من كتاب: فتاوى شرعية في النظرية النسبية
الفصل الثاني: آية (السجدة-5) وعلاقتها بسرعة الضوء
الجزء الثاني: سرعة الضوء في القرآن،
وكيف أفسدها الإعجازيون!
بقلم: عزالدين كزابر
د. منصور حسب النبي الطبيب محمد دودح
يمكن متابعة الحوار مع الأستاذ محمد دودح في التعليقات التالية أسفل الدراسة
روابـــــط
الطريقة الصحيحة للاستدلال على سرعة الضوء من آية السجدة-5 -
قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ: حول العلاقة بين سرعة نقل "عرش بلقيس" وسرعة الضوء -
عودة إلى فهرس الكتاب: فتاوى شرعية في النظرية النسبية -
وهنا حوار حول هذه الدراسة على ملتقى أهل التفسير -
قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ: حول العلاقة بين سرعة نقل "عرش بلقيس" وسرعة الضوء -
عودة إلى فهرس الكتاب: فتاوى شرعية في النظرية النسبية -
وهنا حوار حول هذه الدراسة على ملتقى أهل التفسير -
مقدمة
وصلنا في الجزء الأول من هذا الفصل "يوم مقداره ألف سنة ! ... فما هو؟!" إلى أن تأويل قول الله
تعالى "يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ
يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ"(السجدة-5)
مدعوم بقوة بقديم التفسير والعرف اللغوي العربي، ليأخذ صورة معادلة جديدة، تقول:
أن ما يدركه الإنسان بآلياته المعرفية من حركة في محيطه الطبيعي لا يمثل بالنسبة
لما قَدَّره الله تعالى في حقيقة نفس المحيط الطبيعي (من السماء إلى الأرض ثم
العروج إلى السماء) إلا كنسبة يوم إلى ألف سنة مما يعد الإنسان (العرب على الخصوص)، أي أن:
مسيرة يوم بسرعة
قدّرها الله تعالى في بنية الخلق الطبيعي = مسيرة ألف سنة بسرعة يدركها الإنسان
وحيث أن المسيرة هي المسافة المقطوعة، وتساوي السرعة في
الزمن (في العرف العلمي قديماً وحديثاً)، نحصل على:
السرعة التي
قدّرها الله تعالى في بنية الخلق الطبيعي x يوم = مسيرة ألف سنة بسرعة يدركها الإنسان،
أي أن: السرعة
التي قدّرها الله تعالى في بنية الخلق الطبيعي= مسيرة ألف سنة (مُدركة معرفيا)/يوم
فإذا
سمينا السرعة التي قدرها الله تعالى في بنية الخلق الطبيعي (سرعة الأمر)، فإن العلاقة السابقة تأخذ صورة المعادلة الآتية:
سرعة الأمر = (مسيرة ألف سنة بسرعة (مُدركة معرفيا)) / (يوم أرضي) ... (معادلة– 1)
ويعود الفضل في إستخراج معنى هذه المعادلة – دون عين الصياغة
والاصطلاح- واستنباطها من آية (السجدة-5) - وبالاعتماد المباشر على تفاسير الصحابة والتابعين كما عرضناها في الدراسة السابقة - إلى الأستاذ الطبيب (محمد دودح) الباحث
في هيئة الإعجاز العلمي التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي في مكة المكرمة، وذلك
بشهادة الدكتور زغلول النجار على كل حيثيات قصة بزوغ هذا التأويل منذ أن أبلغه به (محمد
دودح) هاتفياً في العام 1987-1988، وذلك حسبما أبلغني الدكتور زغلول النجار بنفسه
في العام 1994. وأبلغني أيضاً أنه ما من نصيب في هذا التأويل – بهذا الحد الذي
صغناه – صغيراً كان أو كبيراً يعود إلى الدكتور منصور حسب النبي (ت 1998)، رحمه
الله، والذي نُسِب إليه استخراج سرعة الضوء من هذا التأويل، واشتهر به، واشتهر معه أنه
صاحب هذا التأويل.
نقول أننا بعد مراجعة التفسير واللغة والعرف اللغوي العربي،
وجدنا أنه لا بأس بـ (المعادلة-1) من حيث نجاعة التأويل وقوته وصموده أمام النقد،
وإنما كان البأس كل البأس في فهم ماهية الـ (السرعة المُدركة معرفيا) لتوظيفها
في المعادلة؛ أي في الطرف الأيسر منها، ومن ثم، في حل المعادلة ومعرفة الطرف
الأيمن – سرعة الأمر، ثم الوقوف لاحقاً على ماهية الأمر،
وعظمة السر العلمي المكنون في الآية.
ونذكر
ذلك هنا وبوضوح، حتى نميز بين صدق (المعادلة-1) من حيث المبدأ، وصدق أو
عدم صدق المقترحات التي ستتوالى لماهية السرعة المقطوعة في ألف سنة، وطول السنة، وطول اليوم. بمعنى
أننا قد نواجه مقترحات ساقطة، فإذا تبين سقوطها، فلا ينبغي أن تسقط معها المعادلة.
وتظل المعادلة في انتظار مقترحات أخرى، عسى أن نجد فيها ما يصمد أمام النقد، ومن
ثم تؤدي بنا إلى العلم بـ (سرعة الأمر)، ثم مضاهاته بسرعة الضوء، أهي هي، أم غيرها؟! ..
ثم البناء على ذلك، ومعرفة ماهية الأمر المتحرك من السماء إلى الأرض والعارج منها إلى السماء.
مقترحات التأويل أو مزاعمه:
1- القمر ومسيرة و(الزعم بأنه المنفرد بـ) حل (المعادلة-1):
في حوالي العام 1989م _ على ما بدى لي- جاء (محمد دودح)،
و(منصور حسب النبي)، كلٌّ على حدى، بفكرة أن (مسير القمر في ألف سنة قمرية هو المقصود بالسرعة التي يدركها الإنسان)، وأن (اليوم)
هو اليوم الأرضي ذي الساعات الأربع والعشرين.
ولما فعلا ذلك، واستحضرا المعلومات الفلكية الموثقة بحركة
القمر بالنسبة للأرض، صاغا (مقترحهما/زعمهما) على النحو التالي:
سرعة الأمر = مسيرة
القمر في ألف سنة قمرية/يوم
= (2
* ط * نصف قطر مدار القمر الدائري * 12* 1000)/يوم
~ (2 * 3.14 * 384000 كم * 12 * 1000)/(24*60*60)
سرعة الأمر ~ 335,000 كيلومتر/ث (تقريباً)
ولكن سرعة الضوء ~
300,000 كيلومتر/ث (تقريباً)
وعلى الرغم من وقوع السرعتين في نفس المعدل (ثلاث مائة ألف)،
وهو أمر مُشجع جداً، إلا أنهما متباينتان! .. فيفترقان بحوالي 11.6%. وأقول مُشجع لأن
السرعتين عظيمتان بالنسبة لأي سرعات أرضية مألوفة، وقريبتان من بعضهما. وهو أمر
شبيه بما حصل في نهايات القرن التاسع عشر عندما وجد ماكسويل أن سرعة الأمواج
الكهرومغناطيسية التي أخرجتها معادلاته الشهيرة، قريبة جداً من قياسات سرعة الضوء
المتعددة وقتها، وكان هناك فروق مثل الفرق الذي نحن بصدده، إلا أنها عُزيت إلى
أخطاء القياس التجريبي وقتها، والعائد لصعوبة قياس هذه السرعة المفرطة في الكبر!
.. وكان هذا التقارب بين السرعة النظرية لأمواج الكهرومغناطيسية والعملية للضوء هو
السبب الذي قامت على أساسه الفيزياء الحديثة، والتي تعرَّفت على الضوء على أنه ظاهرة
كهرومغناطيسية لِتَسَاوي سرعة كل منهما للأخرى، بعد التحقق من قيمة كل منهما
ومساواتها للأخرى.
فهل تتكرر القصة مرة ثانية، ومع نفس السرعة؛ أي سرعة الضوء،
ولكنها الآن واقعة بين قيمة سرعة الضوء ذاتها (أو الأمواج الكهرومغناطيسية عموماً
لأن الحديث عنهما واحد بحسب الفيزياء الحديثة)، والسرعة المستنبطة من القرآن؛ أي:
(آية السجدة-5) ؟! ... ربما، ولكن .. من أين جاء الفرق بين 335 ألف و 300 ألف
كم/ث؟!
****************
هنا قدم كل من (محمد دودح) و(منصور حسب النبي) ما كان من
المفترض أن يكون مقترحاً للحل، وإن كانا قد زعما أنه هو الحق، رغم اهترائه على ما
سنرى. ، وقال مقترحهما أن السرعة 335 ألف كم/ث (الناتجة من تعويض مسير القمر في
معادلة آية السجدة-5) هي هي سرعة الضوء 300 ألف كم/ث، ولكن إذا تم تصحيحها! – أي
أن القيمة 335000 زائغة أو منحرفة عن قيمتها الحقيقية، التي هي 300 ألف كم/ث، ولسببٍ
ما، زعماً أنهما وقفا عليه بتبريرات علمية!
وإذا
تساءلنا: لماذا التصحيح؟! .. ومن أين جاء هذا الانحراف؟! .. وكيف أمكن كشف
أسبابه؟! .. ومن ثمَّ نقف على: تسويغ مشروعية تجاوز ذلك الانحراف، والعودة بالسرعة إلى قيمتها
الحقيقية!!
وهنا بدأ التخبط
والتلاعب، بل والتدليس أيضا!!!
ولماذا
نقول تخبطاً وتلاعباً؟! .. لأن الإجابات العلمية يجب أن تُبنى على أصول علمية
منضبطة. أما إذا قامت على كلام لا أصل له، ويخلو من القيمة العلمية المضافة، بل ويعارض
المعاني الراسخة، فهنا تنكسر الرصانة العلمية، وتُفقد المصداقية، ويهدم صاحب
التلاعب كل ما بناه فيضيع خيرُه مع شرِّه. وهذا هو عين ما حدث من (محمد دودح) و
(منصور حسب النبي). وسنرى كيف أن سعيهما للتصحيح المزعوم على نحو ما جاءا به من
كلام، لم يكن إلا كلاماً مُنكراً، ولا يتسم بأي صفة علمية، بل كان فعلاً فتّاناً
بكل المقاييس. وخاصة لمصداقية التأويل المتمثل في (المعادلة-1) ومن ثم في معنى
صحيح لا غبار عليه لآية كريمة في كتاب الله تعالى! وربما يكون هذا الفهم - الذي
تشوش بفعلتهما – كان يمكن أن يكون فتحاً لفهم أعمق لكلام الله تعالى، أغلقاه
بأيديهما، أو فتنوا الناس عنه بتمحلاتهما! وكان أجدر بهما أن يقفا عند هذا الحد؛
أي حد التأويل دون تعيين مسار القمر الذي تخبطا فيها كل التخبط، وذلك حتى تنكشف
المسألة، ويأذن الله تعالى لنا بفهمها بما يُيسره لنا من بزوغ المعاني وأدوات
الفهم، لأن كل ذلك بيده سبحانه، لأنه
القائل، جل وعلا: "وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا
شَاءَ"(البقرة:255).
1- الخطأ الأول: فبركة معامل تصحيح خالي من أي
معنى طبيعي، والزعم بقيمته عناداً!
لما كانت سرعة
الضوء هي 300000 كم، وكانت السرعة المستنبطة من التعويض بطول فلك القمر في (المعادلة-1)
هي 335000 كم/ث تقريباً، لزم أن يُضرب الرقم الأخير بنسبة قدرها (300/ 335) أي
حوالي 89.55% لتصبح النتيجة مساوية
لسرعة الضوء، وأن تكون هذه النسبة مُبَرَّرة.
