفي المعادلة (معانى الآيات، والتفسير العلمي لها) وعالجوها بما تستحقه من حِرفيَّة.

4- وليس محل النزاع – حتى هذه اللحظة - هو العلاقة بين اليقين والظن (أي الحقيقة والنظرية) في "التفسير العلمي"، حتى يُقطع ببطلان الظن الراجح، والذي لو اعتمد ذلك - من يريد أن يعتمده - لقطع ببطلان كثير من محتوى التفاسير المعتمدة، وأغلب الأحكام الفقهية!! .. وهذا هو ردي على العبارة:

قال الشيخ الشعراوي رفعا للتناقض اياك أن تقابل النظرية العلمية بالقرآن بل قابل الحقيقة العلمية بالقرآن
5- وليس محل النزاع هو مناقشة التنافس على تفسير القرآن بين التطبيقيين والشرعيين من المنظرين والدخول في نوايا ودوافع ومزاعم كل طرف. فهذه مسألة تقتضي موضوعاً برأسه، ومؤلَّفاً يعالجها ليقضي بحقِّ بين حزبين متنافسين، وبينهما شجارٌ تحت الرماد. وهذا هو ردي على العبارة: 
أصحاب العلوم التطبيقية يتسارعون فيها ليس خدمةً للقرآن ولا انتصارا لسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بل لبيان قدرتهم وهيمنتهم على الكون وأهل القرآن ينئون عنهم خشية الوقوع في التناقض مع القرآن.
6- نعم، لم يكن أي من النقاط السابقة محل نزاع حتى الآن، وإنما محل النزاع الراهن والقريب والذي أنا بصدده في هذه المسألة هو دفاعي عن: أن مبدأ رفع التناقض ليس من ضوابط التفسير العلمي، من حيث هو تفسير علمي، وإنما هو من ضوابط الفكر الإنساني السابق للتخصص العلمي. ومن ثم لا ينبغي أن يُنص عليه في دائرة ضوابط التفسير العلمي (التي يطمح السائل الوصول إليها)، من حيث هو علم خاص. ومحل النزاع هذا يدخل في محل نزاع أرحب، وقد صدَّرت به كلامي في أول مداخلة، ألا وهوضبابية سماء التفسير العلمي في مرحلته الراهنة، والتي لا يجوز معها وضع ضوابط إلا بعد دراسات مستفيضة، ثم استقراء نتائجها، فتكون منارات لأي ضوابط مقترحة لاحقاً. 

7- ويبدو لي من هذا الاستعراض التحليلي ، وخاصة ما أماط عنه أخي المحاور اللثام في العبارة المقتبسة أعلى والتي أعيدها مرة أخرى هنا لأهميتها، وجاء فيها:

النكتة أن أصحاب العلوم التطبيقية يتسارعون فيها ليس خدمةً للقرآن ولا انتصارا لسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بل لبيان قدرتهم وهيمنتهم على الكون وأهل القرآن ينئون عنهم خشية الوقوع في التناقض مع القرآن.
والتي يتضح منها أن الدافع الرئيسي لوضع (رفع التناقض بين الحقيقتين: القرآنية والعلمية) في صدر ضوابط التفسير العلمي، هو رد الشرعيين – بلسان من يتحدث عنهم بإسم أهل القرآن - لدعوى التفسير العلمي برمتها في وجه التطبيقيين، ومن ينجرف معهم من أهل القرآن، بوضع شرط شبه مستحيل في حقيقته. والمحك في ذلك هو: 
أنه ما لم تكن المسألة العلمية ظاهرة لهم (بلا معاناة من دراسة ولا تخصص علمي ولا اجتهاد تطبيقي في العلوم الحديثة) فهي ليست مجزوم بها عندهم، أي: ليست بحقيقة علمية، أي: لا ترتقى للمقابلة مع الحقيقة القرآنية، .. أي ... مردودة. ... وبهذا يرتاح بال الشرعيين (الذين يفكرون بهذه الطريقة) .. وعلى أسس منهجية لا غبار عليها – في ظنهم – وهذه الأسس هي (ضوابط التفسير العلمي). 

