السبت، 20 يونيو 2015

سرعة الضوء ودرجة حرارة الهواء (حرارة الحياة) - وكيف تجمعهما آية (السجدة:5)

من كتاب: فتاوى شرعية في النظرية النسبية
الفصل الثاني: آية (السجدة-5) وعلاقتها بسرعة الضوء
الجزء الرابع: سرعة الضوء، ودرجة حرارة الهواء (حرارة الحياة) - وكيف تجمعهما آية (السجدة-5)!
بقلم: عزالدين كزابر

سعينا في الدراسةالسابقة إلى محاولة التعرف على الـمُراد في آية (السجدة:5) من تلك السرعتين التي نسبت الآية أحدهما إلى الأخرى بالنسبة ( 1000 سنة إلى يومٍ واحد)، وذلك كما تأولناها من قول الله سبحانه "... فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ". وكانت النتيجة أن رشّحنا لهاتين السرعتين: "سرعة الضوء في الفراغ"، و"سرعة دوران الأرض حول محورها". كما أننا أشرنا بوضوح إلى أن السرعة الأولى والتي رشحنا لها (قيمة سرعة الضوء) مدعومة بقوة في ترشيحها، ولم تكن قوة ترشيح سرعة دوران الأرض - باعتبارها السرعة الثانية في المعادلة التي تطلبت سرعتين آنيتين- بنفس القوة، وإن كانت مستساغة لحدٍّ كبير، وكشفت أو فتحت باباً لما يمكن أن يكون محتوى فيزيائي أعمق مما هو شائع في الميكانيكا الفلكية، وربما أنه قابل للتفتق عن أسرار جديدة في هذا العلم، ونقصد من ذلك معنى (حركة جرم الأرض)، وأن الأرض مدفوعة بـ (تفاعل ما) مع الفضاء المحيط، وأن هذا التفاعل يقوده متحرك (لا نعلمه الآن) وأنه يتحرك على الحقيقة بسرعة الضوء، رغم أن السرعة البينية الظاهرة بين الأرض والفضاء هي سرعة الدوران المعهود؛ أي: دورة واحدة كل 24 ساعة. هذا بخلاف السرعات المتراكبة عليها، أو المنضافة إليها، إلا أنه في الإطار القصوري للأرض (الذي نعيش نحن فيه محمولين على الأرض) ليس هناك من تأثير يصلنا مع الفضاء وما فيها من منظر السماء إلا هذا الدوران المباشر، والذي تقول الآية – استدلالاً – أن الدوران البيني ليس بين الأرض وغيرها من أجرام، بل بين الأرض و(الفضاء/السماء) نفسها، حتى وإن كان وراء الفضاء القريب أجرام أخرى (قمر/كواكب/شمس/ حركة نجمية/ حركة مجرية) .. فكل هذا يصل تأثيره إلى الأرض عبر (الفضاء/السماء) القريبة من الأرض، والذي يغمرها ويحتضنها كما يحتضن بياض البيض صفاره. 
ونجد لزاماً علينا أن نُمحِّص ما أنجزناه، بمزيد من اختبارات التداعيات واللوازم، لعلها تضيء لنا ما يمكن أن يُضيف من معانٍ، أو يهذب من دخائل؛ ربما تكون انزلقت دون أن ننتبه لها.
1- نقول أن زَوْجَي السرعات؛ (سرعة الضوء وسرعة الأرض الدورانية) مرادتان في الآية على سبيل الترجيح – وذلك في منهجنا البحثي الموضوعي وبقدر السعة المعرفية التي نمتلكها- وذلك لأنهما مُأوَّلتان، وغير منصوصٌ عليهما صراحةً. وبالرغم من أن سرعة الضوء فريدة – بالضرورة الترجيحية - في انجلاء تفردها في الأهمية، وعدم ظهور أي منافس لها في أفقنا المعرفي الراهن، إلا أن سرعة دوران الأرض ليست بالضرورة فريدة في استقلالها وتفردها في معنى الآية. إذ ربما نجد - أو يجد غيرنا - ما ينافسها. .. والحقيقة أننا لما سعينا في هذا الاتجاه عثرنا بالفعل على ما ينافسها – أو لنقل:يزاحمها - دون أن ينفيها بالضرورة، وهو ما سيتضح بعد قليل. أما احتمال عدم نفي أي من هاتين السرعتين الأخيرتين للأخرى؛ (سرعة دوران الأرض والسرعة التي سنكشف عنها النقاب بعد قليل)، فلربما يرجع لسبب أنهما يجتمعان تحت معنى فيزيائي أعمق وأشمل، يلم شملهما جميعاً.
