"قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ":
هل من علاقة بين سرعة نقل (عرش بلقيس)[1] وسرعة الضوء؟!
روابـــــط
بسم الله الرحمن الرحيم
في استقصائنا عن
معاني آيات القرآن الكريم ذات الدلالات التي ربما ترتبط بسرعة الضوء - وذلك في كتابنا هذا
(فتاوى شرعية في النظرية النسبية) والذي تمثل هذه الدراسة فصلاً منه - وجدنا من
يزعم أن (ارتداد الطَّرْف) في الآيات الكريمات من سورة النمل، إنما يحدث بسرعة الضوء! على
التمام - في كتابه الذي حققناه تحت عنوان [أخطاء بالجملة في كتاب "المعادلة التي وضعها القرآن E=mc/2 وسلبها أينشتاين E=mc2"]-.. فهل صدق هذا الزاعم في استدلالاته؟! !!! .... للأسف ... لم يصدق.
قال الله تعالى (حكايةً
عن سليمان عليه السلام): "قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ
يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ
مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي
عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ
أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ
مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ
أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ
فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)"(سورة النمل)
وبتمحيص كلام من يزعم
أن "ارتداد الطرف" يحدث بسرعة الضوء، وهو الأستاذ حمدي بن حمزة الصريصري
الجهني، في كتابه [المعادلة التي وضعها القرآن E=mc/2 وسلبها
أينشتاين E=mc2][2] (ص 160-162) - شكل (1) - أيقنا أنه على خطأ، علماً بأنه أتى في كتابه هذا بحشد من الأخطاء، ربما يزيد عن عدد
صفحات الكتاب نفسه.
شكل (1): كتاب الأستاذ حمدي الجهني
وأما كلامه عن أن (طرفة
العين) تساوي سرعة الضوء فقد ترجمه هو - بتصرف واسع - من هذا
الرابط على شبكة الإنترنت - وهو مصدر لا قيمة له - وجاء كلامه بنصه وهيئته كالآتي على التمام:
قال حمدي الجهني[3]:
[تعني
طرفة العين باللغة الانجليزية blink وتعني أيضاً twinkle. ولكل من هاتين
الكلمتين معنىً مختلفاً نسبياً من حيث زمن حركة العين، ومن ثم سرعة دخول الضوء إلى
شبكية العين .. فكلمة blink تعني حركة العين
بصورة إرادية (أي بتحكم في حركة العين)، وهذا يؤدي إلى عدم إمكانية تحديد طول
الوقت الذي تستغرقه تلك الحركة، لكن أسرع حركة لهذا النوع من طرفة العين يستمر
لنصف ثانية، وطرفة العين هذه هي فعل منعكس للعين ويستمر بين 300 و 400 ميللي
/ثانية (جزء من ألف من الثانية).
أما كلمة (twinkle) فإنها تعني
إنعكاس جسيم من الضوء، يُرى في العين بسرعة الضوء، وهذا يساوي جزء متناهي الصغر من
الثانية، وهذا يعني بأن طرفة العين تحدث في حوالي جزء من البليون من الثانية
ووفقاً للقاموس فإن كلمة twinkle هي انعكاس الضوء
من العين ...، وحتى يمكن لأي شخص رؤية عيني شخص آخر وهي تطرف فإن ذلك يستدعي سفر
أو انتقال الضوء من خلال مقدمة عيونهم، ويتعكس من شبكيتهم، وبعدئذ يخرج الضوء من
عيونهم.
وعلى فرض "لغرض تبسيط الحساب" أنك واقف
بالقرب من ذلك الشخص، فإنه من الممكن اعتبار وقت الانتقال من مقلة عين إلى مقلة
العين الأخرى شيئاَ لحظياً، ولأن قطر مقلة عين الشخص هي 2.5 سم، فإن الضوء مجبر
على الانتقال (السفر) مسافة 5 سم، وحيث أن سرعة الضوء هي 300000 كيلومتر في
الثانية فإن هذا يعني استغراق 1/6000000000 من الثانية لجعل مقلة شخص ما تطرف.]
وهنا أنقل النص الانجليزي الأصلي[4]:
[There
are three portions of time to consider here, The wink, the blink and the twink
(no kidding-there was actually a study done). A blink is a controlled movement
of the eye and so it's length of time is indeterminate, but the quickest blink
lasts for a half second. A blink is a reflex action of the eye and lasts
somewhere between 300 and 400 milliseconds. A twink is a reflected particle of
light seen in the eye and thusly travels at the speed of light (983,571,056
feet per second) This equates to an infinitesimally small fraction of a second,
so it would be fair to say it occurs in about a billionth of a second (which in
itself is such a small period of time as to be nearly inconceivable, but is
gigantic compared to the actual time in which a twinkle occurs). If you blink, you will miss it. It is the
same as a split second, as if a second could be split into two halves. As the dictionary says a twinkle is light
reflected from the eye,
?Just
how fast is the 'twinkling of an eye'
1Co
15:52 In a moment, in the twinkling of an eye, at the last trump: for the
trumpet shall sound, and the dead shall be raised incorruptible, and we shall
be changed.
It
is not the time it takes to blink an eye: for you to see someone's eyes
twinkle, light must travel through the front of their eye, be reflected off
their retina, and then exit their eye.
Assuming
(for the of ease of calculation) that you are standing close to that person so
the transmission time from eyeball-to-eyeball can be regarded as instantaneous,
and that a person's eyeball is 2.5 cm in diameter, the light would have to
travel a distance of 5cm (or 1/20,000th or 2x10-4 of a kilometer).
Since the speed of
light is 300,000 km/sec, this means it would take or 1/6 x 10-9
seconds (ie 1/2 x1/3 x 10-4 x 10-5 seconds), or 1/6,000,000,000th of a second
to make a person's eyeball twinkle: pretty fast.]
ثم يعلق الأستاذ حمدي
الجهني ناقل الكلام ومترجمه والمتصرف فيه، ويقول[5]:
[بناءاً على ما سبق فإن سرعة طرفة العين تساوي سرعة الضوء، وحيث أن
سرعة الضوء المعتمدة وفقاً لحساب اتحاد الجيوديسيا والجيوفيزيا والاتحاد الدولي
العالمي للراديو تساوي الرقم 299,792.5 كم/ث.
إذن سرعة طرفة العين
= سرعة الضوء = 299,792.5 كم/ث. (ويستكمل)
وحيث أن طرفة العين
تعني إطباق أحد جفني العين على الآخر ثم ارتداد الجفن لوضعه قبل الإطباق، أي أن
طرفة العين تتكون من حركتين: حركة انطباق الجفن على الآخر، وحركة ارتداد (فتح)
الجفن إلى وضعه قبل الإطباق، وحيث أن نقل العرش في الفضاء من مأرب إلى مجلس النبي
سليمان في القدس (بواسطة الذي عنده علم من الكتاب) قد تم خلال فترة إطباق الجفن
على الآخر، وقبل ارتداده كما جاء في الآية القرآنية الكريمة: (... أَنَا آتِيكَ بِهِ
قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ ..