ولو صدق تحليلي هذا، وهو ما يمكن أن يصل إليه كل قارئ لما سطره أخي المحاور، فيستضح أن الغرض من وضع ضوابط للتفسير العلمي – على النحو الجاري الدعوة إليه - ليس خالصاً، بل له غرض نزاعي بين التطبيقيين والشرعيين، حتى وإن كان بوازع حفظ معاني القرآن مع سلامة النية (وهما لا يكفيان إن تجردا من الدراسات المُعمّقة). ... وقد أوْجَزَته العبارة المقتبسة أعلاه:

ويحضرني من كلام الشيخ بن باز رحمه في هذه المسألة – وإن كان لا يحضرني موضعه الآن - فهماً عميقاً عادلاً مُنصفا، معناه [ أن من ثبت عنده أن الحق في كذا فله أن يُصدِّق به، ومن لم يثبت عنده فلا حرج عليه في عدم التعويل عليه (ودون مناهضة للآخر).] ويتبع هذا المعنى القيم أن (الحقيقة العلمية) نسبية عند المُنظِّرين، وترجع نسبيتها إلى التخصص والدراسة فقط؛ أي إلى الإحاطة العلمية. ومن يزعم أن الحقيقة العلمية يجب أن تكون مطلقة – مع تجاهل أو إهمال دواعي النظر في تحقيقها – فقد أنكر الغالبية العظمى من حقائق علمية يعلمها المتخصصون، وينكص عنها غيرهم. ... وهذه طامة كبرى، تنحو بطلاب العلم إلى إنكار حق – بحسب ما ينادي به أصحابه - والترويج لنكارته، والتأصيل لذلك في إطار العلم، وفقط لأن صاحب دعوى الإنكار لم يتأهل للإحاطة به! ... ولو بحثنا عن اسم لذلك، فسنجده: (كفران بحق غير مقطوع ببطلانه)، ولا أراه إلا أنه يدخل في معنى قول الله تعالى " بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ .."(يونس: 39) - دون المحكي عنهم في الآية.
ولن يختلف معي عاقل في أن من ينكص عن دراسة ضرورية لتمييز حق من باطل، فعليه أن يتوقف عن الإقرار والنفي جميعاً، وأن يقول: لا أعلم، لا أن يسعى إلى إنكاره، والخوض في نوايا المخالفين، بل والزيادة على ذلك بمحاولة تعميم الإنكار عليه، متعمداً أن يصرف الناس عنه. فإن قال لا أعلم وصمت، فقد أفتى فتوى تامة عادلة. وإن سعى لصرف الناس عما لا يعلم حقه من باطله، فلا ريب في فجاجة خطئه.

8- وأخيراً: للإجابة عن السؤال المطروح من أخي المحاور:

ماذا قدمنا من ضوابط حتي نقابل حقيقة كروية الأرض بما لدينا من آيات دالة علي ذلك؟
أقول: 
صياغة السؤال غير صحيحة، وصحتها هي: 
[ماذا قدمنا من دراسات حتي نقابل حقيقة كروية الأرض بما لدينا من آيات دالة علي ذلك؟]

ويتجلى جلاءاً تاما الخطأ في استبدال (الضوابط) بـ (الدراسات) حيث يصبح العلم – في حصر التعامل معه بالضوابط - من قبيل الوجبات السريعة، أو مُخرجات ماكينات الصرف. وكل ما على الباحث (المنكر لما لا يعلم) أن يفعله هو أن يُخضِع كل مسألة ينكرها إلى ضابط محصور في أفقه المعرفي الحاصر للحقيقة العلمية كما يراها هو، وأن ما وراء أفقه ليس بحقيقة علمية، ومن ثم يجب لفظه .. وبماذا؟ .. (بضوابط! العلم) .. وهكذا يصبح لإنكار العلم – الجائز التحقق منها بالدراسات - مُسوّغ شرعي، وبلا سعي للتحقق منه، بل ينحصر السعي في نشر النكارة عليه بين الناس، وتحت أي مظلة؟! .. مظلة الضوابط العلمية. أي: ينقلب السعي إلى صد عن تدبر معاني كلام الله تعالى! .. وهو أمر لا أستطيع إلا أن أجابهه، وبكل ما أوتيت من قوة حجاجية.