2- أن علة الدوران الأرضي، - وارتباط هذا الدوران بالتفاعل مع السماء (الفضاء المحيط) - لا بد وأن تكون علة فيزيائية حتى تكون فاعلة في دوران جرم مادي من جهة، وتكون مرتبطة بسرعة الضوء من جهة أخرى. فالمحك في كلا الجهتين محك طبيعي سببي تحكُمه السنن التي قدرها الله تعالى. وما نسعى إليه في الحقيقة هو الوقوف على تلك السنن التي تظهر لنا كـ (سرعة دوران الأرض) وتُبطن حقيقة كامنة - رجحنا أن السرعة الحاكمة فيها هي سرعة الضوء – والتي تُفْرِدْها الآية بالإشارة إلى أنها الحقيقة كما يراها خالق الحقائق (السنن) الطبيعية سبحانه.
3-  أن هذا الظهور (المتمثل في دوران الأرض) والاستبطان (المتمثل في سرعة خفية عنا، تدور رحاها في باطن الظاهرة) ليست بالأمر الغريب، فتكاد جميع الظواهر الطبيعية أن تبطن أسباباً (مايكروسكوبية) لما نراه منها من ظواهر جاهرة (ماكروسكوبية). فما نستشعره من حرارة، يرجع في باطن الأجسام الحارة والباردة إلى سرعة حركة جزيئآتها؛ وهو ما يظهر لنا كجسم حار، أو بطء سرعتها فيظهر لنا جسما باردا. وما نراه من ضغط الهواء الجوي، وضغط ماء البحر على ما تحتويه كل منهما من أجسام، فيرجع إلى تزاحم جزيئآت الهواء والماء نحو الأسفل لانجذابها ناحية جرم الأرض، ... إلخ الظواهر الطبيعية التي يضيف العلم بها علماً بأسبابها المستبطنة والخفية عن حواسنا. وهذا التعليل؛ أي تعليل الظواهر الماكروسكوبية الكبيرة بأسباب دقيقة باطنة ميكروسكوبية، فيُسمَّى "الرَّدْ" reduction، أي رد الفرع إلى الأصل، أو المجهول السبب أو الحكم إلى المعلوم، ويشبه في أصول الفقه "تعليل الأحكام"، وما يجري عليه من آليات استخراج تلك العلل مثل "السبر والتقسيم"، و"تخريج المناط" ثم "تنقيح المناط". فإذا طبقنا نفس الآليات على تفسير ما نستشعره تحت اسم "حرارة" مثلاً، فنقول أن سبر الظاهرة، وتقسيم عللها المحتملة يقول بوجود مادة تسمى (كالوريك) – كما كان مظنوناً حتى بدايات القرن التساع عشر -  أو أنه (محض الحركة) – وهو ما ساد فيما بعد- ، ثم يميل المحققون إلى أن الراجح منها "أي: مناط "الحرارة" هو "حركة الجزيئآت"، وإذا ذهبنا إلى تنقيح مناط "الحرارة" فسنمر بـ "تقسيم" العلل المحتملة (مثل السرعة والكتلة والعزم الخطي وطاقة الحركة وطاقة الجهد)، وبعد سبر هذه الاحتمالات، أي اختبارها نصل إلى "تنقيح المناط" أي إفراده بالتعيين، فنقرر أن "علة الحرارة في جسم ما" هي "طاقة الحركة المتوسطة لجزيئات الجسم"، فتزداد بزيادتها وتنخفظ بانخفاضها، ومن ثمَّ؛ أصبحت علةً باطنة لها، أو مؤشراً عليها، وخاصة أنها أصبحت مقياساً لها من الجهة العملية.
4- بمعية رقم (2) و (3) أعلى يمكننا أن نتوقع أن العلاقة بين حركة الأرض الظاهرة، وسرعة الضوء الباطنة، لا بد أن يتصلا في منطقة وسيطة تنتقل خلالها علل أو أسباب الفعل والتفاعل، وإلا لم تكن المسألة التي ندرسها مسألة طبيعية مخلوقة؛ قد دبر الله تعالى أمرها، كما قال تعالى " يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ ..." بأسباب قابلة للفهم والمعالجة الاستدلالية، وقد استحثتنا آيات القرآن على تَفَهُّمْها والنظر فيها ومعالجتها لتسمية كل أمر من أمورها وتسخيرها. بمعنى أنه ينبغي أن نجد على المستوى الدقيق للمادة آلية ما تتوسط المستوى الظاهر أو الكبير البادي لنا بحركة الأرض (أي الماكروسكوبي) من جهة، والباطن الدقيق الملامس لمتحرك ما يجري بسرعة الضوء (أي المايكروسكوبي). أي أن الثنائي التراثي (الظاهر والباطن) لهما مقابلان في مسألتنا هنا! ونقصد بذلك: الآيات الكونية على العموم، وهما: (الظواهر الجاهرة macroscopic، والبواطن الدقيقة الخفية microscopic ).
