غاز
[2] Ortus medicinae, id est Initia physicae inaudita, authore Joanne Baptista van Helmont (Amsterdam, (Netherlands): Louis Elzevir, 1652, p. 59.
https://books.google.com.sa/books?id=c41nbl8iwrEC&pg=PA59&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false
1- كلمة (غاز/جاز/جاس/كاس) لا توجد في المعاجم العربية القديمة البتة.
وهي محدثة بالتعريب عن اللغات الأجنبية، ولم تظهر إلا في المعاجم العربية الحديثة مثل
("تكملة المعاجم العربية" – لـرينهارت
دُوزِي (المتوفي سنة 1300 هـ)، و"المعجم الوسيط" – لإبراهيم أنيس
وآخرون، و"معجم اللغة العربية المعاصرة" – لأحمد
مختار عمر، .. إلخ).
2- أما في اللغات الأوربية، فقد وقع أول اصطلاح وظهور لكلمة (غاز/جاز)
في القرن السابع عشر، على يد (فان هيلمونت J. B. van Helmont- الكيميائي
الفلامنجي (شمال بلجيكا الآن)) حيث جاء في كتابه (Ortus medicinae) طبعة 1652 ، ص 58- 59 وقال صراحةً ص59: [نظراً للحاجة إلى تسمية هذا البخار،
فسوف أُسميه (جاس Gas) وهي كلمة ليست بعيدة عن كايوس Chaos] (أنظر شكل 1 أعلى حيث تم
التأشير على هذه العبارة) - (وهذه الكلمة الأخيرة - كايوس Chaos - معناها حالة من الفوضى أو المرج).
3- ومن الواضح في هذه القصة التاريخية أن كلمة (غاز/جاس) وضعت لتكون
اسماً للبخار الذي يتكلم عنها هيلهونت (والذي ينتج من حرق الفحم، والذي ظن هيلهونت
أنه موجود في كل المواد[1])،
ومن المعلوم يقيناً أن كلمة (غاز) تطورت لاحقاً في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر،
مع تطور الكيمياء – واكتشاف حالات المادة المختلفة وتصنيفها إلى أنواع – لتؤول إلى
وصف كامل النوع البخاري أو الدخاني من المادة، ويصبح (الغاز) هو أي مادة لها هذا
الوصف، سواء في درجة الحرارة العادية أو المرتفعة بالتسخين، وذلك من بين أنواعها الثلاثة المشهورة (الصلبة، السائلة، الغازية).
دخان
المعنى المعاصر الدارج:
1- أما كلمة (دخان) في اللغة العربية، فالمعنى
المعاصر المشهور لها هو ما ترجمته بالإنجليزية (smoke). ورغم أن الترجمة صحيحة في الاستخدام الثقافي،
إلا أنه مضلل لحدٍّ بعيد عند مواجهة المعاني الصحيحة بين ألفاظ اللغة العربية
القديمة – والتي هي الأصوب في فهم ألفاظ القرآن- والمعاني الاصطلاحية الحديثة في
معاني الكلمات. وفيما يلي نحقق معنى كلمة (دخان) في المعاجم العربية القديمة.
المعنى اللغوي القديم:
2- جاء في وصف (بخار الفضة) ما يلي:
[الأسرب: دخان الفضة.] (لسان العرب)، و[فِي الحَدِيث: صب فِي أُذُنه الآنك وَهُوَ الأسرب قَالَ الْأَزْهَرِي
الأسرب دُخان الْفضة يدْخل فِي خياشيم الْإِنْسَان
وفمه .. فَرُبمَا مَاتَ] (غريب الحديث لابن الجوزي)
ومعنى ذلك أن كلمة دخان الشيء تعني بخاره، أو
ما يخرج منه متطايراً، وخاصة إذا كان مرئياً.
3- جاء في وصف شجرة (التنضب، وهو نوع من شجر الضخم،
ليس له ورق) ما يلي: [قال أبو حنيفة: دخان التنضب أبيض في مثل لون الغبار.] (لسان
العرب)
أي أن دخان الشييء يشمل ما يصدر عنه من غازات
ظاهرة.
4- في العلاقة بين (الدخان) و(البخار):
[كل دخان يسطع من ماء حار، فهو بخار، وكذلك من الندى. وبخار الماء: ما يرتفع
منه كالدخان] (لسان العرب)
وهذا يعني أن البخار حالة خاصة من الدخان، وأن الدخان
إذا كان من ماء وخاصة إذا كان حاراً، فهو ما نعرفه باسم البخار، ولكن القاموس
المحيط يعمم (البخار) ليشمل غير الماء ويقول: [كل رائحة ساطعة: بخر. وكل دخان من
حار: بخار].