9- والآن، يحق لي أن أسأل أيضاً وبما يكشف عن خلل خفي في فهم (الحقيقة القرآنية) المجزوم بها عند من يظن ذلك (وفي نفس موضوع السؤال عن كروية الأرض)، والسؤال هو:
ما هي (الحقيقة القرآنية) في قول الله تعالى " يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ "(الزمر: 5)؟
مع إنتظار الإجابة!

وأتوقع بالطبع – ومعي القراء الكرام جميعاً - أن تكون الحقيقة القرآنية هنا - لمن يستطيع الإجابة - مجزوم بها في إطار التفسير التقليدي، وقبل مقابلتها مع أي تفسير علمي حقيقي (مقبول) أو تنظير (غير مقبول). ولو لم يكن الأمر كذلك، فلا بد أن يكون هناك خلل منهجي في ضبط التفسير العلمي بضابط [مقابلة الحقيقة العلمية مع الحقيقة القرآنية](والتي يلزم عن ظاهر اللفظ فيها أن الحقيقة القرآنية دائمة الحضور، وباستقلال تام) ..... وأن في الأمر تفصيل يجب الكشف عنه بمزيد من الدراسات.

هذا والله تعالى أعلم،

مع وافر احترامي وتقديري لمحاوريَّ الكرام، ودعائي لهم وللقراء ولنفسي بحسن الفهم والعمل.

رد (علي سبيع) وقال:
بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم عز الدين جعل الله لك نصيبا وافرا من اسمك.
 
لقد وضعت يدك علي المشكلة ولكن ذهبت بعيدا عن طريق الحل فمسألة الدراسات تخلص إلي نظريات والأخيرة قد لا تخلص إلي حقيقة علمية في التطبيق وتكون بذلك أضفت متغيرا إضافي للمسألة قد لا يرقي إلي الحقيقة العلمية في حد ذاته ويحتاج إلى وقت لجعله حقيقة وذلك بخلاف الحقيقة القرآنية والحقيقة العلمية الخاصة بالآية الكونية وبلغة الرياضيات تتعقد المسألة دون الحل.


والدراسات لم تتوقف في طرفي المعادلة ولدينا جهودا كثيرة بذلت في هذا المجال والمؤلفات كثيرة ربما عازت إلي نقد أو مزيد تفعيل.


وبالنسبة للآية المطروحة للسؤال من جهتي هي دليل علي كروية الأرض ودوران الأرض حول محورها أما من الناحية اللغوية ورأي المفسر فيها أنها من كور العمامة فهو تشبيه دقيق لتعاقب الليل والنهار كما تلف العمامة بالأسود والأبيض وليس مطلوب منهم أكثر من ذلك لأن الحقيقة العلمية لم تكون معروفة وقتها والشاهد المتولد من المقابلة ليس لزمنهم ومن حاول تجاوز رقاب الحقائق القرآنية إلي المجهول وقع في المحظور 
ولكسب الوقت الوقوف علي جهود الباحثين في هذه المسألة وقراءة قواعد تناول الإعجاز العلمي والطبي في السنة وضوابطه المؤلف: الدكتور / عبد الله بن عبد العزيز المصلح
الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة.
عدد الأجزاء: 1 
والله ولي التوفيق
فرددت وقلت:

أخي العزيز
1- حول قولك: 

لقد وضعت يدك علي المشكلة ولكن ذهبت بعيدا عن طريق الحل
أقول: لو أنك قلت: (لقد وضعت يدك علي المشكلة ولكن ذهبت عميقاً في سبيلك إلى الحل) لكان أصوب. فالأعمق عند بعض الناس بعيد، لأنهم لا يألفونه أو لا يستسيغونه، وليس لكونه بعيداً حقا. وكونه عميقاً فأمر ممدوح لأنه يتسق مع الجهد المشتق من الاجتهاد، أما لو كان بعيداً فمذموم لأنه من قبيل الشرود والضلال. ويتعين أهو عميق أم بعيد من نتيجته، فإن كان مثمراً فهو عميق، وإن كان غير مثمر فهو بعيد شارد، ونعوذ بالله من العلم الشارد الذي لا ينفع، كما قال نبينا .