ولكن، من أين يأتي هذا المعامل التصحيحي ~ (89.55%) ؟
للوصول إليه قام الباحثان بتجريب الأرقام الفلكية الممكنة
حول متعلقات المسألة من أطوال اليوم والشهر والسنة، في الأنظمة المختلفة (النجمي، والشمسي، والاقتراني بين الشمس والقمر)، واتَّبعا في ذلك محاولات عدة، دون
الإقرار بأنها محض محاولات، لعل وعسى أن يصلا إلى شيء، ولا غبار على ذلك من حيث
المبدأ. إلا أن الغبار كل الغبار أن يصلا إلى لا-شيء، ثم يزعما أنهما على حقِّ
ساطع، يعاجزان به خصومهما، ويجزمان بمعاني لا يقين معها، ناهيك أن يكونا على باطل
لا يُخطؤه المتخصصون، وهنا تقبع الكارثة الماحقة! ... فما الذي توصَّلا إليه؟!
الزاوية
الأعجوبة:
وجد د. (منصور حسب النبي)[1] أن النسبة بين (الشهر القمري النجمي وطوله 27.32 يوما) إلى (السنة الشمسية
وطولها 365.256 يوماً)، والتي تمثل زاوية دوران القمر حول الأرض في شهر قمري نجمي (شكل
-1) تساوي 26.92 o، وأن جيب تمام هذه الزاوية هو القيمة (0.8955)؛ أي: تلك القيمة
التصحيحية التي يبحثون عنها، وبناءاً عليه قالا بأن:
معامل التصحيح = جتا (27.32 * 360 / 365.256) = 0.89158
(علماً بأن الشهر القمري النجمي هو الشهر الذي يدور فيه
القمر حول الأرض في دائرة مغلقة بالنسبة إلى النجوم)
ونتساءل:
ما هي دقة هذه الحسابات، وما هي التضمينات التبريرية المبثوثة فيها، وما مدى صدقها
على الواقع؟!
شكل (1)
ثم ما هو تبرير هذا التصحيح بزعم أصحابه؟!
فاما من حيث التبرير، فقد قال منصور حسب النبي: [نفرض أن
(السرعة) (ع1) هي متجه السرعة المدارية للقمر وهو يدور حول أرض ساكنة، في
الوضع الأول عند النقطة (أ1) حيث يعود فرضاً إلى نفس النقطة والاتجاه بعد دورة
كاملة (يقصد شهر قمري نجمي). أما إذا دارت الأرض كما هو الواقع، ووصلت في نهاية
الشهر النجمي إلى الوضع الثاني، فإن المتجه (ع) للسرعة المدارية للقمر عند نفس
الطور عند النقطة (أ) يكون قد صنع زاوية (هـ) بالنسبة للوضع الأول، وتكون:
ع1 = ع جتا هـ
أي أن السرعة المدارية للقمر حول أرض ساكنة فرضاً =
السرعة المدارية المرصودة للقمر حول أرض متحركة x جيب تمام الزاوية هـ]
أي أنه أراد أن يقول أن السرعة (ع) سرعة زائفة، أما السرعة
الحقيقة فهي (ع1)، والتي نحصل عليها من السرعة الأولى (الزائفة) بعد شهر ...!!!!
نقول: هذا الكلام لا ينتمي إلى
الفيزياء ، ولا إلى الفيزياء الفلكية، ولا إلى الفلك، ولا أي علم من العلوم. وهو
ليس إلا عبثٌ محض.
فحيث أن الدافع في استخدام مسير القمر لم يكن إلا معرفة
سرعته المدارية الحقيقية، فمما هو محل اتفاق، أن هذه السرعة لا علاقة لها ببدايات
الأشهر القمرية التي هي مواضع خاصة للقمر بحيث يُشاهد فيها أول حافة مضيئة للناظر
من الأرض (الهلال). وإذا استخدم (منصور حسب النبي) تعريف الشهر القمري على أنه
انغلاق دورة القمر حول الأرض، وبافتراض صحة هذا الاستخدام – وهو غير صحيح - فأيضاً
لا تتأثر السرعة المدارية للقمر بين لحظات الانغلاق المتتالية بما يستدعي تصحيح
السرعة بقدر جيب تمام زاوية وضع القمر مع الشمس بين لحظتي انغلاق متتاليتين. كما
وأن هذا الطرح يؤدي إلى مَحَالات وعبثيات لا نعلم لها نهاية؛ منها مثلاً أن تحليل
السرعة الدائرية في أي اتجاه خطي في الكون حتماً ينتج عنه دالة موجية، فكيف يدعي
(حسب النبي ومعه محمد دودح) أن نتيجة هذا التحليل تكون ثابتة القيمة لها قيمة
السرعة الدائرية في جيب تمام زاوية خاصة؟!.
وكلما نقّبنا وراء هذا الزعم، انفجرت أمامنا مشكلة معرفية
مخزية لتداعيات تعود بنا إلى طلسمات فلاسفة اليونان الطبيعية، التي هي كلام لا
يرتكن إلى أصول ولا قوانين معتبرة، ونتائج مُنْفَكَّة العلة عن مقدماتها. وقد أجمع متخصصون مشهود لهم في هذه المسألة، على فساد هذا الحكم، ومنهم أ.د. علي
حلمي موسى - أستاذ الفيزياء النظرية بعلوم عين شمس بالقاهرة - في لقاء خاص معه سنة
1996، ومنهم الأستاذ الدكتور محمود خشان[2]
سنة 1993، ومنهم من أثار المسألة على أحد الملتقيات العلمية، كالدكتور محمد صبيان الجهني رئيس قسم الهندسة النووية بكلية الهندسة - جامعة الملك عبدالعزيز، وسعى إلى تفنيدها[37]، وآخرون كثيرون لا سبيل إلى تسويد الصفحات بأسمائهم ومكانتهم المعروفة. هذا وقد أقر لي منصور حسب النبي بنفسه، سنة 1996 - في منزله، وفي حوار استمر قريب من ساعتين بيني وبينه حول المسألة، أقر بأن هذا الطرح منه كان مُشْكِلاً بحق، وأنه يسعى إلى استبداله بطريقة أخرى.
ثم أخرج هذه الطريقة الثانية بالفعل في كتاب لاحق له، بعنوان: "إعجاز القرآن في آفاق الزمان والمكان". وللأسف كانت تلك الطريقة الثانية أيضاً خاطئة. ورغم اعترافه
الخاص أمامي بذلك، إلا أنه لم يتراجع عن طرقه المشكلة تلك بشكل رسمي، بل أعاد طبع كتابيه "الكون والإعجاز" و "آفاق الزمان والمكان" مرارا وتكرارا بما يعجا به من أخطاء. وكانت النتيجة أن سرح الترويج للمسألة بين الغافلين عن العلم وآلياته الصحيحة!
لكل ذلك وجب إعلام الناس بالمسألة وإشاعة فساد هذا الطرح وأسبابه، وأن تبنيه بإسم القرآن والإسلام بعد ذلك، لا يجرؤ عليه إلا من لا يُعتد برأيه، ولا يُحسب علينا ممن له قدم في علوم القرآن وتفسيره، ولا علم الفيزياء وقوانينه، ولا يجب أن يستنصر أعداء الإسلام به ضد القرآن، لأنه كلام فاسد، وإن فعلوا، كان خزياً على كل من الـمُستنصِر والـمُسْتَنصَر به، ونبرئ القرآن الحكيم وتفسيره من هذا التخبط والتلاعب والتدليس (أي: الزعم بأن شيئاً ما حق، دون دليل إثبات، ثم التلاعب بأدلة النفي لتصبح أدلة إثبات!).
لكل ذلك وجب إعلام الناس بالمسألة وإشاعة فساد هذا الطرح وأسبابه، وأن تبنيه بإسم القرآن والإسلام بعد ذلك، لا يجرؤ عليه إلا من لا يُعتد برأيه، ولا يُحسب علينا ممن له قدم في علوم القرآن وتفسيره، ولا علم الفيزياء وقوانينه، ولا يجب أن يستنصر أعداء الإسلام به ضد القرآن، لأنه كلام فاسد، وإن فعلوا، كان خزياً على كل من الـمُستنصِر والـمُسْتَنصَر به، ونبرئ القرآن الحكيم وتفسيره من هذا التخبط والتلاعب والتدليس (أي: الزعم بأن شيئاً ما حق، دون دليل إثبات، ثم التلاعب بأدلة النفي لتصبح أدلة إثبات!).
************
وإذا انتقلنا من هذه التصحيح المزعوم بالزاوية (هـ) والتي
تمثل لُب محاولات (دودح وحسب النبي)، وما قامت عليه من طول مدار القمر، ومحَّصنا
ما جاء به (حسب النبي) مما يحفها من مفاهيم، فسنجد الكثير من الأخطاء الأخرى، التي
لا تعكس إلا تلاعبات وتدليسات لا يليق أن ينشرها أحد بإسم الإسلام، حتى ولو على
سبيل الاجتهاد بزعمه. لأنه إذا أتى الاستدلال بما يتفق أهل العلم على فساده، وبما
ينكسر معه منطق البحث العلمي والقوانين الطبيعية الـمُسلّم بها، أصبح قولاً بلا
علم. وهو أمر مُحَرَّم في الإسلام، كما قال تعالى "قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ
رَبِّيَ ... أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ"(الأعراف:33).
ومن الأخطاء التابعة لهذا المقترح الفاسد ما يلي:
2- الخطأ الثاني: تجاهل أرجحة الأرض بفعل دوران
القمر.
تُمثِّل الأرض والقمر ثنائي من الأجرام binary system. وتمتلئ السماء بمثل هذا
الثنائي، سواء كانت نجوم ثنائية، أو نجم وكوكب، أو كوكب وقمر (أو ما هو أكثر من
اثنين). ويمثل (الشكل- 2) وضع مطابق لدوران القمر حول الأرض، ومنه يتبين أن الأرض
نفسها تدور مع القمر حول مركز مشترك (المركز المشترك للدائرتين في شكل-2).
(شكل-2) دوران الأرض
والقمر حول مركز كتلتهما، والجدير بالملاحظة هنا أن مداري الأرض والقمر- باللونين الأحمر والأزرق - هنا مداران حقيقيان، بخلاف لو وُضع الجرم الأكبر (الأرض) في المركز،
وأُعيد حساب مدار القمر، وهذا الأخير هو الذي نراه من الأرض من فلك القمر لأننا
ساكنون على الأرض، وهو الذي استخدمه حسب النبي، وهو فلك غير حقيقي! سواء عدّله أو
لم يعدّله بـ (جتا هـ)
وإذا كنا بصدد معرفة سرعة القمر الحقيقية في السماء في حالة
اختفاء/انعدام تأثير كل جِرم آخر إلا الأرض والقمر (وهو ما يُسمى بالنظام المعزول)، فسنجد أن القمر لن
يكف عن الدوران حول مركز كتلته مع الأرض مثلما هو الحال الآن من غير أي انعزال. ولو
انتبه أي قارئ لكلام حسب النبي السابق، فسيجد أنه يتضمن أن القمر يدور حول مركز
الأرض، وهذا خطأ شنيع في علم الفلك ويعلمه كل فلكي أو فيزيائي مطلع. والصحيح أن كل
من الأرض والقمر يدوران حول مركز كتلتهما المشترك، والذي يُسمّى barycenter، كما (بالشكل-2) أعلى
و(الشكل-3) التالي.