5- يلزم عما سبق أننا بإزاء البحث في الطبيعيات الدقيقة (الباطنة/المايكروسكوبية) عمَّا يتحرك، ويكون في حركته متبوعاً أو إماماً أو هادياً أو مُسبِّباً لحركة الأرض، أو مستبطناً لها، وربما أن من هذه السرعات الباطنة الدقيقة ما يحقق مع سرعة الضوء ثنائي منافس لسرعة دوران الأرض في اقترانها به في معادلة آية (السجدة:5). وليس هناك ما يدفع للظن بالضرورة أن يكون هذا التنافس بين تلك السرعة وسرعة دوران الأرض مبطلاً لعلاقة الأخيرة بسرعة الضوء، كما رجّحنا في دراستنا السابقة، بل إننا لنستشرف أن يؤآزرها تعليلاً ولا ينفيها، باعتبار أنه مرتبط بها أو علتها على المستوى الباطن للحركة؛ أي: يكون بمثابة كاشفاً لأسبابها الدقيقة الخفية. وكأنه الوزير المدبر الفاعل على الحقيقة، ويقطف الملك (نقصد: دوران الأرض في السماء) ثمار الأبهة والجلال فيما يظهر للعِيان، في وقت تختفى تلك السرعة الباطنة عن الأنظار. وهذا الاقتران بين الظهور والاستبطان في الكون أمر واقع، ودلنا القرآن على مثله، عندما قال سبحانه "وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً .."(الإسراء:12). وليس "مَحَوْنَاه" هنا بمعنى عدمناه، بل بمعنى أخفيناه عن أدوات الحس لحكمة الغاية  المقدرة.
___
الجديد في المسألة:
بوصولنا إلى هذه المنطقة الخطرة والدقيقة من البحث، أي: وصولنا إلى باطن مسألة (الحركة والسكون)، وباستقصاء محيطها وعمقها، فيما يتعلق بالمتحركات المادية، عثرنا على الآتي:
أنه بحكم أن جرم الأرض ليس إلا تراكم مادي من مثيلها المادي الذي نعلم بعضه من صخور وأحجار وتراب، وسوائل وغازات، وذرات وجسيمات .. فلا بد وأن علة الحركة التي ربطت بين دوران الأرض وسرعة الضوء، تربط أيضاً بين حركة أي حجر من الأحجار نقذفه بأيدينا أو القاذفات، أو ذرة من الذرات، أو جسيماً من الجسيمات تُطلقه الـمُشعّات أو الـمُعجلات، ... مع سرعة الضوء أيضاً.
وبالاستطراد في هذا التعليل الطبيعي، فلا بد وأن نصل إلى أن دقائق المادة – كالجسيمات والذرات والجزيئات - التي تحكمها قوانين المادة الماكروسكوبية، تتحرك أيضاً بحركة ترتبط بنسبة ما مع سرعة الضوء! وبدرجة ما شبية، أو قريبة من تلك العلاقة التي وجدناها لكوكب الأرض كجِرم واحد، في حركته الدورانيه، وربما العامة أيضاً.
وبناءاً على هذا التصور الأخير، علينا أن نُنَقِّب في الظواهر الباطنة (الخفية) للمادة الأرضية (في المحيط الإنساني) وما يعتريها من حركة وسكون، والتي دلَّت العلوم الطبيعية التحليلة على بعضٍ منها، لعلنا نجد من الأمارات ما ندلج منه إلى كشف السببية أو العليّة الطبيعية التي ربما تربط بين حركة المادة على هذا المستوى الدقيق، مع سرعة الضوء.
هل ترتبط حركة المادة الدقيقة بسرعة الضوء – بدلالة (آية السجدة:5) - كما ارتبطت حركة كوكب الأرض؟!
نود أن نلفت الانتباه إلى معنى هام، وهو أن علاقة سرعة دوران الأرض بسرعة الضوء فيها "عموم" و"خصوص" (باصطلاحات أصول الفقه). ونقصد بالعموم هنا: أن آليات الدوران، وكونه ذو أساس طبيعي فيزيائي، علاقة "عامة". ونقصد بالخصوص أن النسبة بين سرعة دوران الأرض وسرعة الضوء سرعة نسبة خاصة ربما لن أو لم تتحقق لغيره من الكواكب على الإطلاق على المستوى الكوني، وذلك مثلما أن الأرض لها من الصفات العديدة التي لا يشاركها فيها غيرها، رغم أنها صفات طبيعية. ونُمَثِّل للعموم والخصوص في مسألة الحركة بسرعة الريح في مكان ما وسرعة الصوت في الهواء. فالسرعتين طبيعيتان وناتجتان عن سنن قدرها الله تعالى في بنية الخلق، وهذا هو