2- وحول قولك:

مسألة الدراسات تخلص إلي نظريات والأخيرة قد لا تخلص إلي حقيقة علمية في التطبيق
فأستغربه بشدة، لأنه يدعو إلى عدم إجراء دراسات. وأتساءل: وهل سبيل العلم شيء غير الدراسات؟! .. ثم هل الدراسات التفسيرية القرآنية المجردة بحسب الأعراف الشرعية والتي تقتصر على اللغة وأقوال السابقين، من تحليل وترجيح وجمع وتفريق .. إلخ .. هل هي شيء غير دراسات؟! .. وهل ما تصل إليه شيء سوى نظريات تفاضلت أبعاضها على بعض، ورجحت بالحجة والبرهان وانخذلك أخرى؟! .... وسأثبت لك بعد قليل أن ما جئت أنت به من معنى "يكور اليل على النهار .." مما قلت أنه إجابة سؤال الحقيقة القرآنية في قوله تعالى يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ "(الزمر: 5) ليس إلا نظرية، بل ونظرية مختلطة بين القرآن وعلوم الفلك القديمة حتى كوبرنيكوس.

3- وحول قولك:

مسألة الدراسات تخلص إلي نظريات والأخيرة قد لا تخلص إلي حقيقة علمية في التطبيق
أقول: هذا الكلام مريب، لأن الدراسة إن لم تُصقل بها المسألة، ويتعين بها الغامض، وينجلى بها المتشابه، فهي مردودة في وجه صاحبها. ونتيجة كلامك أن نرد كل نظرية لاحتمال أن لا تخلص إلى كلمة نهاية (حقيقة)، وهي نتيجة تقول لكل من هم بإجراء دراسة أن كف عن غلوائك فيما تسميه دراسات لأنك لن تصل إلا إلى نظرية، لأنها قد لا تطابق حقيقة مطابقة تامة، وإذا فعلنا ذلك تقف عجلة الفكر والتدبر التي نحن مأمورون بها. 

4- وحول قولك:

مسألة الدراسات تخلص إلي نظريات والأخيرة قد لا تخلص إلي حقيقة علمية في التطبيق وتكون بذلك أضفت متغيرا إضافي للمسألة
أقول: لو أن دراسة خلصت إلى نظرية، فالقول بأن خلوصها هذا لا بد أن يؤدي إلى إضافة متغير إضافي للمسألة قول لا سند له. بل هو مردود (مع احتراماتي). ومثال ذلك لو أننا نملك إفادة تفسيرية لغوية (ولنمثل لها بالمعادلة الأولى)، وأتينا بظاهرة طبيعية تفسيرية (معادلة 2)، فالجمع بين معادلتين يؤدي حتماً إلى تقليل عدد المتغيرات، وليس زيادتها كما أشرت أنت، أي أن النتيجة أصبحت أشد وضوحا، واقل في متغيراتها المجهولة. ومن يأتي بمعادلة يزيد بها عدد المتغيرات، فهذا غير مؤهل سواء في التفسير التراثي، أو التفسير العلمي. ويطرده أئمة العلم بعد أن يُفْهِمُوه خطأه، ولا يتم هذا إلا بتحقيق قوله واستدلاله بالدراسة. ومثال ذلك من يأتي بحديث نبوي يضيفه إلى آية يريد لها تفسيراً، فإذ به يشرد بمعاني لا علاقة لها ببعضها ولا مشتركات بينها. فإن كان هذا هو تصورك لما يأتي به أهل التفسير العلمي المؤهلون، فهو تصور غير صحيح.

