الأحد، 7 أكتوبر 2012

تَوْقيتٌ وتَوقيت، أعجمي وعربي

Greenwich Time or Mecca Time: Outlandish or Arabic! ...
توقيت وتَوقيت، أعجمي وعربي: حول توقيت مكة المكرمة وتوقيت جرينتش: تفنيد مزاعم ودرء مفاسد(*)
عزالدين كزابر 




حول توقيت مكة المكرمة(1) وتوقيت جرينتش: تفنيد مزاعم ودرء مفاسد

يظن أكثر طالبي العلم أن الاستكثار من إنتاج العلماء خيرٌ كله، مُصدّقٌ كله، ويسرع في تأييد ظنّه بقول الله تعالى "وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا"(طه:114). هذا باعتبار أن العلم محض جمع معلومات، أو دراية بالقيل والقال. ولكن، قليلون أولئك الذين يعلمون أن بعض العلم شرٌ أيضاً، وأقل شرِّه أن يضيع معه الوقت الثمين، وأعمارٍ لا تعوضها كنوز، والحقيقة أن الاستزادة من العلم يجب أن تنحصر في ما فيه فائدة، من حيث الوعي بالمعلوم على حقيقته، وتمثله، والعمل بمقتضاه. ومما يؤكد تميز العلم إلى ما ينفع، وما لا ينفع، دعاءُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه بقوله: "اللهم ... إني أعوذ بك من علم لا ينفع"(2). وهدانا لهذا عندما أمرنا بقوله: "سلوا الله علما نافعا، واستعيذوا بالله من علم لا ينفع"(3). وعن أهل العلم الذين صقلتهم الأيام والليالي درساً وتنقيباً وتحقيقاً في دهاليز الكتب ومخبوئها عن فوائد العلم ومحاذيره، ومن نقل عنهم(4)، فكان خلاصة بحثهم أنّ: "أغراض العلم ثمانية: "اختراع معدوم، أو جمع متفرق، أو تكميل ناقص، أو تفصيل مجمل، أو تهذيب مطول، أو ترتيب مخلط، أو تعيين مبهم، أو تبيين خطأ"(5). فما افتقر- من ادعاء علم - إلى أي من هذه الفوائد، وانعدم منه الفهم والنفع، بل وزاد على ذلك أن أصابنا منه التشويش والتعطيل والتلبيس والتهويل، فليس له إلا أن يُرد على أصحابه.
ومثال ذلك ما ادعاه صاحب "الساعة الكونية"(6) ، من أن التوقيت المرافق لخط طول مكة –المدينة أضبط وأصدق مما عداه، أي من توقيت الأستاذ! جرينتش(7) أو ما سواه، وأن اعتماده سيحسم قضايا التوقيت وإشكالاته، فلا زيادة يوم كل أربع سنوات ولا يحزنون، ولا ساعة أو اثنتين بين صيف وشتاء ولا يتشتتون، وأن سبعة أيام في الأسبوع بدعة ما لها في الإسلام من سند، وأن ستة أيام هم أيام الخلق والأسبوع، وإلى ذلك يلزمنا الإقرار والمعتمد. وزاد صاحبنا أن الساعة المعمول بها الآن من ليل أو نهار والمسماة بالمستوية لن تستوي معها حياتنا، وأن العودة واجبة إلى الساعة المعوجة التي تتمطى بالصيف وترتعش بالشتاء وتنكمش، وهذا أبعد لنا عن اعوجاج الحال الذي إلنا إليه! وما درى صاحبنا أن ابن الشاطر رحمه الله - عبقري الفلك ومؤقت مسجد دمشق الأموي - كان للساعة المستوية هو المخترع، وعلى هديه سار العالم من بعده على الساعة متفق. وعاب صاحبنا على عقارب الساعة أن تطوف من الركن الأسود إلى الركن اليماني، فأبطل صلاتها وما مضى من إيمانها، ودعا إلى طواف الطوائف، لم يدعُ إليه في الإسلام الرسولٌ لساعةٍ، أو صحابيُّ مُرشَدُ. فإلى دوار زمني يريد صاحبنا العودة بنا؟ أم إلى رُسوٍّ إعجازي موهوم مفتعل! أم أن "الساعة الكونية" الذي اخترعها تحتاج من الدعاية لها ما به ينهد بناء القرون وتوقيتها! ولتحيا "الساعة الكونية" عظيمة مبجلة! ولو اخترعها اليابانيون ما تحرك من صاحبنا ساكنُ! فما هي إلا ساعةٌ، دار عقرباها يميناً أو شمالاً، لم يخجلا! وما هي إلا ساعةٌ هنا، سيعلم القارئ بعدها قدرَ التهافت والترنُّحا!



المواقيت، لماذا؟

ولنبدأ من أصل الحكاية، ونقول: أن الأساس في اعتبار وحدات القياس المكانية والزمنية (وما عداهما من كميات فيزيائية) أمران: أولهما الثبات، فلا بد أن تكون وحدات القياس ثابتة رتيبة لا تغاير فيها بين واحدة منها والتي تليها. لهذا كانت الساعة المعوجة القديمة التي هي جزء من 12 جزءاً من طول النهار – ومثلها في الليل - لا فائدة فيها إلا في التوصيفات اللغوية العامة؛ أي التقسيمات النسبية للوقت من النهار أو الليل بصفتها بُقع وقتية، مثلها مثل البقع اللونية على طيف الألوان، أما شؤون الحياة وحيدة القيمة الزمنية والمكانية على مستوى أهل الأرض جميعاً فيلزمها ثباتٌ مطلقٌ ورتابةٌ مستقلة، لا يستقيم معها التغاير من موضع إلى غيره، ولا من زمن إلى غيره. أما ثاني الاعتبارات الواجب التقيد بها في اتخاذ وحدات القياس، فهو المواضعة؛ أي أن يتواضع جماعة من الناس على فئة من وحدات القياس دون غيرها، يتخذونها مرجعاً لهم. وذلك مثلما يتواضعون على اللغة بينهم. وإن جاءت وحدات القياس مختلفة بين جماعتين من الناس، وجب معرفة طريقة التحويل من أي منهما إلى الأخرى، مثلما يجب الترجمة من لغة أحدهما إلى الأخرى، ومن عُملة أحدهما إلى الأخرى. هذا إذا كان لهم أن يتعايشوا ويتبادلوا المنافع. وبغير هذين الشرطين: الثبات والمواضعة، فلا قيمة لوحدات قياس مكانية أو زمانية  لاستقامة حياة الإنسان على الأرض، ولِما كُلَّف به من تبعات.
وهذا لا يعني بالضرورة طرح كل ما ليس بكَمِّي من طرق القياس، فهناك المقاييس الإسمية nominal scale لتمييز الأشياء دون تراتب. وهناك المقاييس التراتبية ordinal scale التي تميز الأشياء وترتبها في آن واحد. أما المقاييس الكمية ذات وحدات القياس – والتي هي بالضرورة ثابتة القيمة - فهي الأعلى رتبة من هذين النوعين من حيث أنها تميز وترتب وتأتي بالعلاقة النسبية الدقيقة بين الأشياء المقاسة أو الجاري المفاضلة بينها.
إذا كان الأمر كذلك، فلا بد وأن تكون التقاويم (أي المقاييس الزمنية) إما متكافئة أو متفاضلة، أو موقوفة اكتسبت شرعيتها من وحي السماء. فإن كانت الأخيرة فلا مجال للاختيار فيها مصداقاً لقول الله تعالى "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا"(الأحزاب:36). ويشمل ذلك الشهر الهجري، القمري المرجعية بالكلية، وعلى نحو استطلاع الأهلة بما يحقق العلل الشرعية ولا يترك منها شيئا، وفيما يختص به من أحكام بلا اعتبار لمرجعية الشمس، والأسبوع الذي تعين وضعه بتعيين يوم الجمعة بأحكامه وما جاء فيه من نص صريح وأنه سابع سبعة أيام معروفة أسماؤها وترتيبها على ما تعارف عليه الناس وأقره الشرع على حاله. أما ما خلا ذلك من تقاويم لم يأت فيها نصٌ ملزم، فمقامها المصلحة والمنفعة، وتقتضي الحكمة في ذلك اعتبار الأفضل من التقاويم إذا تفاضلت، وفي الشأن الذي تفاضلت فيه دون ما سواه، وإلا فمندوبٌ البقاء على العرف لما في تغييره من مشقة على آلِفِيه لغير منفعة تُرتجى.
ولنستعرض إذاً دعاوى تغيير التقاويم إلى ما اقترحه صاحب "الساعة الكونية" الدكتور لوط بو ناطيرو. سواء مما نطق به في محاضرته بمؤتمر الإعجاز العلمي في الجزائر(8) أو مما نشره على موقعه(9). ولنُقابل بين تلك الادعاءات لنرى موافقتها لما هو شرعي من تقاويم، ولما هو أفضل مما سواه، ثم ما هو من العرف المندوب أو من الزيف المردود.

الإدعاءات:

في ندوة عن الإعجاز العلمي(10) بالشقيقة الجزائر في 10-12 مارس 2008، في جامعة فرحات عباس بولاية سطيف، وفي محاضرة بعنوان "الساعة الكونية": 




ادعى صاحبها – مع كامل احترامنا لشخصه ومقامه العلمي - عدداً من الاكتشافات التوقيتية أطاحت بزعمه 1429 عاماً، هي عمر الإسلام! من أخطاء التوقيت السنوي والشهري والأسبوعي. وحتى الساعة المسكينة ذات الدقائق الستين التي عينها المسلمون لاحقاً كمقياس ثابت للزمن. وكأنّ المسلمين كانوا على ضلال في اعتمادهم الأسبوع سبعة أيام، وفي اختراعهم الساعة المستوية، وقد آن أوان محو هذا الضلال – بزعمه - بعودة الأسبوع إلى ستة فقط كما هي أيام خلق السموات والأرض، وكأن رسول الله صلى عليه الله وسلم، لم يأته وحي ينبه إلى هذا وتركنا نتخبط في أيام الجاهلية السبعة التي أُنشأت للكواكب لتعبد من دون الله. وادعى أيضاً أن الساعات العربية التي كانت معتمدة عندهم هي المعوجة؛ أي التي ينقسم فيها النهار إلى إثنتى عشرة ساعة تامة، طال النهارُ أم قصر، وأنها كانت الأصل في تعيين مواقيت الصلاة!

ويمكننا تعديد المسائل التي أتى بها الدكتور لوط بوناطيرو والتي تتضمنها "الساعة الكونية" التي اخترعها، والتوقيت الزمني القائم على خط مكة-المدينة الذي ادَّعي أنه الأصوب على الإطلاق. ومما ذكره وسيأتي تحليله، يمكننا حصر المسائل التي أثارها، وعمد إلى استبدالها، على النحو الآتي:
1-     زعمه أن التوقيت الشمسي (في نموذجه الأخير المسمى بالجريجوري)، قائم على ترقيع علمي وليس بعلم.
2-     زعمه أن خط مكة – المدينة أضبط من خط جرينتش كمرجعية للزمن.
3-     زعمه أن الساعة العربية التي قامت عليها أوقات الصلاة هي الساعة المعوجة ويجب العودة إليها وطرح الساعة المستوية.
4-     زعمه بأن الأسبوع الموافق للشرع ستة أيام فقط، فيجب اعتماده وطرح الأسبوع ذو السبعة أيام.
5-     إغفاله الإشكالية التاريخية الكبرى في التعرف على خطوط الطول المرجعية على الأرض، مما حدا بنا إلى استعراض قصة هذه الإشكالية، وكيف خرجت الساعة الميكانيكية التي نزين بها معصمنا من أكمامها.
6-     الساعة الفلكية وعلاقتها بالساعة الميكانيكية، وموقع "الساعة الكونية" المزعومة منهما!
7-     إدعاءه أن دخول الشهر الهجري الذي ينبغي الالتزام به من قبل المسلمين جميعاً هو الموافق لاقترانات الشمس والقمر على خط طول مكة-المدينة دون ما سواه.
وسوف نستعرض في كل مسألة من هذه المسائل (عدا الأخيرة) الادعاءات الذي أتي به صاحبها بلفظه، والحجج التي ساقها وراءها، وسوف نرى كم هي واهية تلك الحجج، بل وفاضحة أحياناً، ناهيك عن مدى الفساد الشرعي، والمفهومي، والتوقيتي الذي تؤدي إليه.

أولاً: إدعاء أن التوقيت الشمسي (الجريجوري) قائم على ترقيع علمي وليس بعلم:

قيل(11): "من الإسلام أننا عنصر في الطبيعة ولا نغير في الطبيعة. هم الذين يغيرون في الطبيعة، ... يزيدوا نهار في فبراير. يوم كامل لتصحيح الزمن. هذا ما يقبلوش العقل يعني. كيف؟ في أربع سنين 24 ساعة...مش دقيقة،...مش ثانية، ... مش ساعة، عندنا كالوندري (أي: تقويم) بتاعنا يروح هيك، والشمس تروح هاك. هذا يسموه ترقيع علمي. مش علم. ونفس الشيء .. كل أربع قرون، يزيدوا في فبراير ... نهار. هذا ترقيع ثاني. حركة الشمس تهرب إِلهُم. الحسابات تبعهم ما تمشيش مع حركة الشمس. .... فيه ترقيع ثالث ما وصلو لوش هما، كل 3333 سنة يسقطون يوماً من فبراير مش يزيدوا. هذا تلاعب مع الزمن. ما نقدروش نديروا ساعة بكوكب واحد هو الشمس. وهذا هو التقويم اللي راح عالمي، .... ليس له أي أساس من العلم. بل هو ترقيع."

وقيل(12): "إن طول السنة الشمسية في التقويم الميلادي يساوي (365.25 يوماً) ما هو إلا تقريب رديء لدورة الشمس الفلكية والتي تقدر بـ (365.2422 يوماً). أما الشهر الميلادي الناتج (30.44 يوماً) فهو بعيد كل البعد عن الدورة الفلكية للقمر والمقدرة بـ (29.530588 يوماً)، ومحاولة تقريب السنة الميلادية من السنة الفلكية للشمس فإن التقويم الجريجوري المعاصر يعيد توزيع السنوات الكبيسة (366) بطريقة مختلفة عبر السنين والقرون والألفيات الشمسية. نشير هنا فقط على أن هذا التعامل يعتبر ترقيعاً أكثر مما يعتبر منهجاً علمياً".

نقول: هذا الكلام في غاية الغرابة، والحقيقة أنه ليس هناك من ترقيع ولا تحايل كما تشير إليه تلك الأقوال، وربما يعود الالتباس في فهم هذه التصحيحات - وهي ليست بتصحيحات أخطاء، بل تجميع كسور الأيام - إلى أن السنة الشمسية لا تنقسم إلى عدد صحيح من الأيام، لأن طول السنة الفعلي هو 365.2422 يوماً وهو زمن دوران الأرض دورة مغلقة في فلكها حول الشمس. وحيث أنه من غير المقبول ولا العملي أن تنتهي السنة الشمسية بعد عدة ساعات من نهاية اليوم رقم 365، فكان لزاماً على أولي الأمر في التقاويم أن يستبعدوا هذه الساعات، حتى إذا تجمع بعد عدة سنوات ما يستكمل منها يوماً كاملاً، أو قريباً من ذلك، أضيف ذلك اليوم إلى 365 يوم فأصبحت تلك السنة 366 يوماً، وتسمى عندئذ "سنة كبيسة".
ويمكن حساب تراكم الكسر اليومي على مدى السنوات الشمسية كالآتي: 

جدول 1: اعتمد التقويم الجولياني Julian Calendar، (تم اعتماده منذ 46 ق.م.(13) – وحتى 1603م(14)) على أن طول السنة الشمسية هو (365.25 يوم) تماماً. ونتيجة الفرق بين هذه القيمة وطول السنة الحقيقي (365.2422 يوماً)، والذي يساوي 11 دقيقة و 24 ثانية في كل عام، تراكم الخطأ ليصنع يوماً كاملاً كل 128 سنة تقريباً. وبحلول عام 730م انحرف التقويم ثلاثة أيام عن موضعه الحقيقي عما كان عليه أيام المجمع المسكوني سنة 325م، وفي القرن الثالث عشر الميلادي أصبح الفرق  يقدر بأكثر من سبعة أيام(15). ولحل هذا الإشكال جاء التقويم الجريجوري (نسبة إلى بابا الفاتيكان جريجوري الثالث عشر في القرن السادس عشر الميلادي)، وكل ما فعله هذا التقويم هو إلغاء عدد من السنوات الكبيسة بقدر الزيادة التي تتسبب من التقويم الجولياني. وتقرر أن تكون السنوات الكبيسة هي التي تقبل القسمة على 100 شريطة عدم قبولها القسمة على العدد 400(16). وهذا يحقق التخلص من 9 أيام كل 1200 سنة، (المطلوب التخلص من 9.361 يوم وهو ما يكافئ التخلص من يوم كل 128.2 سنة). فيكون الباقي إذاً (0.36 يوم) كل 1200 سنة، وهذا ما يتراكم ليصنع يوماً واحداً  كل 3330 سنة تقريباً، والذي يجب عندئذ التخلص منه. (وهو ما أشار إليه الدكتور بوناطيرو أعلى)


ولا يعتبر هذا تلفيقاً بأي حال. فالتقويم الشمسي لا غنى عنه للحياة الموسمية المعتمدة على رتابة المناخ وما يرتبط به من نشاط إنساني. وكل هذه التقريبات ليست إلا جبر للكسور الناتجة عن قسمة السنة الشمسية إلى أيام صحيحة بصورة نظامية رتيبة، ولا يمكن للتقويم القمري أن يُغنينا عن القيام بهذه المهمة، لماذا؟ لأنه يعاني منها ويُعالج بنفس الآلية، وإن كان غالب الناس عن هذا غافلين!