الآية) فإن ذلك يعني أن عملية نقل العرش قد تمت خلال فترة غمضة عينه، فلما فتحها
وجد العرش أمام عينه؛ أي نصف طرفة العين فقط أو ربما في زمن أقل من ذلك، أي نصف
سرعة الضوء. أي بمعدل سرعة الضوء /2 = 149896.25 كم/ثانية.]
والآن، نحلل هذه
العبارة المترجمة في أصلها الإنجليزي، وفي ترجمتها المنقولة، ونحقق في الصدق
العلمي في الأصل والترجمة وتعليق المترجم
جميعاً:
التحليل الأول: إذا
بحثنا عن سياق الكلام في الأصل الانجليزي المنقول أعلاه (والمترجم من قبل أ/ حمدي
الجهني) لوجدنا أنه كان إجابة سؤال، وأن
السؤال كان عن معنى الأسلوب (in the twinkling of
an eye)
في أحد أسفار الإنجيل والـمُسمَّى بـ : [رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس]
وفي الإصحاح [15: 52] منه، وكان نص السؤال:
What is the meaning of 'twinkling of an eye'?
- In a flash, in the twinkling of an eye, at the
last trumpet. For the trumpet will sound, the
dead will be raised imperishable,
and we will be changed.
- فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ. فَإِنَّهُ
سَيُبَوَّقُ، فَيُقَامُ الأَمْوَاتُ عَدِيمِي فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ.
أي أن سياق المعلومات
التي وردت عن (طرفة العين) - في الأصل المنقول منه الكلام - كان لفهم معنى الإصحاح، وما يحتويه من
سرعة حدث النفخ في الصور (البوق) والذي يقوم على إثره الناس للحساب.
علماً بأن أ/حمدي لجهني لم يذكر أي شيء من ذلك!
التحليل الثاني:
وإذا تساءلنا عن صاحب الإجابة عن
السؤال، والذي كانت إجابته هي العبارة الإنجليزية أعلى، والتي ترجمها (أ/ حمدي
الجهني) في كتاب [المعادلة التي ..]، لوجدنا أن صاحب الإجابة شخص
مجهول سمى نفسه على الإنترنت بالاسم Dcabana . وتُعد إجابته مثل
أي إجابة أي شخص مجهول، لا مصداقية لها إلا بما تحمله من حق في نفسها، وبما يمكن
الوقوف على هذا الحق بالبرهان واستدلالاته.
التحليل الثالث:
نلاحظ في الإجابة الانجليزية أن صاحب الإجابة جاء في السطر الأول بثلاث كلمات
ترتبط دلالياً من حيث علاقتها بحركة جفن الإنسان؛ هي: wink و blink و twinkle، على هذا
الترتيب. ولكنه كتب الكلمة الأخير twink بدلاً من twinkle، ويبدو أنه كتب twink على سبيل الشيوع
المختصر لكلمة twinkle. وإذا قرأنا الجملة التالية، والتي يظهر منها أنه يحلل فيها
الكلمات الثلاث ويُظهر ما بينها من فروق في زمن حدوث كل منها؛ أتي بأول كلمة
وكتبها (blink) وشرح معناها باعتبار أنها wink، والتي تعني
(الغمز المتعمد بإحدى العينين)، حيث قال أن blink تعني: (حركة
إرادية لـ (جفن) العين، ومن ثم فطولها غير محدد الزمن) وهذا تعريف wink وليس blink، لأن blink تعني (الحركة
اللا إرادية لجفن العين، وهذه هي طرفة العين التلقائية الطبيعية)، وهو ما فعله في
شرحه لمعناها في الجملة التالية . وهذا الخلط من الناقل بين wink و blink وجمع معنييهما
وكأنهما من معاني blink! يُعد خطأً جسيماً لم ينتبه له حمدي الجهني، وترجم كلامه على ما
فيه من خلط، وتدخل فجعل الكلمات الثلاث كلمتين ليخرج من ورطة التداخل الخاطئ بين
الكلمتين التي وقع فيها صاحب النص. ثم جاء في الجملة الرابعة ليشرح كلمة twink والتي صوابها هو
twinkle كما قلنا ومعناها
الصحيح يتلألأ ظهوراً وخفوتاً وأكثر ما تُستخدم في وصف النجوم إذا تغيرت إضاءتها
بفعل تقلبات الغلاف الجوي ونفاذيته لأشعة النجوم[6]،
غير أن صاحب الكلام قال أن معناها: (انعكاس جسيم من جسيمات الضوء، وكما تراه
العين، ومن ثم فإن سرعته هي سرعة الضوء) وهو كلام فاسد علمياً كل الفساد. .. وبسبب
الخلط في المعنيين الأوليين أدركنا أن الرجل المسمى Dcabana ينقل عن غيره، وأنه يُخطئ في النقل (يُصحِّف) وأنه
أتي بالجملة:
(A blink is a controlled movement of the
eye and so it's length of time is indeterminate, but the quickest blink
lasts for a half second.)
في شرح كلمة wink وكان الصحيح أن يقول:
(A wink is a controlled movement of the eye and so it's length of time is
indeterminate, but the quickest wink lasts for a half second.)
وإذا صدقت توقعاتنا – حتى تلك اللحظة - في أن الرجل يُصَحِّف في
نقله، فلا بد أن نجد هذه الجملة بعد تصحيحنا لها في المصدر الذي نقل عنه. ولكنه لم يشر
إلى أي مصدر، وكأنه هو صاحب العبارة، فقمنا بالبحث في الإنترنت في كتب (جوجل)
فعثرنا على الجملة التي توقعناها بنفس نصها بالتمام (شكل (2)!، ووجدناها في كتاب يحمل عنوان:
(The
Celestial Knights: the Advent of Go’El, the Avenger of God)
ومعنى العنوان المختصر هو: (فرسان السماء ...) ومؤلفه هو: (Minister R. A. Artis) ويجده القارئ على هذا
الرابط. والكتاب مؤلف من 98 فصل، وهو غير
مرقم الصفحات، غير أن الصفحة المنقول منها الفقرة التي نحن بصددها هي الصفحة الأولى
من الفصل السابع والثلاثين. أنظر (شكل2)، وقد أشَّرْنا على الإصحاح المسؤول عنه، والعبارة المنقولة في صورتها الصحيحة.
شكل (2)
وخلاصة هذا التحليل
أن صاحب النص المترجم نقل عن كتاب (فرسان السماء ..) فأخطأ في النقل. وأن الأستاذ
حمدي الجهني قام بترجمة كلامه المنقول على ما فيه من أخطاء، .. وخاصة تلك التي قال
فيها أن (طرفة العين) تحدث بسرعة الضوء!!! ... وهذا ما سنفصِّل فيه القول بعد قليل.