5- وحول قولك:

..... ويحتاج إلى وقت لجعله حقيقة
أقول: من يقرا عبارتك يفهم أن الوقت المطلوب للوصول إلى الحقيقة لو طال بحسب دراسة ما فإنه يعيبها، 
فأجيبك أنه بدون الدراسة فالوقت المطلوب للوصول إلى الحقيقة (أي تحقيق المطابقة المطلوبة بين الحقيقة القرآنية والحقيقة العلمية) لا نهائي في الطول، أي بلا أمل في الوصول إليها، فأيهما أولى ، بل أوجب ؟!
ثم أن لفظ (لجعله حقيقة) يضمر اصطناعاً وتكلفاً في جعل النظرية حقيقة، وكان الأولى أن تقول (لكشف الحقيقة).

5- وحول قولك

مسألة الدراسات ..... خلاف الحقيقة القرآنية والحقيقة العلمية الخاصة بالآية الكونية
وأنت تقصد من ذلك أن نصاعة كل من الحقيقة القرآنية والحقيقة العلمية والوصول إليهما بلا دراسات، هو أقرب إلى الحق، وأقل في المتغيرات، وأقرب زمنا.
أقول لك: لو صدق كلامك، لكانت كل حقيقة قرآنية بينة لأهل العربية منذ سماعهم لها، .. وهذا خلاف الواقع. فمسائل التفسير العلمي تتناول من الآيات ما هو في الأصل غامض المعنى (أي: متشابه) في اللغة لغياب الشواهد ومعانيها التي تنجلى بها المقاصد الدلالية. وإليك فيما يلي معنى (التكوير) الذي سألتك عنه وسنرى هل جئت بحقيقته القرآنية، أم أنك وقفت حيث وقف الأولون عند حدود التشابه/الغموض الذي كان عليه فهمهم لحقيقة الآية، ولم تتقدم به ولو خطوة واحدة أقرب إلى الحقيقة إلا بالاستعانة بمصادر معرفية إضافية من علم الفلك.

6- وحول قولك:

وبالنسبة للآية المطروحة للسؤال من جهتي هي دليل علي كروية الأرض ودوران الأرض حول محورها أما من الناحية اللغوية ورأي المفسر فيها أنها من كور العمامة فهو تشبيه دقيق لتعاقب الليل والنهار كما تلف العمامة باللون الأسود والأبيض وليس مطلوب منهم أكثر من ذلك لأن الحقيقة العلمية لم تكن معروفة وقتها والشاهد المتولد من المقابلة ليس لزمنهم
أولاً: كان سؤالي عن (الحقيقة القرآنية) المجردة بلا أي اشتباك مع معلومات أخرى مستقلة عنها سواء مما قاله الفلاسفة، أو مما علمه الناس لاحقاً من غير القرآن. ولهذا قلت أعلى (حين طرحت سؤال) [أتوقع بالطبع – ومعي القراء الكرام جميعاً - أن تكون الحقيقة القرآنية هنا مجزوم بها في إطار التفسير التقليدي، وقبل مقابلتها مع أي تفسير علمي حقيقي (مقبول) أو تنظير (غير مقبول). ولو لم يكن الأمر كذلك، فلا بد أن يكون هناك خلل منهجي في ضبط التفسير العلمي بضابط (مقابلة الحقيقة العلمية مع الحقيقة القرآنية (والتي يلزم عن ظاهر اللفظ فيها أن الحقيقة القرآنية دائمة الحضور، وباستقلال تام.]
ولكن إفادتك كانت خليطاً من القرآن وغير القرآن، أقصد مما عُرف أو اشتهر لاحقاً، ولم يُنقل عن الصحابة ولا التابعين، لذلك فهي ليست الحقيقة القرآنية الخالصة من آية القرآن وغير المنسوبة إلى غيره من مصادر، حتى ولو كان ذلك المصدر صحيحا. وإن لم نفعل في تجريد هذه الحقيقة من القرآن، نكون قد نسبنا إليه فهماً من سواه، وهذا أمر شديد الخطورة ويمتنع أن يقع فيه من يتكلم بحقائق مستقاة فقط من القرآن، ويسميها (حقائق قرآنية).