العموم، ولكن النسبة بين ريح بعينها وسرعة الصوت (340 متر/ث) علاقة خاصة، وربما أن هذه النسبة حدثت لأحد الرياح على الخصوص ولن تتكرر لغيرها، فنستنتج من ذلك أن انتفاء التكرار في أحد العلاقات لا ينفي عموم العلاقة، مثلما لا ينفي ألا يحوز الإنسان 100 دينار مبدأ حيازة غير هذه القيمة من دينارات، وكذلك الأرض، فعدم وجود أرض أخرى تحقق النسبة المذكورة (1000 سنة / يوم) لا ينفي أن حركة الأرض طبيعية. ومعنى ذلك أنه يجب أن تعلل الحالات الخاصة بعلل طبيعية تشملها وتشمل غيرها من حالات تفارقها – وإن لم تطابقها في القيم العددية المتغيرة بطبيعة الحال (ما دام أن بحثنا منحصر في العلل الطبيعية وليس المعجزات التي تخرق الأسباب). وبناءاً على ذلك فالعموم والخصوص في أصول الفقه يكافيء في حالتنا على الترتيب:"القانون العام"، و"منازله الخاصة على عيون المسائل المتفردة".
وعلى نفس المعنى نؤكد أن ارتباط حركة الأرض الدورانية بسرعة الضوء بالنسبة (1000 سنة:1 يوم) علاقة خاصة لأرضنا دون غيرها، أي دون غيرها من الكواكب والأجرام، وهو ما سيتبين من دراسة لنا لاحقة. بمعنى أن هذه النسبة لن تكون محققة بالضرورة لغير الأرض. ومع ذلك، فهي علاقة طبيعية عِلِّيَه، يمكن أن تتحقق لغير الأرض من أجرام إذا طابق أي منها الأرض في صفاتها الفلكية والفيزيائية المميزة لها! .. ولكن حدوث هذا غير ضروري، بمعنى أنه ليس ضرورياً أن يحدث لغير الأرض نفس النسبة لكي تظل العلاقة بين سرعة دوران الأرض وسرعة الضوء علاقة طبيعية، وبما يمكن الوقوف على أسبابها بعلل طبيعية. وهذا هو مقصدنا من العموم والخصوص في المسألة.
نبني على ذلك إقرارنا بأننا ما زلنا بإزاء التعرف على تلك الخصائص الفيزيائية، التي جعلت للأرض وحركتها الدورانية هذه العلاقة الخاصة مع سرعة الضوء، اي أن وازعنا البحثي هنا وازع طبيعي بحثاً عن آليات تقدير الله تعالى لتلك العلل الطبيعية التي عنها نشأت تلك النسبة التي أشارت إليها آية (السجدة:5).
ومن الجهة المادية الدقيقة، فنحن أيضاً بإزاء تمييز تحقُّق صفات فيزيائية – تتواجد فيها تلك المادة الدقيقة على الأرض – ربما بما تجعل لحركتها نفس العلاقة الخاصة مع سرعة الضوء.
فإن صدق حَدْسُنا في ائتلاف وحدة الخصائص الفيزيائية بين الأرض من جهة، والمادة الدقيقة المكونة لها (في منطقة حياة الإنسان باعتبار أنه المخاطب بالآية) من جهة ثانية، أصبح قوة عزمنا (العلمي) – بقطبي المعرفة الظاهر والباطن؛ أي الجاهر والدقيق - على كشف سر تلك الخصائص، مُضاعف.
ولكن، قبل البحث عن العلة الفيزيائية المشتركة من هذين القطبين، علينا أن نتأكد أولاً من أن هناك من السرعات الدقيقة ما يُرشِّحها لتكون تحقيقاً لآية (السجدة:5) على المستوى الباطن للمادة، مثلما كان دوران الأرض تحقيقاً للآية على المستوى الظاهر، كما رجحنا في دراستنا السابقة.
البحث عن ظواهر مادية دقيقة (مايكروسكوبية/باطنة) تحقق آية (السجدة:5):
سنستحضر مرة أخرى عُدَّتْنا المفاهيمية التي خضنا بها الدراسة السابقة، ألا وهي (المعادلة-1):
  سرعة الأمر = (مسيرة ألف سنة بسرعة (مُدركة) / (يوم أرضي) ...          (معادلة– 1)
حيث أن (اليوم الأرضي) = 13.18 ساعة، تماماً كما استدللنا عليه هناك!
ثم نستحث الخطى كما سرناها هناك، بافتراض أن سرعة انقضاء ذلك "الأَمْر" تتساوى في قيمتها مع سرعة الضوء البالغة (c  ~ 300000 كم/ث)، ونصل إلى المرحلة التي تستقل المعادلة بغائب واحد هو ذلكم المسير المقطوع في ألف سنة، (وفي هذه المرة، لو ائتلف عليها حشد أيامها وانضافت وتراكمت – كما سنرى)، أي أن:
مسيرة ألف سنة بسرعة (مُدرَكَة) = 300000 كم/ث  x  (يوم أرضي) ........       (2)
وبالتعويض عن [مسيرة ألف سنة بسرعة (مُدرَكَة))]بـ [س * 1000 سنة] حيث (س) هي السرعة التي نبحث عنها. وأيضاً بالتعويض عن (يوم أرضي) بـ (13.18 ساعة) تؤول المعادلة إلى:
س = ( 300000 كم في الثانية / 1000 سنة) * (13.18 ساعة)    ........      (4)
ومنها: س = 465.1 متر/ثانية .....              (كما هو متوقع مما وصلنا إليه سابقاً)
وحتى الآن، لا جديد !! ... (في الظاهر)، ولكن مهلاً .. إذا تعاملنا مع الظواهر الميكروسكوبية (الباطنة) فلا بد أن نلاحظ فرقاً مع ما سبق وقلناه حتى الآن في مسألة المسيرة التي كان يمكن للأرض أن تقطعها بالدوارن على مدار 1000 سنة متصلة! (لرتابة سيرها). .. وهو ما لا يتحقق بمعناه الحرفي للظواهر الميكروسكوبية.
ونقصد بذلك، أنه كان ينبغي أن نلاحظ أن انتساب هذه السرعة إلى سرعة الضوء ليس مقصوراً على انقضاء تمام (ألف سنة) لمسيرتها أمام مسيرة (يوم كامل) لمسيرة الضوء، بل إن هذه النسبة (1000 سنة/يوم) ليست إلا نسبة مجردة، فإثبات صحتها لـ (1000 سنة/يوم) إنما كان لتفهيمنا النسبة بما نعلم، فإن علمنا النسبة، فلا بد أن تَصْدُق على بعضٍ منها؛ أي كسورها، وكذلك على مضاعفاتها. أي أنه إذا تحققت النسبة [(1000 سنة)/(يوم)]، فلا بد أن تتحقق لـ [(سنة)/(جزء من ألف جزء من اليوم)]، .. أي: لا بد أن تتحقق لأي فترتين زمنيتين يمكن أن يحققا النسبة [(1000*354.37*24) / (23.18)] = (645286.8 : 1)
أي أن النسبة بين سرعة الضوء إلى سرعتنا (التي تشير إليها الآية) = 645286.8/1
وبالمثل يمكن القول (بأخذ مقلوب النسبة) أن النسبة بين تلك السرعة إلى سرعة الضوء
= 1.55 x 10-6 .. (لاحظ أنها نسبة مجردة لا وحدات لها dimensionless)
وبأخذ أمثلة ميكروسكوبية (دقيقة/باطنة)، يمكننا القول أن ما يقطعه الضوء في ثانية، تقطعه تلك السرعة – التي نسعى إلى معرفتها في العالم الميكروسكوبي - في (645286.8) ثانية، أي في 7.47 يوم (بتحويل الثواني إلى أيام)
ويمكننا أن نقول أيضاً أن ما تقطعه تلك السرعة في ثانية واحدة، يقطعه الضوء في 1.55 مايكروثانية (10-6 ث). وأن ما تقطعه تلك السرعة في (1 مايكروثانية (10-6 ث)) يقطعه الضوء في (1.55 بيكوثانية (10-12 ث)) .. وهكذا ..
وعلى هذا تؤول المعادلة (4) إلى الصورة الآتية:
السرعة المايكروسكوبية التي نبحث عنها (س) = (يوم/1000 سنة) x سرعة الضوء (ض)
س = (1.55 x 10-6) x ض      ...... (5)
س = ق x ض                      ......   (6)
حيث (ق) = 1.55 x 10-6  ........ وسوف نمنحها اسم (الثابت القرآني)  ......   (7)
والآن، نتساءل: هل نجد هذه السرعة في الظواهر المايكروسكوبية الطبيعية (أو بالأحرى: ما يمكننا تسميته: البواطن الطبيعية) – مثلما وجدناها في إحدى "الظواهر الطبيعية" (دوران الأرض) التي تتعلق حياتنا بها؟!
الإجابة: نعم.
وموطن عثورنا على تلك السرعة مرة أخرى هو الظاهرة الطبيعية التي يتحرك باطنها بعين هذه السرعة:
أما الظاهرة، فهي: [الهواء الجوي الذي يحتوينا!! .... وفي أي درجة حرارة؟ .. في ألطف درجات الحرارة لحياة الإنسان ( ~ 23 مئوية ± 3 درجات) على الخصوص]
وقبل أن نلج في تحقيق هذه الدرجة من الحرارة، وأنها تنتج السرعة التي نسعى إليها، ونستجلي معناها، ونسبتها إلى سرعة الضوء، نتساءل: وأي معنى وقيمة لدرجة حرارة (~ 23 مئوية)؟! .. وهل لها أهمية لنا مثلما كان لسرعة دوران الأرض أهميتها التي نعرفها؟!