التحليل الرابع:
بالرجوع إلى الإصحاح:
1 Corinthians
15:52 = [رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 15: 52]،
الذي يدور حوله
المقطع الانجليزي، والوارد في صدر الصفحة في شكل (2)، والذي كان محل السؤال، ويجيب
عنه صاحب النقل الخاطئ، لوجدنا أن هذا الإصحاح يقول:
- In a flash, in the twinkling of an eye, at the last trumpet.
For the trumpet will sound, the dead will be raised imperishable, and we will be
changed.
- وكان مقابله في النص العربي هو: [فِي لَحْظَةٍ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ،
عِنْدَ الْبُوقِ الأَخِيرِ. فَإِنَّهُ سَيُبَوَّقُ، فَيُقَامُ الأَمْوَاتُ عَدِيمِي
فَسَادٍ، وَنَحْنُ نَتَغَيَّرُ].
ومن الواضح أن
الإصحاح يتكلم عن يوم القيامة، وعن النفخ في الصُّور، وأن هذا سيحدث على وجه من
السرعة كسرعة الومضة (flash) أو برقة العين twinkle of an eye (وهذه هي
الترجمة الأصوب وليست بسرعة "طرفة العين"). أما إذا أردنا الحق في نص
عربي عن نفس الحدث، فلن نجده إلا في القرآن، وذلك هو قول الله تعالى "وَمَا
أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ"(النحل:77).
حيث أن (twinkle of an eye) ليس طرفة
العين، بل هي (برقة أو لمحة البصر)، مثلما تبرق twinkle النجوم، وما
أشهر أغنية الأطفال الانجليزية التي مطلعها twinkle twinkle little star. وخطر لنا الآن فقط ونحن نكتب هذه الكلمات قول الله تعالى "فَإِذَا
بَرِقَ الْبَصَرُ ..يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ"(القيامة:
7-10). وعلى ذلك، يكون ترجمة (twinkle of an eye) هي (برق البصر)
أو (لمح البصر)، وهذا من حيث استقبال الحواس الإنسانية للمشهد الأول من القيامة،
مشهد الفزع من النفخ في الصور: "وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ
مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ"،
أما من حيث السرعة الحقيقة، فهي في قوله تعالى "أَوْ هُوَ أَقْرَبُ
" وذلك لأن حواسنا الآن أبطأ من حدوث الأحداث على حقيقتها، وكذلك يوم
القيامة مقارنة بالسرعة الحقيقية للحوادث، بالرغم من أنها ستكون شديدة الحدة بالنسبة لما نحن عليه الآن، كما قال تعالى " وَنُفِخَ فِي
الصُّورِ ... فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ
"(ق: 20-22). والسبب أن العمليات العصبية في أبدان المخلوقات ومنها الإبصار أبطأ من السرعة الحقيقية للحوادث الـمُبْصَرة، فما نراه بالفعل يتأخر عن حقيقة الحوادث بما لا يقل عن عشرات من الملليثانية ويصل إلى المئات. كما أن أبصارنا كليلة وتخلط بين الانطباعات البصرية المتلاحقة، فنرى السريع من المتحركات وكأنها خطوط، لأن حاسة البصر تلحم الصور المتتابعة، فإن كان الشيء سريع الحركة، تلاحمت له أكثر من صورة منزاحة عن بعضها، فتتشوَّه وتظهر مُنطمسة. أما إن كان الشيء متحركاً بأسرع مما يمكن أن يلاحقة البصر، فلا تراه العين، مثل الرصاص والقنابل المقذوفة .. (تجري الرصاصة مسافة 3.5 متر في 10 ملليثانية - أي في جزء من مئة جزء من الثانية؛ أي: 350 متر في الثانية الواحدة، أي: 1 كم في 3 ثواني) .. وللتفصيل في ذلك تُنظر الكتب المتخصصة في الحواس البشرية Human Perceptions وخاصة حاسة البصر Visual Perception.
وخلاصة هذا التحليل
أن ترجمة (twinkle of an eye) ليس (طرفة عين)
كما أراد أن يترجمها (حمدي الجهني)، بل هو برْقة الضوء في العين.، أي "لمح البصر".
وعلى ذلك، فالراجح لمعنى الإصحاح المسؤول عنه هو حدوثه بسرعة "لمح البصر"، وليس "طرفة
العين"، وهو المعنى الذي أراد أن يثبته أ/حمدي الجهني بلا دليل إلا محض النقل (عن
ناقل من كتاب ليس بعلمي على الإطلاق، وبلا صدق في الاستدلال ولا استناد إلى أي
مرجعية لغوية). بالرغم من تأكيد أ/حمدي الجهني بما يوهم وجود مرجعية لغوية في
ذلك، وذلك في قوله: [وفقاً للقاموس فإن كلمة twinkle هي انعكاس الضوء من العين]، ولم يذكر أي قاموس!! ..وقد نقل الأستاذ الجهني هذا الكلام من النص الانجيزي الأصلي الذي كتبه شخص عابث، ويمكن لأي متخصص أن يستدل على عبثيته! ولا يُعد مرجعية بأي حال!! .. ومن المحال أن يقول أي قاموس أن twinkle تعني انعكاس الضوء من العين، بالمعنى الفيزيائي الحقيقي، الذي يمكن إجراء قياسات السرعة عليه.
التحليل الخامس: في أي لغة يوجد فرق
بين معنى اللفظ إذا أتى منفرداً؛ مثل يطرف (blink) أو يتلألأ أو
يبرق (twinkle)، وبين معناه في أساليب الكنايات أو المجازات المشهورة؛ مثل (في
طرفة عين = in a blink of an eye) أو (في لمح
البصر = in a twinkle of an eye). ونستغرب أن
يشرع الأستاذ حمدي الجهني في استخدام أساليب الكناية أو المجاز (عن السرعة) أو (عن
فرط السرعة) في مفردات لغوية في جملة تقليدية (يرتد إليك طرفك) وهي جملة غير
اصطلاحية عن فرط السرعة. فالقول (يرتد الطرف) له معنى حرفي حقيقي لا كناية فيه ولا
مجاز، بخلاف (in a twinkle of an eye) والتي يراد
منها في الانجليزية اصطلاحاً غير حرفي، وليس فيه إلا الكناية عن فرط السرعة.
التحليل
السادس:
القول (قبل أن يرتد إليك طرفك) ينص على حد أعلى للزمن (ارتداد الطرف)، أي أنه يضع
حداً أدنى للسرعة، لأن نقصان الزمن يعني تزايد السرعة. وفي نفس الوقت يُطلق الحد
الأعلى للسرعة بلا تعيين؛ لأنه قال (قبل) أي (في زمن أصغر من)، فإن كان زمن ارتداد
الطرف (100 مللي ثانية) - وهو جزء من عشرة أجزاء من الثانية - فقوله (قبل أن يرتد
إليك طرفك) أي: في أقل من هذه الفترة. وهذا ينطبق على كل ما هو دونها، ومن ثم يكون
القائل بذلك قد وضع حداً أدنى للسرعة هو (المسافة المقطوعة / 100 مللي ثانية). وإذا حدثت
واقعة نقل عرش بلقيس في زمن أقل، فالسرعة
ستزيد مع قلة الزمن، وإلى ما لم تنص الآية (من كلام القائل) على حد أعلى لها، ما
دام أن الزمن أقل بما لا حد أدنى له منصوص عليه. والنتيجة هي أن الآية (قَبْلَ
أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) قد وضعت أقل قيم السرعة التي حدث بها
النقل، مع السكوت عن قيمتها الدقيقة الحقيقية، ربما لغياب ما يمكن المقارنة معه من
أحداث أسرع من طرفة العين في العرف الإنساني.