ثانياً: قولك بأنه

ليس مطلوب منهم أكثر من ذلك
تدل على أنهم كانوا يعرفون ما ذكرته من حقيقة في الآية، وهذا قول لا دليل عليه، بل وتنكره كل النقول التاريخية عن ثقافة الألف سنة الأولى من الإسلام على الأقل، إلا ما تناقله المفسرون من أقوال الفلكيين.

ثالثاً: قولك بأنه

ليس مطلوباً منهم أكثر من ذلك والشاهد المتولد من المقابلة ليس لزمنهم
تدل على أن الحقيقة القرآنية مرتبطة فقط بالأولين أو السابقين في القرون الأولى من المسلمين، وهذا قول ينكر أي قيمة تدبرية لآيات القرآن ربما تأتي بزيادة على ما قاله الأولون. وفي هذا حجر على عطاءات القرآن، وقصر التدبر الذي قد أمرنا به على النقل مما استوفاه الأولون.

رابعاً: قولك:

هي دليل على كروية الأرض
غير صحيح، والصحيح أن تقول هي دليل على جِرْمِية الأرض وأن لها نهاية من كل جهة. وذلك لأن أي شكل محدود الجرمية (غير منتظم أو منتظم، كالمسطح أو الهرمي أو المكعب أو عديد الأسطح، ... إلخ، - بالإضافة إلى الكروي -) سيتعاقب عليه الليل والنهار بدوران مصدر الضوء حوله. فالتكوير (أي التدوير) متعلق نصاً بالليل والنهار، وليس بالجرم الذي يحملهما على ظهره بالضرورة.

خامساً: قولك:

هي دليل على .. دوران الأرض ..
غير صحيح، والصحيح أن تقول هي دليل على دوران الليل والنهار حول الأرض. لأن الأرض الساكنة عن الدوران يمكن أن يتعاقب عليها الليل والنهار بدوران مصدر الضوء (الشمس)، وهذا هو تصورهم القديم، وأيضاً هو تصور من يتمسك بسكون الأرض من المؤمنين حتى وقتنا هذا. ولو كان دوران الأرض حقيقة قرآنية في هذه الآية، لأقنعتهم بظهور معناها، وما هي متعلقة بدوران ذات الأرض.

سادساً: ذكرت علاقة الليل والنهار بالأرض، واستدللت على هيئة الأرض وحركتها (مع ما فيه من عدم ضرورة) وكان المفترض أن تأتي بالصريح قبل المستدل عليه. والصريح أن الآية تكلمت عن الليل في علاقته بالنهار، وعن النهار في علاقته بالليل. وقالت " يكور الليل على النهار"، أي أن الليل هو المكور، وأن النهار هو المكور عليه، وأضافت الآية في الوقت ذاته "ويكور النهار على الليل"، أي أن النهار هو المكور والليل هو المكور عليه. ودائماً أبداً يجب ذكر الصريح (أي النص) قبل الاستدلال (الذي يقترن فيه الصريح بغائب مرتبط به بعلاقة أخرى غير منصوص عليها) مثل (أن الليل والنهار دائما أبداً على سطح الأرض)، ومن ثم يتم الاستدلال على إفادة عن الأرض تتعدّى المنصوص عليه في الآية.

والآن، إذا تداخلت كل هذه الأخطاء في تصريحك بحقيقة قرآنية عن الليل والنهار، فأين وصفك لها بأنها حقيقة؟!
ثم أن المعلومات التي أتيت بها (على أنها حقيقة قرآنية) جُمعت من القرآن وغير القرآن في (نظرية) … وبعد أن ظلت مئات السنين مدار بحث وجدال، تطورت حتى صارت حقيقة سُبك فيها القول القرآني مع معلومات من غير القرآن، أوليست هذه الأوصاف هو ما حملت عليه أعلى في التفسير العلمي من كونه (نظرية) ومن طول الأمد حتى تصبح النظرية حقيقة ومن جواز الخطأ ... إلخ؟!

