الأربعاء، 6 مايو 2015

يومٌ - مقداره ألف سنة !.. فما هو؟!

من كتاب: فتاوى شرعية في النظرية النسبية
الفصل الثاني: آية (السجدة-5) وعلاقتها بسرعة الضوء
الجزء الأول: يوم مقداره ألف سنة ! ... فما هو؟!
بقلم: عزالدين كزابر

إن هدفنا في هذه الدراسة – أي في الجزء الأول من الفصل الثاني من هذا الكتاب- هو فهم قول الله تعالى ﴿.. فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ (السجدة-5) دون الوقوف بالضرورة على ما جاء في بداية الآية؛ أي قوله تعالى ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ .. ﴾. فـماهية "الْأَمْرَ"، و"يَعْرُجُ" من حيث معنى العروج، و العارج (من هو) أو (ما هو)؟ وآلية العروج، كل ذلك سنتجاوز عنه في هذا الفصل لأنه يتطلب دراسات مستقلة، حتى وإن كانت مرتبطة! وسوف نقابلها في الفصول اللاحقة من هذا الكتاب إن شاء الله.
قول الله تعالى ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ ولماذا عُدّ تفسيره من المشكل:
أقر الشيخ صالح الفوزان – كما فعل غيره ممن لهم قدمٌ في العلم الشرعي كالشيخ محمد الأمين الشنقيطي في كتابه [دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب]-  بأن هذه الآية من الـمُشكلات - في فهم المفسرين لها - حتى الآن، وخاصة إذا اقترنت بمثيلها في المعنى في قول الله تعالى ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾(المعارج:4) – وذلك باعتبار أن "الْأَمْرَ" النازل من السماء إلى الأرض ثم العارج إليها، أو إلى الله تعالى، تحمله أو تُبَلِّغْهُ الملائكة أيضا. يقول الشيخ الفوزان:

ونلاحظ جيداً أن الشيخ الفوزان يميز بين ثلاثة آراء واضحة في تفسير هاتين الآيتين:
الرأي الأول: ما نقله عن ابن القيم (في قصيدته النونية الشهيرة) من أن (ألف سنة)، هو زمن عروج الأمر من سطح الأرض إلى العرش، وأن خمسين ألف سنة هو زمن العروج من الأرض السفلى إلى العرش.
قال ابن القيم:
هذا ورابعها عروج الروح وال ........... أملاك صاعدة إلى الرحمـــــــــن
ولقد أتى في سورتين كلاهما ........... اشتملا على التقدير بالأزمان
في سورة فيها المعارج قدرت ........... خمسين ألفا كامل الحسبان
وبسجدة التنزيل ألفا قدرت ........... فلأجل ذا قالوا هما يومـــــــــــــــان
يوم المعاد بذي المعارج ذكره ........... واليوم في تنزيـل في ذا الآن
وكلاهما عندي فيوم واحد ........... وعروجهم فيه إلى الديــــــــــــــــــــــــان
فالألف فيه مسافة لنزولهم ........... وصعودهم نحو الرفيـــــــع الداني
هذي السماء فإنها قد قدرت ........ خمسين في عشر وذا صنفــــــان
لكنما الخمسون ألف مسافة ...... السبع الطباق وبعد ذي الأكـــــوان
من عرش رب العالمين إلى الثرى . عند الحضيض الأسفل التــحتــــــــــانِ
واختار هذا القول في تفسيره ........... البغوي ذاك العالم الربـــــــــــــانِ
ومجاهد قد قال هذا القول ........ لكن ابن اسحاق الجليل الشـــــان
قال المسافة بيننا والعرش ذا .......... المقدار في سير من الإنسـان
والقول الأول قول عكرمة وقو ........... لـ قتادة وهما لنا علمــــــــــــان
واختاره الحسن الرضا ورواه عن ........... بحر العلوم مفسر القرآن
ويرجع القول الذي قد قاله ........... ساداتنا في فرقهم أمــــــــــــــــــــــران
أحداهما ما في الصحيح لمانع ........... لزكاته من هذه الأعيــــــــــــان
يكوى بها يوم القيامة ظهره ........... وجنبينه وكذلك الجنبــــــــــــــــــــــان
خمسون ألفا قدر ذاك اليوم في ...... هذا الحديث وذاك ذو تبيــــــان
فالظاهر اليومان في الوجهين يو ........... م واحد ما إن هما يومـان
قالوا وإيراد السياق يبين المضـ ........... ـمون منه بأوضح التبيــــــــان
فانظر إلى الإضمار ضمن يرونه ........... ونراه ما تفسيره ببيــــــــــــــــان
فاليوم بالتفسير أولى من عذا ........... بـ واقع للقرب والجيـــــــــــــــران
ويكون ذكر عروجهم في هذه الدنيـ ........... ـا ويوم قيامة الأبــــدان
فنزولهم أيضا هنالك ثابت ........... كنزولهم أيضا هنا للشــــــــــــــــــــان
وعروجهم بعد القضا كعروجهم ........... أيضا هنا فلهم إذاً شأنــان
ويزول هذا السقف يوم معادنا ........... فعروجهم للعرش والرحمــن
هذا وما اتضحت لدي وعلمها المـ ...... ـوكول بعد لمنزل القــــــــــرآن
وأعوذ بالرحمن من جزم بلا ........... علم وهذا غاية الإمكـــــــــــــــــــان
والله أعلم بالمراد بقوله ........... ورسوله المبعوث بالفرقـــــــــــــــــــــــــــــان
الرأي الثاني عند الشيخ الفوزان: وهو رأي منافس للرأي الأول، وفيه أن الفرْق بين (ألف سنة) و(خمسين إلف سنة) يرجع إلى مسيرة سير واحدة (بين الأرض والعرش على ما يبدو) ولكن بسرعتين مختلفتين، يقطعها الأسرع في الزمن الأقل؛ أي (ألف سنة) أما الأبطأ فيقطعها في زمن أطول (خمسين ألف سنة).
الرأي الثالث: هو التوقف (اي: عن القول بلا دليل أو قرينة).
تفسير قوله تعالى ﴿ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾(السجدة:5)
والآن، ما هو أصح الأقوال (باعتبار أن الأقوال الثلاثة السابقة شاملة ومستوعبة لكل رأي جديد يحمله الدليل أو القرينة)؟
نقول: أن القول بالتوقف هو أولى الأقوال لغياب الدليل أو القرينة (حتى يُظهرها الله تعالى بإفادة معرفية جديدة).
غير أن توقُّفْنا لا يمنع تقييم الرأيين الآخرين، مثلما أن التوقف في نسبة حديث للنبي صلى الله عليه وسلم لا يمنع تقييم الروايات من حيث التحسين والتضعيف.
وبناءاً على هذا المبدأ نتساءل على سبيل التحقيق: ماذا عن القول الثاني: الذي فيه أن الآية ربما تتكلم عن مسيرة (ما بين الأرض والعرش)، يقطعها (الأمر) السريع في ألف سنة و(الأمر) البطيء في خمسين ألف سنة؟
نقول: إن هذا القول أقرب إلى الحق – أو على الأقل أبعد عن النكارة - من القول الأول الذي فيه ذكر الأرض السفلى. والذي نطرحه بالكلية لغرابته، بل نكارته، لأن وجود أرض سفلى تحت أرضنا، وأن يكون العرش من جهة أرضنا العلوية قول لم يعد له أي وجاهة! وذلك بعد تتابع العلم في الكشوف الفلكية والسماوية، وأن العرش لابد وأن يكون وراء هذه السماء بكل ما فيها، وأنه حتماً محيطٌ بها من كل جانب. فإن كانت الأرض السفلى تحت أرضنا، فلا بد وأن تكون في جوف أرضنا، وهذا قول مستنكر لسببين، الأول: أن عمق الأرض شديد الحرارة بما تنصهر له المعادن، والثاني أن قلب الأرض قريب قريب للغاية (حوالي 6 آلاف كيلومتر)، ولا نقول بالنسبة إلى ارتفاع العرش عن سطح أرضنا، بل حتى بالنسبة إلى ارتفاع القمر!(حوالي 380 ألف كيلومتر) فكيف بالعرش؟! ... وبناءاً عليه، فالنسبة بين ألف سنة وخمسين ألف سنة؛ أي خمسين ضعفاً، محال أن تتحقق لرأي كهذا. كما وأن ابن القيم رحمه الله – كما رأينا أعلى- لم يتمسك بهذا الرأي، بل إنه قال في نهاية ذكر المسألة[1]:
هذا وما اتضحت لدي وعلمها المــوكول بعد لمنزل القرآن
وأعوذ بالرحمن من جزم بلا علم وهذا غاية الامكان
___
وإذا راجعنا الشيخ الشنقيطي في "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب"، نجده يقول:
[وللجمع بينهما (أي قول الله تعالى: "يومٌ مقداره ألف سنة"، و"يوم مقداره خمسين ألف سنة") وجهان:
الوجه الأول: هو ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس من أن يوم الألف في سورة الحج هو أحد الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض، ويوم الألف في سورة السجدة هو مقدار سير الأمر وعروجه إليه تعالى. ويوم الخمسين ألفا هو يوم القيامة.
الوجه الثاني: أن المراد بجميعها يوم القيامة وأن الاختلاف باعتبار حال المؤمن والكافر؛ ويدل لهذا قوله تعالى: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} ذكر هذين الوجهين صاحب الإتقان (يقصد السيوطي). والعلم عند الله.]
ونستبعد مما قيل أعلى من أن [يوم الألف في سورة الحج (أي: "وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ") هو أحد الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض] لأنه يلزم عنه أن خلق السموات والأرض قد تم في ستة آلاف سنة من سنيننا. وهذا أصبح مُحال بعد العلم بتأريخ صخور الأرض.
ونأخذ على الحصر الذي أتى به الشنقيطي في الوجهين اللذين ذكرهما، أنه استبعد تماماً أن يكون (اليوم ذي الخمسين ألف سنة) ذو علاقة وثيقة بعروج الروح والملائكة على نحو مخصوص. بمعنى أن ارتباط هذا اليوم بيوم القيامة لا شك فيه من واقع الحديث، الذي أتى على ذكره ابن القيم، وسنأتي على سرد نصِّه بعد قليل، غير أن هذا اليوم أيضاً مرتبط بآلية عروج الملائكة والروح على نحوٍ عام، بل إنه الأولى لصراحة آية (المعارج-4) في ذلك. ولو أنه قصر ذلك على يوم القيامة، لحجره عن عروج الملائكة والروح إلى الله تعالى قبل يوم القيامة، وهو حجر غير مأمون الخطأ، ولا يُقال به إلا ضرورة أو لزوماً وليس هناك مما يُعتمد عليه في ذلك.
 ___
ونذكر هنا الحديث الصحيح للنبي صلى الله عليه، عن يوم القيامة، والذي جاء في ذكر الخمسين ألف سنة، وأنه هو هو، أو أن له طول مثل طوله (وهذا المعنى الأخير هو الذي نٌرجِّحه في المعنى حتى نأمن الخطأ، لأن القصد هو طول اليوم ودلالته، وليس تسمية أخرى ليوم القيامة).