التحليل السابع:
جاء حمدي الجهني بمعاني في اللغة المترجم منها، ونقلها إلى العربية. وهذا الإجراء
في ذاته غير مُسَلَّم به. فلكل لغة خصائصها الدلالية هي أولى في الوفاء
بالاقترانات والافتراقات بين ألفاظها وعباراتها. وبالمراجعة الدقيقة لاستحضار هذه
العبارة المترجمة تبين لنا أن حمدي الجهني لم يكن من قصده أن يستشهد بالإنجليزية
على العربية في العبارة التي ترجمها لصاحبها، بل كان غرضه أن يجعلها شاهداً فيما
انتهت إليه بأن ('twinkling of an eye') تعني الحركة بسرعة الضوء على التمام، لأن صاحبها قد قال بالفعل
ذلك في نهاية استدلاله الفاسد. .. أي أن استشهاد حمدي الجهني بهذه العبارة كان فقط
الاستناد إلى هذه النتيجة، حتى لو كان ذلك بتجاوز العبور عبر ترجمة ربما لا تجوز
في النطق الدلالية.
أولاً: أن المسؤول
عنه كان بالانجليزية twinkling of an eye وهذه العبارة (اصطلاح
لغوي) idiom ومعناه ("لحظي" أو "بسرعة خاطفة")[7]ولم يُقصد منه فترة زمنية محددة يمكن القياس العيني عليها حتى ولو كانت
خاطفة.
ثانياً: أن الترجمة
أتت بكلمتين blink و twinkle وأكدت على أن blink تعني بالفعل
طرفة العين اللاإرادية (وهي التي ينغلق فيها الطرف ويرتد كما كان منفتحاً)، وأن
الثانية twinkle تعني انعكاس جسيم ضوئي بالعين. وهذا المعنى الأخير خطأ من صاحب
العبارة الانجليزية، وافقه عليها المترجم بما يبعث على الدهشة، وبما يُسقط الثقة
تماماً في أي قيمة محتملة لكلامه.
وإذا افترضنا صحة ما
جاء به المترجم – بغض النظر عن مصدره - من أن twinkle تعني انعكاس
جسيم ضوئي من العين، فنسأله: وما علاقة هذا المعنى بطرفة العين التي كانت كلمة blink
كافية ووافية في معناها العربي؟! .. وسبب السؤال
أن هذا المعنى يفرق بين الكلمتين بما يمنع الاستشهاد بـ twinkle على معنى blink، ومن ثم على فهم
المعنى المراد من ارتداد الطرف!
أما الصحيح، فهو أن twinkle لا تعني انعكاس
جسيم ضوئي من العين، بل تعني – في معناها الحرفي- خفوت ضوئي لحظي وخاطف في إضاءة
مستمرة لجسيم نقطي مُضيء، مثل النجوم. وهذا مانراه في النجوم نتيجة تغير كثافة
الغلاف الجوي، فنشعر وكأن النجم يتلألأ. أما المعنى المجازي لـ twinkle والذي يجعلها
تقترب من blink هو أن عين الإنسان اليقظ مفتوحة للنظر في عادتها، وإن أطرفت
تشابه طرفها بالخفوت اللحظي الخاطف لضوء نجم سرعان ما يعود إلى لمعانه الدارج. ومن
هنا تقترب twinkle من blink في المعنى، ولكن لا تطابقها. وربما جاز استخدام twinkle والحال هكذا
بمعنى طرفة عين إذا أريد السرعة الخاطفة، كأن نقول (سدد اللاعب الكرة في المرمى في
طرفة عين = in a twinkle of an eye) ولكن لا يجوز
أن يُحمل هذا المعنى على القول (قبل أن يرتد إليك طرفك) ... لأن المتكلم قد أدخلنا
في تفاصيل الفترة الزمنية التي تستغرقها طرفة العين (ما بين امتداد الطرف وانغلاقه
ثم ارتداده) وكأن المتكلم قد قام بتكبير هذه اللحظة التي يُضرب بها المثل في
السرعة وجعلها فترة زمنية ممتدة تستغرق أحداثاً داخلها، [وذلك بناءاً على القاعدة
اللغوية التي تقول أن زيادة المبنى تعني أو تشير إلى زيادة في المعنى]. والخلاصة
أن المترجم قد أتى بكلام حاد بالعلاقة بين twinkle و blink رغم أن مسعاه
كان الاستشهاد للعلاقة لا نفيها. فكان استشهاده زائف، وأتى بعلاقة مع سرعة الضوء
لا محل لها في المسألة. لأن العلاقة الصحيحة التي شرحناها لا علاقة لها بكون الضوء
سريع أو بطيء، بل إن علاقته منحصرة في سرعة استجابة عين الإنسان للمرئيات، وهذه
السرعة في الانفعال البصري[8]
- كما هو معلوم - يحوم معدلها حول 100
مللي ثانية، فما هو دخل سرعة الضوء الهائلة بهذه السرعة الفسيولوجية للحاسة
البصرية؟! .. وماذا يكون الحال لو كانت سرعة الاستجابة البصرية أسرع مما هي عليه
بمئة ضعف أو أبطأ بمئة ضعف، ومن ثم طرفة العين التي تنقل العين بين المشاهد
البصرية المختلفة البؤرة[9]
كـما يفعل غالق فتحة الكاميرا shutter؟... حتماً كان
الاستشهاد بهذه السرعة سيختلف رغم أن سرعة الضوء هي هي. وفي هذا دليل على استقلال
كل من سرعة طرفة العين والاستجابة البصرية (لمح البصر) عن سرعة الضوء، وهو الأمر
الذي ينفي تماماً استشهاد حمدي الجهني – ومن يترجم له - بأي ارتباط بين سرعة
ارتداد الطرف وسرعة الضوء.
التحليل
التاسع: يحسم
التدقيق القرآني فهمنا لمعنى (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) حسماً
تاماً، وخاصة في الترجيح بين المعنى الحقيقي (الممتد داخل فترة "طرفة العين")
والمعنى المجازي (الذي يقتصر على الإشارة إلى فرط السرعة). وقد وجدنا الآيات
الكريمات الآتيات:
1- " قَاصِرَاتُ
الطَّرْفِ "(الصافات:48)(ص:52)(الرحمن:56)
2- " وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ
إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)
مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا
يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)
"(إبراهيم)
3- " قَالَ
الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ
إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ .."(النمل:40)
ولم نجد في القرآن من
لفظ (الطرف) غير هذه المجموعتين،: (قاصرات الطرف)، و [يرتد إليك (إليهم) طرفك
(طرفهم)].