السنوات البسيطة والكبيسة في التقويم الهجري (أي: القمري)

قد يستغرب غير المتخصصين أن يكون في التقويم القمري الخالص سنوات بسيطة وكبيسة كما هو الحال في التقويم الشمسي، ولكن الأمر صحيح، فمثلما أن السنوات الكبيسة قد نتجت عن عدم احتواء السنة الشمسية على عدد صحيح من الأيام، فكذلك السنة القمرية وطولها الحسابي 354.37 يوماً، ومن ثم لا تنقسم إلى عدد صحيح من الأيام أيضاً. وهذا يفرز نفس الإشكالية التي رأيناها لتونا في مسألة السنة الشمسية؛ بمعنى أن الكسر الزائد عن 354 يوم لا بد أن يُهمل حتى يتراكم بعد سنوات وينتج عنه يوماً كاملاً! لذا نجد أن هذا الكسر (0.37) من اليوم، سيزداد بعد ثلاث سنوات ليصنع 1.11 يوماً. فيكون هناك سنتان بسيطتان (354 يوماً) يليهما سنة ثالثة كبيسة (355 يوماً).

وقد قيل(17)،(18) أنه: [اتفق الأقدمون، رغبة منهم في تثبيت عدد الأيام في الأشهر والسنوات الهجرية عند حساب التقاويم السنوية، على الآتي:

1- أن تكون الأشهر الفردية 30 يوماً: (محرم، ربيع الأول، جمادى الأولى، رجب، رمضان، ذو القعدة).

2- أن تكون الأشهر الزوجية 29 يوماً. (صفر، ربيع الثاني، جمادى الثاني، شعبان، شوال، ذو الحجة).

3- أن يضاف اليوم الزائد في السنوات الكبيسة مرة كل ثلاث سنوات إلى شهر ذي الحجة (شهر زوجي) فيصبح ثلاثين يوماً فقط في السنة الكبيسة.

4- أن تتم دورة السنوات الكبيسة في كل ثلاثين سنة قمرية مرة، بحيث يتلاشى الكسر اليومي تماماً، ويتحول إلى يوم كامل بدون زيادة ولا نقصان، وفي هذه المدة الزمنية يظهر إحدى عشر سنة كبيسة.

5- يكون ترتيب السنوات الكبيسة في هذه الدورة الثلاثينية كالآتي: 2، 5، 7، 10، 13، 16، 18، 21، 24، 26، 29. وفي بعض التقاويم تحل السنة 15 بدل 16.

ويعرف هذا النظام – بنظام حساب العلامة – وهو يجعل حساب السنين القمرية والأشهر العربية ممكنة بطريقة حسابية مُسبقة، ومتفقاً عليها بين أصحاب التقاويم.]

ويمكن التأكد من الحساب السابق كالآتي: [19 سنة بسيطة + 11 سنة كبيسة] /30 = طول السنة الهجرية المتوسطة = 354.36667 يوماً ، وطول الشهر القمري المتوسط = 29.530555 يوماً، وهذا جيد جداً، ويصعب أن يوجد توزيع للشهور وأطوالها بما يحقق نتائج أفضل من ذلك، لذا استقر الأمر على هذا المنوال.

ولا تلتزم هذه الطريقة ببدايات الشهور (أي مواعيد الاقترانات) على الدقة، غير أنها دقيقة على الإجمال السنوي، وتوالي السنوات والعقود والقرون، ومن ثم يقوم عليها ضبط أحداث التاريخ في الماضي، وتقدير المستقبل من الأيام في نظام توقيتي هجري مُتَعين لا اختلاف عليه. وعلى هذا النظام تقوم التقاويم الهجرية الرسمية المطبوعة والتي تم تغذية أجهزة الحاسبات الآلية بها.

ونخرج من هذه النتائج بأن لكلِّ من التقويمين الشمسي والقمري آلية حسابية طورها أهل الصناعة الفلكية لضبط التقاويم، وليس هناك من ترقيعات ولا اختلاقات. وهذا نتيجة طبيعة لجبر كسور الأيام في كلا التقويمين. ومن ثم تسقط الاتهامات التي رأيناها للتقويم الشمسي الجريجوري على النحو الذي جاءت عليه.

ثانياً: إدعاء أن خط طول مكة–المدينة أضبط من خط جرينتش:

نعرض هنا ما جاء به الدكتور بوناطيرو في محاضرته من ادعاء حدوث اقترانات الشمس والقمر – الذي يكون فيه القمر محاقاً، أي يكون واقعاً بين الأرض والشمس فلا يُرى وجهه المضيء من أي مكان على الأرض - وهو الوضع الفلكي الذي يتبعه مباشرة بدقائق بسيطة ميلاد هلال الشهر الجديد. وتعتمد هذه الدقائق على متغيرات كثيرة ترتبط بقابلية رؤية الهلال. ويقول د. بوناطيرو أن هذا الاقتران يحدث في مواعيد مرتبطة بخط زوال مكة-المدينة على الخصوص. وسوف نأتي بأدلته ثم نبين مدى حيودها عن الواقع العملي. وكيف أنه أخطأ خطأً ذريعاً في تأويل نتائج البيانات التي جاء بها.

يقول(19): "هنا نرى في هذه الساعة (أي الساعة الكونية) أن التقويم الهجري ما يمشيش على جرينتش، يمشي على خط مكة-المدينة. وسوف نبين حسابياً، بالحسابات الفلكية، أن حركة الشمس، وحركة القمر منتظمين من تلقاء نفسهم في خط مكة-المدينة، مما يجعل هذا الخط الزمني ضرورة اختياره كخط معلمي صفر للزمن."

ويقول(20): "يمكن دراسة ما يُسمى بمنازل القمر(وينظر لشكل -1). كل نقطة هي دورة أو اقتران للشمس بالقمر، عبر قرن ونصف في التقويم الهجري. فنحصل على هذا المنحنى الفريد من نوعه. هذا اكتشاف علمي. (ما تلقاش ؟) في أي كتاب في العالم هذه الحقيقة العلمية إللي ياكو تشاهدوا فيها. (تصفيق حاد من الجمهور) التي تدل أن حركة القمر منتظمة بصفة دقيقة جداً. عكس ما يزعم الغرب، يقولوا أن حركة القمر فوضوية. علماء الغرب يقولوا (كلمة غير واضحة ؟) مافهموهاش وفيها المنازل ومفتوحة راحوا قالوا عليها حركة فوضوية. كل الكواكب عندها إهليج ما عدا القمر فوضوي؛ لأنهم لم يفهموه. وآاكو تشاهدوه هنا (..) بعيد عن الفوضى.


وهذه تدل على أن متوسط الاقترانات كما تشاهدون هو في حوالي الساعة العاشرة كما تشاهدون. ومتوسط الاقترانات للشمس بالقمر (؟) الناس يعرفون (؟) العاشرة هي زوال مكة. يعني الخط المعلمي صفر للزمن اللي تكلمنا عليه (؟) بدلالة وحسابات فلكية أن متوسط الاقترانات في قرن ونصف بتاع الأشهر القمرية يدل أن المتوسط في مكة المدينة اللي هي الساعة العاشرة صباحاً بجرينتش إللي هي 12 بمكة، يعني زوال مكة."


أثارنا هذا الكلام غاية الإثارة العلمية، وأحببنا أن نتأكد من استخلاصه من بيانات الرصد أو النمذجة الحسابية لمواعيد اقتران الشمس بالقمر المطابقة للحقيقة. فلجأنا إلى مصادر هذه المعلومات على الإنترنت(21). ونظراً لعدم وضوح الفترة الزمنية التي تم استيعابها في (شكل 1) فقد رأينا أن نظامية الشكل ستعمه على الدوام في أي فترة زمنية، وهذا صحيح لا شك  فيه. لذا انتقينا من بيانات الاقترانات New Moon القرن الحادي والعشرين بتمامه(22). ثم استخلصنا هذه البيانات ونقلناها إلى معالج بيانات إكسل-مايكروسوفت أوفيس. وقمنا برسم العلاقة بين ترتيب الشهر القمري (عدد الشهور القمرية في 100 سنة ميلادية هو 1236 شهر) وموعد حدوثه بتوقيت جرينتش، فكانت النتيجة كما تظهر في (شكل 2) لكامل الفترة – أي 100 سنة شمسية، وكما تظهر في (شكل 3) لفترة 20 سنة فقط لتوضيح العلاقة بشكل جليّ.




وكم كانت الصدمة شديدة لعدم حصولنا على (شكل 1) الذي أعلن الدكتور بوناطيرو أنه مواعيد اقترانات حسب التوقيت الأرضي (جرينتش)! والذي ينبغي أن يكون منتظماً على نفس الصورة التي أتى بها في (شكل 1). وبعد مراجعة البيانات وطريقة استخلاصنا لها والتحويلات التي أجريناها، وعلى مدى أسابيع، لم نصل إلاّ إلى نفس النتيجة؛ أي (الشكلين 2،3).


وبعد أن نفذت ما لدينا من حيل في البحث عن الخطأ الذي وقعنا فيه، (بفرض أننا وقعنا في خطأ)، تركنا الأمر وسعينا نستخلص معلومات عامة من نفس مجموعة البيانات المصدرية التي حصلنا عليها. وكان من البيانات التي ارتأينا استخلاصها "طول الشهر القمري" – أي الفترة الزمنية الواقعة بين كل اقترانين متتاليين- وتغيره على التتالي لنرى كيف يتغير طول الشهر القمري بالزيادة والنقصان. فكانت النتيجة الأولية لعام واحد – هو 2001م - على الصورة المبينة في (شكل 4).



وكم سُررنا أن نجد أن طول الشهر يتغير على نحو اتصالي وليس متكسراً كما هو الحال في (شكلي 2،3)، فسعينا إلى استكمال رسم العلاقة على مدى القرن الحادي والعشرين بتمامه كما فعلنا في (شكل 2)، فكانت النتيجة – ولدهشتنا الشديدة - (شكل 5)!!!



يا له من شكل بياني رائع، ما هذا الذي حصلنا عليه؟
أليس هذا هو العلاقة المبينة في (شكل 1)؟! - بلى إنه هو. ولكننا سعينا ونحن في كامل وعيينا العلمي والمعلوماتي أن نحصل على طول الشهر القمري على مدى قرن شمسي كامل؛ أي على مدى 1236 شهراً قمريا! وتؤكد البيانات على محوري الشكل ذلك. فالمحور الأفقي هو الشهور على التتابع، والمحور الرأسي هو طول الشهر المقاس كفترة زمنية بين كل اقترانين متتاليين، وطوله كما هو مبين يقع بين 29 يوم وثلاثين يوم.



لقد حل (الشكل 5) لنا لغز (الشكل 1) الذي قال الدكتور بوناطيرو أنه مواعيد الاقترانات بالتوقيت الأرضي الرسمي الذي هو توقيت جرينتش. إذاً: الأمر لم يكن كما قال! ويبدو لنا بجلاء أن الدكتور بوناطيرو قد أوَّل هذه العلاقة على غير حقيقتها. فالمحور الرأسي يقيس طول الشهر القمري بين كل اقترانين، والذي تتراوح قيمُه داخل اليوم الثلاثين من الشهر - أي: بين الحد الأدنى للشهر وطوله (29.28 يوم) تقريباً، والحد الأعلى للشهر وطوله (29.82 يوم) تقريبا – وأنه قد تم تأويله على أنه 24 ساعة هي ساعات اليوم الذي اكتمل فيه الشهر حسب توقيت جرينتش. أنظر (شكل 6) لترى الفرق بين التأويلين.

ويشبه الخطأ السابق الخطأ الذي يخلط بين طول المستطيل في شكل (7) وبين موقع أعلى حافة فيه على المحور الرأسي.


فمن شكل (7) يتضح أن طول المستطيل (والذي يكافئ في مسألتنا طول الوقت الداخل في اليوم الثلاثين من الشهر القمري) ليس هو قيمة أعلى حافة له على أي من الإحداثيين الوقتيين (أي المحورين الرأسيين)، حتى ولو كانت قاعدته مستقرة مع بداية أحدهما. فإذا رجعنا إلى شكل (6) فيجب أن نفرق بين اقتران حدثٍ ما، بعد زمن قدره 29.4715 يوماً من الاقتران السابق عليه (أنظر المثال المبين على الشكل والممثل لاقتران نهاية شهر ربيع الثاني 1430 الموافق 25 إبريل 2009 والحادث الساعة 3:23 صباحاً والمؤشر عليه بمربع أصفر صغير) وبين قولنا أن هذا الاقتران حدث نهاية الكسر اليومي 0.47 من اليوم الثلاثين من الشهر وأن موعده الساعة 11:19 قبل ظهر اليوم الثلاثين بتوقيت جرينتش. فالقول الأول هو المقصود، أما الثاني فخطأ في الفهم. وذلك مثلما أُخطئ حين أقول إن طول المستطيل (ل) في شكل (7) هو قيمة حافته على المحور (أ) أو (ج) من محاور الإحداثيات المرسومة. أي أن الساعات 11:19 تمثل الوقت الداخل في اليوم الثلاثين من الشهر ومقداره هو الكسر اليومي (0.47) محسوباً من موضع استكمال 29 دورة قمرية كاملة، وليس الساعة 11:19 قبيل الزوال (الظهر). والدليل على ذلك أن اقتران شهر ربيع الثاني المشار إليه هو طول الشهر 29.47 في حين أن موعد اقتران ذلك الشهر كما هو مشار إليه بـ (الشكل 6) يكون عند الساعة 3:23 صباحاً يوم 25 إبريل 2009.

وغني عن البيان أن طول المستطيل في شكل (7) مستقل عن أي من الإطارين الزمنيين (أي التقويمين) المبينين بالشكل. فالطول (ل) = (أ) –(ب) في الإطار الأول، وهو نفسه يساوي (ج)-(د) في الثاني، وأي إطار تقويم ثالث أو رابع لن يغير شيئاً من طول الشهر، وبالتالي، لن يتغير شيء في موقع نهايته، أي موعد اقتران الشمس والقمر، الذي هو العلامة الفلكية لنهاية الشهر. (راجع الشرح المرافق لـ (شكل 6))

ومعنى ذلك أن طول الشهر القمري لا علاقة له بأي التقويمين هو المعتمد: جرينتش أو مكة-المدينة. ومعنى ذلك أن القول بأن متوسط الاقترانات يحدث عند الساعة العاشرة بتوقيت جرينتش (الثانية عشر ظهراً بتوقيت مكة) والذي جاء نصه كالآتي: "وهذه تدل على أن متوسط الاقترانات كما تشاهدون هو في حوالي الساعة العاشرة كما تشاهدون. ومتوسط الاقترانات للشمس بالقمر ... العاشرة هي زوال مكة. يعني الخط المعلمي صفر للزمن اللي تكلمنا عليه.. بدلالة وحسابات فلكية أن متوسط الاقترانات في قرن ونصف .. الأشهر القمرية يدل أن المتوسط في مكة المدينة اللي هي الساعة العاشرة صباحاً بجرينتش إللي هي 12 بمكة، يعني زوال مكة." ... يعد كلاماً عارِ عن الصحة.