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار". قيل: يا رسول الله فالإبل؟! قال: "ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها ومن حقها حلبها يوم وردها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" قيل يا رسول الله فالبقر والغنم؟! قال: "ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئا ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" قيل: يا رسول الله ... إلخ](صحيح مسلم)
- ويذهب (بعض مُفسري) المذهب الشيعي إلى أن معنى (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) – فيما ينسبونه إلى أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي الملقب بشيخ الطائفة (385هـ - 460هـ)- أنه يوم القيامة، حيث ينقلون عن الطوسي – في كتاب "الأمالي"- (ومثلها عن الكافي) أنه قال: (تفصيلاُ في هذا الشأن – لم نجد مثله عند أهل السنة): [أن يوم القيامة خمسون موقفاً كل موقف بألف سنة. وهذا هو الرأي الغالب – فيما يبدو - في الجمع بين يوم بألف سنة ويوم بخمسين ألف سنة]. راجع هذا المقطع.
___
وفي خلاصة لما سبق نقول:
- نستبعد قول ابن القيم في قصيدته، والذي جاء فيه ذكر الأرض السفلى، والذي سمعناه أيضاً من الشيخ الفوزان – خاصة وأن ابن القيم لم يتمسك به كما رأينا أعلى.
- كما نستبعد قول الشنقيطي من أن (يوم بألف سنة) هو من الأيام الستة التي خلقت فيها السموات والأرض.
وأيضاً نستبعد قول الطوسي من أن يوم القيامة خمسون موقفاً، وأن كل موقف بألف سنة؛ وذلك لغياب التوثيق السندي بنسبة هذا القول إلى النبي صى الله عليه وسلم على نحو يُعتد به.
- ورغم أن التأثير النفسي على طول يوم القيامة على الكافر لا يمكن استبعاده كما ذكر ذلك الشنقيطي حين قال: [{إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} .. الظاهر في الجواب أن يوم القيامة يطول على الكفار ويقصر على المؤمنين ويشير لهذا قوله تعالى ..: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً}]، إلا أن سياق التمييز بين الألف، والخمسين ألف سنة، على نحو مخصوص، يرغمنا على استبعاد ما هو أقل من خمسين ألف للكافر، ومعلوم أن الكافرين في دركات، مثلما أن المؤمنين على درجات. ووضع الكافرين جميعاً في سلة واحدة، وأن يوم القيامة سواء عليهم جميعاً في العذاب النفسي (بتمييزه بالخمسين ألف سنة) يضعنا في إشكال آخر من هذه المساواة، وهو أمر لا ينبغي أن يستقيم. ومع قبول مبدأ العذاب النفسي الواقع على الكافرين، إلا أن ربطه بالخمسين ألف سنة على التعيين يصبح غير ضروري. ولهذا السبب نستبعد هذا التفسير.
___
ويتبقى أمامنا أن الألف سنة، والخمسين ألف سنة إنما هما مسيرتان، وعلى النحو التقليدي لدى العرب في قياس المسافات بالأزمان التي تُستغرق في قطعها. ولمعرفة معنى استخدام الزمن عند العرب للتعبير عن المسافة المقطوعة، وتزكية هذا المعنى من جملة من التفاسير المأثورة، نستحضر ما سبق وعرضناه في دراسة أخرى، وما نقدناه فيها لما قاله أحد الباحثين – الأستاذ الدكتور نضال قسوم - عن هذه المقطع من الآية ﴿.. فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ ساخراً ممن سعى حديثاً إلى ربط معناها بسرعة الضوء في الفراغ.
سخرية بعض العلميين الـمُحدثين من ربط آية السجدة بسرعة الضوء:
قلنا في تحقيقنا لكلام د. نضال قسوم: [- على المنوال الساخر من مبدأ الإعجاز العلمي، ومن يزعم به زعما، والذي يمكن أن يُفضي إلى أي إفادة علمية لم يعلمها الناس إلا حديثاً، حكى د. نضال قسّوم الحكاية الشخصية الآتية، قال: [قبل عقد من الزمن (أي حوالي سنة 1999)، أخبرني شاب فلكي مصري عن بحثٍ قرأه حديثاً، وقال أن ذلك البحث يُعد الأكثر إثارة عقلية لبحث قرأه في حياته. ورغم أن تخصص هذا الشاب كان مختلفاً تماماً عن تخصصي، إلا أن كلامه قد استثار فضولي بشدة للسؤال عن محتوى ذلك البحث، ولماذا أثاره إلى الحد الذي وصفه لي. ثم أذهلني عندما قال أن هذا البحث كان عن حساب سرعة الضوء بواسطة فيزيائي مصري، و(أن قيمة السرعة خرجت) من لا شيء سوى بضع آيات من القرآن. فتعجبت وسألته: هل تقصد أنه استنتج قيمة سرعة الضوء (c) بالجمع بين عدد من الآيات بما يشبه الجمع الجبري في معادلات جديدة؟ .. إن هذا مستحيل! .. وضحكت.][2].
ولا تبدو الدلالة خافية على أن الحكم بالاستحالة كان انطباعيا، ودونما إجراء أي تحقيق علمي للبحث الـمُشار إليه، ثم مصاحبة هذا الحكم بالضحك، وهو إن دل على شيء، إنما يدل على المدى البالغ للسخرية من أمر كهذا!!! ..
وفي مراجعة لذلك البحث الذي أشار إليه، توقف د. قسُّوم على المعادلة التي احتكم إليها البحث، والتي كانت ترجمة رياضية لآية (السجدة: 5)، أي لقول الله تعالى "يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ"، وأخذت المعادلة الصورة الآتية (سنشرحها بعد قليل):
سرعة الأمر الكوني = 1000 سنة مما نعد من سنين (مقسوماً على) يوم واحدة من أيامنا
سرعة الأمر الكوني = (1000 سنة قمرية)/ (24 ساعة)
قال د. قسوم:  [يستطيع أي طالب أن يستدل سريعاً على خطأ هذه المعادلة من الأساس، لأن السرعة لا يمكن أن تكون خارج قسمة فترتين زمنيتين][3].
وهذا الحكم الساخر أيضاً (أي قوله: أيّ طالب، والذي يفيد أن ضحالة معرفة "الطالب" العلمية لن تمنع من معرفة الخطأ لفجاجته)، كان حكماً متعجلاً، وليته لم يخرج من صاحبه. .. لأن كاتب هذه السطور قد راجع هذا البحث أيضاً سنة 1995، بعد طلب مباشر وشخصي من الدكتور زغلول النجار نفسه، وكانت نتيجة المراجعة التي أبلغت بها الدكتور النجار أن المعادلة لا بأس بها، وإنما كان البأس كل البأس في توظيف المعادلة في ظاهرة طبيعية لم تكن معنية بهذه المعادلة بالضرورة، وهو ما سنراه بالتفصيل في الجزء الثاني من هذا الفصل إن شاء الله تعالى.
___
فإذا سعينا للتحقيق في معنى المعادلة محل المسألة، وعِلْميَّتها، فلن نجد بها أي غرابة، ولكن فقط إذا عَلِم الـمُفسّر عادة العرب – وثقافة المنطقة العربية في ذلك العصر القديم - في التعبير عن المسافات التي يقطعونها بالأزمان التي يألفونها، وهو أمر مشهور يعلمه الباحثون الـمُحْدَثون - بما فيهم الغربيون- تمام المعرفة، فهذا (غوستاف لوبون) يقول (سنة 1884م): [وتُحسب المسافات بالساعات في جزيرة العرب، كما في الشرق كله، ويرى العربي أن سير الجمل ذي الحمل الخفيف في الساعة الواحدة يَعْدِل فرسخاً، (أي ثلاثة أميال[5]]([4]. أما التراث الإسلامي فزاخر بتأكيد هذا المعنى، فنقرأ في كتب التاريخ: أنه [لما استقر عمرو بن العاص رضي الله عنه على ولاية مصر، كتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن صف لي مصر؛ فكتب إليه: "ورد كتاب أمير المؤمنين أطال الله بقاءه يسألني عن مصر: اعلم يا أمير المؤمنين أن مصر قرية غبراء، وشجرة خضراء؛ طولها شهر، وعرضها عشر (يقصد عشرة أيام)... إلخ الوصف"][6]. وطول مصر - في ذلك الزمان - هو المسافة من البحر المتوسط حيث يصب النيل، وحتى الشلال الأول على النيل من بلاد النوبة، وتُقدر هذه المسافة بـ 200 فرسخ، أي حوالي 1000 كيلومتر. وهكذا عبرّ عمرو ابن العاص عن هذه المسافة بالزمن عندما قال: (طولها شهر).