5- في كون البخار دخان:
[في حديث
ابن عباس «في قوله تعالى وكان عرشه على الماء قال: كان يصعد بخار من الماء إلى السماء،
فاستصبر فعاد صبيرا، فذلك قوله ثم استوى إلى السماء وهي دخان. الصبير: سحاب أبيض متراكب
متكاثف، يعني تكاثف البخار وتراكم فصار سحابا.] (النهاية في غريب الحديث والأثر)
6- الدخان وصدوره عن المواد الشمعية
والزيوت:
[النؤور: دخان الشحم. .. وقال الليث: النؤور دخان
الفتيلة](لسان العرب)
[النيلنج، بكسر أوله: دخان الشحم، يعالج به الوشم
ليخضر] (القاموس المحيط)]
وهذا يعني أن البخار يشمل كل ما يصدر متطايراً
من مادة ما، بالاحتراق، مثلما هو بغير الاحتراق كما في البخر.
7- الدخان وشموله الصالح من الأبخرة والفاسد
منها دون تمييز:
[السليط - وهو كل دهن - أي زيت - عُصر من حب - له
دخان صالح، ولهذا لا يوقد في المساجد والكنائس إلا الزيت](لسان العرب)
8- الدخان – بمعنى الروائح الطيارة:
[شجر الرمث (واحدته رمثة: شجرة من الحمض؛ وفي المحكم:
شجر يشبه الغضا، لا يطول، ولكنه ينبسط ورقه، وهو شبيه بالأشنان.. وربما خرج فيه عسل
أبيض، كأنه الجمان، وهو شديد الحلاوة، وله حطب وخشب، ووقوده حار، وينتفع بدخانه من
الزكام.) و(شبهت العرب لون الذئب بلون دخان الرمث لأن الذئب أورق)] (لسان العرب)
أي أن الروائح الطيارة – وخاصة إذا كانت مرئية –
يطلق عليها دخان.
9- [اليحموم: دخان أسود شديد السواد] (لسان
العرب)
[دخن الطعام واللحم وغيره دخنا، فهو دخن إذا أصابه
الدخان في حال شيه أو طبخه حتى تغلب رائحته على طعمه، ودخن الطبيخ إذا تدخنت القدر.
وشراب دخن: متغير الرائحة] (لسان العرب)
أي أن لفظ الدخان يطلق على كل غاز متصاعد أو
منتشر مرئي بلونه، وربما برائحته.
ما الذي نخرج به من كل هذه التوصيفات
والاستخدامات العربية القديمة للفظ الدخان؟! ..
ما نراها إلا أنها جميعاً تدعم الخلاصة الآتية:
لفظ "الدخان" اللغوي = لفظ "الغاز"
الاصطلاحي
إلا أن (لفظ "الدخان" اللغوي) أعم من
(لفظ "الغاز" الاصطلاحي) من حيث أن "الغاز" يطلق على مجموعة
من ذرات أو جزيئات نوع ذلك الغاز، ولا يطلق على ما دون ذلك من دقائق مادية، أما "الدخان"
فلا يُشترط فيه هذا القيد، لأنه وصف هيئة الغاز دون التقيد بمكوناته وكونها من
تركيبات بعينها. وينتج عن ذلك أن البلازما المتأينة الدقائق– والتي تتميز
كيميائياً عن "الغاز" وتعتبر الحالة الرابعة للمادة وتمثل مادة الشمس
أظهر تجلياتها– فيمكن وصف هيئتها بأنها من الدخان أيضاَ إذا سطعت وانتشرت، رغم
أنها ليست غازاً من حيث التعريف.
وخلاصة كل ذلك أن "الدخان" هو كل ما كان ذو هيئة غازية - غير قارة - دون اعتبار لمكونات مادته، وبناءاً عليه يدخل (الغاز) الاصطلاحي في معني الدخان باعتبار هذا القيد. وربما يكون أصوب الصياغات أن نقول:
لفظ "الدخان" اللغوي = لفظ "الغاز" الاصطلاحي (من حيث الهيئة)
[1] الباعث على كتابة هذه المقالة سؤال جاءنئ من أحد القراء قال فيه:
[... دخلت مع أحد الزنادقة في حوار علمي حيث زعم أنه لا يوجد حكمة من تحريم زواج الاخوة من الرضاعة وزعم أن السماء لا تتوسع بل تتضخم وزعم أن السماء خلقت من غاز وليس من دخان وقد سحقته حيث أحضرت له دراسات علمية تثبت احتواء حليب الام على خلايا جذعية تدخل في بناء الانسجة وليس مجرد مواد غذائية. وفضحت تدليسه وبينت له حقيقة توسع الكون بمراجع كثيرة.
أما دعواه الاخيرة فقد أعطيته مرجعا علميا ينص أن الدخان هو حجر الاساس في بناء الكواكب فقال لي أن مرجعا واحدا غير كافي...
فساعدني أخي بمراجع أو توضيحات حول النقطة الأخيرة لأن الكثير من المسلمين والملحدين يتابعون الموضوع ..............]
https://books.google.com.sa/books?id=c41nbl8iwrEC&pg=PA59&redir_esc=y#v=onepage&q&f=false