وهذا المركز barycenter (النقطة
الصفراء في (شكل – 3)) يُقَسِّم المسافة بين مركز الأرض ومركز القمر بنسبة
كتلتهما، ويقع على مسافة من مركز الأرض قدرها 4670 كم. أي أن متوسط نصف قطر مدار
القمر الذي حسبه منصور حسب النبي على أنه 384264 كيلومتر، ينبغي أن يكون أقل من
ذلك في الحقيقة لأنه حسبه باعتبار الأرض ساكنة، ولكنها دوارة حول مركز الكتلة.
وبناءاً عليه يكون نصف قطر مدار القمر أقل مما حسبه (حسب النبي) بـ 4670 كيلومتر؛
أي أن نصف مدار القمر المتوسط هو: 384264-4670 = 379594 كيلومتر.
وإذا راجعنا حسابات حسب النبي التي قال فيها أن[4]:
متوسط السرعة المدارية للقمر(ع) = (2ط x متوسط المسافة بين الأرض
والقمر/زمن الشهر النجمي)
ومنها: (ع) = (2x 3.1416 x 384264) كيلومتر/ 655.71986 ساعة
(ع) = 3682
كيلومتر / ساعة
فإذا استخدمنا نصف قطر مدار القمر الصحيح (379594 كم)، نحصل
على:
ع (صحيحة) = (2x 3.1416 x 379594) كيلومتر/ 655.71986 ساعة
ع (صحيحة) = 3637.322 كم/ساعة
فإذا أدخلنا كل من هاتين السرعتين (للمقارنة وإيجاد تأثير
الفرق الذي غفل عنه) في معادلة حساب سرعة الضوء التي سماها حسب النبي: "الحد
الأقصى للسرعة الكونية"، وحسبنا تلك السرعة لكل من سرعتي القمر الخاطئة
والصحيحة، نحصل على:
السرعة الكونية = (12000 * ع1 جتا (هـ)* زمن الشهر القمري
النجمي)/ (زمن اليوم الأرضي النجمي)
السرعة الكونية = (12000 * 3282*
655.72) / (86164.1)
السرعة
الكونية = 299792.5 كم/ث (وهي
عندئذ خاطئة طبقاً للحسابات)
وبعد تصحيح سرعة القمر
السرعة الكونية = (12000 * (ع)صحيحة جتا(هـ)* 655.72) /
(86164.1)
السرعة الكونية = (12000 * 3637 جتا(26.93ـ)* 655.72) / (86164.1)
السرعة الكونية = 296150.1 كيلومتر/ث
(والتي من المفترض أن تكون صحيحة!)
ونلاحظ عندئذ أن
السرعة قد اختلفت عن سرعة الضوء بحوالي 1.2%. أي أن الحسابات الأدق لا تؤدي إلى
سرعة الضوء – مع الافتراض الجدلي بصحة مقترح (دودح-حسب النبي)، وهو ليس كذلك.
3- الخطأ الثالث: الزعم بأن ألف سنة قمرية تعني
12000 مدار قمري مُغلق، والصحيح: 12970.7 مداراً مغلقا:
فالفترة
بين هلالين متتاليين تستغرق 29.53 يوماً، وهذا هو طول الشهر القمري
الشرعي، والـمُسمّى فلكياً "الشهر الاقتراني". وفي هذه الفترة يقطع
القمر مسافة تزيد على فلك كامل بنسبة عدد أيام هذا الشهر إلى عدد أيام المدار
المنغلق، والذي يُسمى بالشهر النجمي، وطول أيامه (27.32) يوماً. أي أنه في
كل شهر شرعي يقطع القمر (1+(29.53-27.32)/27.32) = 1.081 مدار
قمرياً وليس مداراً واحداً منغلقاً، والسبب أنه خلال هذا الشهر تتقدم الأرض 1/ 12
من مدارها حول الشمس، فيلزم القمر أن يستكمل دورانه حتى يأخذ وضع الهلال في موضع
الأرض الجديد، ولهذا يزيد مساره بين كل هلالين عن مدار مغلق بنسبة 0.081 أي 8.1 %،
أنظر (شكل-4). أو افتح (هذا الرابط لتشغيل نمذجة طبيعية لإظهار الفرق بين الشهر القمري النجمي والاقتراني)
والسؤال هو: كيف استخدم (دودح وحسب النبي) 12000 مداراً فلكياً فقط في حساب
سير القمر في ألف سنة؟! .. وأين ذهبا بباقي المسير الذي يساوي 970.7 مداراً إضافيا
عبر الألف سنة القمرية؟! ... وهل هذا خطأ أم تخبط أم ما هو أسوأ؟!
4- الخطأ الرابع: طريقة بديلة لـ (حسب النبي) لا
تقل سوءاً عن طريقة الزاوية المُخْتَلَقَة (26.92 o):
بالرغم من انتشار طريقة تعديل سرعة القمر بتلك الزاوية المُخْتَلَقَة
(26.92 o) في كتب منصور حسب النبي ومحمد دودح حتى تُنتج
المعادلة سرعة الضوء، إلا أن (حسب النبي) قدم طريقة أخرى تتجنب تلك الزاوية، وذلك لشعوره
بالحرج، دون التصريح والاقرار الواضح بهذا الاستبدال في طريقة علاج المسألة، حسبما
تقتضيه الأمانة العلمية، وكانت تلك الطريقة الثانية للأسف خاطئة أيضاً:
وقد حدث ذلك في كتاب ثان لمنصور حسب النبي (حمل عنوان:
"إعجاز القرآن في آفاق المان والمكان")، ثم ألحق هذه الطريقة بكتابه الأول "الكون والإعجاز .." في طبعاته اللاحقة. وجرى الأمر على النحو التالي:
استعاض الدكتور منصور حسب النبي عن هذه الزاوية الـمُخْتَلَقَة
(26.92 o) بما أسماه حاصل ضرب (المعامل الشهري) و(المعامل السنوي). حيث:
جتاφ =
جتا 26.92848 ° = 0.89157
المعامل الشهري[5] = (زمن الشهر القمري
النجمي)/(زمن الشهر القمري الاقتراني)
= 27.32/ 29.53 = 0.92516
المعامل السنوي[6] = نسبة التقويم
القمري/التقويم الشمسي = 291/ 300 = 0.97
ويكون التعديل =
(المعامل الشهري) × (المعامل السنوي) × مسافة مُعدّلة لبعد القمر عن الأرض
= 0.92516 × 0.97 × المسافة الـمُعدّلة = 0.89740 × المسافة المعدلة
ومن ثم يكون لدينا جتاφ ≈ (المعامل الشهري) × (المعامل السنوي) × المسافة المعدلة
ولتحسين النتيجة وتعويض الفارق بقدر الإمكان لاحظنا أنه
بدلاً من أن يستخدم المسافة بين الأرض والقمر والتي كان قد استخدمها في حساب سرعة
القمر في مداره وهي 384,264 كم، نجد أنه هنا[7]
يستبدلها بالقيمة 383,400 كم. والنسبة بينهما = 383,400/ 384,264 = 0.9977
وهذه النسب ستحد من القيمة (0.89740) لتهبط إلى 0.895 وهذه أقرب إلى جتاφ (أي: 0.89157).
ولإجراء مزيد من التحسين نراه في إصدار تالي له[8] يستخدم (سرعة القمر في مداره)
بالقيمة 382,800 كم[10]،[9]،
وستكون النسبة عندئذ 382,800/ 384,264 = 0.99619، ومن ثم تتحسن نتيجة التعديل إلى
0.8939، وهذه أكثر قُرباً إلى جتاφ. [لا يغيب عن أي قارئ حصيف أن المسألة أصبحت لعب بالأرقام
!!! – والإسلام ومعاني القرآن أغلى من ذلك]
والآن، ما معنى هذا الذي سُمِّيَ بـ (المعامل الشهري)،
و(المعامل السنوي)؟، وهل حاصل ضربهما هو تأويل مركبة سرعة القمر في مداره، أي جتاφ؟
لكي نُجيب عن السؤال الأول: نرى ماذا قال د. حسب النبي!
قال[11]:
"حيث أن القمر يتم دورته حول الأرض في زمن الشهر القمري النجمي وقدره
27.32 يوماً بينما يبدو لنا الشهر القمري الاقتراني الظاهري المستخدم في عد الشهور
القمرية بالفترة بين ظهور هلالين متعاقبين بزمن قدره في المتوسط 29.53 يوماً،
وبهذا فلا بد من ضرب طول المدار القمري المرصود ظاهرياً (2ط نق) × المعامل الشهري
.... (زمن الشهر القمري النجمي)/(زمن الشهر القمري الاقتراني) = 0.925"
نقول: ليس هناك ما يُسمى مداراً قمرياً مرصود ظاهرياَ، فطول
المدار يتم حسابه من المسافة بين القمر والأرض. وإذا افترضنا جدلاً أن المدار
دائري – كما فعل د. منصور حسب النبي – فطول المدار هو دائرة مغلقة، وكما يوضح (شكل
-4 ) أن ذلك يكافئ تماماً طول المدار المقطوع بالنسبة للنجوم. أي أن القمر يقطع
طول المدار المغلق في 27.32 يوماً. أما المسافة التي يقطعها القمر بين هلالين
متعاقبين فتزيد عن المدار المغلق بالزاوية α (شكل 7). والآن، ما معنى أن يضرب د. حسب النبي طول المدار
المغلق الذي هو دائرة كاملة بالمعامل 0.925، معناه أن يقتطع منها جزءاَ بنسبة 7.5%
ويلقيه في البحر. وهذا خطأ ٌجسيم!
ونَعود فنُذكِّر بالخطأ الذي جاء في حسابات محمد دودح،
ومنصور حسب النبي في استخدام 12000 مسار قمري مغلق بدلاً من مسار القمر في 12000
شهر قمري. وإذا كان لدينا طول المسار القمري المغلق (وهو المكافئ تماماً لطول
المسار في الشهر القمري النجمي) وقدره 2ط نق (بافتراض دائرية المدار) فإن:
طول المسار في 12000 شهر قمري = 2ط نق × 29.53 / 27.32 × 12000
أو =
2ط نق × 1.0809 × 12000
حيث أن القمر يقطع في كل شهر قمري اقتراني (ما بين هلالين)
دورة و ≈ 8.1 % من دورة تالية[12]
ومعنى ذلك أن تصحيح الحسابات يقتضي ضربها بمقلوب ما سمي
بالمعامل الشهري.
وإذا استحضرنا معادلة حساب السرعة الكونية[13] التي
أدخل فيها منصور حسب النبي ما سماه بالمعامل الشهري (0.925) والمعامل السنوي
(0.97) لوجدناها:
الحد الأقصى للسرعة الكونية =
(2×3.14×0.925×12000×0.97)/86400 كم/ث
وإذا رغبنا في كتابة معادلة الحساب – بفرض أننا موافقون على
مبدأ استخدامها والتأويل التي قامت عليه وتعريف اليوم- لكتبناها على الصورة الآتية بعد هذا التصحيح
الأخير:
الحد الأقصى للسرعة الكونية = 2(×3.14×1.081×12000)/86400 كم/ث
حيث تمثل القيمة التي بالبسط المسافة المقطوعة في 12000 شهر
قمري. وإذا بحثنا عن دور للمعامل (0.97) والمسمى بالمعامل السنوي لما وجدنا له في
هذه المعادلة معنى ولا مكان. فضلاً عن أن منصور حسب النبي لم يقدم له أي تأويل[14].