فمتوسط الاقترانات الذي يعطيه الشكل (1) محل النزاع لا علاقة له بأي تقويم هو المعتبر ولا أي خط معلمي صفري وضعي على الأرض. إنه لا يزيد عن كونه طول الشهر القمري. وهذا المتوسط ليس إلا العدد 29.53 يوماً، أي متوسط طول الشهر القمري. والذي أخطأ الدكتور بوناطيرو في تأويله وظن أنه متوسط اقترانات مطلق على الأرض. وهذا الظن كان من المفترض أن يؤول إلى الشكل (2،3) الذي يعتمد محوره الرأسي على أي التقاويم نقيس الزمن بالنسبة إليه. وكما هو واضح فالشكل (2،3) تتضح فيه العشوائية التامة، ولا أثر فيه للتماثل حول أي توقيت (أي: خط طول بعينه) على الأرض. وهو ما يجب أن نتوقعه من التماثل التام بين كل خطوط الطول.

قيل(23): "نفس الشيء بالنسبة للسنوات (تعليقاً على الشكل (8)). السنوات الهجرية 345 (يقصد 354) وغيرها، أيضاً منظمة في نظام محكم، سبحان الله الذي أتقن كل شيء. وإذا كان الأشهر منظمين والسنوات منظمين معناتها نقدروا نديروا مزمنة قيمة وما عندنا مشكل. كل شيء منظم (ليش ؟) ما ننظموش مزمنة."



وباعادة إنتاج (الشكل 8) لطول السنة القمرية عبر تتالي من الاقترانات (نهايات الشهور) حصلنا على الشكل (9):



ويبدو لنا من القول السابق أن مظنة عدم نظامية التقويم القمري كانت هي السبب في عدم اتخاذه مزمنة. وأنه بالإثبات التجريبي بأن التقويم القمري نظامي، يزول الحاجز الوهمي الذي كان مانعاً لنا – أو من يتبنون هذا الموقف - من اعتباره مزمنة يُعتمد عليها. ولم يكن عقلاء الأمة يشُكُّون في كونه نظامياً أو لا، فهم يؤمنون بقول الله تعالى "الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ"(الرحمن:5). والحقيقة أن الأمر مختلف عن ذلك، فمحل النزاع ليس في كونه نظامياً (حسابياً) ومن اعتباره مزمنة أو لا، وإنما في شموله لأنشطة الحياة بعمومها. فمعلوم أن التقويم القمري لا يشير بمفرده إلى دورة الأرض الحولية حول الشمس، ومن ثم الفصول المناخية على الأرض، ومعلوم أيضاً أن التقويم الهجري قمري 100%، فكيف تتولى الأمة الشئون الحياتية ذات العلاقة بهذه الدورة الشمسية. لذا، وجب أن يكون نصيب هذه الأنشطة باعتماد شكل من أشكال التقاويم الشمسية. كما وجب أيضاً استقلال التقويم الهجري استقلالاً تاماً بعيداً عن دورة الشمس للحفاظ عليه خالياً من أي شبهة تتلبس به مما حرمه الله تعالى في قوله سبحانه "إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ"(التوبة: 37)، والتي كانت مدعاة لإدخال شهر ثالث عشر كي لا تنجرف الشهور القمرية عن مواقع المواسم الشمسية. ونستغرب أشد الاستغراب من باحث آخر يُأوّل النسيء على خلاف ما اجتمعت عليه الأمة ويضع التحريم في النسيء في غير محله(24)، بغرض توفيق التقويم الهجري مع الشمسي للوفاء بمتطلبات شئون الحياة المرتبطة بدورة الشمس، ضارباً عرض الحائط بعلل التحريم التي إن زاغ عنها الزائغون ألبست على الناس عباداتهم، وفتحت باب فتنة مؤصدة بشريعة الله الدامغة. فإن كان رأي الدكتور بوناطيرو أن تكون المزمنة القمرية التي يزكيها بنظاميتها ستغنينا عن التقويم الشمسي، فهذا غير صحيح. فمن حيث نظاميتها فلا شكل في ذلك، أما من حيث الاكتفاء بها، فهنا محل النزاع.

قيل(25): "إذا هذه المزمنة يجب أن تُبنى على الطريقة التالية. نقول مثلاً نقيس هذه الاقترانان في كل خطوط ال 24 المعروفة. .. ونقرب من الخط 10 إللي هو خط مكة المدينة. الأشهر والسنوات تتنظم من تقاء نفسها بنظام محكم يخضع للغة الأعداد، "وأحصى كل شيء عددا". سنة .. عادية، الأخرى مزدوجة، وبعد عادية مزدوجة عادية مزدوجة. (كلمة غير واضحة) لنظام سنوات، وهذا يتوافق مع الآية اللي تقول "هو الذي جعل الشمس ضياءاً والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب" إحنا (؟) نعرفوا سنوات (إش حال فيهم) عادية ولا كبيسة. وما عندناش عقدة الشهر هل يكون فيه 29 أو 30. لأننا ظبطنا الزمن سنوياً. وهذا الأمر ينظم لنا حتى القرون. كل صف له قرن. ما عنديش الوقت نفسرهم. ونرجع إلى اختيار هذا الخط  بتاع الـ عاشرة. التوزيعة الحالية بتاع 24. فعلاً خط يجوز من مكة ويجوز قرب المدينة في قبا بالظبط. وانتم تعلمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم هاجر من مكة إلى قبا قبل ما ينزل المدينة. ... وبعدين يقول لك لازم تبدأ التقويم الهجري من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم." (يصاحب هذا التعليق الشريحة المبينة في شكل 10)




هنا يُطبِّق الدكتور بوناطيرو نظريته في تأويل (الشكل 1) في توزيع الاقترانات على خطوط الطول الإقليمية التي تقسم سطح الكرة الأرضية إلى 24 ساعة إقليمية (أي: سُلّمِيَّة). وحيث أننا أثبتنا خطأ التأويل الذي اعتمده الدكتور بوناطيرو في تأويل (شكل 1)، فما بُني على هذا التأويل يتبعه في الخطأ وربما يزيد عليه إن كان هناك خطأ استدلالي آخر. وقد سعينا لاستيضاح هذا الشكل أكثر مما نراه منه، غير أننا لم نستطع. وما استطعنا أيضاً الحصول عليه من موقع الدكتور بوناطيرو ولا من مؤلفاته. وبعد التحليل اللفظي لمقولته السابقة نستدل على أنه اعتمد تقويم مكة في وقت الزوال كمحور تناظر. بمعنى أن يتكافأ عند هذا الخط في ذلك الزمن (12 ظهراً – العاشرة صباحاً بتوقيت جرينتش) احصاء الاقترانات قبله مع إحصاء الاقترانات بعده. ومن ثم تتلاشى عنده الفروق الزمنية في الاقترانات. وإن كنَّا وُفِّقنا في قراءة عبارته وفهمها على أقرب ما يريد منها، فنقول له إن الأمر غير صحيح. لماذا؟ - لأن ما حسبه على أنه اقتران عند الساعة الزمنية الإقليمية العاشرة صباحاً بتوقيت جرينتش – ويبدو لنا أنها ليست العاشرة- كان قراءة خاطئة لما هو في الحقيقة شريحة زمنية تشمل متوسط طول الشهر القمري في يومه الثلاثين. بمعنى آخر، تسبب عن الخلط بين طول الشهر القمري (وهو التأويل الصحيح لشكل 1) وتأويله على أنه مواعيد الاقترانات بتوقيت جرينتش، وهو التأويل الخاطئ الذي عالجناه أعلى، أن ظن الدكتور بوناطيرو أن موضع متوسط الطول الشهري هو الموضع على الأرض الذي تتناظر عنده الاقترانات. ولو أعاد التأويل على وجهه الصحيح لانفك الارتباط بين توزيع الاقترانات والمواضع الإقليمية على الأرض. لأن تأويل ذلك التوزيع للإقترانات ليس إلا أنها أطوال الأشهر القمرية المتعاقبة كما رأينا. ومتوسطها هو 29.53 يوماً، وهذا الطول كما قلنا لا علاقة له بأي خط طول على الأرض يتم المواضعة عليه على أنه المرجع الصفري لقياس الزمن.

ثالثاً: إدعاء أن الساعة العربية هي الساعة المعوجة ووجوب العودة إليها وطرح الساعة المستوية!

قيل(26): "عرفت الشعوب قديماً نوعين من الساعات: مستوية وتسمى المعتدلة، وزمنية وتسمى المعوجة. فالمستوية تختلف أعدادها في الليل والنهار، وتتفق مقاديرها بحسب طول النهار وقصره، فإن طال كانت ساعاته أكثر، وإن قصر كانت ساعاته أقل. مقدار كل ساعة منها 15 درجة  (يقصد: من خطوط الطول) لا تزيد ولا تنقص. والمعوجة تتفق أعدادها وتختلف مقاديرها، فإن النهار طال أم قصر ينقسم أبداً إلى إثنى عشر ساعة، وهي في النهار الطويل أطول منها في القصير. والذي كانت عليه العرب في جاهليتهم من تلك الساعة هي الزمنية (المعوجة) وليست المستوية. فقد قسموا اليوم إلى أربع وعشرين ساعة (12 ساعة لليل و12 ساعة للنهار) وقد أعطوا لكل ساعة من ساعات الليل والنهار أسماء تخصها تدل عليها: فأما ساعات الليل فهي: الشهادة، الغسق، العتمة، الفحمة، الموهن، القطع، الجوسم، الهتكة (العبكة)، التباشير، الفجر الأول، المعترض، وأخيراً الإسفار.

وأما ساعات النهار فمتسلسلة وفق الآتي: الدروز، البزوغ، الضحى، الغزال، الهاجرة، الزوال، الدلوك، العصر، الأصيل، الصبوب، الحدود (العشي)، ثم الغروب. نشير هنا فقط على أن كل هاته الساعات المسطرة (يقصد: التي تحتها خط) ذكرت في القرآن الكريم."

وقيل أيضاً(27): "العرب كانت تعرف كل الساعات التي جيئت في القرآن. كانوا يخدموا بها (يقصد: يستخدموها) قديماً. البزوغ، ساعة الشفق، كانوا يعرفونها جيداً. لأنها كانوا يحكموها بالظل بتاع عمود. الآن ضيعناها ما نعرفوش (كلمة غير واضحة) وقت الشدة." ... حسب نظرنا ومصداقاً لقول الله تعالى في كتابه العزيز "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا"(النساء:103) يجب الرجوع إلى الأصل والتعامل مع نظام الساعات الفصلية (المتغيرة) التي تتماشى والأوقات الشرعية للصلوات الخمس بحيث تصبح (أي هاته الأوقات) منتظمة وسهلة التحديد في هذا النظام وحسب ما يلي، بدءاً من بداية اليوم عند المسلمين (أي بعد غروب الشمس):

-      صلاة العشاء دائماً على الساعة 7 بعد الزوال
-      صلاة الفجر دائماً على الساعة 5 بعد منتصف الليل.
-      صلاة الظهر دائماً على الساعة 12.
-      صلاة العصر دائما على الساعة 3 بعد الزوال.
-      صلاة المغرب دائماً على الساعة 6 بعد الزوال.
هذا إذا ما عملنا "بساعة فلكية" مسايرة للحركة الحقيقية للشمس مما يجنبنا عملية زيادة ساعة أو خفض ساعة حسب الفصول العملية الدالة على عدم انسجام الطبيعة مع حياتنا والتي تتناقض مع مفاهيمنا الدينية المنبثقة من "سبحان الله الذي أتقن كل شيء"(28) " – إنتهى كلامه

نقول: تتطلب الفقرة السابقة مراجعة تاريخية، قبل تحليل محتواها وتفنيد ما جاء فيها من مزاعم:

الساعة المعوجة: Unequal Hours - Temporary Hours - Talmudic Hours – (29) Planetary Hours

لم يكن معروفاً منذ أيام البابليين(30) وحتى القرن الرابع عشر الميلادي إلاّ هذه الساعة حسبما يشيع في الأوساط العلمية الغربية في تاريخ العلوم. وتعود الساعة المعوجة إلى أن المزولة – أي: الساعة الشمسية، والتي كانت آلة قياس الزمن الرئيسية - كانت تقسم منطقة حركة الظل خلال النهار إلى 12 قسماً متساوياً، يمثل كل قسم منها ساعة. أي أن النهار ينقسم إلى 12 ساعة متساوية ما بين شروق الشمس وغروبها. وهذا يعني أنها ساعات غير منتظمة، تطول بالصيف لاستطالة النهار وتنكمش بالشتاء لتقلصه، كما تعتمد على خط عرض البلد، فكلما زاد خط العرض شمالاً أو جنوباً زادت الاستطالة أو الإنكماش. ويعود السبب في سيادة هذه الساعة على الثقافة القديمة إلى أن تقنية المزولة المعروفة لم تُثمر أفضل من ذلك، وقد قيل في تاريخ صناعة المزولة(31): "عُرِفت المزولة في بابل نحو عام 2000ق.م. .. وكان أول تصميم معروف لها قد وضعه أحد الكهنة والأدباء البابليين يُدعى بيروسيس، وكان ذلك خلال القرن الثالث قبل الميلاد. وكانت مزولته نصف كرة مجوفة، أو على شكل قبة أطرافها مسطَّحة، وتوجد خرزة صغيرة مثبَّتَة في وسطها. وأثناء النهار يتحرك ظل الخرزة في قوس دائري مُقَسّم إلى 12 جزءًا متساويًا، وأُطْلق على تلك الأجزاء، الساعات المؤقتة (أي المعوجة)؛ لأنها تتغير مع الفصول."

الساعة المستوية Hours of Equal Length

تكاد أن تُجمع المصادر التاريخية(32) على أن الساعة المستوية المعروفة الآن – والتي يظن الناس جميعاً أنه لم يكن هناك غيرها على مر التاريخ – ليست إلا اختراع شخص واحد بعينه وفي زمن محدد بعينه، وهو أبو الحسن إبن الشاطر(33) مُؤقِّت المسجد الأموي بدمشق(34)، وأن ذلك قد حدث ذلك في سنة 1371م. وقد اعتمد في اختراعه لهذه الساعة على حساب المثلثات التي طورها قبله محمد بن جابر الحراني البتاني. وتُعتبر مزولة ابن الشاطر التي تقيس هذه الساعة المستوية أقدم مزولة موجودة الآن من نوع المزاول ذات العقرب القطبي polar-axis sundial. ثم اقتبس الأوربيون هذه التقنية من هذه المزولة بعينها ونُقلت إلى الساعات الشمسية التي صُنعت في الغرب اعتباراً من عام 1446م(35).

ورغم أن هذه المعلومات صحيحة، إلا أن مزيداً من التنقيح قد وجب علينا لما استدللنا عليه مما هو أصدق من ذلك، فإن كان ابن الشاطر هو العلامة الفارقة بين الساعة المعوجة – وتسمى أيضاً في المصادر الإسلامية بـ "الساعة الزمانية" على نحو ما سنرى بعد قليل - إلا أن الحقيقة أن ابن الشاطر كان تاج التغيير من الساعة المعوجة إلى المستوية بما اخترعه من تقنية، ولم يكن أول من أدخلها في التقديرات الزمنية، والغالب أن ذلك كان بفعل البتاني صاحب كتاب "الزيج الصابئ"، غير أن ابن الشاطر ربما كان أول من صنع مزولة تحقق الساعة المستوية في الواقع بشكل عملي قابل لإعادة الإنتاج وبدرجة عالية من الدقة. وبهذه التقنية التي أدخلها ابن الشاطر استدل الغربيون على تلك الفكرة الرائعة. أما أدلتنا في تصحيح هذه المعلومات فتعود إلى عدة مصادر، ندرجها على النحو التالي:

1- قال البتاني في كتاب الزيج – (وضعه سنة  299هـ 912م): (إذا أردنا أن نعلم ما مضى من النهار من ساعة، نظرنا إلى ما قطعت حلقة الأفق من فلك معدل من حين يطلع جزء الشمس في الكرة إلى أن يطلع ذلك الجزء الطالع في ذلك الوقت، فهو ما دار من الفلك منذ طلوع الشمس إلى ساعة القياس وفي كل خمس عشرة درجة منه ساعة مستوية، وإذا قسم على أزمان ساعات جزء الشمس دل على الساعات الزمانية)[ص148].  ونجده في [ص38] يسمي الساعة المستوية بـ (الساعة المعتدلة).

2- قال ابن الحائك الهمداني – (توفي 334 هـ - 945 م) - في "صفة جزيرة العرب": (وتطلع عليها الشمس بعد طلوعها على أهل القبة بساعة مستوية ونصف وخمس ساعة)[ص15]. أنظر أيضاً [الصفحات 2، 11، 14]. فنلاحظ أنه يتكلم عن خط طول يسبق أهل القبة، وتشرق عليه الشمس بما قدره بـ (1 + 0.5 + 0.2 = 1.7) ساعة مستوية. وننتبه إلى لفظ (الساعة المستوية). و"القبة" هي موقع خط الطول المرجعي الشرقي (وموضعه في الهند)، وكان المسلمون يقيسون مواقع البلاد بالنسبة إليه من جهة الشرق وسنأتي على شيء من التفصيل في ذلك بعد قليل.