نقول أننا نبتدر لذلك معنى يجعل لتلك السرعة بالفعل أهمية لا تقل عن أهمية سرعة دوران الأرض، وهو أن هذه الدرجة من الحرارة هي أنسب درجات الحرارة لحياة الإنسان على الأرض (كمتوسط حراري). ويعضد ذلك ملاحظة موقع (هذه الدرجة من الحرارة) من (المنطقة الحرارية) التي نعيش فيها، وموقع تلك (المنطقة الحرارية) من (طيف الحرارة الممتد من الصفر المطلق وإلى ما لا نهاية نعلمها)، ويوضح ذلك الشكل الآتي:
أما الباطن الطبيعي لهذه الظاهرة، فهو: [حركة داخلية (متوسط) قدرها هو 465.1 متر/ث، وذلك للمكونات الكيميائية لهذا الهواء، وهي السرعة المتوسطة عند هذه درجة من الحرارة، وتُسمّى علمياً: (السرعة الحرارية thermal velocity)]
بمعنى أن الحديث عن سرعة قدرها 465.1 م/ث لذرات الهواء يكافئ تماماً الحديث عن بيئة هوائية للحياة؛ درجة حرارتها (~ 23 مئوية)، وهي الدرجة التي ينبغي أن يعيش في نطاقها الإنسان.
ويأتي دليلنا على ذلكم كالآتي:
تُعطى العلاقة بين حركة أجزاء المادة - من جزيئات وذرات، وخاصة الغازات منها كالهواء – (والمعبر عنها بالرمز vth) ودرجة حرارتها ( T) بالعلاقة الآتية[1](وهي أدلة مستقلة عن الغربيين الذين تعرّفوا عليها، وتقوم على أصول طبيعية وتحقيقات تجريبية):
حيث الرمز (KB) ثابت، وقيمته هي (1.3806505 e-23 جول/كلفن)، وحيث الرمز (m) هو متوسط كتلة جزيئآت هواء الغلاف الجوي، وقيمته هي (28.967 وحدة كتلة ذرية)، أنظر (الجدول-1)، وأما وحدة الكتلة الذرية – في هذه القيمة الأخيرة- فمقدارها هو (1.6653886 e-27 كجم/مول).
 وإذا ما عالجنا المعادلة، لنحصل على قيمة درجة الحرارة (بتربيع الطرفين)، والتعويض عن الرموز المبينة، نصل إلى المعادلة الآتية: 