- المجموعة الأولى،
(قاصرات الطرف): أي اللاتي يقصرن أبصارهن على أزواجهن؛ أي لا يمدنها لمن وراءهم.
حيث جاء قصر الطرف (أي: عدم مد الطرف) كناية عن (عدم مد البصر)، لأن من يمد بصره
حتماُ يمد طرفه، ومثل هذه الكنايات جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم
"اليد العليا خير من اليد السفلى" والتي هي كناية عن المتصدِّق والمتلقي للصدقة،
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم الآخر لزوجاته[10]،
ما روته أمنا عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم: [أَسْرَعُكُنَّ
لَحَاقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا] ، قَالَتْ : فَكُنَّ
يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا ، قَالَتْ : فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَدًا
زَيْنَبُ ، لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَتَصَدَّقُ). فطول اليد كناية
عن كثرة العمل والتصدق، وكذلك مد الطرف كناية عن مد البصر وإطالته. غير أن للكناية
في هذه الأمثلة مغزى ضمني وهو ارتباطه بالخفاء من جهة، وأنه احتياط - أي وقاية –
من أن يقع البصر على شيء محرم، فيصيب من يمد بصره منه مصاب. بمعنى أن قصر الطرف سيلزمه
بالضرورة غض البصر، لأن البصر لن يصل إلى رؤية شيء يحرص على غضه عنه بعد أن يراه،
أما الأمر بغض البصر فغير مانع من أن يقع على شيء يلزم عنده الشروع في غضِّه.
فالحرص على منع السبب يمنع حتماً وقوع الـمُسبَّب. لذلك كان (قصر الطرف) أعلى
مقاماً من (غض البصر). غير أن للضرورة أحكام، إذ قد نتج في الدنيا أذى إذا حرص
الحريص على قصر الطرف، من حوادث اصطدام أو غيره. لذلك فالطرف ليس مرادفاً للبصر،
بل يلزمه ويسبقه كما يلزم الجسم الظل ويسبقه.
ورب قائل يقول: وماذا
عن قوله تعالى "لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى"(الحجر:88)،
(طه:131)؟! .. نقول: أن مد العين يجتمع فيه البصر والتدقيق في الـمُبصر وإطالة
الأمد في ذلك، وهذا لا يتحقق في مد البصر، وهو أبعد عن مد الطرف. لذا كان مد العين
حرص متعمد مشغوف به من فاعله.
- المجموعة الثانية: [من
قبل أن يرتد إليك طرفك، ولا يرتد إليهم طرفهم]
أهم ما نلاحظه في هذه
المجموعة وحدة البناء الأسلوبي [يرتد إليـ ك طرفـ ـك][يرتد إليـ ـهم طرفـ ـهم]
وهذا يجعل أحدهما
شاهداً على الآخر لو استضاح معناه. وهذه هي خطتنا في كشف المعنى:
فقوله تعالى (لَا
يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) صاحبها جملة من الهيئات تقطع بانحصار معنى (لَا
يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) في عدم تحريك الجفون. وهذه الجملة من
الهيئات هي كل ما تحت خط في الآيتين (إبراهيم:42-43):
[وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ
إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)
مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ
..(43)]
تَشْخَصُ
فِيهِ الْأَبْصَارُ = [شَخَص الشَّيْء يشخَص شُخوصا: انتبر. وشَخَص
الجُرح: وَرم. وشَخَص الرجلُ ببصره عِنْد الْمَوْت، يَشْخَص شُخوصا: رَفعه فَلم
يَطْرِف. وشاخصُ العِظام: مُشْرِفها. الفُواقُ (الزغطة): الرّيحُ الَّتِي تشْخَصُ من
الصّدْرِ.] و تَشْخَصُ فِيهِ
الْأَبْصارُ: أى أبصارهم لا تقرّ في أماكنها من هول ما ترى.
مُهْطِعِينَ
= الإهطاع أن تقبل ببصرك على
المرئي تديم النظر إليه لا تطرف.
مُقْنِعِي
رُءُوسِهِمْ = رافعيها.
لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ = لا يرجع إليهم أن يطرفوا بعيونهم، أى: لا يطرفون، ولكن عيونهم
مفتوحة ممدودة من غير تحريك للأجفان.
نخرج من هذه الهيئة
المؤيدة من أوصاف المعنيين في الآيات إلى أن (ارتداد الطرف) هو تحريك الأجفان غلقاً
وفتحاً؛ حيث ارتداد الطرف (الجفن) هو انفتاحه ليعاود صاحبه الإبصار بعد زمن
انغلاقه الرهيف؛ والذي هو قدر طرفة العين.
وبناءاً على ذلك
نستبعد ما قيل من معاني أخرى لقول: [الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ (أَنَا
آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)] في معنى (ارتداد الطرف) مثل[11]:
1- ارفع بصرك وانظر مد
بصرك مما تقدر عليه ، فإنك لا يكل بصرك إلا وهو حاضر عندك.
2- امدد بصرك ، فلا يبلغ
مداه حتى آتيك به.
3- أن ينظر نحو اليمن
التي فيها هذا العرش المطلوب.
4- أنا آتيك به قبل أن
يصل إليك من كان منك على مدّ البصر.
5- من قبل أن يرجع إليك
أقصى من ترى.
6- من قبل أن يبلغ طرفك
مداه وغايته.
7- تمدّ عينيك فلا ينتهي
طرفك إلى مداه حتى أمثله بين يديك. قال: ذلك أريد.
8- ارفع طرفك من حيث يجيء,
فلم يرجع إليه طرفه حتى وضع العرش بين يديه.
9- مدّ بصره.
10- إذا مدّ البصر حتى
يردّ الطرف خاسئا.
11- إذا مدّ البصر حتى
يحسر الطرف.
12- قبل أن يرجع إليك
طرفك من أقصى أثره, وذلك أن معنى قوله (يَرْتَدَّ إِلَيْكَ ) يرجع إليك البصر, إذا
فتحت العين غير راجع, بل إنما يمتدّ ماضيا إلى أن يتناهى ما امتدّ نوره. .. أنا آتيك
به قبل أن يرتدّ راجعا(إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) من عند منتهاه.
نقول: كل هذه المعاني
مستبعدة. والراجح هو أن ارتداد الطرف هو عودة جفن العين منفتحاً بعد انغلاقه
التلقائي (طرفة العين)، وهذا يستغرق زمناً قدره (100-150) مللي ثانية، أي ما بين
العُشر إلى السُّبع من الثانية الواحدة. أي أن عرش بلقيس قد انتقل في أقل من هذا
الزمن بين مأرب (في اليمن) إلى مجلس سليمان عليه السلام في القدس (فلسطين).