3- قال المقريزي في "المواعظ والاعتبار" – (فرغ من تأليفه 843هـ - 1439م): (الفلك التاسع دائم الدوران كالدولاب ويدور في كل أربعة وعشرين ساعة مستوية دورة واحدة)[ص6] – ورغم أن كتاب "المواعظ والاعتبار" للمقريزي جاء بعد اختراع ساعة ابن الشاطر بحوالي 70 عاماً، إلا أن ثقافته (وخاصة أنه مؤرخ) تدل على ما كان شائعاً في كتب التراث من تمييز الساعة إلى نوعها؛ معوجة كانت أو مستوية.

تصحح لنا هذه المعلومات حتى الآن قول القائل: "عرفت الشعوب قديماً نوعين من الساعات: مستوية وتسمى المعتدلة، وزمنية وتسمى المعوجة". والصحيح أن ما كان معروفاً هو الساعة المعوجة حتى أدخل علماء الهيئة (الفلكيون) العرب الساعة المستوية شيئاً فشيئا، إلى أن دمغها ابن الشاطر بتقنيته الهندسية الرائعة عام 1371هـ. ولم يكن المتعامل مع هذه الساعات بحدودها وأطوالها كوحدات قياس هو الشعوب، بل كان ذلك بفعل المعنيين بضبط الوقت من فلكيين ورجال دين. ثم تحولت عادة ضبط الوقت من تلك الساعات المعوجة إلى هذه الساعة الجديدة المستوية لأفضليتها على الأولى لما تميزت به. فهي تحقق شرطي وحدة القياس اللتان ذكرناهما سابقاً، وهما ثبات وحدة القياس، والمواضعة عليها. فمن حيث الثبات، فالساعة الجديدة جزء من 24 جزء من اليوم والليلة. وهذه القيمة ثابتة – ثباتاً جيداً جداً (ثباتاً مطلقاً بالنسبة للقرون الوسطى)- على أي موقع على الأرض وفي أي وقت من السنة، وهو ما لم يكن متحققاً في الساعة المعوجة أبداً. أما الشرط الثاني وهو المواضعة، فقد نما على التدريج من اعتماد الناس على تلك الساعة المستوية الرائعة التي تحقق وحدة اللحظة الزمنية – التزامن – بين الساعات جميعاً، ومن ثم في المعاملات والأنشطة الحياتية. فأي جدوى تَبَقت لساعة معوجة لا يستفيد منها أحد في ضبط وقتٍ، سواء في حله أو ترحاله، وسواء انفرد بحاله أو التأم شمله مع أنداده. ويشبه الانتقال من الساعة المعوجة إلى الساعة المستوية الانتقال من الأرقام الرومانية إلى الأرقام العربية عند الأوربيين. فكلا الأمرين المتروكين: الساعة المعوجة والأرقام الرومانية تأتي في عداد الطرق البدائية التي دخلت متحف التاريخ. وللمعاصرين من الناس الحق أن يبتسموا إذا سمعوا بهما - لسذاجتهما - وقارنوها مع الأرقام العربية والساعة المستوية (العربية أيضاً)! فما بالنا بالدعوة إلى العودة إلى الأخيرة منهما؟!

أما قول القائل أعلى بأن "الذي كانت عليه العرب في جاهليتهم من تلك الساعة هي الزمنية (المعوجة) وليست المستوية" فهذا صحيح بالمعنى الوصفي وليس بالمعنى الكمي. أي أن هذه الساعات التي نقلوها عن الحضارات المجاورة بعدد 12 ساعة بالنهار ومثلها بالليل، لم يكن استخدامهم لها إلا بمعنى البقع الزمنية لتمييز بعض النهار من بعض، وبعض الليل من بعض، وليس بالمعنى الحرفي لمعنى الساعات كما نستخدمها اليوم، إذ لا قيمة ولا معنى لساعة أطول أو أقصر من غيرها إذا لم يكن عندك ما تقيسه بواسطتها. والحقيقة أن الساعات بالمعنى الكمي لم تأت إلا بظهور الحاجة الفعلية إلى مقارنة بعض الأوقات ببعض، وتعيين أحداث بعينها في سياق الوقت. وهذا لم يظهر إلا مع الاهتمام بقياس الظواهر الفلكية من رصد للنجوم، والحاجة لمعرفة بدايات الشهور القمرية في مواعيد الاقترانات، والكسوفات. وهذا لم يكن من اهتمامات عرب الجاهلية ولا صدر السلام. ثم ظهرت الحاجة الملحة بعد ذلك إلى معرفة خطوط الطول في البحار باستخدام زمناً رتيباً رتابة منتظمة، فما كان من علاج إلا الساعة العربية المستوية وتطوير آلات قياسها. لذلك كان الفلكيون وأصحاب الهيئة اللاحقون في القرن الهجري الثاني، ثم الملاحون ومخترعوا المقاييس الزمنية في ما وراء البحار في القرن السادس عشر الميلادي وما بعده، هم أولو الأمر في تنقيح قيم الساعات والسعي بضبط قراءتها للوقت مع ازدياد الحاجة إلى ذلك. وكما أن المسلمون هم الذين ضبطوا طول الساعة لتصبح مستوية كما رأينا، فإنهم هم أيضاً أول من قدَّر/قاس الوقت لكسور من الدقيقة، وقد حدث ذلك في إسطنبول بتركيا على يد "تقي الدين بن معروف" سنة 1577-1580م في عهد السلطان مراد الثالث الذي تولى السلطنة سنة 1574م، وأنشأ مرصداً رائعاً يُعرف في تاريخ الفلك بإسم مرصد تقي الدين في إسطنبول "Istanbul observatory of Taqi al-Din"(36)،(37)، وقد اخترع تقي الدين في هذا المرصد ساعة ميكانيكية لها ثلاث أقراص تقيس عليها الساعات والدقائق والثواني، وشمل وصفه لهذه الساعة في كتابه "شجرة السدر في نهاية الفكر"(38) "In the Nabk Tree of the Extremity of Thoughtsوكانت هذه الآلة أول ساعة تقيس كسور الدقيقة على الإطلاق، ولم يسبقه أحد إلى ذلك من قبل، حيث قسَّم الدقيقة إلى خمس ثوان(39).

أما القول بأن "صلاة العشاء دائماً على الساعة 7 بعد الزوال، وصلاة الفجر دائماً على الساعة 5 بعد منتصف الليل، وصلاة الظهر دائماً على الساعة 12، وصلاة العصر دائما على الساعة 3 بعد الزوال، وصلاة المغرب دائماً على الساعة 6 بعد الزوال." قاصداً بذلك بالطبع الساعات المعوجة، فهذا قول في منتهى الغرابة ولا أصل له. إنما الأصل في دخول أوقات الصلوات الخمس وخروجها من وقتها – مصداقاً لقول الله تعالى " إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا"(النساء:103) - ما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي، والنسائي عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: "جاء جبريل عليه السلام إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- حين زالت الشمس فقال : قم يا محمد فصل الظهر. فقام فصلى الظهر حين زالت الشمس ، ثم مكث حتى كان فىء الرجل مثله، فجاءه فقال: قم يا محمد فصل العصر. فقام فصلى العصر، ثم مكث حتى غابت الشمس فقال: قم فصل المغرب. فقام فصلاها حين غابت سواء، ثم مكث حتى ذهب الشفق، فجاءه فقال: قم فصل العشاء. فقام فصلاها، ثم جاءه حين سطع الفجر للصبح فقال: قم يا محمد فصل. فقام فصلى الصبح، ثم جاءه من الغد حين كان فىء الرجل مثله فقال: قم يا محمد فصل الظهر. فقام فصلى الظهر، ثم جاءه حين كان فىء الرجل مثليه فقال: قم يا محمد فصل. فقام فصلى العصر، ثم جاءه المغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه فقال: قم فصل المغرب. ثم جاءه العشاء حين ذهب ثلث الليل الأول فقال: قم فصل العشاء. ثم جاءه الصبح حين أسفر جدا فقال: قم فصل الصبح. ثم قال: ما بين هذين كله وقت."

فهذه هي أوقات الصلاة من مبتدأ أوقاتها إلى منتهاها، فأين نجد فيها ساعات النهار والليل التي ذكرها الدكتور بوناطيرو؟ وإذا كان العرب قد سمُّوا ساعات النهار والليل الأربع والعشرين بأسماء عربية فإن ذلك جاء من قبيل تسمية ما سمعوا به من غيرهم من عرب الشمال (في الغالب لقربهم من التراث البابلي والكلداني) عن تقسيم الساعات، فوضعوا لها أسماء لتدخل في ثقافته الشفاهية الوصفية للأشياء، خاصةً وأن اللغة والأسماء كانت صنعتهم ومرتعهم الخصب. أما أن يُقال أنهم كانوا يقيسوا بها أطوال الأوقات، فهذا ما لا دليل عليه ولا من طبيعة عرب الجاهلية، ولم تكن لهم حاجة إلى ذلك، وإلا لورثها الصحابة وظهرت في آثارهم. ولا تزيد أسماء الساعات المذكورة أعلى عن أن تكون من المشترك اللفظي مع ألفاظ اللغة التي جاءت بكتاب الله تعالى ومعلوم دلالتها مثل: "الضحى"، و"العصر" و"الشفق" و"دلوك الشمس" ... إلخ، فلا بد أن يُعلم أن هذه ليست تلك.

وسنجري الآن تحقيقاً في ما أتى به الدكتور بوناطيرو مما نعتبره: إعادة تعريف لأوقات الصلاة، وهو تعريف ما أنزل الله به من سلطان، وقد أقامه على نظرية في دلالات ألفاظ الوقت في اللغة العربية تدور حول "الساعة الزمنية المعوجة"، والتي ظن أن العمل بها على حرفيتها ومقاديرها عادة عربية أصيلة، وما هي كذلك!

إعادة تعريف الدكتور بوناطيرو لدخول أوقات الصلاة وانحراف نتائجه عن التوقيتات الشرعية!

رأينا أن الساعة المعوجة هي التي ينقسم بها النهار – ومثله الليل- إلى 12 ساعة تامة في أي وقت من السنة، وحيثما كنا على الأرض. وقد مثَّلنا ذلك في (شكل 11)، وقد رسمنا هذه العلاقات بناءاً على معلومات موثقة(40) لعام 2009 بطوله، وذلك عند خَطَّي عرض مختلفين، ليظهر من ذلك تأثير الانتقال شمالاً وجنوباً على "طول الساعة المعوجة". وهذين الخطين هما خط عرض مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو 24.26 شمالاً، وخط عرض 40 شمالاً دون التقيد بأي مدينة عليه. وذلك لأن اختلاف خط الطول لا يؤثر في هذه المسألة.




وباعتماد هذه الساعات المتغيرة الطول زماناً – حسب اليوم من السنة الميلادية، ومكاناً - حسب خط العرض، بصفتها الساعات العربية الدارجة عندهم. وباعتماد تسمية الساعات الأربع والعشرين عند العرب كالآتي:


قال الدكتور بوناطيروا بأن مواعيد دخول الصلاة ينبغي أن تكون كالآتي:
-      صلاة العشاء دائماً على الساعة 7 بعد الزوال، )أي في نهاية 7 ساعات معوجة، أي بعد المغرب بساعة واحدة تامة معوجة.)
-      صلاة الفجر دائماً على الساعة 5 بعد منتصف الليل، )أي في نهاية 5 ساعات تامة معوجة من منتصف الليل، أي بعد المغرب بـ 11 ساعة تامة معوجة)
-      صلاة الظهر دائماً على الساعة 12، )أي بعد الشروق بـ 6 ساعات تامة معوجة)
-      صلاة العصر دائما على الساعة 3 بعد الزوال، )أي بعد الشروق بـ 9 ساعات تامة معوجة)
-      صلاة المغرب دائماً على الساعة 6 بعد الزوال. )أي 6 ساعات تامة معوجة)

والآن سنعمل على تحقيق مواعيد الصلاة كما جاءت في هذه الروزنامة، ومقارنتها بمواعيد الصلاة التي يصلي بها المسلمون في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، حسب التوقيت الشرعي بالطبع، وذلك على مدى عام كامل هو العام الميلادي الجاري 2009م.

ولتنفيذ هذه الروزنامة، سنعتمد على ميعادي الشروق والغرب من كل يوم، وهما اللذان يحدان طول النهار (من الشروق إلى الغروب) وطول الليل (من الغروب إلى الشروق). وسوف نقسم كل من هذين الطولين إلى 12 جزءاً يمثل مقدار الساعة المعوجة في كل من النهار والليل. وغني عن البيان أن مقدار هذه الساعة سيختلف مع اليوم من السنة، ومع الابتعاد عن خط الاستواء (أي خط العرض). وقد حصلنا من مصادر معتمدة(41) على مواعيد الشروق والغروب لموضعين مختلفين في خط العرض، هما مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإحداثياتها هي:(E039 37, N24 28)، وموضع آخر عشوائي له الإحداثيات: (E039 37, N40 00)، وذلك لعام 2009. ويظهر في (شكل 11) أعلى كيف يتغير طول الساعة المعوجة وطولها بالدقائق مع المتغيرات المشار إليها.

وباستخدام هذه الساعات (المتغيرة أطوالها مع أيام السنة كما يوضحه شكل 11) وتسجيل مواعيد دخول الصلوات كما جاء بتعريفها الدكتور بوناطيرو ( والتي يوضحها الجدول الآتي) – وذلك لكل يوم من أيام عام 2009، قمنا بتفريغ المعلومات في برنامج إكسل:



ولما فعلنا ذلك ورسمنا هذه النتائج لعدد 365 يوم لعام 2009 الجاري، حصلنا على الشكل البياني (شكل 12) – هذا وقد أضفنا بنفس الشكل مواعيد الصلاة الحقيقية (الشرعية) بتوقيت أم القرى من مصادر معتمدة أيضاً(42). وكل هذا مأخوذ للمدينة المنورة.


ويتضح من (شكل 12) أن كل من مواعيد الشروق والظهر والغروب تتطابق بين النظام الفقهي الشرعي، وطريقة الدكتور بوناطيرو، وهذا متوقع لأن الشروق والغروب يتعينان في كلا النظامين بأحداث فلكية مميزة لا خلاف عليها هي صعود وهبوط الشمس على الأفق، وأيضاً يتعين موعد صلاة الظهر – أي الزوال - بمنتصف الوقت تماماً بين الشروق والغروب، ومن ثم يحدث التطابق. أما ما خلا ذلك من مواعيد الصلاة فنجد أن الإنحراف واضح جداً. وهذا يتمثل في صلاة الفجر والعصر والعشاء. ويمكننا من بيانات الشكل السابق أن نعين هذه الإنحرافات مع اليوم من السنة، ولمَّا فعلنا ذلك حصلنا على (شكل 13).


وفي (شكل 13) يتضح أن الإنحراف في موعد صلاة الفجر – والتي يقترب وقتئذ من موعد الشروق - يصل إلى أقصاه؛ أي 39 دقيقة، في أوج الصيف، وهذا يعود إلى أن ساعة الليل المعوجة  تكون في أدنى قيمة لها في أوج الصيف (أنظر شكل 11) أعلى. ونفس الإنحراف يحدث في موعد صلاة العشاء في الإتجاه المعاكس، أي مقترباً من الغروب، وأيضاً لنفس السبب – أي قِصَر ساعة الليل المعوجة، ويرجع ذلك إلى أن الفرق بين الفجر والشروق مثله مثل الفرق بين العشاء والغروب؛ أي ساعة ليلية (معوجة) واحدة. ويمكننا أيضاً تبرير علة انحراف موعد العصر بنفس المنطق، وإن كانت العلة هنا أكثر تفصيلاً. ونلاحظ أيضاً أننا لو انتقلنا إلى خط طول أعلى على الأرض لازدادت الإنحرافات، لأن حيود الساعات المعوجة تزداد كما هو مبين في (شكل 11).

وتقطع هذه الإنحرافات بين توقيتات الدكتور بوناطيرو لمواعيد الصلوات والتوقيتات الشرعية، بأن طريقته لا تؤدي إلى ما هو معروف من الدين بالضرورة، ومبني على الأصول الشرعية في تعيين مواعيد الصلوات. فلو أن المواعيد الناتجة عن طريقته تطابقت جميعاً لكان من الممكن أن يقال أنه اكتشف روزنامة تكافئ التوقيتات الشرعية، ومن ثم تعد كشفاً توقيتياً رائعاً. غير أن النتيجة أثبتت عكس ذلك. بمعنى أن طريقة الساعة المُعْوجَّة، وإعادة تعريف أسماء الصلوات بدلالتها - لا تلتقي لا في الأصول ولا في النتائج مع ما اجتمع المسلمون عليه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في توقيت الصلاة، فأي قيمة تتبقى لها عندئذ؟!