وعلى هذا تكون المعاملات التي أدخلها د. حسب النبي (المعامل
الشهري والمعامل السنوي) قد ذهبت هباءَاً منثورا، مثلها مثل المعامل (جتاφ). وحتى لو وافقنا على تلك الأخطاء أو التدليسات/التلاعبات
الرقمية، وتجاوزنا عنها، فسنجد أن النتيجة بعد هذه الإقحامات المفتعلة جاءت
كالتالي[15]:
الحد الأقصى للسرعة الكونية = 300,049 كم/ث
وكما هو مُلاحظ، فقد ابتعدت هذه القيمة للسرعة عن سابقتها
التي جاءت عن طريق (جتاφ)
والتي كانت رائعة في مطابقتها لسرعة الضوء. وفي معرض تبرير هذا الإبتعاد قال د.
حسب النبي أن من أسباب ذلك [عدم انطباق نقطة توازن دوران القمر حول الأرض تماماً
مع مركزها إذا اعتبرنا مركز ثقل الأرض والقمر معاً][16].
وقد أشرنا سابقاً إلى خلو دراسة د. محمد دودح من الإشارة إلى مركز اتزان barycenter نظام الأرض القمر. ورغم
أن د. حسب النبي قد انتبه له، إلا أنه انتباه لم يكن لتصحيح الحسابات باعتبار
الوضع الحقيقي الذي يدور فيه القمر حول هذا المركز وليس حول الأرض. بل لتبرير
ابتعاد السرعة الناتجة أعلى باعتبار أن مركز الاتزان وعدم انطباقه على مركز الأرض
هذا يشوش على الحسابات، ومن ثم تبتعد النتيجة عن سرعة الضوء!! وليت شعري، كيف يكون
السبب الذي بإهماله تجنح الحسابات عن الصواب (بفرض صحة الطريقة) هو عين السبب إذا
عُزِي إليه بالتشويش على الحسابات الخاطئة لتبتعد عن الصواب!!! ومثل هذا مثل رجل
فعل خيراً وشرا، فوعده إبليس أن يضمن له الجنة بدرجة غير كاملة. وقال: لو أنك
أطعتني كامل الطاعة لأدخلتك أعلى درجات الجنة!!!
5- الخطأ الخامس: طريقة إضافية لمحمد دودح، تزيد
الباطل بطلاناً:
نشر محمد دودح – تحت مظلة هيئة الإعجاز العلمي في القرآن
والسنة التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي – كتاباً صغيراً عن استخراج سرعة الضوء من
آيات القرآن. ويكاد أن يكون أغلب محتواه تكراراً لما نُشر في المسألة على مدار
حوالي 15 سنة سابقة، إلا من الجديد الذي أضافه، والذي يمثل محاولة لتبرير استخدام
الزاوية (هـ) التي أدخلها منصور حسب النبي، وأتي بها من نسبة الشهر القمري النجمي
27.32 يوماً، إلى السنة الشمسية 365 يوماً، وذلك من إجمالي زاوية دائرية 360
يوماً، أي: (27.32/ 365.25)*360 = 26.92 o)، والتي كانت وسيلتهما
الوحيدة لاستخراج سرعة الضوء من
(المعادلة-1).
وإذا كان الدكتور حسب النبي قد حاول الاستعاضة عن تلك
الزاوية – كما رأينا في الفقرات السابقة- بما سماه معامل التعديل، وقد تبين لنا ما
فيه من تلاعبات وأخطاء، إلا أن محمد دودح يحاول في طريقته الثانية هنا تبرير هذه
الزاوية فيزيائياً، وكأنه يُضفي عليها معنىً يجعلها مستساغة. وللأسف، سيتبين أيضاً
أن فعله هذا لم يُكلل بالنجاح، بل هو شكل آخر من أشكال التلاعب بالأرقام، ثم
التدليس علينا بأنه حق، وأنه منسوب إلى علم الفلك بذكر مراجع توهم ذلك!!!.
مُلخّص طريقة محمد دودح الثانية:
جاء محمد دودح بالمعادلة الآتية:
cos(h) = 1-2e
أو: جتا(هـ)
= 1- 2ي
حيث هـ = الشهر القمري النجمي/السنة الشمسية = 26.92 o (وهي قيمة ثابتة)
وقال أن: ي (أو: e) هي القيمة التي تقيس
إهليجية مدار القمر حول الأرض. أي أن هذا المقياس (ويُسمّى بالإنجليزية eccentricity وإذا عربناه يكون
اللاتمركز ) يقيس جنوح المدار عن الشكل الدائري، فكلما ابتعد شكل المدار عن
الاستدارة تحوَّل إلى قطعٍ ناقصٍ متزايد في محوره الأطول، وتزايدت قيمة (ي). وإذا كان
له شكل الدائرة، انعدمت مقياس اللاتمركز (ي أو e ) وأصبح صفراً.
أما من حيث أن هناك لاتمركز لمدار القمر، فهذا صحيح، وقيمته
معروفة بدقة عالية وتساوي 0.0549006، وليس هذا الأمر للقمر
فقط، بل لكل مدار قمري أو كوكبي. والجدول الآتي يعطي بعض هذه المقاييس[17]:
عطارد
|
الزهرة
|
الأرض
|
القمر
|
المريخ
|
المشترى
|
زحل
|
أورانوس
|
نبتون
|
0.205
|
0.007
|
0.017
|
0.055
|
0.094
|
0.049
|
0.057
|
0.046
|
0.011
|
مقياس (لا تمركز) كواكب المجموعة الشمسية والقمر (مُقربة
لثلاث أرقام عشرية)
السؤال: هل العلاقة: [جتا(شهر نجمي/سنة شمسية) = )1- 2ي)]، صحيحة؟!
الإجابة: من حيث الفيزياء والفلك، والاستنباط الميكانيكي
لمدار القمر، فهذه علاقة مُخْتَلَقَة، ولا أصل لها، ولا يمكن الاستدلال عليها!
ومن حيث أنها معادلة، فيمكن التحقق من صحتها بالتعويض عن
كلا الطرفين:
الطرف الأيمن = جتا(شهر نجمي/سنة شمسية) = 0.8915725
(وهي
قيمة ثابتة فريدة)
الطرف الأيسر = )1- 2ي) = 1- 2 * 0.0549006 = 0.8901988 (وهي قيمة متوسطية .. وسنرى الآن لماذا)
نلاحظ أن الطرفين قريبان من بعضهما، ولكنهما غير متساويين.
وإذا كانت العلاقة [جتا(هـ) = )1- 2ي)] صحيحة فلكياً
وميكانيكياً، فحتماً لا بد أن تتطابق قيمتهما الحسابية تمام التطابق. وهذا غير
حاصل، ولمعرفة قدر الفرق نحسبه كنسبة مئوية، فنجد أنه 0.15 %
وبرغم
أن الفرق طفيف، إلا أن تقارب الطرفين إلى هذا الحد ليس إلا محض تصادف. ولبيان ذلك،
نعلم أننا إذا تفحصنا لاتمركز مدار القمر، فسنجد أنه ليس قيمة ثابتة، بل قيمة
متغيرة، كما بالشكل[18]:
شكل (5)
إذ يتراوح لاتمركز مدار القمر [بين حدٍّ أدنى هو (0.026)
وحدٍّ أقصى هو ((0.077)][19]،
وأن القيمة (0.0549006) المعبرة عنه لم تكن إلا
متوسط هذه القيم المتغيرة، هذا في حين أن جتا (هـ=26.92 o) قيمة ثابتة. فالعلاقة إذاً ليس متكافئة
الطرفين. لأن المعادلة الفيزيائية معناها أن الطرفين دائماً أبداً متساويين، إلا
إذا كان أحدهما ينتقي فقط قيمة أو قيم بعينها من طائفة قيم من الطرف الآخر (بما يُسمّى
دالة رياضية). وهذا غير حاصل في علاقة دودح الجديدة، التي لا أصل لها، ولا هي
تقريبية، ولا استدلالية بأي حال، ولا هي دالة رياضية يُستخلص للطرف الأيمن قيمة ما
(أو فئة ما) من نطاق قيم الطرف الأيسر.
ومما يؤسف له، أن جاء دودح بما سماه (التحقق من النتائج[20])
– وكأنه سيتحقق من أن [cos(h)
= (1-2e)]، ويفعل مثلما فعلنا أعلى، بأن يثبت
أن طرفي العلاقة متساويين. وبدلاً من أن يأتي بقيمة لاتمركز القمر من مصادره
الحسابية (بقيمة 0.0549006) أتي به من نفس العلاقة
التي من المفترض أنه يسعى إلى التحقق منها، فقام بتغذية قيمة جتا(هـ)=26.92 وحصل منها على قيمة لاتمركز القمر (بزعمه) وأنه
يساوي (0.0542137288550433015) والذي يظهر واضحاً أنه منحرف عن الرقم المعتمد اعتباراً من الرقم
العشري الملون. وهذا الفعل منه يُظهر التلاعب بما سماه (تحقق من النتائج) وهو في
الحقيقة ليس إلا دوران في الاستدلال، فيأتي بالنتيجة التي يريدها ليتحقق منها
بتغيير الأرقام، وهذا الفعل منه ليس إلا مثال صارخاً لاستغفال القراء. ويوجب سحب
الثقة.
كما وأن هذا الدقة المرعبة التي يدعيها بإتيانه بعدد (15)
خانة عشرية – باللون الأحمر- وراء الرقم الذي هو في نفسه منحرف عن الصوب (2) تدعو إلى التفكه العلمي. والذي يقال عند أمثالها: [شر البلية ما
يُضحك].
وللتدليل على عبثية الاستدلال وتخبط الإحاطة بالمسألة في
طريقة دودح الثانية هنا (الخاصة بلاتمركز القمر)، سنورد له عدد من العبارات
الفاضحة علمياً، تمثل ما بناه عليها من اتيانه بهذا اللاتمركز ليفسر به تلك
الزاوية الأعجوبة (26.29 o).
يقول محمد دودح[21]:
[يمكن عند أي نقطة على مدار ناقص الاستدارة Ellipse تحليل السرعة المدارية Orbital Velocity إلى مركبتين متعامدتين
إحداهما عمودية على القطر وتسمى السرعة الزاوية Angular Speed وقيمتها ثابتة في كل
النقاط على المدار والثانية تسمى السرعة القطرية Radial speed وهي المسئولة عن نسبة
التغير وتختلف قيمتها من نقطة لأخرى (Zeilik and Smith, Introductory Astronomy and
Astrophysics, second edition, Saunders College Publishing – 1987, Philadelphia,
p17), والسرعة الثابتة القيمة تسمى أيضا
السرعة المماسية Tangential Velocity لأنها المسئولة عن
الحركة الأمامية, وفي حالة القمر تكافئ نسبتها تماما نسبة مركبة السرعة الوسطية في
الاتجاه الأصلي بعد دورة: 0.8915725423 (حوالي 0.89), ولذا نسبة التغير في السرعة حوالي 0.11 (Encyclopedia Britannica)]
وأتى
محمد دودح بالرسم الآتي[22]
(يميناً) مع العبارة السابقة، وأتينا بالرسم المقابل (يساراً) المأخوذ من نفس المصدر الذي أحال هو إليه في عبارته السابقة:
Zeilik
and Smith, Introductory Astronomy and Astrophysics
1- أن تحليل السرعات (في الرسم) يلزمه أن يحتويه متوازي
مستطيلات، وهو صحيح في الأصل (يسار)، وخطأ واضح فاضح في النقل (يمين)، ولو أن صاحب الرسم الأيمن لم يُحِطْه بخط متقطع
لقلنا أن متجه السرعة المدارية قصير لعدم الدقة، أما وأنه احتواه بالإطار المغلق،
فالخطأ مفهومي بالدرجة الأولى!
2- أن اتجاه محصلة السرعة (والتي حمّلها الراسم اسم "السرعة
المدارية") خطأ تماماً، فاتجاه السرعة المحصلة هو هو اتجاه المدار،
أي: اتجاه مماس المدار عند نقطة التماس. ومما يؤكد هذا الخطأ، الخطأ التالي.