وبهذا المعنى يمكن أيضاً فهم آيات قرآنية أخرى، لا يمكن أن تفهم على وجهها الصحيح إلا بهذا المعنى. فهذا قول الله تعالى عن تسخير الريح لسليمان عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، قال تعالى " وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ "(سبأ: 12)، ومعناها أن الريح التي سخّرها الله تعالى لسليمان كانت من فرط سرعتها تقطع مسيرة شهر - يقطعها المسافرون بسرعاتهم المعروفة زمنهم بالإبل - فقط في ساعة غدوة أو روحة. هذا وقد فسر الزمخشري الآية في الكشاف، وقال: [جريها بالغداة مسيرة شهر، وجريها بالعشي كذلك] وفي معنى الغدوة (ومثلها الرَّوْحَة) قال ابن منظور: [الغُدْوة بالضم: البُكْرَة؛ ما بين صَلاةِ الغَداة وطلُوعِ الشمس.]
ولكي نتصور معنى هذا الكلام، نطبقه على مثال عملي، فإذا كانت المسافة هي طول مصر وقدره 1000 كيلومتر، (وذلك حسب وصف عمرو ابن العاص، رضي الله تعالى عنه، أعلى، عندما قال: "طولها شهر")، وتقطعها تلك الريح – كما قال تعالى " غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ " – أي في ساعة غدوة أو روحة (= ما بين ساعة وثلث إلى ساعة ونصف بساعاتنا)، فمعنى ذلك أن سرعة الريح (المسخرة لسليمان) تتراوح ما بين ( مسيرة شهر/1.333 ساعة) و (مسيرة شهر/1.5 ساعة)
أي ما بين ( 1000 كم/ 1.333 ساعة) و ( 1000 كم/ 1.5 ساعة)
أي ما بين (750) كم/ساعة، في أقصاها و (667) كم/ساعة، في أدناها. 
(ونتساءل: أليس هذا هو مدى السرعات الذي تندفع به الطائرات المعاصرة في الهواء)!!!
وهذه هي نفس المعادلة التي سَخِرَ منها د. نضال قسوم – حيث أن " غُدُوُّهَا شَهْرٌ"، ما هي إلا غُدُوُّهَا (زمن)= شَهْرٌ (زمن)، وكذلك "وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ" ليست إلا يَوْمًا (زمن) = أَلْفِ سَنَةٍ (زمن) – غير أنه سقط من د. نضال قسُّوم لفظ (مسيرة) - الواجب استحضاره - لعدم تقصِّيه عن المسألة والعادة اللغوية العربية! ... وعلى ذلك يكون معنى المعادلة المقصودة أعلى هو:
مسيرة يوم واحد بسرعة الأمر (المجهول) = مسيرة ألف سنة بسرعة أرضية مألوفة أو معروفة أو مميزة.
أي أن المعادلة تأخذ الصورة: (مسافة1 * سرعة1) = (مسافة2 * سرعة2)
وبقسمة الطرفين على مسافة1، نحصل على:
سرعة1 = (مسافة2 * سرعة2) / مسافة1
وإذا طبقنا ذلك على المعادلة، نحصل على:
سرعة الأمر (المجهول حتى الآن) = (مسيرة ألف سنة بسرعة معتادة)/(يوم واحد) ........ (معادلة - 1)
فإذا عُلم الطرف الأيسر من المعادلة، عُلم الطرف الأيمن، والذي هو سرعة الأمر (المجهول). ولا نجهل في الطرف الأيسر إلا مسيرة الألف سنة، فإذا عُلمت هذه المسيرة، أمكنَّا حساب سرعة جريان أو انتقال أو عروج ذلك الأمر المعني في الآية. وهذا هو فحوى بحث سرعة الضوء القائم على آية (السجدة:5)، ولم يكن هناك من وجه للسخرية أبداً.
ونرى أن المانع الذي حجب د. قسوم عن معالجة المسألة بما تستحقه من بحث، هو الانطباعات المسبقة التي تمنعه حتى من مراجعة التفاسير، وتحليل محتوى الآيات، ومناقشة القيمة العلمية لأفكار التفسيرات المطروحة! ... وهذه الانطباعات مشحونة ضد علمية النص القرآني، ولو حتى على سبيل الاحتمال. (أنظر في ذلك نقدنا لجملة من آراء الدكتور نضال قسوم في علمية القرآن في دراستنا عنه)
___
تفاسير تراثية ذات قيمة علمية عالية:
ونسوق فيما يلي بعض الأمثلة من التفاسير التراثية التي تزكي التفسير السابق للمعادلة، وتحمل قيم علمية بالغة في معنى قول الله تعالى "يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ "(السجدة:5). مع التذكير بأننا معنيون فقط – في هذه المرحلة من الدراسة- بمعنى "فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ" دون معنى " الْأَمْرَ"؛ أهو (جبريل عليه السلام) أو (باقي الملائكة) أو ("الأمر" من أوامر الله تعالى) أو ("الأمر" من أمور الخلق).
1- قال الطبري في تفسيره: [عن قَتادة ( يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ ) من أيامكم (كانَ مِقْدارُهُ ألْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) يقول: مقدار مسيره في ذلك اليوم ألف سنة مما تعدّون من أيامكم من أيام الدنيا. ..
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو معاوية، عن جُوَيبر، عن الضحاك (ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) قال: تعرج الملائكة إلى السماء، ثم تنزل في يوم من أيامكم هذه، وهو مسيرة ألف سنة. ...عن ابن عباس في قوله:( ..فِي يَوْمٍ ) من أيامكم هذه]
1- قال أبو حيان في البحر المحيط: [المسافة مسيرة ألف سنة في الهبوط والصعود، لأن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة، وهو يوم من أيامكم لسرعة جبريل، لأنه يقطع مسيرة ألف سنة في يوم واحد.]، وقال مثله الزمخشري في الكشاف،
2- ونقل ابو حيان: [قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وعكرمة ، والضحاك : ينفذ الله قضاءه بجميع ما يشاؤه. { ثم يعرج إليه } : أي يصعد ، خبر ذلك { في يوم } من أيام الدنيا، { مقداره } : أن لو سير فيه السير المعروف من البشر { ألف سنة }]
3- ونقل أبو حيان أيضاً: [قال مجاهد أيضاً : الضمير في مقداره عائد على التدبير ، أي كان مقدار التدبير المنقضي في يوم ألف سنة لو دبره البشر.]
4- وقال الماوردي في النكت والعيون: [{ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ ممَّا تَعُدُّونَ } فيه ثلاثة أقاويل .. الثاني : أن الملك ينزل ويصعد في يوم مسيرة ألف سنة ، قاله ابن عباس . والضحاك.]
5- وقال السمرقندي في بحر العلوم: [{ ثُمَّ يَعْرُجُ * إِلَى السماء } فيكون نزولها ورجوعها – يقصد الملائكة - في يوم واحد مقدار المسير ، على قدر سيرنا { أَلْفَ سَنَةٍ }]
6- وقال ابن كثير في تفسيره: [وفي المسند والسنن، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر في ملكه مسيرة ألف سنة، ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه.] .. فالتعبير عن السعة (أي: المسافة) بالمسير في الزمن بسرعة يعلمها السامع أمر شائع في العربية.
7- وقال البغوي: [{فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} أي: في يوم واحد من أيام الدنيا وقدر مسيرة ألف سنة.] .. فإذا تعين الزمن (طول اليوم على الأرض) والمسافة (مسيرة الألف سنة)، عُلمت السرعة. وهذا هو الغرض، أي بيان قدر السرعة، التي تجعل ذلك الأمر يقطع به مسيرة الألف سنة في يوم واحد فقط!
وقال مثل ذلك من المفسرين: مقاتل بن سليمان في تفسيره المجموع، والبيضاوي في أنوار التنزيل، والثعلبي في تفسيره، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن،  ..إلخ.
والواقع أنه لم يُستقر بعد – عند أهل العلم المحققين حتى هذه اللحظة التي تُكتب فيها هذه السطور - على ماهية (مسيرة الألف سنة)، ولذلك ظلت هذه الآية – واستخراج قيمة سرعة الضوء منها – مسألة معلقة، رغم أن كاتب هذه السطور قد عرض مقترحاً لذلك سنة 1996، رآه وجيهاً وما يزال، وهو المقترح الذي سنعرضه إن شاء الله في الجزء الثالث من هذا الفصل، وفي عرض جديد يتناسب مع فرق سنوات النشر، وقوة الاحتجاج].
ولكن قبل ذلك سنذكر عدد من التمهيدات الواجبة:
___
- الزمن وإحساس الكائنات الحية به Time and Time Perception:
سنعرض هنا مقطع فيديو يكشف معنى الإحساس بالزمن، ليس فقط عند الإنسان، الذي كان يظن أن احساسه بانقضاء الزمن مطلق، ولكن باعتباره كائناً حياً مُستقبِلاً للحوادث المتتابعة عبر حاسة البصر بالدرجة الأولى؛ وذلك في مقارنة بينه وبين عدد من الكائنات الحية. ومن هذه المقارنة سيتبين كيف أن إحساس الإنسان بالزمن ليس فريداً، ولا مطلقاً، بل هو مرتبط بعدد من الغرائز الحسية، والتي لو كانت غير ما هي عليه، مثلما الحال عند غيره من كائنات حية، لكان إحساسه أسرع أو أبطأ! ..