التحليل العاشر:
قال حمدي الجهني، نقلاً عمن ينقل عنه بلا وثوقية فيما ينقل:
[كلمة (twinkle) فإنها تعني
إنعكاس جسيم من الضوء، يُرى في العين بسرعة الضوء، وهذا يساوي جزء متناهي الصغر من
الثانية، وهذا يعني بأن طرفة العين تحدث في حوالي جزء من البليون من الثانية
ووفقاً للقاموس فإن كلمة twinkle هي انعكاس الضوء
من العين ...، وحتى يمكن لأي شخص رؤية عيني شخص آخر وهي تطرف فإن ذلك يستدعي سفر
أو انتقال الضوء من خلال مقدمة عيونهم، ويتعكس من شبكيتهم، وبعدئذ يخرج الضوء من
عيونهم.
وعلى فرض "لغرض
تبسيط الحساب" أنك واقف بالقرب من ذلك الشخص، فإنه من الممكن اعتبار وقت
الانتقال من مقلة عين إلى مقلة العين الأخرى شيئاَ لحظياً، ولأن قطر مقلة عين
الشخص هي 2.5 سم، فإن الضوء مجبر على الانتقال (السفر) مسافة 5 سم، وحيث أن سرعة
الضوء هي 300000 كيلومتر في الثانية فإن هذا يعني استغراق 1/6000000000 من الثانية
لجعل مقلة شخص ما تطرف.]
نقول: في هاتين
الفقرتين كم من الأخطاء الفجة. فكلمة (twinkle) والتي سوَّى
صاحب الكلام بينها بين طرفة العين على أنها دلالة حقيقية، لا تعني انعكاس جسيم من
الضوء لُيرى في العين بسرعة الضوء كما قال. فالعين ترى أي نبضة ضوئية تدخلها
وتمتصها خلايا الإبصار ، ولا يشعر بها الإنسان في قشرة المخ الخلفية إلا بعد فترة
زمنية من فئة بضع مئات من الملي ثانية. وعلى ذلك، فعبارة صاحب الكلام أعلاه (كلمة
(twinkle) تعني إنعكاس جسيم من الضوء، يُرى في العين بسرعة الضوء، وهذا
يساوي جزء متناهي الصغر من الثانية، وهذا يعني بأن طرفة العين تحدث في حوالي جزء
من البليون من الثانية) ... ليست إلاجملة
فاسدة المعنى، ووهماً، وقولاً عابثاً من صاحبها الأول.
وأما قوله بوجود
شخصين أحدهما يرقب عين الآخر ليرى طرفة عينه، فكلام عابث أيضاً. ولا تتطلب طرفة
العين أن يراها أحد آخر كي تُعرف الفترة الزمنية التي تستغرقها، وهذا هو الشيء
الهام في علاقتها بنقل عرش بلقيس. وذلك لأن طرفة العين التلقائية ليست إلا حدثاً
زمنياً، لها بداية ونهاية، ومن ثم لها امتداد مخصوص، وقد تم قياسه وتآلفت التجارب
على أن أغلب القياسات تقع في الفترة (100-150) مللي ثانية. ومن يحسب له سرعة فقد
اختلط عليه الأمر، ويجب تصحيح فهمه.
كما وأن حساب مجموع
مقلتي العين لمن تطرف عينه ومن ينظر إليه، وقياس زمن مرور الضوء عبرهما، لا قيمة
له ولا ضرورة! .. فضلاً عن أن الحسابات الواردة أعلى خطأ؛ لأن العين مملوءة بمادة
هلامية تُسمى (الخلط الزجاجي vitreous body)، وسرعة الضوء خلالها أقل بحوالي الربع (لأن معامل الانكسار لها = 1.336) [12] من
قيمتها المشهورة 300000 كم/ث، والتي لا تصح إلا في الفراغ، فكيف استخدم المتكلم
أعلى هذه القيمة الأخيرة؟!
التحليل الحادي عشر:
جاء في تعليق حمدي الجهني - بعد أن ترجم ما ترجم وتصرف بما تصرف - العبارة الآتية:
[بناءاً
على ما سبق فإن سرعة طرفة العين تساوي سرعة الضوء، وحيث أن سرعة الضوء المعتمدة ..
تساوي الرقم 299,792.5 كم/ث. إذن سرعة طرفة العين = سرعة الضوء = 299,792.5 كم/ث.]
وكما سبق أن قلنا، أن حركة الجفن (الطرف) تستغرق زمناً قدره 100 مللي ثانية
(أي جزء من 10 أجزاء من الثانية) – أنظر الشكل (3،4).
شكل (3)
شكل (4)
ولا يمكن أن نستنتج لها سرعة إلا إذا كان هناك
متحرك، والمتحرك الوحيد هو الجفن، فإن أردنا حساب سرعة الجفن ليتغلق (مسافة 1 سم)
ثم يرتد لينفتح، أي ما مجموعه (2 سم) فيكون سرعة ارتداد الطرف (الجفن) نفسه هي 2
سم/100 ملي ثانية = 2 سم /(0.1) ثانية = (20 سم/ثانية) أما الضوء المرئي نفسه فليس
لسرعته أي علاقة تابعة لزمن انغلاق الطرف وارتداده، لأن هذه الحركة في العين فعل
انعكاسي تتحكم فيه الحاسة البصرية العصبية في الدماغ ولا ترتبط بسرعة الضوء في
الفراغ (300 ألف كم/ث). والنتيجة أن عبارة حمدي الجهني [ إذن سرعة طرفة العين = سرعة الضوء = 299,792.5 كم/ث] لا مصداقية لها، من تحليل ظاهرة طرفة العين، أو فيزياء الضوء كما تستشعره حاسة البصر في الإنسان.
التحليل الثاني عشر:
يستكمل الستاذ الجهني كلامه ويقول: [وحيث أن طرفة العين تعني إطباق أحد جفني
العين على الآخر ثم ارتداد الجفن لوضعه قبل الإطباق، أي أن طرفة العين تتكون من
حركتين: حركة انطباق الجفن على الآخر، وحركة ارتداد (فتح) الجفن إلى وضعه قبل
الإطباق، وحيث أن نقل العرش في الفضاء من مأرب إلى مجلس النبي سليمان في القدس
(بواسطة الذي عنده علم من الكتاب) قد تم خلال فترة إطباق الجفن على الآخر، وقبل
ارتداده كما جاء في الآية القرآنية الكريمة: (... أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ
إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ .. الآية) فإن ذلك يعني
أن عملية نقل العرش قد تمت خلال فترة غمضة عينه، فلما فتحها وجد العرش أمام عينه؛
أي نصف طرفة العين فقط أو ربما في زمن أقل من ذلك، أي نصف سرعة الضوء. أي بمعدل
سرعة الضوء /2 = 149896.25 كم/ثانية.]