 ويُلاحظ أننا أجرينا المقابلة السابقة بين التواقيت الشرعية للصلوات وطريقة الدكتور وناطيروا، وذلك في خطوط عرض متدنية ابتعاداً عما في خطوط العرض العليا من إشكالات(43). غير أنه معلوم أن موعد دخول صلاة العشاء يقترب من موعد دخول صلاة الفجر في الشتاء في خطوط العرض العليا. وكلما ارتقينا صعوداً في خط العرض – أي مقتربين من القطب - كلما ازداد تقاربهما، حتى نصل إلى خط طول يتداخل فيه الوقتان. وطبقاً لتعريف الدكتور بوناطيرو فإن كل من وقت العشاء والفجر له قيمة نسبية ثابتة هي 1/12 من طول الليل من طرفيه (أي ساعة ليلية معوجّة). أي أنهما لا يلتقيان أبداً. وهذا يعني أن وقتي العشاء والفجر والمبيَّن وقتهما في حديث جابر بن عبد الله – رضي الله تعالى عنه- أعلى وأجمعت الأمة عليهما مع غيرهما من أوقات الصلاة سيختلفا عن وقتهما الذي يعيد الدكتور بوناطيرو تعريفه. ولا يمكننا إسقاط تعريف مواعيد دخول الصلوات – في خطوط العرض العليا التي يحدث فيها التداخل المشار إليه- ولو على سبيل التعريف النظري، وفي حالة حدوث هذه الإشكالات، يمكننا معالجة ذلك بقدر الضرورة فقط كما قال الأصوليون "الضرورة تُقدَّر بقدرها". وهذا الاختلاف الفقهي بين ما أجمعت عليه الأمة وما جاء به الدكتور بوناطيروا – من تأصيل ومعالجة وانحرافات في التطبيق العملي بين النظامين - يُجهض هذا التعريف الجديد ويذهب به في خبر كان.

وأخير نسوق في هذه المسألة نكتة فنية (نقصد مسألة دقيقة تتطلب فهم المتخصصين) يصعب أن يجد فيها الخصم مخرجا، ونقول له: إذا كانت المزولة هي الآلية التي تُقسم الزمن (النهار) إلى 12 قسماً متساوياً، ولو كان صحيحاً أن العرب اعتمدوا هذا النظام حرفياً، فماذا كانت وسيلتهم في تقسيم الليل إلى 12 قسماً متساوياً أيضاً والمزولة لا تعمل إلا في ضوء الشمس؟ فهذا الأمر يتطلب الماهر بعلم الهيئة، وقد كان العرب في صدر الإسلام بعيدون كل البُعد عن ذلك، وهي مسألة لم يتكلم فيها أحدُ منهم – حسب ما تدل على ذلك الأدلة - حتى جاء البتاني(44). وبمعني إجرائي نقول: كيف كان العرب يقدرون مرور ساعة واحدة من الليل من ساعاته المعوجة، هل بطريقة غير غياب الشفق لمعرفة موعد دخول صلاة العشاء، أو بتبين الخيط الأبيض من الأسود لتبين دخول وقت الفجر. ولكن هذه المواعيد لا تعين جزء من 12 جزءاً من الليل من طرفيه كما رأينا أعلى. فالقول بأن موعد صلاة العشاء والفجر على بُعد ساعة ليلية معوجة من الغروب والشروق قول باطل لغياب الآلية التي تعين ذلك، ولأن الآلية التي أقرها الشرع لا تعين ما نسبته 1/12 من طول الليل من طرفيه، ... . إنتهت المسألة، وقُضِي الأمر، ولا مُبدِّل لكلمات الله.

رابعاً: إدعاء أن الأسبوع الموافق للشرع هو 6 أيام فقط! فيجب اعتماده وطرح الأسبوع ذو السبعة أيام!

قيل(45): [معالجة وحدة الأسبوع الحالية تتطلب دراسة ثلاثية الطرح: التاريخي والديني والفلكي. التاريخ يخبرنا أن اختيار الأسبوع كإحدى الوحدات الزمنية يرجع إلى عصر البابليين والكلدانيين الذين كانوا لا يعرفون إلا سبعة كواكب مضيئة. فنسبوا يوماً لكل كوكب حسب النظام التالي:



الإثنين
القمر
Lundi
Lune
الثلاثاء
المريخ
Mardi
Mars
الأربعاء
عطارد
Mercrudi
Mercure
الخميس
المشترى
Jeudi
Jupiter
الجمعة
الزهرة
Vendredi
Venus
السبت
زحل
Semedi
Saturne
الأحد
الشمس (بعد تغير)
Dimanche
Soleil


وفي نفس السياق. كان من المنطقي أن نضيف ثلاثة أيام نسبة للكواكب الثلاثة التي اكتشف فيما بعد: (أورانوس – 1781م، نيتون-1846م، بلوتو 1930م) ولكن هذا لم يحدث ويزال (لا يزال) الصمت كاملاً في هذا الموضوع إلى يومنا هذا...؟ (46)

أما من الناحية الدينية، فإن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم تنزيله: " وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ"(ق: 38-39). ولم يسبت (يسترح) الله بعد خلق الكون، كما زعمت اليهود أن الله استراح في اليوم السابع وأسموه يوم السبت أي "الإستراحة" وأضافوه راحة لهم كما استراح الله، زعماً منهم ... سبحان الله عما يكفرون، وهو الذي قال في سورة البقرة: " لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ"(آية الكرسي)، وقال أيضاً: " إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ"(النحل: 124). وأما عن أسباب نزول الآية 38 من سورة ق يقول ابن عباس: أتت اليهود إلى النبي (ص) فسألوه عن ابتداء الخلق فقال: "خلق الله الأرض يوم الأحد ويوم الإثنين، وخلق الجبال وما فيها من المنافع يوم الثلاثاء وخلق الماء والشجار (الشجر) والمدا والعمران يوم الأربعاء فذلك قوله جلت قدرته (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ .. إلى قوله سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ) وخلق يوم الخميس السماء والكواكب والنجوم والملائكة. وخلق يوم الجمعة الجنة والنار، وآدم عليه السلام. قالوا: ثم ماذا يا محمد؟ قال ثم استوى على العرش. قالوا: قد أصبت. لو أتممت وقل ثم استراح. فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً، فأنزل الله عليه: " وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ""(ق:38)وفي رواية أسد بن موسى قال: "أمر الله تبارك وتعالى السماء أن ترتفع وتسمو وأمر الأرض أن تنبسط وتنخفض فانبسطت فدحاها في موضع بيت الله الحرام."

وقيل(47): "دراستنا أثبتت على أن إدخال يوم السبت ضمن التشكيلة المسماة "بالأسبوع" (مثل إدخال الشهر النسيء: الشهر 13) ليس له أي بنية أو ركيزة علمية بل يمتاز بتعقيد التقاويم الزمنية أثناء البحث على تواريخ بعيدة، عكس حقيقة جمعة 6 أيام الموافقة لمدة نشأة الكون بما فيه والتي تتناوب بصفة منتظمة على الوحدات الزمنية، الأمر الذي يسهل التطلع ومقارنة تواريخ قديمة فيما بينها بعملية ذهنية مبسطة.] – إنتهى كلام القائل.

نقول رداً على ذلك: إذا كان التاريخ قد تكلم عن تسمية البابليين والكلدانيين لأيام الأسبوع وأنهم أطلقوا عليها أسماء الكواكب، فإن التاريخ لم يقرر أن ابتداء تعداد أيام الأسبوع كان راجعاً لعدد الكواكب السبعة. فربما كان إلحاق الكواكب السبعة بالأيام السبعة إلحاقاً متاخراً دخل على أصل ديني صحيح لأيام الأسبوع. وأنه ربما أن هذا الأصل الديني قد ضاع مع التاريخ مثلما أن الأصنام قد دُست على محيط الكعبة بعدما أنشأت على التوحيد فضاع التوحيد من محيط الكعبة حتى جاء الإسلام فطهرها وعاد بها إلى التوحيد. لذا، فالقطع بأن السبعة أيام في الأسبوع تعود إلى عبادة الكواكب، ومن ثم يكون إبقاء أيام الأسبوع سبعة هو محافظة على أصل وثني يجب إقصاؤه، يعتبر كلاماً غير ذي أساس، إنما الأساس أن الشريعة إذا جاءت وأقرت شيئاً كان تقليداً شائعاً قبلها، فإبقاؤه تشريعاً له. وهذا ما صرح به الماوردي حيث قال(48): "المتقدم في الجاهلية ، وأقره الشرع في الإسلام على ما كان عليه في الجاهلية ، صار بالإقرار شرعا". وقال ابن تيميه(49): "إن عمل أهل الجاهلية لا يُحتج به أصلا إلا إذا أقره الإسلام". هذا وقد عمل الرسول صلى الله عليه وسلم بيوم السبت مثله مثل باقي أيام الأسبوع ولم يأمر بإسقاطه ولم يجعل الأسبوع ستة أيام. فقد جاء بالحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال لجويرية في يوم جمعة: "أصُمْتِ أمس؟ قالت: لا. قال: أتريدين أن تصومي غدا! فالغد هو يوم السبت"(50). و روى ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر السلمي عن أخته الصماء أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم .. - رواه أهل السنن الأربعة "(51). و رُوى عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس رواه الترمذي وقال حديث حسن"(52).  وفي الحديث عن المسجد الحرام ومسجد قباء؛ [سُئل صلى الله عليه وسلم عن المسجد الذي أسس على التقوى؟ فقال: مسجدي هذا. فكلا المسجدين (أي المسجد الحرام ومسجد قباء) أسِّس على التقوى ولكن اختص مسجده بأنه أكمل في هذا الوصف من غيره فكان يقوم في مسجده يوم الجمعة ويأتي مسجد قباء يوم السبت] (53). و[من حديث ابن عمر قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي قباء كل سبت راكبا وماشيا"، وكان ابن عمر يفعله، زاد نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم "فيصلي فيه ركعتين". وهذا الحديث الصحيح يدل على أنه كان يصلي في مسجده يوم الجمعة ويذهب إلى مسجد قباء فيصلي فيه يوم السبت وكلاهما أسس على التقوى] (54). وقد [اتفق المسلمون على أن من فاته الوقوف بعرفة لعذر أو لغيره لا يقف بعرفة بعد طلوع الفجر، وكذلك رمي الجمار لا ترمى بعد أيام مِنَى سواء فاتته لعذر أو لغير عذر، كذلك الجمعة لا يقضيها الإنسان سواء فاتته بعذر أو بغير عذر وكذلك لو فوتها أهل المصر كلهم لم يصلوها يوم السبت] (55).

فيوم السبت إذاً يوم من أيام  الأسبوع الذي أقره الإسلام ولم ينسخه. وإذا قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ"(الجمعة:9)، فمعلوم أن الجمعة هو سابع سبعة أيام لا يُنتقص منه يوم. ولو جعلنا الأسبوع ستة أيام فقط لضاع يوم الجمعة واختلف عما شرعه الله، كما هو موضَّح بالشكل الآتي:








فيظهر في (شكل 14) كيف أن اعتماد الأسبوع ستة أيام سيؤدي إلى أن تتقدم أيام الجمعة يوم إضافي في كل أسبوع، مما يجعل المسلمين يصلون الجمعة التالية لجمعة صحيحة يوم الخميس، ثم التي تليها يوم الأربعاء، ثم يوم الثلاثاء... وهكذا. ومعلوم أن "العبادات توقيفية لا يجوز فيها إلا ما أقره الشرع". وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"(رواه البخاري ومسلم وأحمد بن حنبل في مسنده). لذا تعتبر الدعوة لأسبوع يقتصر على "ستة أيام" عملاً ليس عليه أمر الإسلام، ومن ثم يرد على صاحبه.




خامساً: إشكالية التعرف على خطوط الطول المرجعية على الأرض، تاريخها، حلولها، وما آلت إليه:


قيل(56): "قضية اختيار جرينتش... هذا خط وضعي. يعني خط، ما عنده حتى الحسابات الفلكية. بس اختاروه في هذا المكان. هم كانوا عندهم نفس المشكل ... اللي عند المسلمين في التقويم الهجري؛ ما يعرفوش كيف يبدأوا في اليوم بتاعهم. كانوا يبعثوا السفن ... تيجي في الجدول بتاعها يوم نقص. جاه جرينتش اقترح عليهم(57) علشان يحلوا هذه المشكل يختاروا خط في الأرض واختاروه يمر على باب دارهم يعني كما يُقال، بدون أي حسابات فلكية. هذه هي الحقيقة. ولكم أن تتأكدوا منها. هذا اختيار شخصي. هيمنة علمية. في ذلكم القرن. فجعلت الخط يمر من هنا.(يقصد جرينتش)"



نقول: إن أي شكل كروي إذا دار حول محور بعينه، فكل خطوط الطول على سطحه الموازية لهذا المحور تتكافأ مع بعضها بعضا. أنظر (شكل 15) والذي تدور فيه الأرض حول محورها الواصل بين القطبين.  ومعنى ذلك أنه لا يمكن تمييز خط عن خط بمزية تجعله أولى منه، ومن ثم يبدأ القياس عنده اعتماداً على هذه المزية: لذا، فالإدعاء بأن أحد خطوط الطول على الأرض أولى بالمرجعية من غيره كلاماً عارٍ عن الصحة من حيث المبدأ. هذا ما لم يأتي مُمَيَّزاً من خارج الأرض يقع بمحاذاة خط طول بعينه. وأراد د. بوناطيرو أن يكون هذا المميز هو خط تماثل اقترانات الشمس والقمر. وقد أثبتنا أعلى أن الظن بأن خط مكة المكرمة أولى من خط جرينتش في حدوث هذا التماثل، كان وهماً اعتمد على تأويل فاسد لطول الشهر القمري بأنه الخط الذي تتكافأ عنده مواعيد اقترانات الشمس والقمر من كلتا جهتيه. ولو كان ذلك صحيحاً لكانت المزية التي تميزه، ولكنها لم تكن صحيحة، وظهر لنا أن التأويل الصحيح يذهب بهذا الظن أدراج الرياح، وأن رصد مواعيد الاقترانات التي جاء بها صاحب هذا الزعم كان في الحقيقة أطوال الشهور القمرية المتعاقبة، وهذه لا علاقة له بخطوط طول بعينها على الأرض.





من التاريخ العربي لخطوط الطول المرجعية على الأرض:


كان هناك تقاليد لأهل الهيئة (الفلك) وعلماء البلدان (الجغرافيا) من العرب في اعتماد خطوط طول بعينها يتم منها القياس. واشتهر من ذلك خطَّان هما:



1- خط بلدة الأرين بالهند: فقيل(58):" كان العرب الأوائل يحسبون خطوط الطول بداية من خط زوال بلدة الأرين بالهند".


2- خط طول الجزر الخالدات/السعادات وراء المغرب في عمق المحيط الأطلنطي (بحر الظلمات): أنظر كتاب الزيج للبتاني وكلامه عن اتخاذ الجزر الخالدات بداية لخطوط الطول(59) من جهة الغرب. وقيل(60): "ومن هذه الجزائر – أي الخالدات - أخذ بطليموس الأطوال كما أخذ من خط الاستواء العروض.(أي خطوط العرض)"

ويبدو أن الهمداني يسمى الأرين: (القبة) حيث يقول(61): "القبة التي وضع عليها حساب السِّندهند (أي كتاب "السندهند")". ونلاحظ أنها وردت على صورة "قبة الأرين" في كتاب الملاحة وعلوم البحار عند العرب(62). ويبدو أنها مأخوذة من كتاب السندهند ولم تكن إبداعاً من العرب، حيث نجد أنهم كانوا يقيسون كثيراً بطريقة بطليموس بالقياس إلى أقصى العمران في الغرب، وغالباً بالنسبة إلى جزر الخالدات/السعادات. وكان الهمداني يقارن بين النظامين (بطليموس والسندهند) وقد وجد أن بينهما فرق قدره 13.5 درجة(63): أي: خطأ في القياس لموقع بعينه إن قيس موقعه بكلا القياسين، حيث يقول في كلامه عن خط طول مدينة "ظفار": "هذا المقدار لمن أخذ بقول بطليموس، ومن أخذ بقول أصحاب السَّند هند فإنه ينقص من طول ظفار الذي ذكرناه ثلاث عشرة درجة ونصفاً".