كيف تتفاوت الكائنات الحية في الإحساس بالزمن
ونخرج من هذا المقطع بالآتي:
1- أن عين الذبابة تستطيع أن ترى فترات زمنية أصغر كثيراً من الفترات الزمنية التي تراها عين الإنسان. ومن ثم، تعيش الذبابة حياتها القصيرة بسرعة زمنية عالية؛ أي أنها تدرك تفصيلات بصرية أكثر من تلك التي يدركها الإنسان في الفترات الزمنية الواحدة. ونتيجة ذلك، فإن أفعالنا السريعة ستبدو في عين الذبابة بطيئة للغاية. لذلك، تنفعل الذبابة بسرعة تعادل عشر أضعاف سرعة انفعالنا إذا تعرضنا لأحداث مشتركة.
2- تعيش الطيور أيضاً في واقع سريع الأنات الزمنية. ويرجع ذلك إلى احتياج الطيور إلى مناورات دقيقية في الطيران، الأمر الذي يستدعي تواقت مرهف الدقة.
3- يتوهم الإنسان أن كل أشكال الحياة تستقبل الإحساس بالزمن على نفس الوتيرة التي يستقبلها هو، وهذا غير صحيح، ولايعكس إلا انحباسنا الزمني في رتابة نفسية خاصة، تقيدنا فيها آليات عمل أجهزتنا البصرية والسمعية.  
4- رغم أن الذبابة أسرع في استقبالها للمعلومات من الإنسان بعشر أضعاف، إلا أنها أبطأ كثيراً من طائر السنونو الأبيض في ذلك، وإلى الدرجة التي يلتقطها في فمه بسهولة بالغة وهو يلاحقها في الطيران.
5- وتبلغ دورة حياة الذبابة ثلاثة أسابيع فقط، ويبلغ شبيه الفأر Shrew سنة واحدة، بينما يبلغ الفيل 60 سنة. وهكذا يكون لكل حيوان أجل مميز لحياته قبل أن يموت ويعود إلى الأرض متحللاً. وتؤثر هذه الآجال المختلفة على وتيرة حياة كل حيوان، فنجد أن لمعظم الثدييات، سواء كانت الفيل أو شبيه الفأر Shrew أو غيرها، نفس متوسط عدد دقات القلب رغم الاختلاف البيِّن في أطوال آجالها!
6- فيعيش شبيه الفأر shrew سنتين ونصف، إلا أنه يقضيها بوتيرة حياة سريعة، فينبض قلبه بمعدل 600 نبضة في الدقيقة، وبتجميع ذلك نجد أنه يصل في نهاية حياته إلى حوالي 800 ألف نبضة، وهو نفس إجمالي النبضات تقريباً عند باقي الكائنات.
7- وينبض قلب الفيل 24 نبضة فقط في الدقيقة. ويعيش 60 سنة. لذلك على الفيل أن يسرع 24 ضعفاً ليعيش برتابة الحياة التي يعيشها شبيه الفأر shrew.
8- ويعتمد معدل انقضاء الزمن على الكائن الحي على حجم جسمه. فالحيوانات الأكبر حجماً تعيش حياة أطول، وتنقضي دورة حياتها ببطأ، وتتلازم سرعة الاحساس بالزمن مع سرعة نبضات القلب.
ونسأل: ما معنى هذا الذي رأيناه في مقطع الفيديو؟!
نجيب عن ذلك بهذا الشرح التصويري للفروق بين عدد من الكائنات:

جدول (1): اختلاف الكائنات الحية في الشعور باللحظات الزمنية بقدر ما تعي منه من رتابة الأحداث
ومعنى ذلك أن ما تشعر به الذبابة من أحداث أي فترة زمنية، لن يتراكم مثله عند الإنسان إلا بعد عشر أضعاف نفس الفترة الزمنية، وهو ما يمكن التعبير عنه بأن:
(يوماً عند الذبابة كعشرة أيام عند الإنسان)، ويقال مثل ذلك أن:
(يوماً عند شبيه الفأر كأربع وعشرين يوماً عند الفيل)، وأن: 
(يوماً عند الإنسان كثلاثة أيام عند الفيل).

ويعود الفرق بين الكائنات الحية في حاسة الرؤية وسرعة التقاط صورها، ومن ثمّ الشعور بمرور الزمن، إلى فروق في خِلْقَة الكائنات، وبما يجعل الأصغر حجماً ذا سرعة حياة أكبر، وطول عمر أقل.

ويلاحظ أن الفراغات الواقعة بين اللقطات البيضاء، والـمُبيَّنة بالرسم باللون الأسود، يعمل دماغ الكائن الحي على محوها بدمج اللقطات المرئية المتتابعة – مثل شريط الفيلم السينمائي - بما يُسمى (استدامة الرؤية persistence of vision) وكأن اللون الأسود – ومن ثم الأحداث الكامنة فيه - غير موجودة (مثل حركة الرصاصة المنطلقة سريعاً فلا تراها عين الإنسان). لهذا كان إجمالي ما نراه من أحداث زمنية دائماً أبداً أقل مما هو متاح في (مستودع) الأحداث الطبيعية. أي أننا محدودو القدرة البصرية بنسبة ما نراه إلى مجموع ما هو كائن في مستودع الزمن الطبيعي من أحداث. ولو أننا نرى كل شيء لكان بصرنا شديد الحدة، كما قال تعالى عن حالنا يوم القيامة "فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ"(ق:22).
___
وفيما يخص الإنسان، فيختلف عليه مرور الزمن لسببين:

الأول: وهو من نوع الاختلاف السابق من حيث اختلاف البنية الحيوية: وفيه أن الإنسان منذ آدم عليه السلام كان ذا حجم يتخطى العشرين متراً (27 مترا لآدم) وكان بحجم الديناصورات العملاقة، أنظر دراسة (طول آدم والإنسان، ومنحنى نقصانه مع الزمان، والرد على عدنان)، وقد رأينا في الفيديو السابق أن جسم الكائن الحي كلما تضخم، كلما تباطأت عملياته الحيوية، وانخفض عدد نبضات قلبه، فها هو الفيل المعاصر ينبض قلبه بمعدل 24 نبضة فقط في الدقيقة، وإذا ذهبنا لأضخم الحيوانات المعاصرة، وهو الحوت الأزرق (يزيد وزنه عن 200 طن ويصل طوله إلى 30 متر، ويُعد أضخم الحيوانات المعروفة على الإطلاق بما فيها أضخم الديناصورات)، لوجدنا أن قلبه لا ينبض إلا بمعدل 8-10 نبضة في الدقيقة.

مقارنة بين حجم الحوت الأزرق المعاصر وغيره من حيوانات عاشت على الأرض (لاحظ حجم الفيل الأفريقي المعاصر)

نموذج بالحجم الحقيقي لقلب الحوت الأزرق[7]

وهذه الوتيرة البطيئة من الحياة تجعل الزمن أبطأ في مروره على الكائن الحي، كما رأينا في المقارنة بين الفيل وشبيه الفأر، فإذا ما صغر حجم الكائن الحي، زادت سرعة نبضات قلبه، وتسارعت انفعالاته، ازدادت سرعة إدراكه للزمن لكثرة ما يعيه من حوادث في زمن وجيز. ويمكن القول - بهذا المعنى _ أن عمر الإنسان الحالي (70 سنة) يكافيء عمر آدم عليه السلام (1000 سنة) من حيث الوعي بما فيه من أحداث.