نقول: هذا الكلام
أيضاً خطأ. فإذا قلنا ارتد الطرف، فإن ذلك يعني رجوح الجفن منفتحاً كما كان وضعه
الأول. أي وصل إلى الوضع (ج) في الشكل المبين أعلى. وما فهمه الأستاذ الجهني أن (قبل
أن يرتد إليك طرفك) يعني قبل أن يبدأ في الارتداد، اللحظة (ب) في الشكل، وهذا خطأ
في الفهم، والصحيح (قبل أن ينتهي به وضعه إلى نهاية الارتداد) ويصبح في حالة
استقبال بصري جديد، ويحدث الارتداد التام في اللحظة (ج)، فإذا قال قائل: (وماذا عن
– قبل- في العبارة – قبل أن يرتد طرفك؟)، قلنا أن ذلك يعني أن الزمن الحقيقي في
الإتيان بالعرش سيتم قبل أن يصل الزمن إلى اللحظة (ج) وهذا موضع لا يمكن تحديده
بدقة متناهية وموقعه مرتبط بالنقطة (ج) من جهة (ب) وما يمكن حسابه هو أن الفترة
الزمنية (أد) أقل من الفترة الزمنية (أج) أي أقل من (100 مللي ثانية)، فتكون
الفترة (100 مللي ثانية) حداً أعلى للزمن. وما ينتج عنها من حسابات تأتي أيضاً في
صورة (حد أقصى limit)، أي أن سرعة انتقال العرش أكبر من (المسافة المقطوعة على الحد
الأعلى للزمن) كما سيتبين من التحليل التالي. وعلى ذلك فالقسمة على 2 لإيجاد نصف
(الزمن) خطأ، هذا بخلاف أن إدراج سرعة الضوء نفسه كان خطءاً، ولو كان التنصيف
صحيحاً (وما هو بصحيح) لكان ما ينبغي تنصيفه هو الزمن؛ أي أن يصبح زمن طرفة العين
عند الإطباق هو 100 ملليثانية/2 = 50 ملليثانية. ولكن التنصيف نفسه سوء فهم، بخلاف
سوء الفهم في إدراج سرعة الضوء.
وعند هذا الحد نكون
قد فندنا زعم الزاعمين بأن طرفة العين لها نفس سرعة الضوء. وأن (قبل أن يرتد إليك
طرفك) تعني نصف سرعة الضوء، وعلينا عندئذ أن نوجد سرعة انتقال عرش بلقيس فيما هو
أقل من طرفة العين، وهذا هو التحليل القادم.
التحليل الثالث عشر:
وفيه نُصحح ما أتى به حمدي الجهني من أن سرعة طرفة العين هي هي سرعة الضوء! والتي
حسب منها بالخطأ أن سرعة انتقال عرش بلقيس كان نصف سرعة الضوء!
سرعة انتقال عرش
بلقيس إذا خضع النقل للأسباب الطبيعية (وليس لأسباب إلهية خارقة للعادة):
1- إذا كان الناقل
لعرش بلقيس حاضراً مع سليمان ثم ذهب بنفسه إلى اليمن ليأتي بعرش بلقيس، فمعنى ذلك
أنه قطع المسافة (2083 كم) بين الموقعين، ذهاباً وإياباً (أي: 4166 كم) في زمن أقل
من 100 مللي ثانية.
وبافتراض أن سرعته لم
تتأثر بحمله للعرش، وهو يكافئ حسابياً أننا سنحصل على متوسط السرعة في كامل الرحلة
لو اختلفت سرعة ذهابه عن سرعة إيابه، فالحد الأدنى لسرعة الإتيان بالعرش = المسافة /الزمن
= (4166 كم)/ (100 ملليثانية)
= 41,660 كم/ث.
وإذا أردنا أن نقارن
بين هذه السرعة، وسرعة الضوء التي قيمتها 300,000 كم/ث
فنقسم الأولى على
الثانية لنرى كم تكون نسبتها من سرعة الضوء، فنحصل على:
نسبة سرعة نقل عرش بلقيس
من سرعة الضوء = 41,660/ 300,000 = 13.89 %
هذا إذا وصل العرش واستقر أمام سليمان في زمن طرفة العين تماماً.
فإذا أخذنا في اعتبارنا أن ناقل العرش يذهب خفيفاً بسرعة أعلى من ذلك، ويعود ثقيلاً بسرعة أبطأ من ذلك، فلا بد وأن سرعته في الذهاب كانت أعلى من 13.89 % من سرعة الضوء، وربما كانت 9-10% (أو أعلى)، أي حوال 15% من سرعة الضوء ، وأنها كانت أبطأ في العودة وهو يحمل العرش، وربما كانت 5-6 % (أو أقل) من سرعة الضوء، أي حوال 13 % من سرعة الضوء. ويوضح الشكل الآتي (شكل 5) سرعة الذهاب والعودة في مثل هذه الحالة، وأن الزمن المستغرق في الذهاب أقل منه في العودة، وأن المساحة تحت المنحنيان متساويتان لأن كل منهما تساوي المسافة بين مأرب والقدس، مع الأخذ في الاعتبار حالات التعجل والتباطؤ في بداية ونهاية كل رحلتي الذهاب والعودة.
فإذا أخذنا في اعتبارنا أن ناقل العرش يذهب خفيفاً بسرعة أعلى من ذلك، ويعود ثقيلاً بسرعة أبطأ من ذلك، فلا بد وأن سرعته في الذهاب كانت أعلى من 13.89 % من سرعة الضوء، وربما كانت 9-10% (أو أعلى)، أي حوال 15% من سرعة الضوء ، وأنها كانت أبطأ في العودة وهو يحمل العرش، وربما كانت 5-6 % (أو أقل) من سرعة الضوء، أي حوال 13 % من سرعة الضوء. ويوضح الشكل الآتي (شكل 5) سرعة الذهاب والعودة في مثل هذه الحالة، وأن الزمن المستغرق في الذهاب أقل منه في العودة، وأن المساحة تحت المنحنيان متساويتان لأن كل منهما تساوي المسافة بين مأرب والقدس، مع الأخذ في الاعتبار حالات التعجل والتباطؤ في بداية ونهاية كل رحلتي الذهاب والعودة.
غير أننا يجب أن نلفت الانتباه إلى أن وصول العرش قد تم قبل انتهاء فترة طرفة العين (100 مللي ثانية)، أي أنه وصل قبل 100 مللي ثانية، ومعنى ذلك أن نقطة (د) هي لحظة الوصول، ونقطة (ج) هي لحظة ارتداد الطرف. وعلى ذلك، فالسرعة التي انتقل بها العرش ستكون أسرع قليلاً من 13.89 من سرعة الضوء، بسبب هذا الفرق، وذلك كي يصل قبل زمن 100 مللي ثانية ولو بأقل القليل.