ثم بالتعويض عن السرعة (vth) بالقيمة المستنبطة من آية السجدةـ (أي : 465.1 م/ث)، أي: 

بمعنى أن المعادلة (6) تؤول بالتعويض الذي تعبر عنها المعادلة (7)، إلى المعادلة (8) الآتية، (مع استخدام القيم الفيزيائية):
ومعنى ذلك أنه إذا كانت السرعة التي نبحث عنها – والتي تنتسب إلى سرعة الضوء بمعادلة آية (السجدة-5)- هي سرعة جزيئآت هواء الغلاف الجوي المحيط بنا، والتي تمنحنا الحرارة التي نحيا فيها، فمعنى ذلك أن المعادلة لا بد وأن تربط بين سرعة الضوء ودرجة الحرارة الهواء (الـمُثلى للإنسان) والتي نعيش في غمارها هنا على الأرض.
وبالجمع بين المعادلة (5) والمعادلة (6) ونتذكر أن السرعة (س) هي (vth)، وأن الثابت القرآني (ق هو Q) نحصل على:
 
وبناءاً عليه فإن المعادلة (9) هي المعادلة التي تربط بين درجة حرارة الحياة على الأرض، وسرعة الضوء. وليُلاحظ أن كل الثوابت الأخرى الداخلة في المعادلة ثوابت فيزيائية، ولا يزيد عليها إلا (النسبة بين طول اليوم والألف سنة) التي تأولناها من آية (السجدة:5)، والتي سميناها الثابت القرآني ومقداره هو: 
الثابت القرآني (ق) = (يوم/1000 سنة) = Q
= 1.55 x 10-6
أي أن المعادلة (9) – مثلها مثل معادلة الاستدلال على سرعة دوران الأرض رقم (6) في الدراسة السابقة - لم يدخل بها إلا ثوابت فيزيائية، ولا يظهر مع هذه الثوابت إلا "الثابت القرآني" (يوم/1000 سنة) تماماً كما حدث هناك! ..ونلاحظ أننا لما تأولناها في الأولى ظاهرياً (ماكروسكوبيكاً) أنتجت سرعة دوران الأرض، ولما تأولناها باطناً (مايكروسكوبيكاً) أنتجت درجة الحرارة الـمُثلى للحياة على الأرض!
أي أن معادلة آية (السجدة:5) أخرجت لنا حقيقتين فيزيائيتين في آنٍ واحد! .. (دوران الأرض المعهود، ودرجة حرارة الحياة)، .. وكلاهما مرتبط بحياة الإنسان ويمثلان شروطاً بيئية أساسية لازمة لبقائه على قيد الحياة كما نعلم، وكأن المعادلة تشير إلى الشروط الضرورية للحياة! وهذا ما سوف نناقشه في دراسة لاحقة - توضع في ملاحق الكتاب - إن شاء الله تعالى.
   المؤلف      