وأخيراً، أراك تخلط بوضوح بين التفسير العلمي (الذي تطلب له ضوابط) والإعجاز العلمي (الذي تحيل إلى شيء من الضوابط الاجتهادية فيه للدكتور عبدالله المصلح)!
فأقول: كل إعجاز علمي إلا ولا بد أن يمر بمرحلة تحقيق هي التفسير العلمي، فإما أن يجتازها أو لا، فإن اجتازها وتغلب على كل الإشكالات الاعتراضية التي يمكن أن يتعرض لها، فهو تفسير علمي راجح حتى يتيقن بمزيد من الفحص والتحقيق ويصبح في النهاية إعجازا، أو مرجوح حتى يسقط ويهمل تماما. أما أن يصبح هكذا إعجاز علمي بين لحظة وأخرى، فهذا لا وجود له إلا في أوهام أصحاب البروج العاجية الذين ينتظرون السماء أن تمطر عليهم ذهباً وفضة وعلما، وكما أنها لا تمطر ذهباً ولا فضة إلا بالعمل، فكذلك العلم. وأغلب مزاعم الإعجاز التي تظهر بين الحين والآخر هي من النوع المرجوح، لأنها لم تختبر بالدراسات (المغضوب عليها !!!) وأستغرب عن هذا الإعراض عما مدحه الله تعالى وذم تاركه (أقصد التدبر).

هذا والله تعالى أعلم.

رد (على سبيع) وقال:


بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزي أنت تحدث من ولد فوجد الأرض كروية ورأى الكواكب في الأفلاك من خلال الأقمار الصناعية وليس مع العين أين فهذا معطي جاهزلمقابلة الآيات القرآنية المعنية بذلك وهو يساعد في الترجيح أيضا عند أختلاف الآراء فعلي سبيل المثال قال تعاليوَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًافمن المفسرين من ذكر أن البرزخ أرضًا أو يبسًا حاجزًا من الأرض، ومنهم من أعلن عجزه عن تحديده وتفصيله، فقال: هو حاجز لا يراه أحد. فالأقمار الصناعية اليوم قد زوَّدتنا بصورة باهرة تُبيِّن لنا حدود الكتل المائية وهي الماء العذب الفرات والملح الأجاج والماء المختلط التي تزداد وضوحًا كلما ازداد الفارق في حرارة الماء وما يحمله من مواد. وبالرغم من أن الماء العذب يمتزج مع ماء البحر، فإن هناك حدودًا على طرفي منطقة الامتزاج المحدودة، التي تفرض قيودًا على ما يدخلها أو يخرج منها، وهذا الوصف ينطبق تمامًا على نظام المصبِّ.والعلم الحديث أثبت وجود حدودٍ على طرفي منطقة الامتزاج.فالصورة تحسم الخلاف وتوضح المعني بجلاء 
ولكن واضح أن لديك ماتقدمه علي الصعيدين القرآني والعلمي فسارع موفقا بمشيئة الله  

فرددت وقلت:

تعليقاً على قولك:
عزيزي أنت تحدث من ولد فوجد الأرض كروية ورأى الكواكب في الأفلاك من خلال الأقمار الصناعية وليس مع العين أين فهذا معطي جاهزلمقابلة الآيات القرآنية المعنية بذلك وهو يساعد في الترجيح أيضا عند أختلاف الآراء
أقول:
كان مدار الحوار الآخير عن "الحقيقة القرآنية" المستخرجة من الآية في إطار الثقافة اللغوية العربية فقط، وقبل مواجهتها بجديد الرؤية (والتي هي جزء من الحقيقة العلمية المستكشفة بعد النزول). وكان ذلك إثباتاً مني بأن ضابط اختبار التناقض بين (الحقيقتين: القرآنية العلمية) يستلزم العلم بها أولاً وتحريرها خالصة قبل المواجهة. فإذا كانت غير محررة في غير قليل من الحالات كآية تكوير الليل والنهار، فالضابط المذكور محل نظر. وفقط تظل الدراسات التفصيلية والتحليلية هي الطريق، في كشف العلاقة بين منطوق الآيات والوقائع الطبيعية المكتشفة، حتى ولو مرت في طريقها إلى الحقيقة على جسر التنظير.

والله تعالى أعلم،

وفقني الله وإياك، 
وإلى لقاء في حوار آخر، إن شاء الله تعالى.
تحياتي