3- أن السرعة العمودية على القطر (r) والتي حملت الرمز (Vr) سماها الراسم (السرعة المماسية) وهذا خطأ فاضح. فالسرعة التي سماها "السرعة المدارية" (باللون
الأزرق) هي هي السرعة المماسية. أما السرعة العمودية (باللون الأحمر) فاسمها
السرعة الزاوية، حيث يشير الرمز (θ) إلى الزاوية، كما بالرسم الأيسر. ولهذا وُضع هذا الرمز بجانب حرف
الـ (V) ليعبر عن مُركِّبة السرعة في اتجاه تزايد
الزاوية (θ)، وهذا الاتجاه هو
الاتجاه العمودي على نصف القطر (r).
4- قال في الفقرة الكلامية عن مركبة "السرعة
الزاوية" أنها: [عمودية على القطر وتسمى السرعة الزاوية Angular Speed وقيمتها
ثابتة في كل النقاط على المدار]. وهذا الكلام خطأ فاضح أيضاً. فهذه السرعة متغيرة وليست ثابتة بأي حال من الأحوال.
ومصداق ذلك من نفس المرجع الذي أشار إليه[23]،
حيث تُعطى قيمة هذه السرعة من المعادلة الآتية:
وحيث أن الزاوية (θ) متغيرة دوماً بسبب حركة القمر على المدار (أنظر شكل 6 يسار - حيث أنها الزاوية التي يصنعها متجه موضع القمر في حركته عكس عقارب الساعة)، فلا بد حتماً وأن تكون
الدالة cos(θ) متغيرة أيضاً، وهذا يجعل
السرعة الزاوية (Vθ) متغيرة بالضرورة، كما رسمناها من واقع هذه المعادلة في (شكل-)
التالي، فمن أين زعم صاحب الكلام ثبات السرعة الزاوية؟!
شكل (7)
وأما قوله عن السرعة المماسية (والتي قصد بها "السرعة
الزاوية" في رسمه الخاطئ أعلى) في العبارة السابقة: [وفي حالة القمر تكافئ
نسبتها تماما نسبة مركبة السرعة الوسطية في الاتجاه الأصلي بعد دورة: 0.8915725423
(حوالي 0.89)]
فخطأ محض. فنسبة السرعة الزاوية (بالشكل -7) أعلى إلى السرعة المدارية التي تُعطى من
المعادلة الآتية:
هي:
وهذه المعادلة الأخيرة لها قيمة عُظمى (أي تتساوى السرعة
الزاوية والسرعة المدارية) عند الزاوية التي مقدارها (0) والزاوية (180). ولها
قيمة صغرى عند الزاويتين (90 و 270) وهذه القيمة الصغرى تساوي فيها السرعة الزاوية
ما نسبته 0.998496 من السرعة المدارية.
فأين هو ذلك الوضع الذي تكون فيه السرعة الزاوية صانعة نسبة
قدرها 0.89 ؟!
وأما
إن كان يقصد من السرعة المماسية السرعة المدارية، فهي تُعطى من العلاقة الآتية (بعد أخذ الجذر التربيعي):
ويكون لها قيمة عظمى عندما تكون الزاوية (θ) قدرها 180، ويُسمّى هذا الموضع على
المدار (الحضيض Perigee)، (أنظر شكل - 8) وبالتعويض بهذه القيمة وحل المعادلة، نحصل على
أعلى سرعة للقمر في مداره وقدرها:
V = 1.080962 km/s
ويكون لها قيمى صغرى، عندما تكون الزاوية (θ) قدرها 0، ويُسمّى هذا الموضع على
المدار (الأوج Apogee). وبالتعويض بهذه القيمة وحل المعادلة، نحصل على أقل سرعة للقمر
في مداره، وقدرها:
V = 0.968449 km/s
شكل (8)
والفرق بينهما [( 1.080962 - 0.968449 ) = 0.112513
كيلومتر/ثانية] ليس نسبة من شيء، وإنما قيمة مطلقة لفرق السرعتين. أما نسبته من
السرعة المتوسطة فقيمته هي:
0.112513 / 1.024 = 0.09147
ولا يشتبه مع قيمة [جتا(ه) = 0.8915725 ] التي يسعى للوصول إليها (محمد دودح وحسب النبي) بأي طريقة كانت، ومحاولتهم إقناعنا أنهم يتبعون في السبيل إلى ذلك مسالك علمية، وما هي كذلك أبدا.
6- الخطأ السادس: مغالطات فاضحة حول فلك القمر
وأن المدارات المخروطية تنتفي بعزل الأنظمة الفلكية، وتصبح دوائر!
أتى
محمد دودح بالرسم الآتي[24]-
في النسخة الإنجليزية لبحث سرعة الضوء الذي تم نشره تحت مظلة هيئة الإعجاز العلمي
بمكة المكرمة - وبما عليه من تعليقات، وليس لنا فيه إلا ترجمة التعليقات إلى
العربية:
شكل (9)
وفي هذا الرسم، والإفادات التي صاحبته (ص21)، خطيئتين علميتين،
هما:
1- أن نظام (الأرض-القمر) إذا عُزل عن التأثيرات الخارجية
(وهي هنا: تأثير الشمس) فسوف يتحول مداره من قطع ناقص (إهليجي) إلى دائرة تامة
الاستدارة.
قال: [يتم تعريف قوانين الحركة في أنظمة منعزلة لتجنب
التأثيرات الخارجية وتمييز ثوابت الحركة بوضوح. لذلك كان من الضروري استخدام نظام
الأرض-القمر المعزول بتحرير ثوابت حركة القمر الخالصة، وذلك لتعيين قيمة سرعة
الضوء الثابتة ..]
وقال[25]:
[حركة القمر حولنا لا ترصد من أرض ساكنة كما يعدها أهله، وكأنه بالنسبة إلى الفراغ
لا يتحرك حول الشمس، ولكن القمر يقطع كل دورة حول الأرض زاوية Ø حول
الشمس، ولذا يوصف مداره بأنه ناقص الاستدارة ...]
وحيث أن هذا التصريح غير خاص بنظام الأرض القمر على
التخصيص، بل كل ثنائي يدور أحدهما حول الآخر في قطع ناقص. فهذا الكلام شديد
الفساد، ولا أصل له. وسواء كان هناك شمس في السماء، ويدور حولها نظام
(الأرض-القمر) أو لا، فلا علاقة لذلك بفلك القمر حول الأرض إلا من بعض التشويش.
وإذا أزلنا هذا التشويش بمحو وجود الشمس، (أي: بإزالة تأثير وجودها على حركة كل من
الأرض والقمر) فسوف يظل القمر يدور في قطع ناقص حول الأرض. والحاصل أن الأرض
والقمر يدوران حول مركز كتلتهما لخضوعهما إلى قانون حفظ العزم الزاوي. ولن يحدث أن
يتحول مدار الدوران إلى دائرة إلا لسببين. الأول أن تكون كتلة الأرض بالغة الكبر
(والصحيح لانهائية الكتلة) بالنسبة لكتلة القمر، وفي هذه الحالة سيدور القمر حول
مركز الكتلة الذي سيكون في قلب الأرض في دائرة تامة، سواء كان هناك شمس أو لا.
والحالة الثانية أن تكون كتلة الأرض مساوية تماماً لكتلة القمر، وفي هذه الحالة
سيدور كل من الأرض والقمر حول مركز كتلتهما في دائرة (كلٌّ على انفراد) وسيكونان
دائما على الطرفين البعيدين من بعضهما. وأيضاً سيكون ذلك صحيحاً في وجود الشمس أو
عدم وجودها. ولو صدق دودح في كلامه لما وجدنا في الكون أي ثنائي جرمي معزول إلا
ويدور الصغير حول الآخر في دائرة مغلقة، وهذا من أفسد ما رأيت من كلام لأحد حول
الأجرام. ومن يتفوه به، فحتماً لا يكون له في علم الفلك ولا الفيزياء ناقة ولا
جمل.
والغريب كل الغرابة أن يتأول محمد دودح نفس الزاوية Ø بتأويلين فاسدين،
ومنفصلين عن بعضهما. الأول هو اتجاه حركة القمر بين وضعين للأرض حول الشمس بينهما
شهر نجمي، مثله في ذلك مثل حسب النبي، والثاني أن مدار القمر يتحول إلى قطع ناقص
بتأثير الشمس، وأن إسقاطه بزاوية تعيده إلى مدار دائري يكون بنفس الزاوية Ø، وهو ما سيتبين
خطؤه بعد قليل! ... والأغرب من كل هذا ... هو: من أين جاء محمد دودح بهذه الأفكار
التي لا أصل لها .. وكأن قراء كتاباته وما يُسميه أبحاثاً؛ غُفلاً جهلاء لا يميزون
صحيح الدعاوى العلمية من التدليس؟!
2- الرسم السابق لمحمد دودح أتى بإسقاط غير صحيح، ووجدنا أن
علينا أن نصححه قبل معالجته وتحقيق دعوى صاحبه فيه؛ لنرى ما فيه من خطأ استدلالي
عن الزاوية (Ø) ، وبعد التصحيح (الذي يسقط فيه المحور الأطول أب للقطع الناقص على قطر الدائرة ج ب تماماً، وليس على وتر جانبي كما رسمه محمد دودح في شكل-9 أعلى) حصلنا على (شكل - 10):
شكل (10)
قال محمد دودح أن زاوية إسقاط مدار القمر (F) هي الزاوية التي تجعل الإسقاط دائرياً، وأنها هي هي الزاوية التي
يجب تحليل سرعة القمر باتجاهها بعد شهر نجمي من شهر سابق، والتي بضرب جيب تمامها
(0.89) في سرعة القمر نحصل على السرعة الصحيحة التي ينتج عنها في (المعادلة-1)
سرعة الضوء. وهذا معناه أن السرعة (F) في (الشكل- 10) يجب أن
تكون 26.92 o.
ويمكننا أن نتحقق من صحة كلامه؛ أي بحساب قيمة الزاوية التي
يكون مسقط القطع الناقص باللون الأحمر هو الدائرة باللون الأزرق، وهل الزاوية (F) هي الزاوية
26.92 o أم لا. ونجري الآن هذا الحساب:
- من المعلوم أن القطع الناقص له محوران: محور أطول وأقصر.
وقد ميّز الرياضيون القطع الناقص بمعاملين (من بين عدة
معاملات)، هما:
نصف المحور الأطول semi-major axis = a
نصف المحور الأصغر semi-minor axis = b
ويرتبط a، b بلاتغاير eccentricity القمر (e) بالعلاقة الرياضية
الآتية[26]:
b/a = (1-e2)1/2
وبالرجوع إلى (شكل-10) نجد أن "نصف المحور الأصغر" (b) للقطع الناقص سيتساوى
مع نصف قطر الدائرة الـمُسقطة، ومن ثم، سيكون (b/a) هو جيب تمام الزاوية (F)، أي أن:
b/a = cosF
ومن المعادلتين السابقتين يمكننا حساب قيمة الزاوية F كالآتي (علماً بأن e=0.0549):
cos(F) = b/a = (1-0.05492)1/2
= 0.998492
F = 3.147o
هذه هي
الزاوية التي إذا أسقطنا بها مدار القمر حصلنا على دائرة كاملة الاستدارة، ومن
الواضح أنها ليست مساوية لـ 26.92 كما زعم محمد دودح.