وقيل في وصف جزر الخالدات(64): " قالوا: في كل جزيرة صنم طوله مائة ذراع كالمنار ليهتدى بها، وقيل: إنما عملوا ذلك ليعلم أن ليس بعد ذلك مذهب فلا يتوسط (أي: أحدٌ) البحر المحيط، والله أعلم بذلك". وقيل أيضاً(65): " وضع على كل جزيرة منها منارة يهتدي بها من ضل وكتب على كل واحدة منها: لا مسلك خلفي" - ونسب ذلك إلى الإسكندر ذي القرنين!.
وفي تمييز اختلاف خطوط الطول وخطوط العرض للبلدان المختلفة (وكانت تسمى طول البلاد وعرضها) يقول البتاني(66) (ت929م): "أما طول المدن وعرضها على ما رسم في كتاب "صورة الأرض"(67) فإن مواضعها من الطول الذي هو مسافة ما بين المشرق والمغرب فإنهم ابتدأوا به من الجزائر العامرة التي في بحر أوقيانس الغربي (لاحظ ما بين لفظ أوقيانوس ولفظ ocean الإنجليزية من أصل واحد) إلى ناحية المشرق، على حسب ما وجدوا أوقات كسوفات القمر خاصة بتقدم بعضها بعضاً في البلدان، فعلموا بذلك أن انتصاف النهار في كل بلد يتقدم انتصاف النهار في غيره من ناحية المغرب بأجزاء من أزمان معدل النهار؛ يكون مقدارها مقدار أزمان ما بين الكسوف في البلدين ومن ذلك ما أخذوه من الأخبار ممن يسلك الطرق بالتقريب. وأما عروض المدن فإنهم أخذوها من قبل قياس الشمس في أوقات انتصاف النهار في البلدان فعرفوا بُعدها وقُربها من نقطة سمت الرؤوس على نحو ما بينا فيما تقدم من هذا الكتاب، فعلموا بُعد كل بلد عن خط الاستواء؛ وهو مسافة ما بين الجنوب والشمال ورسموا تحت كل مدينة بعدها عن الجزائر الخالدات في الطول وعن خط الاستواء في العرض بالتقريب."

ويقول الإدريسي(68): "بحر الظلمات (وهو المحيط الأطلنطي الآن) ولا يُعلم ما خلفه، وفي هذا الجزء من الجزائر جزيرة مسفهان وجزيرة لغوس وهما من الجزائر الستة المتقدم ذكرها وتسمى الخالدات ومنها بدأ بطلميوس بالتعديل (يقصد: بالقياس) وأخذ أطوال البلاد وعروضها وإلى هاتين الجزيرتين وصل ذو القرنين أعني الإسكندر ومنها رجع".
وعن موقع جزر الخالدات يقول القزويني(69) (1208 - 1283م): "جزاير الخالدات: ويقال لها أيضاً جزاير السعادات، وانها في البحر المحيط في أقصى المغرب كان بها مقام جمع من الحكماء بنوا عليها ابتداء طول العمارات (يقصد الخط المرجعي الذي قيست بالنسبة إليه خطوط طول مناطق العمران في العالم)، قال أبو الريحان الخوارزمي: هي ست جزاير واغلة في البحر المحيط، قريبات من مائتي فرسخ، وإنما سميت بجزاير السعادات لأن غياطها أصناف الفواكه والطيب من غير غرس وعمارة، وأرضها تحمل الزرع مكان العشب، وأصناف الرياحين العطرة بدل الشوك.".

وإذا أردنا تعيين موقعها جزر الخالدات، فقد قيل(70) أن الفرسخ – وهو إسم فارسي الأصل (parasang) = 12000 ذراع (وهو الغالب)، وقيل 18000 ذراع. والذراع =46 سم. وعلى ذلك يكون:

بُعد جزر الخالدات داخل المحيط (باعتبار الفرسخ =12000 ذراع) = 200 * 12000 * 0.46 = 1104 كم

أو أن بُعد جزر الخالدات داخل المحيط (باعتبار فرسخ =18000 ذراع) = 200 * 18000 * 0.46 = 1650 كم

وإذا بحثنا عن جزر داخل المحيط الأطلنطي تقع بين مسافتي (1104 كم و 1650 كم) وتتميز بأنها 6 جزر رائعة المناخ والخضرة وما جاء في وصف جزر الخالدات الطبيعية، فسنجد جزر الأزورس Azores التابعة للبرتغال الآن والتي تبعد عن لشبونة حوالي 1500 كم. وتتميز بروعة المناخ والخضرة الخلابة، غير أنها تسعة جزر في مجملها منها ثلاث صغيرات. أنظر (شكل 16) حيث يتضح أن المسافة من ساحل المغرب تزيد من جزر الأزورس عنها لو قيست من ساحل البرتغال. لذا يترجح عندنا أنها الجزر المقصودة بالخالدات أو السعادات، ومن ثم تكون المرجع الغربي التي كان العرب – تقليدأ لبطليموس - يقيسون ابتداءاً منها خطوط طول البلاد.


أحدث الأخبار عن الجزر الخالدات/جزر أزورس

وبعد وصولنا المستقل تماماً لهذه النتيجة بحثنا عن مصادر حديثة تقرر أو تنفي هذه النتيجة التي وصلنا إليها، فوجدنا أن جزر الأزورس قد اقتُرحت بالفعل عبر القرون الأخيرة، ومِن قِبل عدد من المؤرخين أنها هي المقصودة بالـ "الجزر الخالدات" في المصادر العربية، إلا أن النفي العام لصحة هذه الأخبار في الأدبيات العلمية كان أشد قوة(71) نظراً لأن الحديث عن وصول حضارات أخرى – وخاصة الفينيقيين Phoenicians وبحارة قرطاجنة Carthaginians - إلى هذه المسافة غرباً تأتي في الغالب على حساب الحضارة اليونانية المعاصرة لهما، وتضعف من اكتشاف كولوبوس لاحقاً للعالم الجديد، وتقلل من الهيمنة الأوربية الحضارية التاريخية بشكل عام. غير أن تعيين جزر الخالدات بحكم أنها خط الطول المرجعي، من خلال المسافات التي تقررت مراراً وتكراراً بين هذا الطول وبين أطوال البلاد الأخرى في كتب البلدانيات العربية الموجود كثير منها، تدعم القصة لجانبها العملي بعيداً عن تلك المزايدات الأثرية والمفاضلات الحضارية، وبعيداً عن تلك الأساطير التي نُسجت مع الجانب العملي من القصة وأدت إلى التهوين من أهميته، ولو أسعفنا الوقت لخضنا هذه الدراسة إلا أنه لا محل لذلك هنا.

الأهمية التاريخية لتعيين خطوط الطول Longitudes واستعصائها على الحل على مدى قرون!

اعتُبر تعيين خط الطول للمواقع المختلفة على الأرض في فترة الكشوف الجغرافية وتطور الملاحة البحرية التجارية والعسكرية البعيدة، من الأهمية بمكان، سواء لرسم الخرائط cartography أو للإبحار navigation. والحقيقة أن خط العرض Latitude هام جداً مع خط الطول لأنهما الإحداثيان اللازمان لتعيين أي موقع تعييناً تاماً. ولا يُعتبر تعيين خط العرض مُشكلاً، لأن قياس خط عرض موقع ما بالنسبة لخط الاستواء بمعرفة ارتفاع الشمس، من جهة، وبين النجم القطبي شمالاً أمرٌ يسير إلى حد بعيد. أما غياب خط مرجعي طبيعي يمكن اتخاذه أساساً لقياس خطوط الطول المختلفة، مثلما أن خط الاستواء مرجع طبيعي تُقاس خطوط العرض بالنسبة إليه، فهو الذي أشكل على المعنيين بالأمر مرجعية القياس بالدرجة الأولى وآليته بالدرجة الثانية؛ إذ أن تماثل كل خطوط الطول الواصلة بين القطبين الشمالي والجنوبي يجعلها تقف على نفس الدرجة بلا تميز طبيعي لأي منها (على خلاف ما يزعمه أصحاب الإعجاز العلمي من أن خط طول مكة-المدينة يتميز عن غيره. وهي ادعاءات لا أساس لها في دين الله تعالى الموحى به، أو العلم المكتسب من الخبرة العلمية).

وقد قيل(72): "أن أبراخس Hipparchus (القرن الثاني قبل الميلاد) هو أول من استخدم نظام إحداثيات خطوط الطول والعرض على الأرض لتعيين مواقع بعينها. واقترح أن يقيس خط عرض المكان -  أي بُعده عن خط الاستواء- بمعرفة النسبة بين طولي النهار الأقصى والأدنى في ذلك المكان، وهذا جيد. أما لقياس خطوط الطول، فاقترح أن يكون خط الطول المرجعي والذي تُقاس باقي الخطوط بالنسبة إليه هو خط الطول الذي يمر بجزيرة رودس Rhodes، والذي سيماثل عندئذ خط الاستواء بالنسبة لخطوط العرض. وذلك بأن تعرف المواقع في شرقيه وغربيه بمقارنة الوقت المحلي في تلك الأماكن بزمن مطلق. واقترح أن يُقاس الزمن المطلق بخسوفات القمر. غير أن هذا لم يكن عملياً. وبقيت المشكلة معلقة. ولم تُحل المشكلة إلا على يد البيروني في القرن الحادي عشر الميلادي عندما طبق حساب المثلثات التي أبدعها أبو الوفا المنصور في "الجغرافيا الرياضية" mathematical geography وخاصة في تعيين خطوط الطول والعرض. ونظراً لإيمان البيروني بدوران الأرض حول محورها أمام الشمس والعلاقة التلازمية بين هذا الدوران وتعاقب الزمن على خطوط الطول، أمكنه تعيين خطوط الطول والعرض بدقة تامة بربط خط الطول بالزمن. وأصبح هذا هو الأساس في فهمنا المعاصر لهذه المسألة."

وبانفتاح عصر الكشوف الجغرافية وتسارعه، نشأت الحاجة الملحة لرسم خرائط الأراضي الجديدة وتعيين مواقعها النسبية. ولكن كيف يمكن عمل ذلك دون معرفة خطوط الطول النسبية بالنسبة لمرجعية أساسية، فبقيت الحاجة ملحة لإيجاد طريقة عملية لتحقيق ذلك.

ومما ساهم (نظرياً) في حل هذا الإشكال، النزاع الذي نشأ بين أسبانيا والبرتغال على تبعية أراضي العالم الجديد، وقد كانتا كبرى الدول آنذاك في مسألة الكشوف الجغرافية، فتدخل بابا الكنيسة لفض النزاع وأصدر فرماناً برسم خط وهمي غرب جزر الأزورس ويبعد عنها بمسافة (100 leagues(73)) فما يكون غرب هذا الخط من أراضي مكتشفة فهو يتبع أسبانيا، وما يكون في شرقه يكون للبرتغال. وهو حل جيد، إلا أن المسألة لم تُحل حقيقةً! إذ كيف يمكن التعرف على أن تلك الأراضي تقع في شرق أو في غرب ذلك الخط المرجعي البابوي؟

وفي عام 1514 إقترح يوهان فيرنر Johann Werner طريقة معرفة زمن مرور القمر من خلال علاقته بالنجوم كمرجعية زمنية مطلقة لمن يراه، فيعرف الراصد بذلك الزمن المطلق، وبمقارنته بالزمن المحلي عنده يعرف خط الطول المحلي، وهي الطريقة التي عُرفت بإسم "طريقة قياس مسافة القمر" lunar distance method (أنظر (شكل 17))، ولكن علاقة القمر بالنجوم لم تكن معروفة بشكل مُرضي، فبقي الإشكال دون حل.

وتأزمت المسألة مع ازدهار التجارة البحرية والتبادل التجاري في أعالي البحار، الأمر الذي أدى إلى فقدان كثير من السفن طريقها لعدم قدرة ربانيها على معرفة مواقعهم. وفي عام 1520 رُسمت خرائط لفرنسا ودول العالم الجديد. وأعيدت محاولة تعيين الزمن المطلق باستخدام طريقة اليونان الأولى المقترحة على أساس خسوفات القمر بطرق منقحة.

ثم ظهر نزاعٌ على "جزر التوابل" Spice Islands (كان هذا الإسم من أسماء أندونيسيا في ذلكم الوقت عند الصينيين والأوربيين، ومن أسمائها القديمة أيضاً جزر الملوك Maluku Islands وهو ما أطلقه عليها التجار العرب في القديم(74) وما زال قيد الإستخدام في اللغات الأوربية(75)) وسعت أسبانيا إلى إيجاد حلول لهذه المشاكل الباهظة التكلفة.

في عام 1530 إقترح "جيما فريسيوس" Gemma Frisius – كان مولده فيما يعرف الآن بهولندا- أن يأخذ البحارة معهم آلة محمولة عند السفر تقيس التوقيت بطريقة ميكانيكية رتيبة يحاكي انقضاء الزمن في موقع الإنطلاق وتظل تعمل بلا توقف (وهنا كان ميلاد فكرة الساعة Watch)، وبمقارنة الزمن في المواقع التي يمرون عليها باستخدام الإسطرلاب، مع الزمن الذي تعطيه هذه الآلة المحمولة معهم، يمكن حساب فرق الزمن، ومن ثم معرفة خط الطول النسبي بين تلك المواقع والموقع الأصل. ورغم أن هذه هي الطريقة الصحيحة، إلا أن الآلات الميكانيكية المحمولة والتي يمكن أن تقيس انقضاء الزمن وقتئذ – والتي ستُسمّى بعد ذلك كرونوميترات chronometers- لم تكن يعتمد عليها على الإطلاق لتدني تقنيتها وجنوحها عن الوقت الرتيب بتأثير حركة السفن عليها.

وأصبحت مسألة تعيين المواقع في أعالي البحار ورسم الخرائط في غاية الأهمية. وأصبح غياب حل هذه المسألة يكلف الدول المعنية بالتجارة البحرية والأساطيل الحربية مبالغ طائلة. ولإيجاد حل لهذه المشكلة الكبرى لجأت الدول إلى عرض جوائز فوق الخيال للرياضيين والفلكيين لابتكار طرق لتعيين خطوط الطول في البحار.وكان أول من عرض جائزة لذلك ملك أسبانيا فيليب الثاني سنة 1567 ثم فيليب الثالث سنة 1598، وذلك لما أصبح يعرف بـ "مكتشف خط الطول" the discoverer of longitude. وكان جاليليو ممن تنافسوا في هذه المسألة، غير أنه لم ينجح في إقناع أسبانيا بطريقته التي اعتمدت على رصد أقمار المشترى، رغم المفاوضات التي استمرت بينهما منذ عام 1616 وحتى عام 1632 سنة.

ثم عرضت هولندا أيضا جائزة سنة 1636 لما أسمته "مكتشف طريقة يعتمد عليها لتعيين خط الطول في البحار" the inventor of a reliable method of finding the longitude at sea.

واستمرت عروض الجوائز من الدول المختلفة، وتركزت أنظار المعنيين على الرياضيين والفلكيين فكان إنشاء الجمعية الملكية للعلوم Académie Royale des Sciences في باريس – في عهد الملك لويس الرابع عشر Louis XIV - لهذا الغرض بالدرجة الأولى، وقد ضمت أكابر علماء ذلكم الحين، ومنهم هايجزنز، و لايبنتز، و رومر، وجون بيكارد، وعلماء آخرين ضموا أكبر خمسة عشر عالماً في ذلكم الوقت، وافتُتحت الجمعية الملكية بهذا الجمع المرموق يوم 22 ديسمبر 1666م.

وبدأت هذه الجمعية العمل على عدد كبير من المسائل الرياضية والعلمية ارتبط عدد كبير منها بحل مشكلة إيجاد خط الطول. وكان أهم هؤلاء المشاركين هايجنز، والذي سجل براءة اختراع الساعة ذات البندول سنة 1656. وتم تجريب عدد من محاولاته من ساعات ركبت في رحلات بحرية في الفترة 1662-1687، ولكن بدون نجاح كبير.

وبمعونة الساعات البندولية المحسنة والرصد الفلكي، أمكن للعاملين في الجمعية الملكية للعلوم في باريس وبواسطة المرصد الذي أنشئ لهم – مرصد باريس في فوبور Observatory of Paris in Faubourg -  التنبؤ بدقة عالية بخطوط الطول ومن ثم المواقع على اليابسة فقطـ، أما في البحر فلم تكلل محاولاتهم بكثير من النجاح، وبقيت المسألة عظيمة الأهمية للتجارة البحرية والسيادة العسكرية على البحار.