أما الاختلاف الثاني لمرور الزمن على الإنسان، فيعود إلى اختلاف الحضارة: وفيه أن تأثيرات التغير الثقافي وأدوات تحصيل المعرفة وإنجاز الأعمال قد تضاعفت بسببه سرعة أحداثها. وهذا يجعل المحتوى الحدثي في الفترة الزمنية الواحدة للإنسان المعاصر أضعاف كثيرة من مثلها لدى الإنسان الأقدم. ونُمثِّل لذلك بأنه لو تقابل تاجران أحدهما معاصر، والآخر عاش قبل ألف سنة، فلن نجد أي غرابة في أن يقول التاجر المعاصر للآخر: [إن يوماً عندي بمائة يومٍ عندك] ويقصد من ذلك أنه يُنجز في يوم واحد من الصفقات (من عقد الصفقة وشحنها وتحصيل عائدها) ما يحتاج التاجر الآخر إلى مائة يوم لإنجاز مثلها، ويقال مثل ذلك على أغلب أنشطة الإنسان المعاصر إذا قورنت بمثيلها لدى الإنسان الأقدم. 
___
مستودع الأحداث الطبيعية في الزمن:
ما رأيناه أعلى من فروق بين الكائنات الحية في الآليات البصرية – ومن ثم في الكشف عن مخبوءات الزمن من حوادث سريعة المرور - كان مما خلقه الله سبحانه، مما يصلح به حياة تلك الكائنات وما خُلقَت له، كما قال تعالى "رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى"(طه:50).
فإذا تمثَّلنا بتلك الكئنات في صناعة أجهزة قادرة على التقاط صور متتابعة سريعة، أمكنّا الكشف عن الحوادث التي لا نراها، ومن ثم، أمكنّا تكبير الزمن. فإذا فعلنا ذلك فما الذي سنراه؟!
يكشف الفيدو الآتي عن ذلك، بشكل جيد، فلنطالع:
                           

ونخرج من هذا الفيلم بما يلي:
1- إذا اتخذنا معدل نبضات قلب الإنسان (=  1.2 / ثانية) مرجعاً للمقارنة، فإن:
2- معدل ضربات جناح الذبابة سيتطلب تكبيراً للزمن قدره 1000 مرة، (للوصول إلى المللي ثانية، فتُرى كالثانية) وذلك لكي يصل إلى معدل نبضات قلب الإنسان.
3- ويتطلب معدل انطلاق رصاص البندقية تكبيراً للزمن قدره مليون مرة (المايكروثانية).
4- ويتطلب معدل جريان النبضات الإلكترونية في الدوائر المتكاملة الإلكترونية تكبيراً للزمن قدره مليار مرة (النانو ثانية).
5- ويتطلب معدل دوران الجزيئات الكيميائية تكبيراً في الزمن قدره ألف مليار مرة (البيكو ثانية).
6- ويتطلب معدل اهتزاز الجزيئات الكيميائية تكبيراً في الزمن قدره مليون مليار مرة (فيمتو ثانية).
7- ويتطلب معدل انتقال الإلكترونات داخل الجزيئ الواحد تكبيراً في الزمن قدره مليار مليار مرة (أتو ثانية).
ولمعرفة سرعة حركة المتحركات التي تتطلب هذا التكبير الأخير، نقسم مسافة حركته على زمن التكبير، فنحصل على (1 أنجشتروم- جزء من عشرة مليار جزء من المتر)/ (1 أتو ثانية – جزء من مليار مليار جزء من الثانية) = 100 مليون متر في الثانية = 100 ألف كيلومتر/ثانية.
وهذه السرعة الأخيرة تقع على مشارف سرعة الضوء! التي تساوي 300 ألف كيلومتر / ثانية.
أي أن تكبير الزمن حتى نستشعر الظواهر الفيزيائية الحقيقية كما نستشعر المألوف منها لنا، سيأخذنا إلى مسيرات تٌقطع بسرعات تقع على مشارف سرعة الضوء.
___
ويصبح السؤال هو:
ما هي تلك السرعة أو السرعات التي نألف ظواهرها، ونعي أقدارها الحسابية حولنا، والتي إذا تراكمت مسيراتها عبر ألف سنة، لكافأت سرعة الأمر في آية السجدة-5، والتي تقطع نفس المسيرة في يوم أرضي واحد فقط؟! – وذلك حسب التأويل الذي رجحناه لقول الله تعالى "يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ"(السجدة:5)
- سيقترح علينا كل من (محمد دودح، ومنصور حسب النبي) أن تلك السرعة المألوفة لنا هي سرعة القمر، وأن التعويض بها في (المعادلة -1) أعلى، سيؤدّي إلى أن سرعة الأمر في آية السجدة هي سرعة الضوء، وبالتحقيق في ذلك في الجزء الثاني من هذا الفصل، سيتبين بجلاء أن ذلك خطأ! وأنه يحتوي على تلاعب حسابي، وتخييل يتشبّه بالعلم، لا يخيل إلا على الأغرار، ويجب رده، وتحذير فاعليه.
- وفي الجزء الثالث من هذا الفصل، سنعرض علاجنا لهذه المسألة، ونجيب على هذا السؤال إجابة شافية بإذن الله تعالى. وفي تمهيد لذلك، نقول أن:
 ___
خلاصة ما سبق هو:
أن ما لا نراه من أحداث خاطفة في الزمن في هذه الحياة الدنيا – أي في عالم الشهادة- يجعل زمن وعينا بأحداث الحياة أقل من رتابة الزمن الطبيعي الذي نحن مغمورون فيه، وبقدر ما لا نراه منه. ولو أننا نرى كل شيء، لازدحمت مستقبلات الحس والوعي بمعلومات الحوادث؛ والتي لو أُفرِدَت لِنراها بما تألفه قدراتنا الغريزية من سمع وبصرٍ ووعي، كما قال تعالى "وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ"(المُلك:23)، لاستوعبت 1000 سنة من سنيننا. وهذا هو فهمنا لقول الله تعالي " يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ "(السجدة:5). هذا بخلاف ما هو غيب عنا من عالم الملائكة والروح – أي عالم الغيب - والذي لو اطلعنا عليه أيضاً بكل تفصيلات أحداثه السريعة للغاية، لأنضاف عمقاً أبعد من المعلومات، ولاستدعى الأمر أن يُفرد له من الزمن ما قدره خمسين ألف سنة، لنعي كل ما يدور فيها من أحداث يوم واحد فقط من أيامنا. وهذا هو فهمنا لقول الله تعالى " تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ "(المعارج:4). أي أن (يوم بألف سنة) و (يوم بخمسين الف سنة) هما مقياسان حسابيان لعالَمَي الشهادة والغيب على التوالي، لما خلق الله تعالى فيهما من رتابة الأحداث مع الزمن بالنسبة لرتابة حياتنا المألوفة، وأن هذان المقياسان يمكن حسابهما وتقديرهما - بالنسبة إلى مقاييسنا المادية الدارجة - على ما سنرى لاحقاً إن شاء الله تعالى.
هذا والله تعالى أعلم.
المؤلف       