هذا وقد واصل محمد دودح في كتابه المشار إليه – اعتباراً من صفحة:
65- مزيد من الاستدلالات الخاطئة تحت عنوان: [علاقة تؤيد وحدة الأجرام في الأصل
والنظام] ويقصد منها تلك المصاحبة لنشأة الأرض والقمر. ولو أن الأمر يستحق، لفندنا كل ما جاء به، لخلوه من المنهجية العلمية،
غير أن هذا يفترق عن مسألة الاستدلال على سرعة الضوء التي نحن بصددها، رغم أنه
يعتمد عليها.
7- الخطأ السابع: استخدم لفظ (اليوم) باصطلاح
مستحدث في مخالفة صريحة لأصل المعنى:
تجاوزنا عن أخطاء لُغوية شنيعة، كانت أولى لو أتت بانفرادها
أن تهدم مقترح (دودح - حسب النبي)، ولكننا أجلناها ليعلم القارئ أن صاحِبَي
المقترح لم يصلا إلى شيء حتى مع هذا التجاوز. ومعلوم أن ما بُني على باطل، فلا
يأتِ إلا بباطل، حتى وإن تجمَّل وتزلَّف.
- ويأتي في مقدمة هذه الأخطاء اللُّغوية في مقترح (دودح -
حسب النبي) أن سلَّم كل من صاحبي المقترح بأن (اليَوْم) في قول الله تعالى
".. فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ .." هو اليوم ذي الساعات الأربع والعشرين –
وكان معهم في هذا الفهم جمع من الإعجازيين، منهم الدكتور زغلول النجار نفسه كما
صرَّح لي شخصياً بذلك (سنة 1995)، وقد فوجئ من نقدي لهذا الذي سلَّموا به، وأقر
أنهم لم ينتبهوا إليه على مدار 7 سنوات منذ مناقشة المسألة وحتى وقتئذ، بل وحتى
وقتنا هذا (2015م) لم يعبئوا بتقديم المعنى الصحيح وإسقاط ما خال عليهم! وللأسف
كان هذا التسليم بأن "اليَوْم" هو "اليوم الفلكي" –
كما سماه الـمُعجم الوسيط- فاسد كل الفساد. فـ "اليَوْم" في
اللغة العربية والعُرف العربي إذا انفرد آل لا محالة إلى طول النهار. وإذا أراد
العرب أن يأتوا بالمعنى الجامع للساعات الأربع والعشرين كما تعارفنا عليه في زمننا
هذا، قالوا: "يومٌ وليلة". ولا يُقال أبداً: (يوم)،
ويُقصد به مجموع الليل والنهار إذا انفرد وقُصد به وحدة زمنية. وما اشتهار "اليوم"
في زمننا هذا بأربع وعشرين ساعة، إلا أثر ثقافي حَدَاثي، وليس له من التأييد إلا
الاصطلاح. وكما قيل دوماً في ثقافتنا العربية القديمة: "لا مُشاحة في
الاصطلاح (إذا فُهمت المعاني!)"، أما إذ الم تُفهم، واختلط الحابل
بالنابل، واشتبه مراد الله تعالى، فيما أوقف سبحانه من ألفاظ كتابه الكريم على
معانيها المخصوصة، مع مرادات الـمُصطلحين، فهنا يجب التنبيه والتحذير. وهنا يفترق
الأصحاب، ويتعاند الأحباب. ولا يسلم من الملام إلا من التزم بأصل الكلام.
- و"اليوم" – سواء كان الاقتراني أو
النجمي – بما تعارف الناس عليه في الزمن المتأخر تُسميه معاجم اللغة[27]
الحديثة بـ "اليوم الفلكي". وذلك تمييزاً له عن اليوم في العرف
العربي الذي هو طول النهار، أو ما بين طلوع الشمس إلى غروبها[28]، وكما
سمَّاه من فطن إلى الفرق بينه وبين "اليوم" في اللغة والعرف العربي بـ
"اليوم المدني"[29].
ونستغرب جداً من إسقاط تعريف "اليوم الفلكي" أو "اليوم
المدني" في الاصطلاح العلمي الحديث[30] على لفظ "اليوم"
كما جاء في آيات القرآن بدلالتها العُرفية والـمُعجمية العربية. ولو فعلنا ذلك
لحَادَت معظم مفردات القرآن عن دلالاتها اللغوية، ولَكَان تأوُّلاً على كتاب الله
تعالى بما لم يُردهُ الله سبحانه من كلامه جلّ في علاه، حتى ولو على سبيل عموم
المعنى، لأنه إجراء يدخل في تحريف المعنى وليس عمومه كما يتوهم فاعلوه؛ هذا إن
كانوا قد انتبهوا إليه! أو حتى إن كانوا قد حرصوا على ذلك عندما أُخبروا به.
- ولكن، ما معنى أن "اليوم" في قوله تعالى
" فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ "
ليس (24 ساعة) كما استخدمها (منصور حسب النبي ومحمد دودح)، في حسابهما لسرعة الأمر
من (المعادلة-1)؟!
معناه أن
حساباتهم كانت خاطئة من كل وجه! ولسببين اثنين، وليس واحداً !!
الأول: أن طول "اليوم" حسب العرف
العربي واللغوي هو الفترة الزمنية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ويتراوح متوسط هذه
الفترة بين 13.2 و 13.5 ساعة؛ أي أن التعويض بها سيذهب بـ "سرعة الأمر"
بعيداً بعيداً عن سرعة الضوء! فتزداد بمقلوب النسبة: (24/ 13.3) أي حوالي الضِّعف
(لأن طول "اليوم" يقع في مقام طرف المعادلة الأيسر).
الثاني: أن طول "اليوم" بناءاً على
هذا العُرف ليس ثابت الطول كما هو الحال في التعويض عنه بـ (24 ساعة)!! .. وهذا
يُفند طريقتهما في استخدام قيمة ثابتة لطول مدار القمر على مدار 1000 شهر باعتباره
السرعة الأرضية التي إذا تم تغذيتها في المعادلة نتج عنها سرعة الأمر، الثابت
القيمة!
هاتان
النتيجتان تُفنِّدان تماماً توظيف فلك القمر في حل (معادلة–1)، دون أن يكون لذلك
تأثير سلبي بالضرورة على (المعادلة-1) ذاتها، وصحة تأويل آية (السجدة-5) بها. وتكون
نتيجة ذلك وجوب استبعاد فلك القمر من المسألة، والعودة لتقبُّل مقترحات جديدة يمكن
أن تنطبق عليها (المعادلة-1)، واختبار صرامة هذه المقترحات.
8- الخطأ الثامن: الزعم بأن ("حد" اللفظ) يعني "الحد الأقصى"، رغم أنه يعني: ["تعريف"
مدلول اللفظ تعريفاً جامعاً مانعا]:
قال محمد دودح[31]: "وسرعة
القوى الفيزيائية في الفراغ واحدة ويُعبَّر عنها بقيمة سرعة الضوء في الفراغ وتُعرف
فيزيائيا بالثابت الكوني للحركة, وفي مقابل تلك القيمة الثابتة نجد قيمة ثابتة في
مقام بيان سرعة قصوى يتضمنها التعبير "فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ
سَنَةٍ مّمّا تَعُدّونَ", والمقام قياس لما يقطع "في يوم" بتلك
السرعة البالغة بمقياس سير "ألف سنة" لأن السياق يتعلق بقطع مسافة، والتعبير
"كان مقداره" يعني في اللغة (كان مقياسُه وحدُّه) فلا يزيد المقياس عن هذا الحد
في المسافة, واليوم الأرضي المعلوم للمخاطبين العرب والمسلمين لا يصلح أن يساوي
ألف سنة من سنيهم في الزمن، وإنما في المسافة, والمسافة التي تقطع في يوم محدودة
وإن قطعت بأعلى سرعة فهي لا تزيد عن مسافة ألف سنة من سنيهم المبنية على حركة
القمر؛ أي بحركته حول الأرض, والتعبير "مّمّا تَعُدّونَ" وصف عائد على
الألف سنة المتضمنة لحركة جسم نسبية يتعدد وصفها فيعوزها تحديد الوصف".
هنا نجد مقابلة بين سرعة ثابتة لما سُمِّي بالقوى
الفيزيائية – أنظر الفقرة السابقة – ومصدرها هو الفيزياء الحديثة، ويقصد القائل
هنا بذلك ثبات سرعة الضوء المستدل عليه من النسبية الخاصة، هذا من جهة، ومن الجهة
الثانية [قيمة ثابتة في مقام بيان سرعة قصوى يتضمنها التعبير "فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ
أَلْفَ سَنَةٍ مّمّا تَعُدّونَ"]. وهنا وقفة هامة؛ إذ لا يوجد من أدوات
الاستدلال اللغوي ما يمكننا أن نستنبط به من الآية – على ما سنرى – لا ثبات قيمة
السرعة المنوي الاستدلال عليها، ولا كونها سرعة قصوى. و يذهب محمد حسب النبي مذهب قريب من محمد دودح في
ذلك بقوله: [يتبين فهم معظم المفسرين رحمهم الله تعالى جميعاً للنصين الشريفين
على انها بيان لسرعة قصوى لسير الأمر في السماء](حسب النبي، 1996، 2، ص90)، (وقوله هذا ليس
إلا تقوُّل على المفسرين، فلا هو أحال إلى شيء من ذلك، فضلاً عن أننا لم نعثر
لكلامه على أثر)، وبقوله أيضاً: [قوله تعالى "يدبر الأمر.."الآية،
تعبير قرآني عن الحد
الأقصى
للسرعة الكونية المطلقة الثابتة الدائمة في هذا الكون والتي لا يتوقف مقدارها على
حركة الراصد أو المصدر، وهذا يؤكد المبدأ الرئيسي للنسبية الخاصة إذا ثبت حسابياً
أن السرعة المشار إليها... هي سرعة الضوء.] المصدر: (حسب النبي، 1996، ص399).
ويُعد تأييد النسبية الخاصة على هذا النحو بدعم من تأويل الآية مجازفة خطيرة من منصور حسب النبي. على الرغم من خلو التحليل اللُغوي لنص الآية كما سنشرح في الفقرة التالية حتى من تضمين ثبات تلك السرعة، ولا كونها قصوى. وقد استند محمد حسب النبي إلى خلفيته التصديقية للنسبية الخاصة في تأويل الآية، ثم ادعى أن الآية تدعمها. وهذا النوع من التدليل الدوراني (دليل الدور) مزلق من مزالق الاستدلال. ونستنكر هذا الاستدلال ونُبَرِّئ الآية الكريمة منه ومن التأييد التَهَافُتي للنسبية الخاصة قبل إجراء تحقيق علمي وافي في هذا الشأن.