وفي سياق تطوير التقنيات التي اقترحت خلال هذه الرحلة العلمية الممتعة تم تحسين أداء الساعات ذات البندول وتسجيل خسوفات القمر ومواعيدها والتنبؤ بأماكن رؤيتها، وتحسين أرصاد أقمار المشترى باستخدام عدسات زجاجية أكثر دقة وقياس إحداثيات – أي معرفة التقاء خطي الطول والعرض لـ - مواقع كثير جداً من المدن على الأرض  بطريقة التثليث triangulation، وأخيراً معرفة قياسات كرة الأرض من قطر ومحيط، فكانت نتيجة ذلك أن استطاع مرصد باريس رسم خريطة للعالم عرفت بإسم planisphere، عُرضت في الطابق الثالث منه. وقام بعرض الخريطة كل من كاسينيCassini  وبيكارPicard  ولاهير La Hire أمام حشد عالي المستوى ضم الملك كولبيه Colbert  و أعضاء البلاط الفرنسي؛ الذين جاؤوا خصيصاً ليروا هذا الإنجاز الباهر للجمعية الملكية الفرنسية. هذا وقد رُسمت الخريطة بطريقة الإسقاط السمتي azimuthal projection بحيث يكون القطب الشمالي في وسطها. ورغم أن شكل اليابسة في الخريطة ظهر مشوهاً لحدٍّ بعيد، إلا أن الخريطة كانت تُعطي قيم دقيقة لخطوط الطول والعرض للمواقع المختلفة، وأصبح لدى العالم لأول مرة خريطة واحدة، ليس فقط تضم كافة أطرافه ومدنه (في الحقيقة أغلبها)، بل تضع كل منها موضعه الدقيق والنسبي من غيره، وتعطي موضع كل مدينة مطلوب السفر إليها والمسار إليها والمسافة الدقيقة وزمن الرحلة إذا لم تضل السفن طرقها.

واستُكملت الرحلات الاستكشافية لجمع مزيد من المعلومات الإحداثية عن المناطق النائية لاستكمال الخريطة، فكان اكتشاف أن الساعات البندولية تنحرف نتيجة تفلطح الأرض عند القطبين. وهي النتيجة التي سُرَّ بها نيوتن كثيراً وشملها في نسخته الثالثة من كتابه "المبادئ" Principia لأنها كانت من تنبؤآته من قبل.

وإذا انتقلنا إلى لندن لنرى كيف واجه البريطانيون هذه المشكلة، فنجد أنهم أنشأوا لها ما سُمِّيَ بـ "مجلس خط الطول" Board of Longitude وهو ما شاع من إسم لما كان يعرف بـ "المُفوَّضون باكتشاف خط الطول في البحر" Commissioners for the Discovery of the Longitude at Sea. وقد أنشأت هذه المفوضية سنة 1714م، متأخرة بذلك عن نظيرتها الفرنسية التي أنشأت 1666م ( أي الأكاديمية الفرنسية للعلوم كما رأينا أعلى، وإن كانت مهامها علمية عامة بجانب حل إشكال خط الطول) وكان السبب المباشر لدى البريطانيين في إنشاء هذه المفوضية كارثة سنة 1707م التى ذهبت بأربع سفن جملة واحدة ذُهقت فيها مئات الأرواح(76) من أسطول "جزر سيلي" Isles of Scilly الواقعة في المحيط الأطلنطي على مسافة 45 كم فقط من ساحل إنجلترا. وهي منطقة صعبة المراس للسفن إذا فقدت طريقها. وكان على رأس الهالكين السير كلاودسلي شوفيل Sir Cloudesley Shovell، نائب الأميرال البريطاني.

ومثلما طُرحت الجوائز في فرنسا لمكتشف خط الطول، فقد فعلت بريطانيا نفس الشيء، وكان أكثر المستفيدين من الجائزة جون هاريسون John Harrison 
في عمله على تطوير المقياس الزمني في البحر، أو الكرونوميتير البحري marine

chronometer. لذا فقد حصل على ما مجموعه 14,315₤ في الفترة 1737-1765م.  ومع ذلك فقد تفوقت مقاييس الزمن - الكرونوميترات - التي صنعها توماس إرنشو Thomas Earnshaw، والتي حصل على براءة اختراعها عام 1783(77) على تلك التي صنعها جون هاريسون لأفضليتها في الإستخدام الملاحي العام، وأصبحت الأيسر في الاستخدام بنهاية القرن الثامن عشر. ولكن نظراً لتكلفتها العالية ظلت الملاحة تعتمد على طريقة قياس مسافة القمر Lunar Distance Method، أنظر (شكل 17).



المنافسة بين طريقة "قياس مسافة القمر" والكرونوميترات، لمعرفة خط الطول في البحار

كانت طريقة "قياس مسافة القمر" (شكل 17) عملية شاقة بما تتطلبه من حسابات معقدة تصل إلى 4 ساعات(78). وبحلول عام 1767 تم جدولة كثير من العمليات الحسابية لتجنب المشقة، فهبطت بزمن الحسابات إلى 30 دقيقة(79). وقد استخدمت هذه الطريقة على نطاق واسع في البحار في الفترة 1767-1850. واستمرت الجداول الملاحية الأمريكية UNSO Nautical Almanac المعتمدة على المسافة القمرية في الظهور حتى عام 1912، أما البريطانية فتوقفت عام 1906. ومع حلول تلك الآونة كان معظم الملاحين يعتمدون على الكرونوميترات لهبوط أسعارها وبداية وفرتها لعدة عقود قبل ذلك.



الحلول الحديثة في القرن العشرين لتعيين خطوط الطول

بدأت البحرية الأمريكية اعتباراً من عام 1904 بَثْ إشارات زمنية من مدينة بوسطون بطريقة التلغراف اللاسلكي، وتبعته ببث آخر منتظم من هاليفاكس، نوفا سكوشا عام 1907. وبدأت فرنسا بث إشارات زمنية من برج إيفل عام 1910(80). وباستقبال السفن لهذه الإشارات المخصصة للاتصالات، أمكنها التأكد من قراءات الكرونوميترات وتصحيحها، واستغنت بذلك عن طريقة القمر لحد كبير والتي كانت تستخدم مع الكرونوميترات بغرض التصحيح.

وأمام البحارة اليوم عدد من الاختيارات لتعيين مواضع سفنهم بدقة، ويشمل ذلك الرادار، وأنظمة المعلومات الجغرافية GPS، وأنظمة الملاحة المعتمدة على الأقمار الصناعية، ونظام لوران LORAN القائم على أنظمة الراديو والذي استعاد شعبيته. ومع كل هذه التقنيات، إلا أن السفن ما زالت تحمل معها الكرومنوميترات وآلة السدس Sextant المطلوبة في طريقة القمر، وذلك على سبيل الاحتياط Backup ليس إلا.

خط طول جرينتش وقصة اعتماده مرجعاً

نُذكّر مرة أخرى بأنه بخلاف خط العرض الذي يسهل تعيينه مع وجود خط عرض مرجعي طبيعي له هو خط الاستواء، نجد أن خطوط الطول لا يوجد لها خط مرجعي طبيعي. لذا فعلينا أن نختار نحن أين سنضع هذا الخط الصفري meridian والذي نبدأ بعده الترقيم التسلسلي لخطوط الطول المتساوية المسافات والتي ستحيط بالأرض وتغلفها بالكامل. وقد كان من الشائع أن تتخذ الدول المختلفة عواصمها بحيث تقع على خطوط طول مرجعية فتقيس خطوط الطول الأخرى بالنسبة إليها، إلا أنه قد أختيرت مواقع أخرى ذات أهمية خاصة. ومع أن رسامي الخرائط البريطانيين قد استخدموا منذ زمن طويل خط طول (بلدة) جرينتش Greenwich Town كمرجع لهم في عملهم، إلا أن الكثير من المواقع الأخرى قد اختيرت لذلك، ومنها: روما، كوبنهاجن، القدس، بيزا، باريس، سان بطرسبرج، فيلادلفيا، واشنطن. وفي شهر أكتوبر من عام 1884 اعتمد "مؤتمر خط الطول المرجعي الدولي"  International Meridian Conferenceالمنعقد في واشنطن العاصمة، خط طول جرينتش على أنه خط الطول العالمي الأساس، أي خط الطول الذي يحمل الرقم صفر.

نخلص من ذلك إلى أن اختيار خط طول على الأرض وقياس المواقع الأرضية بالنسبة له، لم يكن نزوة علمية ولا هيمنة استعمارية في الأصل كما قيل، بل كان معاناة معرفية مُلغزة، وتجربة بحرية قاسية، وتحدِّ سيادي على طرق البحار، فرضته ظروف الإبحار البعيد، وامتلاك ناصية الملاحة لتجنب مخاطر الضياع في الطرق المجهولة الخالية من علامات.

ولنا أن نتساءل: من أولى باختيار خط الطول المرجعي على نحو ما رأينا من هذا العرض الموجز؟ - أليسوا هم أصحاب المسألة ومن عانى منها على مدى قرون وأنشأ لها المجامع العلمية والاختراعات المتتالية والأموال السائلة بلا حساب، حتى وإن كانوا مستعمرين قراصنة، أم أولئك الذين يريدون أن يقطفوا ثمار جهود الآخرين بادعاءات لا أساس لها من العلم، بل باسم العلم وباسم كتاب الله يريدون أن يزاحموا أصحاب الحقوق في خطف رايات العلم منهم، عن لا جهد ولا استحقاق ولا دراية. ومن شاء أن يفعل فليزاحم في معتركات العلم ومسائله وليقطف ثمار نجاحاته عن استحقاق، فالميادين العلمية ما زالت مفتوحة، وإشكالاتها ما زالت مُشرَّعة، تبحث عن مُشمِّرين لها قادرين عليها، وأبواب العلم لا تنغلق. وما مضى من جوائز العلم قد نالها أصحابها، وجفَّت الصحف بأسمائهم! فمن شاء المنافسة فلينتظر الغد وليتزود له من اليوم، وليأتِ العلوم والابتكارات من أبوابها لا من ظهورها، فالنظر إلى الماضي وإعادة توزيع تركاته سطو عليه بلا استحقاق، والدخول على أهل العلم بلا استئناس ولا استئذان، أو من وراء جُدُرٍ لا ينطلي عليهم.

سادساً: الساعة الميكانيكية والساعة الفلكية، وموقع "الساعة الكونية" المزعومة منهما!

جدير بالذكر الآن – بعدما استعرضنا قصة التحدي في التعرف على خطوط الطول على الأرض – أن ننتبه إلى أن هذه القصة العلمية المثيرة، والتي امتدت على مدى قرون، قد أدت في النهاية إلى اختراع آلة عزيزة علينا جميعاً ولا نستغني عنها من ليل أو نهار. إنها ساعة الجيب؛ أي الساعة الميكانيكية ذات الرقاص (الميزان) escapement –- التي نزين بها معاصمنا، وتدلنا على الوقت بدلالة الساعة العربية المستوية (أو النسخة الإلكترونية الحديثة منها). إن هذه الساعة التي تقيس الزمن هي خلاصة الكرونوميتر Chronometer الذي أختُرع ليدل البحارة والملاحين على خطوط الطول في البحار، ولم يكن من غرض صناعتها إلا هذا الغرض الذي حثت عليه الجوائز الدولية – كما رأينا أعلى - على مدى قرون في عدد من الدول ذات السيادة في ما وراء البحار؛ أي أن ساعة الجيب وقياسها للزمن في أيدينا كان نتيجة جانبية، أما غرضها الأول فكان التعرف على خطوط الطول على الأرض كي لا تضل السفن طريقها!

الساعة الفلكية

لم يكن الكرونوميتر – أو ما آل إليه من ساعة الجيب التي تعودنا على استخدامها دون معرفة قصتها - أول آلة لمعرفة الزمن، بل سبقه ما عُرف بـ "الساعة الفلكية" astronomical clock. وإن كان الكرونوميتر – أو ساعة الجيب Watch- تقيس الزمن الرتيب من ساعات مستوية ودقائق وثواني، فإن الساعة الفلكية لم يكن هذا هو غرضها في البداية، بل كان غرضها معرفة الأوضاع النسبية للشمس والقمر والأبراج zodiacal constellations, وأحياناً الكواكب الرئيسية. أي أن غرض الساعات الفلكية كان تحصيل المعلومات الفلكية بصورة ميكانيكية، أقرب ما تكون إلى "نظام محاكاه ميكانيكي لدوران عناصر الهيئة؛ أي أجرام الفلك كما يراها سكان الأرض"، وأخيراً، بعدما برزت أهمية الساعات المستوية الرتيبة التي اخترع لها ابن الشاطر آلة قياس، أُضيف معرفة الوقت بالساعة المستوية لغيرها من معلومات فلكية لتكون أحد المُخرجات المعلوماتية للساعة الفلكية.

وتطورت الساعات الفلكية من الأسطرلاب الذي استخدمه المسلمون لهذا الغرض ابتداءاً من القرن العاشر الميلادي(81) على يد عبد الرحمن الصوفي Azophi (شكل 18أ)،  إلى الساعة الفلكية التي تدار بالماء سنة 1206م على يد الجزري(82) ،(83) والتي كانت تُسمَّى ساعة القلعة castle clock. ثم ساعة ابن الشاطر الاسطرلابية في القرن الرابع عشر(84). أما الاسطرلاب الحافظ للزمن والأعلى تقنية - ذو التروس المعشقة - فكان من صنع أبو الريحان البيروني في القرن الحادي عشر، وأيضاً من صنع محمد ابن أبي بكر في القرن الثالث عشر، وقد عملت هذه الأجهزة لقياس الزمن، ولمعرفة التقويم في آن واحد(85).




ويُعد أفضل تمثيل للساعة الفلكية – يحقق لنا المقارنة التي نود إجرائها مع الساعة التي اخترعها الدكتور بوناطيرو؛ والتي سماها بـ"الساعة الكونية" - هو ما يوضحه (شكل 18ب)، وهي الساعة التي تحمل إسم (أورلوج ­) (86) وقائمة إلى اليوم في مدينة براغ Prague بجهورية التشيك Czech Republic. وقد تعمدنا المقارنة البصرية في (شكل 18) بين الساعة الأسطرلابية التي صنعها العرب وقدَّروا بها الزمن (شكل 18أ)، وساعة أورلوج (شكل 18ب) التي سنتفحص مخرجاتها المعلوماتية بعد قليل. ولا تُخطئ العين والمقارنة الآلية لعمل الاسطرلاب وساعة أورلوج من اكتشاف أنها ليست إلاَّ إسطرلاباً ميكانيكياً جاءت على التصميم العربي، غير أنها تدور ميكانيكياً لتعطي المعلومات الفلكية في كل لحظة، بدل من توجيهها يدوياً مع الوقت اللحظي المطلوب معلوماته الفلكية مثلما هو حاصل مع الاسطرلاب. 



ويوضح (شكل 19)(87) تركيب ساعة أولاج الفلكية (القرن الخامس عشر الميلادي) والمعلومات الفلكية التي يمكن الحصول عليها منها، وأهم ما نلاحظه فيها الساعات المعوجة التي تطول فيه ساعات النهار وتقصر ساعات الليل، ونلاحظ أيضاً تقسيم القرص إلى 24 ساعة كاملة، وهذه هي المعلومات الأساسية التي سنجدها عند ساعة الدكتور بوناطيرو (شكل 20). أما الجدير بالملاحظة فهو أن اليوم يبدأ وينتهي عند الغروب (لاحظ المربع "نهاية اليوم وبدايته" بشكل 19 أعلى)، وهو تقليد عُرف بأوربا بإسم الساعات الإيطالية(88) Italian Hourse، (وعُرف أيضاً – لاحقاً - في بولندا وبوهيميا Bohemia (منطقة التشيك القديمة() وقد استخدم هذا التقليد بشكل شائع في إيطاليا في القرن الرابع عشر الميلادي واستمر حتى منتصف القرن الثامن عشر وتوقف استخدامه الرسمي سنة 1755م إلا أنه في بعض الأماكن ظل العمل بها سارياً حتى منتصف القرن التاسع عشر، ومن الأمثلة الحية على ذلك ساعة سان مارك في فينيسيا(89) St Mark's Clock. ويبدو لنا أن الإيطاليين قد اقتبسوا هذا التوقيت من العرب مع اقتباسهم للبوصلة بصفتها آلة توقيت (مقياس للزمن).

الساعة الكونية: ساعة (بوناطيرو)


 قال الدكتور بوناطيرو عن الساعة التى اخترعها(90): "الساعة الكونية، .. بمثابة عدة أنواع من الساعات منها:

 ساعة علمية :
-        تشتغل في الاتجاه الصحيح.
-        ذات 24 ساعة.   
-        ذات تقويم قمري-شمسي.
-        ذات جٌمْعة 06 أيام.
-        مضبوطة في الخط الزمني مكة-المدينة.