https://ar.wikipedia.org/wiki/ إحصاء_ماكسويل-بولتزمان
https://ar.wikipedia.org/wiki/ توزيع_ماكسويل-بولتزمان
[2] الحسابات أعلاه حساباتنا الشخصية، وبعد إجرائها وجدناها مطابقة لمصادر موثقة للمعلومات، ومنها:

هناك تعليقان (2):

  1. هل يعني هذا ان خلق السماوات والارض في ستة ايام غير مخالف للعلم ؟ اللعلم يقول استغرقت ملايين السنين هل اليوم المذكور ليس كيومنا هذا ماتفسيركم لذلك قرأت موضوع تفسير الايام الست ولم افهم هذة النقطة

    ردحذف
    الردود
    1. كنت أود أن يوضع هذا التعليق على الدراسة المشار إليها (أي خلق السموات والأرض)، لكن لا بأس:
      أقول:
      - خلق السموات والأرض في ستة أيام بالفعل غير مخالف للعلم الحديث (في مسألة طول زمن الخلق) بحسب معاجم اللغة العربية والتفسيرات المقبولة للفظ (اليوم)، ولكنه مخالف للعلم عند اليهود والنصارى الذين يفهمون من لفظ (يوم) فقط (اليوم النهاري)!
      - ومن يراجع أصول العربية وعلومها، ومنها علم (الوجوه والنظائر)، فسيعلم يقيناً أن اللفظ الواحد (كلفظ: اليوم) له قالب معنوي، وإذا أُسقط في سياقات مختلفة أخذ معنى مناسب لكل سياق مختلف عن غيره من سياقات.

      ومثال لذلك: لفظ (شجرة)، حيث يمكن أن تجد لها سياقات مختلفة وما يناسبها من معنى، مثل:
      شجرة التفاح، شجرة العائلة، شجرة الحياة، شجرة النار، ... إلخ
      ومن الواضح أن هناك قاسم مشترك في معنى "شجرة" (هو الصورة المجردة لأصل يتفرع فروعاً أولية وثانوية .. وربما أكثر)

      ومثال ثاني: لفظ (مرحلة)
      وأصل اللفظ هو ما تقطعة الراحلة (القافلة) في يوم وليلة من المسير (ومن الواضح أن اللفظ قد اشتق من الراحلة وتؤكد المعاجم وكتب السيرة والتاريخ ذلك). فإذا قيل أن بين (مكة) و(المدينة) مثلاً عشر مراحل، فمعنى ذلك أن القافلة (=الراحلة) تقطع هذه المسافة في عشرة أيام.
      ولكن لفظ المرحلة يصح إطلاقة ليعني المرحلة الدراسية، والمرحلة التاريخية، .. إلخ

      ونأتي للفظ (اليوم): وإذا نقبت عن معانيه في كتب اللغة العربية والآثار، فستجد أن قالب المعني له هو [فترة زمنية لها بداية ونهاية وتتميز بوضوح عن ماقبلها وما بعدها]، وأشهر استخدام له بناءاً على هذا المعنى هو (النهار) لأنه حياة بين موتين (ليلتين). وإذا بحثت عن سياقات أخرى، فستجد العرب يسمون الحروب والأحداث الكبرى في تاريخهم بلفظ [يوم (كذا)] سواء استمرت يوماً واحداً أو أيام أو شهور أو سنين، ومن ذلك (يوم بعاث) و (يوم ذي قار) و مثله في القرآن (يوم حنين)، ويقصد من [ذلك الحدث الذي ابتدأ واستمر وانتهى]. وهذا هو ما نرجحه أيضاً لمعنى "يوم القيامة"؛ والذي يبدأ بالبعث، ويستمر بتتابع أحداثه، وينتهي بتعيين المصير؛ جنة أو نار. فـ "اليوم" إذاً [حدث زمني متَّصل لا انقطاع فيه، وله بداية ونهاية]. وكل ما كان هذا شأنه فهو "يوم". ويمكننا أن نفهم هذا المعنى لأيام خلق السموات والأرض، من حيث أنها أطوار طويلة في الزمن، لكل طور منها بداية ونهاية يتميز بها عن غيره من باقي تلك الأيام. أي أنها ليست وحدات زمنية بالضرورة ذات طول متكرر، (وإن كان هذا الأمر محتمل، كما في قوله تعالى "وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً")، بل هي على الراجح، أطوارٌ متمايزة، ومنفصلة الأحداث، حتى وإن تلازمت في تعاقبها من حيث التسبُّب والتأهُّل والتعاقب، يومٌ يتبع يوما؛ أي طورٌ يتبع طورا، أي حقبة تتبع حقبة، من حيث السببية الطبيعية التي سنّها الله تعالى في التخليق.

      هذا والله تعالى أعلم.

      حذف