خلاصة:
هذا هو أقصى ما يمكن
أن نعرف – بمعلومات العصر الحديث – عن سرعة انتقال عرش بلقيس من سبأ (اليمن) إلى
القدس في فلسطين؛ وهو أنه يمكن في إطار القوانين (السنن) الطبيعية نقل كتلة مادية
على حالتها دون تغير في طبيعتها أو هيئتها عبر آلاف الكيلومترات في جزء من الثانية (هنا جزء من عشرة أجزاء من الثانية)،
طالما كانت سرعتها في حدود ما وجدناه (13.89% أو أسرع قليلاً) من سرعة الضوء. ولا يمكن الزعم بأن عرش
بلقيس قد انتقل بسرعة الضوء كما قيل أعلى بناءاً على أي معطيات علمية، لأن هذه السرعة تتطلب طاقة لا نهائية بلا سقف أعلى!!!. كما لا يمكن
الزعم أيضاً بأن المادة تحولت إلى طاقة وعادت مادة مرة أخرة كما يزعم بعض من لا
علم لهم وما عندهم إلا التخمين الذي يلحقونه بالإعجاز العلمي وما هو منه.
وكل ما نستطيعه هو أن نقارن بين المعطيات الصادقة المعطاة في القرآن، وما يدعمها
من سنة صحيحة، وما هو مقرر بالتجربة المعملية والرياضيات الواصفة لها. أما ما تعج
به كتب التفسير من سحرية هذا النقل، أو غرائبية نقله مثل الذي قيل فيه من أن عرش
بلقيس قد غار في الأرض وخرج منها أمام سليمان عليه السلام، فكلام لا يؤبه له. وأما
الناقل للعرش فالغالب أنه من الجن، لأن الإنس لا قبل لهم بهذا. وأما الحديث عن أنه
من الإنس وأنه دعى باسم الله الأعظم، فيجب أن يوثق مصدره وسنده، وإلا فلا اعتماد
عليه. ولو كان، فهو مستغرب أن يُعطى أحد الحاضرين من الإنس في مجلس سليمان عليه
السلام في دعاء الله تعالى واستجابته سبحانه لهذا الدعاء ما لم يُعطه سليمان. .. وما
كان من سلطان من سليمان عليهم إلا على ما يقدرون عليه في خلقتهم وقدراتهم التي
يعرفون؛ حيث أن تنافسهم بين يديه كان على قدراتهم المسخرة بين يدي سليمان، وليس في قرب أحدهم إلى الله تعالى وبما يطمئن إليه من أن يستجيب الله تعالى دعائه في التو
والآن ولما يريد أن ينافس به غيره أمام سليمان عليه السلام!! .. إذ أن استجابة
الله تعالى لدعاء الداعين خارج أي تنافس بين المخلوقين، إلا إذا كان في مواجهة من
لا يؤمن بالله تعالى؛ وعندها يكون تنافس بين الإيمان والكفر؛ أي بين قدرة الله
تعالى وقدره من يُزعم لغير الله أي زعم.
هذا والله تعالى أعلم،،
راجع تحقيق كامل الكتاب هنا:
أخطاء بالجملة في كتاب "المعادلة التي وضعها القرآن E=mc/2 وسلبها أينشتاين E=mc2"
راجع تحقيق كامل الكتاب هنا:
أخطاء بالجملة في كتاب "المعادلة التي وضعها القرآن E=mc/2 وسلبها أينشتاين E=mc2"
أفلام
الخيال العلمي والتعجُّل بصورة (تُقرِّب للعقلية العلمية المعاصرة) ما حدث في إحضار
عرش سليمان.
في سلوك شبيه ظاهرياً
بما جاء في قصة سليمان من وقوع أحداث سريعة للغاية بما لا يشعر بها الحس البشري
كالتي ناقشناها أعلى، حاول الإنسان في إطار (الخيال العلمي المثير للفضول) صنع
أحداث تمثيلية غامضة، شبيهة من حيث فكرة السُّرعة المفرطة، والمشمولة بالتأثير
الفيزيائي الواقعي. وكانت النتيجة حلقة تليفزيونية تُدعى ،Rush بُثَّت
بتاريخ 6 ديسمبر 1999 على قناة شبكة فوكس Fox Network. وذلك ضمن سلسلة حلقات (الملفات الغامضة) (The.X-Files.S07E05.Rush)[13]. وقد اقتطعنا من هذه الحلقة مشهداً - سنعرضه الآن
- يحدث فيه أن بعض ممثليها لهم قدرة فائقة اكتسبوها في أحد المغارات، بسبب ما فيه
من مجال مغناطيسي غير تقليدي (وهذا الأمر مختلق فقط للإثارة وغير حقيقي بالطبع)، وهذه القدرة
تمكن صاحبها من الدخول في سرعات خيالية يفعل خلالها أحداثاً لا تستطيع العين
البشرية ملاحقته فيها. وفي اللقطة التالية، قامت الممثلة بإطلاق رصاصة على شخص آخر
ثم استدارت لتكلم شخص ثان، ثم توجهت إلى مسار الرصاصة التي قتلت بها الشخص الأول
ووقفت في طريقها لتقتل نفسها بنفس الرصاصة. أي أن الممثلة سَرَّعت من قوى التعجل
في نفسها بحيث فعلت أحداثاً تستغرق حوالي نصف دقيقة في الحس البشري العادي، ولكنها
اختصرتها لتحدث في 10 مللي ثانية، وذلك لأن سرعة الرصاصة = 343 متر/ثانية (لتقطع 3.5 متر في 10 مللي ثانية). أي أن
المشهد الآتي يُظهر كيف تم اختصار حوالي 26 ثانية إلى جزء من 100 جزء من
الثانية (قطعت في الرصاصة مسافة 3.5 متر تقريباً)، وهي قوة تكبير زمني قدرها = 26 *
100 = 2600 ضعف تقريباً.
ولم نأت بهذا المشهد
إلا للربط بين خيال الإنسان المعاصر وقدراته الخيالية والتكنولوجيا التي اغتر بها، وقدرات حقيقية سخرها الله تعالى
لسليمان عليه السلام، وذلك تصديقاً لقول الله تعالى "وَلَا يَأْتُونَكَ
بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا"(الفرقان:33).
المؤلف
[2] "المعادلة التي وضعها القرآن E=mc/2 وسلبها أينشتاين E=mc2"، حمدي بن حمزة الصريصري الجهني، الرياض، 1433هـ.
[3] السابق، ص 162-163.
[4] http://www.answers.com/Q/What_is_the_meaning_of_'twinkling_of_an_eye'
[5] حمدي الجهني، ص 163-164.
[9] Krishna, G.V.Siva, and K. Amarnath. "ANOVEL APPROCH OF EYE TRACKING AND BLINK DETECTION WITH A HUMAN MACHINE." International Journal of Advancements in Research & Technology 2.7 (2013): 289-97. SciResPub. Web.<http://www.ijoart.org/docs/ANOVEL-APPROCH-OF-EYE-TRACKING-AND-BLINK-DETECTION-WITH-A-HUMAN-MACHINE.pdf
ومصادر أخرى من التفاسير القديمة
[13] https://en.wikipedia.org/wiki/Rush_(The_X-Files)