[1] http://ar.wikisource.org/wiki/القصيدة_النونية
[2] Nidhal Guessoum - Islam's Quantum Question, p.141-142.
[3] bid, p.144.
[4]  قاموس المصطلحات الاقتصادية في الحضارة الإسلامية، محمد عمارة، دار الشروق، 1993، مادة "فرسخ"، ص 426.
[5]  غوستاف لوبون، حضارة العرب، ص46
[6]  "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة"، يوسف بن تغري بردي، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، مصر، ج1/ ص32.. 
[7] http://www.catalyzingchange.org/the-blue-whale-biggest-known-animal-to-ever-live-on-planet-earth/


هناك 9 تعليقات:

  1. الحصان الأمريكي الربع سمي بهذا الاسم لأنه يحصل على سرعة قياسية في ربع ميل حيث تصل سرعته إلى 74كيلومتر في الساعة و سرعة القمر1.027 كم/الثانية أو3700 كم/ الساعة، ..بماأن 74كم/الساعة =20.555م/ثانية فإن 20.555*50= 1027م/ث أى 1.027كم/س الإستنتاج هو و الله أعلم. أن عندما قال سبحانه و تعالى ألف سنة مما تعدون يعني سرعة القمر فى دورانه على الأرض و تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ لم يذكر مما نعد أي سرعة مغايرة ألا و هي سرعة الحصان كأقصى وسيلة نقل (خلقها) على الأرض و كل شيئ باعلمه هو العليم

    ردحذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  3. قول الله تعالى (ثم يعرج اليه فى يوم كان مقداره الف سنه مما تعدون ) هذا يعنى لكى تنتقل من يوم الحياة الدنيا الذى يتغير فيه الزمن الى ىوم اخر خارج الحياة الدتيا لابد ان يساوى يوم الخروج الف سنه من ايام الدنيا لان الله قسم منازل السموات والارض الى 6 ايام وكل يوم له خصائصه والملائكه والروح تصل الى ىوم مقداره 50 الف سنه والله اعلم

    ردحذف
  4. استاذ اريد سؤالك

    في مسألة مرور الزمن وإحساس الكائن الحي به، هل الكائن الأكبر هو الذي يحس بتفاصيل الأحداث بدقة أم الأصغر؟

    وما الفرق بين المعلومات التي يعالجها كلا من الدماغين للأصغر والأكبر؟

    وشكرا

    ردحذف
  5. الرأي الثالث: هو التوقف (اي: عن القول بلا دليل أو قرينة). أقول هذا ليس رأيا هذا التفاتا عن الموضوع ولكن لدي رأي رابع وهو عكس رأي الفرزان وهو ان الأسرع هم الملائكة والروح يكون مقدار اليوم خمسون الف سنة لم ينص على انه مما تعدون لانه خمسون ضعف من سرعة الامر الذي يعرج في يوم مقداره الف سنة مما تعدون يبقى إذن ان نعرف ماهو المقياس العددي الذي يستخدمه البشر في حساب المسافات. أليس هو المتر ثانية وهو ١/٢٩٩٧٩٢.٤٥٨

    ردحذف
  6. ما ذهب اليه ابن قيم من المقابلة بين الألف سنة والخمسين الف سنة بسطح الارض والأرض السفلى هو بحسب مبلغه من العلم في زمانه فهو يتصور ان الوصول الى أسفل الارض يستغرق قطع مابين السموات السبع الى العرش لا يدري ان حجم الارض كلها (ومن أين له ان يدري )لا يتجاوز حجم حمصه في المجموعة الشمسية فما باله بالمجرة والمجموعة المحلية والخ

    ردحذف
  7. ربما لتقريب الفهم يجب ربط الجملتين في يوم كان مقداره بسورة ليلة القدر خير من الف شهر تنزل الملائكة والروح فيها باْذن ربهم من كل امر سلام هي حتى مطلع الفجر اما أية الحج فيجب استبعادها من الموضوع الخاص بالسرعة لانها تتناول نسبية الزمن وطول يوم كوني من العذاب عليهم ولا تتعلق بنسبية الحركة كما في سورة السجدة والمعارج

    ردحذف
  8. البديهيات المتناقضة في دائرة الحياة
    إن كل شيء في هذه الحياة نعلمه أو لا نعلمه له بداية وله نهاية ولقد صور لنا علماء الرياضيات بأن مساحة الدائرة الكلية للحياة تساوي 360 درجة فهل يزعم أحدا مهما كان مبلغه من العلم أن يتوقع ماذا سيحدث في هذه الدائرة إلا من خلال كلام الله الخالق للحياة وهل يعتقد أي عالم مهما كان تفوقه العلمي أنه قد أتي لنا بجديد من عنده إنه فقط أظهر لنا بعض الأشياء التي كانت خافية وغائبة علينا فكل شيء في حياتنا ظاهرا كان أو باطنا محكوم عليه بميزان واحد فقط لا غير إنه ميزان العلم وإذا حققته البشرية صدقا وعدلا بالحياة فقد أظهرت لنفسها الكثير من الاشياء الغيبية وبدونه فلن تصل أبدا لحكم نهائي قاطعا ومسلم به ولقد توصل العلماء بالبحث العلمي أن مساحة الدائرة الكلية360 درجة وأن ما نحسب به حساباتنا اليومية لا يمثل لنا الصفر فيها جزئا من تلك الأعداد الطبيعية وبإضافته أمام العدد يصبح له قيمة وبإضافته خلف العدد يصبح بلا قيمة والحق أن الصفر في واقعنا العملي جعلوا له قيمة حقيقية لا تفرق بين يمين وشمال ولا بين أمام وخلف ومن حيث التقسيم العلمي للدائرة لم يدرك هؤلاء العلماء أنهم بهذا التقسيم العام للدائرة قد أسسوا لنا نهاية حتمية وقاطعة لدائرة الموت والحياة ومن هنا وباسم العلم يتناقض البشر حول بديهيات لا يحق لهم التناقض حولها علميا ولا دينيا ولا عقليا ولكن الحقيقة المؤلمة والصادمة لكل علماء العالم كيف يعالجون هذه المتناقضات البشرية التي يقعون فيها ليلا ونهارا بهذا العلم المادي الذي يتغنون به

    ردحذف