أما
الاستدلال على أن التعبير "كان مقداره" يعني في اللغة (كان مقياسه
وحَدُّه) وأنه لا يزيد المقياس عن هذا الحد في المسافة، فيسقط بالتمحيص لمصدر ودلالة اللفظ (حَدُّه). ورغم أن القائل لم يورد مصدر هذا المعنى (كان مقياسه وحده)[32] إلا أنه جائز. أما ما هو ليس
بجائز فقوله: أن (حدُّه) هو ألا يزيد عن هذا الحد في المسافة. فلفظ (حد) هنا إن وردت بمعنى (مقداره) فالمعنى[33] أن (حد الشيء) هو الوصف
المحيط بمعناه المميز له من غيره. أو[34] أن
"حدّ" الشيء من غيره يحدُّه حداً، وحدَّده ميزه. أي أن
"الحد" هو المميز للشيء عن غيره. وفي التعريفات يقول الجرجاني[35] أن
"الحد" [قولٌ دال على ماهية الشيء]، وخصص لفظ
"التعريف" وقال أنه [الحد الناقص]. وقال: "الحد التام" هو [ما يتركب من الجنس والفصل القريبين، كتعريف الإنسان بالحيوان
الناطق]. وقال أيضاً: [الحد في اللغة: المنع، وفي الاصطلاح: قولٌ يشتمل على ما
به الاشتراك، وعلى ما به الامتياز]. وقد شاع هذا اللفظ (أي: "حد") عند المناطقة[36] وانتقل إلى اللغة. ورغم أن حد الشيء المادي هو منتهاه، إلا أن حد الشيء إذا أريد تمييزه كلاماً عن غيره إنما هو ما به يُعرف فلا يتداخل مع
غيره، أي يُرسم بينه وبين غيره حداً تعريفياً. وهذا هو المقصود من (مقياسه وحَدُّه). أي أن مقدار هذا اليوم هو ألف سنة، ولا يُعَرَّف بذلك يوم آخر، ومن ثم
فقد تميز هذا اليوم بهذا القدر الذي قدره الله له؛ أي أن الله تعالى قد حدَّه بهذا الحد، ولا يقال أن ذلك حد للمسافة أو السرعة فتكون بذلك مسافة أو سرعة قصوى، بحيث لا يوجد وراءها مسافة أكبر منها، لأنها
عندئذ تكون إفادة زائدة من المتكلم حشرها من عند نفسه على كلام المفسرين، ونسبها
إليهم ولو ضمناً، وهو ما لم يخطر لهم على بال، فضلاً عن أن يُصرحوا به. والنتيجة أن
كلام حسب النبي ودودح في مسألة (حد السرعة) مردود. وهو منهما إما خطأ في أدناه، أو
تلاعب في أقصاه، أو تخبُّط إذا تأرجح بين هذين الوصفين. وحيث أن خطأ المجتهد
معذور، وأن المجتهد هو من تعقب الأدلة. وحيث أن الأدلة تشير بوضوح إلى توظيف لفظ
(الحد) في غير مراده اللغوي، فتكون النتيجة أن فعلهما لم خطءاً معذورا، وأنه حتماً
تخبطٌ صريح، أو ما هو أسوأ.ويُعد تأييد النسبية الخاصة على هذا النحو بدعم من تأويل الآية مجازفة خطيرة من منصور حسب النبي. على الرغم من خلو التحليل اللُغوي لنص الآية كما سنشرح في الفقرة التالية حتى من تضمين ثبات تلك السرعة، ولا كونها قصوى. وقد استند محمد حسب النبي إلى خلفيته التصديقية للنسبية الخاصة في تأويل الآية، ثم ادعى أن الآية تدعمها. وهذا النوع من التدليل الدوراني (دليل الدور) مزلق من مزالق الاستدلال. ونستنكر هذا الاستدلال ونُبَرِّئ الآية الكريمة منه ومن التأييد التَهَافُتي للنسبية الخاصة قبل إجراء تحقيق علمي وافي في هذا الشأن.
تَبِعَات غير محمودة لطريقة (دودح - حسب النبي) في حساب سرعة الضوء:
1- افتتان دعاة الإعجاز العلمي، وبعض أسرى الثقافة العلمية بطريقة (دودح-حسب النبي) في حساب سرعة الضوء والترويج لها:
رأينا الفشل التام في الاستدلال على سرعة الضوء من آية
السجدة، وليته قام على أساس علمي من فيزياء أو فلك. بل على العكس من ذلك، كشف عن
لا منهجية واضحة، وضعف مخزي في فهم أصحاب الموضوع لآليات القوانين الفيزيائية
والفلكية.
ومع ذلك، فقد تزعم نشر هذه النتائج، باعتبارها ناجحة، عدد
من الدعاة، ومثقفي الخطباء. وفيما يخص الدكتور النجار، فقد سألني رأيي سنة 1995 فيما
نشره د. منصور حسب النبي، فقمت بمراجعته بالتفصيل، وأخبرته بعدم صحة استدلالاته،
فأخبرني أنه حصل على نفس الإجابة من كل من استشارهم في نفس المسألة. ومع ذلك وبعد 10
سنوات من ذلك، أذاع على الناس نفس المسألة على أحدى الفضائيات وبنفس المعالجة
الفاسدة التي يعلم تماماً رأي المتخصصين فيها، وإجماعهم على ما فيها من تمويه
وتلبيس، فتعجبت كل العجب، وهذا ما أذاعه على الناس:
وذهب الدكتور صبري الدمرداش يكرر نفس الكلام، مع التفصيل، كما نرى هنا:
وكذلك الدكتور محمد راتب النابلسي، فيكاد أن يكرر نفس الكلام، يقول:
ومثل ذلك نسمعه أيضاً من عدنان إبراهيم، والذي توقعنا منه
أن يمحص المسألة، إلا أنه أذاعها على ما فيها من سوء استدلال!
2- تورُّط جهات أكاديمية (شرعية وفلكية) في دعم طريقة (دودح-حسب النبي) الفاسدة علمياً:
يقطع المستندان الآتيان[38] بتورط جهات أكاديمية (شرعية وفلكية) في تأييد ما جاء به (محمد دودح) و(منصور حسب النبي)! .. ونستغرب: كيف خالت هذه الطريقة، وما يعج فيها من أخطاء قادحة لُغوياً، وفيزيائياً، وفلكياً، على السادة الموقعين على هذين المستندين! .. والحاصل أن صدور هذين المستندين والذي كان من المفترض أن يمنحا مساعي محمد دودح ومنصور حسب النبي مصداقية فيما جاءا به، إلا أن نفس المستندات تنعكس على من وقع عليها بالأثر السيء نتيجة تأييدهم لطريقة فاسدة!
شكل (11) - نلاحظ الفقرة (6) ونستغرب كيف وافق عليها الموقعون، وبأي دعم تأويلي؟!
شكل (12) - كيف خال على الموقعين على هذا المستند ما في طريقة (دودح وحسب النبي) من أخطاء مروّعة؟!
الخلاصة:
والآن: نُعلن لكل مسلم أنه يجب نسف طريقة (دودح - حسب النبي)، المتعلقة بتوظيف فلك القمر وسرعته في معالجة (المعادلة-1) وبكل أشكالها
الألاعيبية التدليسية. وليس فقط لأن أصحابها أفاضوا في الأخطاء، والتصنُّعات المتشبهة بآليات العلم، بل أيضاً لأنها لا قيمة
علمية لها في فهم آية (السجدة-5)، بل على العكس، كانت أقرب للتشويش منها للتوضيح، ونتج عن تلاعباتهما صدٌ عن سبيل فهم الآية الصحيح لو كان لها بالفعل علاقة بسرعة الضوء. كما أن الأمر مازال عالقاً ومتعثراً - بل منغلقاً - في معنى (الأمر)
و(ماهية العارج) و(العروج)، وعلاقة ذلك بالضوء وسرعته، وهذا الانغلاق لم يكن إلا تبعة من تبعات فشل طريقتهم التي لم يطرحوها كمحاولة اجتهادية، بل كنتيجة إعجازية قاطعة، وأوهموا القراء بدقة تصل للسنتيمتر الواحد، رغم أن الخطأ الحقيقي مازال 11.6%، أي حوالي 35 ألف كيلومتر/ث، (هذا بافتراض أنهم أحسنوا فهم معنى "يوم" وهو ما لم يحدث، وإذا عادوا إلى المعنى الأصلي لـ "اليوم" سيصل خطؤهم إلى قريب من 50%). ولن تتزحزح حقيقة ذلك حتى ولو أقسموا على انتفاء الخطأ في طريقتهم المزعومة، إلى تلك الدقة الموهومة. وكل ما قرأناه من حسب النبي ومحمد دودح في تقريراتهم لهذه الأمور لا يُعوّل عليه، كما وأن ادعائهما بأن الآية تتكلم عن سرعة "الأمر الكوني" على
أنها سرعة قصوى – اعتماداً على الفهم الخاطئ لكلمة "حَدْ" التي عثر
عليها د. حسب النبي في التفاسير، كان فهماً
فاسداً، وقد وظَّفه صاحبه حسب رغبته wishful thinking، لا حسب ما تقتضيه اللغة ومرادات الـمُفسرين بها؛ هذا لو أنه حقق كلامهم بما يقتضيه التحقيق.
أما غير المسلمين، وخاصة الملحدين، فننصحهم بالاكتفاء
بالاطلاع لو شاءوا، أما أن يتطاول منهم أحد، ويستغل أخطاء المسلمين في الهجوم على
القرآن وإعجازه، ويصطاد في مياه ضحلة مكشوفة، فننصحهم بالامتناع عن ذلك،
لأنه مصيبتهم أكبر من زلات المخطئين من المسلمين. ولو كان المتطاول منهم عالماً
حقاً، لما كان ملحداً بالله العزيز الحكيم. فالصمت خير له من التفوه بما لا يعي،
وإلا أنْقَلبْتُ عليه، وجردته مما يستر عقله، وفضحت ضحالة فهمه، وعمق جهله، أو بالأحرى،
تلبّسه بالعلم زوراً وبهتانا، وهو أبعد الناس عنه. فليستر نفسه بالصمت، لعله يستفيد.
وللخروج
من هذا المأزق الذي صنعته طريقة (دودح-حسب النبي)، سنسعى من جهتنا إلى إعادة
معالجة (المعادلة-1) على نحو مختلف تماماً، وبعيداً عن فلك القمر وسرعته، وهذا ما
سنستعرضه في الجزء الثالث من الفصل الثاني، وهذا هو الجزء التالي إن شاء الله
تعالى.
[1] منصور حسب النبي، "الكون والإعجاز العلمي في القرآن"، طبعة
ثالثة، 1996، ص405.
[2] محمود خشان، "حول سرعة الضوء وتفسير المعارج، مجلة الأزهر، ج7/رجب 1413 – يناير 1993م، ص 1083-1090. (حسن أبو العينين، 1996، ص1/ 97)
[2] محمود خشان، "حول سرعة الضوء وتفسير المعارج، مجلة الأزهر، ج7/رجب 1413 – يناير 1993م، ص 1083-1090. (حسن أبو العينين، 1996، ص1/ 97)
[3] حسن أبو العينين، من الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، مكتبة العبيكان، 1/ 97، 1996.
[4] حسب النبي، السابق، ص 404.
[4] حسب النبي، السابق، ص 404.
[5] حسب النبي، "الكون والإعجاز العلمي في القرآن"، 1996، ص416.
[6] (حسب النبي، "الكون والإعجاز العلمي..."، ص416)، أحال هنا د. حسب النبي إلى المصدر (عبدالهادي ناصر، نظرات في الكون والقرآن، المكتبة الأكاديمية، 1995، ص250) لاقتباس نسبة التقويم القمري إلى الشمسي، ونتساءل: هل الأمر يتطلب الإحالة إلى مصدر حقيقة يعلمها العوام فضلاً عن المتخصصين؟ هل يحتاج الأمر أن أحيل إلى مرجع ما "أن الغراب لونه أسود"؟ - في الحقيقة لا يحتاج. وبمراجعة كلام د. عبدالهادي ناصر، وجدنا أنه كان أسبق من د. منصور في إدخال فكرة تصحيح سرعة القمر ومسافته بما سُمِّي بـ (المعامل الشهري) و(المعامل السنوي)، أنظر (عبدالهادي ناصر، 1995، ص250-251)، وتُعد إحالة د. حسب النبي إليه (في شأن فرق التقويم القمري إلى التقويم الشمسي والتي لا تستحق الإحالة) بما يترجح معه أنه اطلع على ذلك قبل شمول هذه الطريقة التصحيحية في كتابيه (حسب النبي، الكون والإعجاز العلمي في القرآن، 1996)، (حسب النبي، إعجاز القرآن في آفاق المان والمكان". الطبعة الأولى، دار الفكر العربي، القاهرة). ونُرجّح أن تلك الإحالة المستنكرة لم تكن إلا لتغطية الإحالة المسكوت عنها وهي طريقة التصحيح بالمعاملين (الشهري والسنوي) والتي لم يُشِر د. حسب النبي إلى مصدرها. وكانت هذه أيضاً طريقة إحالة د.حسب النبي إلى د. دودح في شأن أسبقية اكتشاف أهمية سرعة الأمر في آية السجدة-5 والحج47 وأنها قريبة من سرعة الضوء، حيث سكت عن ذلك وأحال بدلاً عنها إلى كون د. دودح قام (فقط) بالدراسة الشرعية (حسب النبي، إعجاز القرآن في آفاق المان والمكان، 1996، ص84).
[7] حسب النبي، الكون والإعجاز العلمي في القرآن، 1996، ص415.
[8] منصور حسب النبي، الكون والإعجاز العلمي في القرآن، 1996، 2. "إعجاز القرآن في آفاق المان والمكان". الطبعة الأولى، دار الفكر العربي، القاهرة، 1996، ص97.
[9] وهي نفس القيمة التي استخدمها د. عبدالهادي ناصر (عبدالهادي ناصر، نظرات في الكون والقرآن، المكتبة الأكاديمية، 1995، ص248)، بل أحال أيضاً د. حسب النبي (حسب النبي، الكون والإعجاز العلمي في القرآن، 1996، 2، 97) إلى نفس المصدر الذي اقتبس منه د. عبدالهادي ناصر هذه القيمة وهي (بيفان م. فرنش، 1980، "أسرار القمر"، ترجمة ثابت رزق الله، مؤسسة سجل العرب. نقلاً عن (عبدالهادي ناصر، 1995، ص248))، مع عدم ذكر إحالة عبدالهادي ناصر، وهو ما يزكي اقتباس د. حسب النبي عنه كامل الطريقة دون الإشارة إلى ذلك.
[10] من الجدير بالذكر أن نورد هنا القيمة التي ذكرها (حسين كمال الدين، دورتا الشمس والقمر وتعيين أوائل الشهور العربية باستعمال الحساب، دار الفكر العربي، القاهرة، 1996، ص83) وهي 383,942 كم، غير أن مزيد من الدقة قد أتت حديثاً لهذه القيمة ووجدناها (384401 ± 1 km): المصدر:
Arthur N. Cox (eds.)-Allen’s Astrophysical Quantities-Springer-Verlag, New York (2002), p.308
[11] منصور حسب النبي، الكون والإعجاز العلمي في القرآن، 1996، ص416.
[12] حيث أن زمن الشهر القمري الاقتراني = 29.53 يوماً، في حين أن زمن الشهر القمري النجمي = 27.32 يوماً. لذا ففي الشهر القمري الاقتراني يدور القمر دورة واحدة كاملة، ولكنه يدور 29.53/ 27.32 = 1.0809 دورة بالنسبة للخلفية النجمية.
وقد قرأنا ما أثار استغرابنا حول هذه العلاقات للدكتور زغلول النجار، فقد قال: [تتراوح سرعة دوران القمر في مداره بين3483 كيلومترا في الساعة,3888 كيلومترا في الساعة (بمتوسط 3675 كيلومترا في الساعة). كذلك تتفاوت سرعة سبح الأرض في فلكها حول الشمس بين 29.274 كيلومتر في الثانية,30.274 كيلومتر في الثانية. وبجمع الفرق بين أعلي وأقل سرعتين لكل من القمر في مداره والأرض في مدارها, يتضح أنه يقابل الفرق في أطوال الأشهر القمرية بين (27.3215) يوما في مدة الدورة النجمية للقمر,(29.5306) يوما في دورته الاقترانية.](جريدة الأهرام، مقال: "من أسرار القرآن" بتاريخ 12/3/2007م) وهذا الكلام غير صحيح. فلا علاقة بين تغير سرعة القمر والأرض في فلكيهما والفرق بين طول الشهر القمري بين النظام النجمي (27.32) يوما والنظام الاقتراني (29.53) يوما. فالعلاقة بين هذه القيم للشهر القمري علاقة جبرية بسيطة ويمكننا شرحها على النحو التالي:
في الفترة الزمنية التي تدور فيها الأرض حول الشمس – أي في (365.25636042) يوماً - يكتمل للقمر عدد من الأشهر الاقترانية قدرها = (365.25636042)/(29.530588853) = 12.37 شهراً قمرياً اقترانياً. ولكن في النظام النجمي يكتمل عدد من الأشهر القمرية النجمية قدرها = (365.25636042)/( 27.321661547) = 13.37 شهراً قمرياً نجمياً. والفرق بين عدد الدورات لأي تابع بين النظامين الشمسي والنجمي هو دورة واحدة. ففي حالة دوران الأرض حول الشمس نجد عدد أيام السنة النجمية = 366.25636 يوماً في حين أن عدد أيام السنة الشمسية = 365.25636 يوماً، والفرق هو يوم واحد على التمام. وكذلك في حالة القمر، نجد أن الفرق بين عدد شهور القمر النجمية والشمسية – كما لاحظنا في الحساب أعلى = 13.37-12.37 = 1، أي دورة قمرية واحدة. أي أن العلاقة بين الشهر القمري النجمي والاقتراني يُعطى من العلاقة:
سنة شمسية / شهر قمري نجمي = سنة شمسية / شهر قمري اقتراني + 1، أو
وقد استدللنا على هذه العلاقة على انفراد منذ زمن طويل، إلا أنه في ثنايا هذه الدراسة وجد أنها من مكتشفات كوبرنيوقوس Copernicus (أنظر: http://astro.unl.edu/naap/ssm/ssm_advanced.html) حيث P زمن الدورة النجمية للتابع، و S زمن الدورة الشمسية له، و E السنة الشمسية. ويلاحظ أنها نفس العلاقة التي أثبتناها أعلى مع اختلاف ترتيب الرموز. وقد كُتبت على هذه الصورة لأن القيمة المجهولة عادة ما تكون زمن الدورة النجمية للتابع (كوكب أو قمر) والتي تمثل عندنا القيمة 27.32166 يوماً، ويمكن بالتالي الاستدلال على هذه القيمة من تلك العلاقة دون ربطها بسرعات القمر والأرض حسبما ادعى د. زغلول النجار.
وقد وجدنا للدكتور حسين كمال الدين طريقة شبيهة ومفصلة للخروج بنفس العلاقة التحليلية بين طول الشهر القمري الاقتراني والنجمي (أنظر: حسين كمال الدين، دورتا الشمس والقمر وتعيين أوائل الشهور العربية باستعمال الحساب، دار الفكر العربي، القاهرة، 1996، ص89)، وبما ينفي مقالة د. زغلول النجار في هذا الشأن.
[13] منصور حسب النبي، "الكون والإعجاز العلمي .."، 1996، ص417.
[14] منصور حسب النبي، "الكون .." ، ص416. والحاصل أنه اقتبسها من (عبدالهادي ناصر، نظرات في الكون والقرآن، المكتبة الأكاديمية، 1995، ص251) وكان تبريره أن سمَّى عدد الشهور القمرية في ألف سنة في النظام الشمسي بـ"معامل المضاعفة الشهري الشمسي النسبي القرآني" ليُصبح 12000× 291/ 300 = 11640 شهراً (ضعفاً شمسياً!!!). وهكذا يكون د. منصور حسب النبي قد اقتبس كامل طريقة الحسابات عن د. عبدالهادي ناصر وبكامل أخطائها.
[15] منصور حسب النبي، "الكون والإعجاز العلمي .."، ص417
[16] السابق، نفس الصفحة.
[17] http://nssdc.gsfc.nasa.gov/planetary/factsheet/
[18] Jean Meeus-More, “Mathematical Astronomy Morsels”, Willmann-Bell (1997), p.12.
[19] Ibid. p.11.
[20] محمد دودح، "سرعة الضوء في القرآن الكريم"، سلسلة إعجاز، نشر "الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة"، 2006، ص 43-45.
[21] السابق ، ص 38.
[22] السابق، ص 39.
[23] Zeilik and Smith, Introductory Astronomy and Astrophysics, second edition, Saunders College Publishing – 1987, Philadelphia, p16.
[24] Mohammad Doudah, “Speed of Light in Monotheism Books, Why?”, Int. Commission of Scientific Signs in Quran and Sunnah, 2006, p. 20.
[25] دودح، سرعة الضوء، ص36.
[26] http://en.wikipedia.org/wiki/Semi-minor_axis
[27] أنظر في ذلك "المعجم الوسيط"، إبراهيم أنيس وآخرون.
[28] لسان العرب لإبن منظور، مادة "يوم".
[29] محمد جمال الدين الفندي، ، الله والكون، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1987، ص390.
[30] يقول د. حسب النبي: [اليوم هو الفترة الزمنية بين المرور الظاهري لجرم سماوي في عبورين متتايين ومتشابهين لخط محدد في السماء بالنسبة للمشاهد نتيجة دوران الأرض حول نفسها، وليكن هذا الخط مثلاً هو خط وسط السماء، أي خط الزوال. فإذا قيس اليوم بعبور الشمس سُمِّيَ يوماً اقترانياً، وإذا قيس بعبور نجم، سُمِّيَ يوماً نجمياً، و"اليوم" هنا يُعبِّر عن زمن دوران الأرض حول محورها دورة كاملة.]المصدر: (حسب النبي، "الكون والإعجاز العلمي في القرآن"، ص402)
[31] (دودح،2006، 2؛ ص10)
[32] ذُكر ذلك أيضاً في (حسب النبي، 1996، ص396) وأحال هذا التعريف (أي مقياسه وحدُّه) إلى المعجم الوسيط، رغم أننا بمراجعة المعجم الوسيط مراجعة دقيقة لمادة "قدر" لم نجد لهذا التعريف أثر. وفي موضع آخر (حسب النبي، 1996، 2، ص82) أحال إلى تاج العروس، ورغم الجهد لم نعثر على ذلك في مادة "ق د ر". ويبدو أن دودح قد نقل ذلك عن حسب النبي في المرجع المشار إليه وإن كان في الغالب في طبعته الأولى، وإلا لكان قد أحال هو إلى مصدرها.
[33] أنظر: كتاب "الكليات" لأبي البقاء الكفوي، مادة (حَدّ).
[34] أنظر "لسان العرب" لإبن منظور، مادة (حَدّ).
[35] كتاب: "التعريفات" للجرجاني، مادة "ح د د".
[36] مثال لذلك، أنظر: ابن سينا، كتاب
النجاة في الحكمة المنطقية والطبيعية والإلهية، منشورات دار الآفاق الجديدة،
بيروت، 1985، ص112-116.
[37] محمد بن صبيان الجهني: "رد على بحث: طريقة قرآنية جديدة إيجاد السرعة c".
[38] نُشر هذان المستندان على موقع (http://www.islampedia.com)، وكان عنوان الصفحة التي شملتهما (http://islampedia.com/ijaz/Html/01-13_REF.htm) ولكن الموقع أزيل بعد تاريخ 9/يونيو/2009. ولم يعد هناك من وسيلة لفتح تلك الصفحة القديمة إلا عن طريق (أرشيف الإنترنت - https://web.archive.org). وعن طريق هذا الارشيف يمكن إعادة فتح الصفحات، إما داخلياً من خلاله، أو بواسطة العنوان الآتي الذي يفتح الصفحة المؤرشفة بتاريخ 9/ 6/ 2009:
https://web.archive.org/web/20090205231415/http://islampedia.com/ijaz/Html/01-13_REF.htm