 ساعة دينية :
-        تعطي أوقات الصلاة لكل بلد.
-        تؤذن في الوقت المناسب.
-        تعطي التقويم الهجري والميلادي.

 ساعة فلكية :
-        تعطي التوقيت العالمي المتوسط.
-        التوقيت المحلي الصحيح حسب كل بلد.
-        طول النهار والليل حسب البلد في العالم ويوم السنة.
-        مدة الشفق الأحمر والإسفار أي الفجر حسب البلد ويوم السنة.
-        بداية الفصول الأربعة حسب البروج.
-        عرض الهلال حسب الليالي.
-        أوجه القمر المختلفة.
-        توافق التواريخ الهجرية والميلادية في الماضي، الحاضر والمستقبل.

 ساعة تنجيمية :
-        تعطي الهيئة الفلكية في أي وقت الخاصة بالقمر والشمس في أي بلد.
-        الساعات المتغيرة (الفصلية) لكل بلد.

 ساعة إكلوجية :
-        تشتغل حسب الحركة الحقيقية للشمس.
-        تُجنب زيادة ساعات في الصيف وإسقاطها في الشتاء.
-        تُجنب زيادة يوم لتصحيح الوقت ( 28-29 فيفري).
-        التعامل مع المعالم الطبيعية مثل الشروق، الغروب، الزوال الصحيح والساعة والدقيقة الصحيحة.
-        تشتغل في انسجام مع الساعة البيولوجية للإنسان.

ساعة فلاحية :
-        تعطي أوقات الزرع والحرث حسب موقع الشمس والقمر في البروج بالنسبة للعارفين لهذا العلم.
-        الخ... "

وقال الدكتور بوناطيرو أيضاً(91): "أعتبر وبكل تواضع أن اختراعي للساعة الكونية يمثل المرحلة التاريخية الثالثة في عمر أدوات قياس الزمن"، وقال في نهاية محاضرته المشار إليها سابقاً يوضح ذلك: "أن الزمن كان ولا يزال ملك للحضارة العربية، فالساعة الأولى كانت من اختراع العرب وهي الإسطرلاب (فنقول له إن هذا صحيح، ويتابع:)، والساعة الثانية كانت التي أهداها هارون الرشيد لشارلمان (فنقول له إن هذا أيضاً صحيح، ويتابع)، والساعة الثالثة هي الساعة الكونية هي التي تشاهدوها هنا (تصفيق حاد من الجمهور)". فنقول له: إن هذا غير صحيح! إن مقارنة سريعة بين الساعة الكونية وبين ساعات القرون الوسطى الفلكية وخاصة ساعة أورلوج (شكل 18ب) أعلى، تقطع بأن الساعة الكونية التي يقدمها ليست إلا إعادة إختراع الدولاب (العجلة) إذا كان فيها شيء جديد. ولماذا نوهم أنفسنا وأبناءنا نحن العرب بهذه المزاعم والظنون، والساعات الفلكية الحديثة موجودة بالأسواق وبها تقنيات يستفيد منها أصحاب المهام الفلكية والمهتمين بهذا الشأن(92).

أما إن كانت "الساعة الكونية" تقرر مواعيد دخول أوقات الصلاة حسب ما جاء به الدكتور بوناطيرو وأوردناه أعلى تحت عنوان "إعادة تعريف الدكتور بوناطيرو لدخول أوقات الصلاة .." وقال أنها على رؤوس الساعات المعوجة، فهذا أمر في منتهى الفساد، ويجب التبيه إليه، والتبرؤ إلى الله تعالى منه، وتحذير المسلمين والقائمين على مواقيت الصلاة منه أشد الحذر، (ومثل ذلك يُقال في الأسبوع ذو الستة أيام، وقد جاء أعلى تحت عنوان " رابعاً: إدعاء أن الأسبوع الموافق للشرع هو 6 أيام فقط .."). أما إن كان حساب هذه الساعة الكونية لدخول أوقات الصلاة ببرمجتها بنفس طريقة برمجة الساعة المعتادة وبما يتفق مع مواعيد الصلوات الشرعية، فما الجديد الذي تقدمه الساعة الكونية إذاً في هذا الشأن أكثر مما هو قائم بدونها؟! أللهم ليس إلا دوران العقارب في الاتجاه المعاكس! أما الحديث عن إسقاط يوم 29 فبراير من التقويم الشمسي، فهذا إجراء لا يخرجه عن الخطأ الحسابي إلا إضافة ذلك اليوم في شهر آخر؛ وعندئذ، ليس هناك من جديد إلا تفسير الماء بعد العسر بالماء! وأما تقديم ساعة وتأخيرها بين الصيف والشتاء في بعض الدول، فذلك لعدم ضياع وقت النهار إذا انزاح التوقيت فخرج به عن وقت العمل، وهذا ما لأجله سمي هذا الإجراء بـ حفظ وقت النهار(93) daytime saving، أي إنه إجراء شكلي لا يمكن تجنبه، ولا عيب فيه، ولا يغير شيء من واقع الساعات المستوية ولا فروق التوقيت الحقيقية بين الدول.

سابعاً: ادعاء أن دخول الشهر الهجري الذي ينبغي الالتزام به من قبل المسلمون جميعاً هو الموافق لاقترانات الشمس والقمر على خط طول مكة-المدينة دون ما سواه:

وهذا الأمر خطير ومشكل، ويُضاف إلى مفاسد الدعوات التي استعرضناها إلى الآن في هذا المقال. لذا يتطلب معالجته بدراسة مستقلة تتناول مشكلة دخول الشهور القمرية ورؤية الهلال والمفاضلة بين الرؤية والحساب الفلكي؛ لذا نُرجئ الأمر لمقال تالٍ إن شاء الله.

خلاصة وتساؤلات

والآن نتساءل، ما دام أنه ليس هناك مرجعية طبيعية لخطوط الطول، وأن اختيار خط مرجعي لذلك ليس إلا مواضعة وإتفاق، فعلامَ يستند أصحاب ادعاء أن خط طول مكة-المدينة أولى من غيره بذلك؟  - لماذا لم يكن أصحاب هذه الدعوى حاضرين بمؤتمر عام 1884 ليزاحموا المقترحات الأخرى بمقترحهم (مؤتمر اختيار خط الطول الدولي المرجعي International Meridian Conference) والذي كان كُلٌّ عضو من أعضائه يدافع عن مدينته التي أراد لاسمها دوام الذكر. وإذا كان الأمر محض مواضعة، فلِمَ الخلاف والنزاع؟ وأي إعجاز ذلك الذي يَدَّعونه، وقد أثبتنا أعلى أن دعواهم بتماثل اقترانات الشمس والقمر حول خط طول مكة-المدينة ليس إلا خطأ تأويلي منهم لما جاؤوا به من بيانات، قد حصلنا على ما هو أفضل منها وعرضناها أعلى وظهر لنا تأويلها الجلي بما لا علاقة له بخط طول بعينه على الأرض!
ونتساءل أخير: ما الفائدة العملية التي تُجنى من دوران عقارب الساعة يميناً أو شمالاً؟!
وما دام أن ذلك لا إشكال فيه ولا مانع شرعي منه، فلمَ نخترع خلافاً فيما لا خلاف فيه. هل وصل بنا الترف العقلي إلى هذا الحد؟ هل فرغنا من حل مشاكلنا المستعصية حتى نلجأ إلى مسائل وهمية، لا هي علمية، ولا هي شرعية!!! 

------------------------------------------------
الهوامش:
--------------
(*) (نُشرت هذه المقالة بتاريخ 4/14/2009 على موقع "الملتقى الفكري للإبداع" ، ثم زال الموقع ومحتوياته مع أحداث الثورة السورية، لذا نعيد نشر هذه المقالة هنا لكثرة تداولها على الإنترنت وغياب الرابطة الأصلية التي كثيراً ما يحال إليه)
.
[1] راجع التعليق الأول والثاني على مقالة : [ حول ادعاء عدم انحراف المجال المغناطيسي على خط طول مكة المكرمة ] ولاحظ ما ذكرناه على مقالة على أحد مواقع الإعجاز العلمي بعنوان [توقيت مكة المكرمة: هل هو حقيقة علمية؟]. والشاهد هنا أن هذه المقالة الأخيرة قد خلطت بين مسألة (توقيت مكة المكرمة)، ومسألة (عدم انحراف المال المغناطيسي)!


[2] ورد في صحيح مسلم في باب التعوذ من الشر، وجاء عن أنس بن مالك في روايته عن دعاء الرسول (ص) دبر كل صلاة (كتاب العلم لأبي خيثمة، تحقيق الألباني، ص37، وكتاب "اعتلال القلوب للخرائطي"، تحقيق حمدي الدمرداش، مكتبة نزار مصطفى الباز - الرياض، سنة 1420 هـ. ص4)، ورواه جابر بن عبدالله الأنصاري (أخلاق العلماء للآجري، تحقيق إسماعيل الأنصاري، الرئاسة العامة للدعوة والإرشاد بالسعودية، سنة 1398هـ. ص118)
[3]  ورد في معجم أبو يعلى الموصلي، تحقيق إرشاد الحق الأثري ، دار العلوم الأثرية - فيصل آباد، 1407 هـ، ص 239.  وفي كتاب الفوائد (الغيلانيات)، لأبي بكر محمد الشافعي، تحقيق حلمي عبد الهادي، دار ابن الجوزي، 1417، ص 498.
[1]  مثل صاحب الأحوذي أو العلموي، أنظر: (فرانتز روزنتال، مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي، ترجمة أنيس فريحة ووليد عرفات، دار الثقافة، بيروت، 1403، ص174.) على هامش: المدخل إلى البحث في العلوم السلوكية، صالح العساف، طبعة ثانية، العبيكان 1421، ج1،ص9)
[4]  (محمد الدسوقي، منهج البحث في العلوم الإسلامية، دار الأوزاعي، 1404، ص57) على هامش: المدخل إلى البحث في العلوم السلوكية، صالح العساف، طبعة ثانية، العبيكان 1421، ج1،ص9)
[5]  هو الدكتور الفاضل لوط بوناطيرو، من الجزائر الشقيقة، وقد اخترع ساعة لقياس الزمن سماها "الساعة الكونية". وتختلف هذه الساعة عن الساعة التقليدية في أن ساعاتها غير منتظمة، فتطول ساعات النهار في الصيف كي يكون طول النهار 12 ساعة دائماً أبداً، وتنكمش بالليل لتظل ساعات الليل 12 ساعة أيضاً، وينعكس الأمر بالشتاء! ويدور عقرب الساعات دورة واحدة فقط في اليوم والليلة على قرص الساعة المقسم إلى 24 ساعة. وهناك معلومات أخرى يمكن الحصول عليها بخلاف ذلك مثل مواعيد الصلاة والفصول المناخية والبروج النجمية، أنظر (شكل 20).
[6]  جاء في محاضرة له - سنقتطف منها لاحقاً عدداً من الفقرات- أن جرينتش هو اسم إنسان وهو صاحب اقتراح التوقيت البريطاني الشهير، غير أن جرينتش إسم بلدة بريطانية بها مرصد قديم، وقد اشتهرت بكثرة الخضرة فيها فسُميت Greenich لذلك، ... هكذا قال أهلها!
[7]  محاضرة د. بوناطيروا، بعنوان: "الساعة الكونية"، "ندوة الجزائر الدولية" جامعة فرحات عباس، الجزائر، سطيف، نظمت الندوة "الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة"، وسميت الندوة بالمؤتمر التاسع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة" 2008.
[8]  موقع د. بوناطيروا، http://web.eldjazair.net.dz/astroecology/astrecologia/index_ar.htm ، وقد حاولنا الحصول على كتابه المسمى بـ "علم الميقات" فلم نستطع.
[9]  مجلة الإعجاز العلمي، مجلة فصلية تصدر عن الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، العدد 30 جمادى الآخرة 1429هـ، ص20. والمحاضرة المعنية هي محاضرة "الساعة الكونية"، لصاحبها د. لوط بوناطيرو.
[10]  محاضرة د. بوناطيروا، مرجع سابق، (ونأتي بنص الفقرات المقتبسة من المحاضرة بلهجتها ما وسعنا الأمر، وقد تعمدنا عدم تعديل النص اللغوي وأبقيناه على حرفيته لعدم التأثير عليه، ومن ثم عدم تحريف المعانى التي قصد إليها قائلها.)
[11]  موقع د. بوناطيروا، مرجع سابق.
[12]  النسيء، تقاويم العالم والتقويم العربي الإسلامي، نيازي عزالدين، الأهالي للطباعة والنشر، 1999، ص30.
[13]  المرجع السابق، ص 38.
[14]  المرجع السابق، ص 37.
[15] “Calendrical Calculations”, Nachum Dershowwitz, Edward Rengold, Third Edition, Cambridge University Press, 2008, p. 45.
[16]  "دورتا الشمس والقمر، وتعيين أوائل الشهور العربية باستعمال الحساب"، حسين كمال الدين، در الفكر العربي، 1996، ص17-18.
[17] “Calendrical Calculations”. Ibid. p. 84.
[18]  محاضرة د. بوناطيروا ، مرجع سابق.
[19]  محاضرة د. بوناطيروا ، مرجع سابق.
[20]   NASA - Moon Phases 6000 Year Catalog, http://eclipse.gsfc.nasa.gov/phase/phasecat.html.
[21]   Phases of the Moon: 2001 to 2100, http://eclipse.gsfc.nasa.gov/phase/phases2001.html
[22]  محاضرة د. بوناطيروا ، مرجع سابق.
[23]  النسيء، تقاويم العالم والتقويم العربي الإسلامي، نيازي عزالدين، دار الأهالي، دمشق، 1999، ص 163-167.
[24]  محاضرة د. بوناطيروا ، مرجع سابق.
[25]  موقع د. بوناطيرو، http://web.eldjazair.net.dz/astroecology/astrecologia/index_ar.htm
[26]  محاضرة د. بوناطيروا ، مرجع سابق.
[27]  نقبل هذه العبارة باعتبارها مفهوماً إسلامياً، إذ ليس هناك آية في القرآن على هذه الصورة! وإنما جاء لفظ "أتقن" مرة واحدة في كتاب الله وذلك في قوله تعالى "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ"(النمل: 88).
[28]  رأينا في مقالنا السابق "خطيئة لُغوية وانتكاسة علمية" أن الكواكب تتحرك فيما يبدو للراصد لها على الأرض أنها تائهة أو متحيرة، فتتقدم ثم تتأخر، ثم تعود فتتقدم، لذا سُميت الكواكب المتحيرة، ونظراً لوضوح هذه الصفة فيها؛ أي التحير والتيه وعدم الانتظام، فحُمل اللفظ planetary على ما سلك نفس المسلك. فإن قيل: planetary life، قُصد بذلك (حياة مرتبكة لا هدف لها يهيم فيها أصحابها على وجههم)، وإن قيل: planetary hours، قُصد بها (الساعات المعوجة التي نحن بصدد الحديث عنها)
[29]  الموسوعة العربية العالمية – مادة (القياس- قياس الزمن).
[30]  الموسوعة العربية العالمية – مادة (المزولة)، بتصرف. أنظر أيضاً مادة (الوقت).
[31]  David A. King (1983), "The Astronomy of the Mamluks", Isis 74 (4), pp. 531-555 [545-6]
[32]  هو "علاء الدين أبو الحسن إبن إبراهيم إبن الشاطر (1304-1375م)، كان فلكياً ورياضياً ومهندساً، وكان يعمل بوظيفة مُؤقت Timekeeper المسجد الأموي بدمشق. وأهم كتبه المعروفة الآن "كتاب نهاية السول –أي السؤال- في تصحيح الأصول"، وقد صحَّح فيه نموذج بطليموس في حركات الشمس والقمر والكواكب تصحيحاً جذرياً.
 [33] George Saliba, A History of Arabic Astronomy: Planetary Theories During the Golden Age of Islam, p. 233-234 & 240, New York University Press, 1994.
[34]  كانت وظيفة "المؤقت" أو "من يتولى المزولة" وظيفة شائعة في العالم الإسلامي لتعيين مواقيت الصلاة. فنقرأ في "نهاية الإرب للنويري"(ج33/231):[ كان الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي الناصري أستاذ الدار العالية قد أنشأ خانقاه قبالة داره بالقاهرة المعزية، وكملت عمارتها في هذه السنة، وحصل الجلوس فيها في يوم الأربعاء السابع من جمادى الآخرة سنة ثلاثين وسبعمائة  - ورتب لمن يتولى المزولة في كل شهر من الفائض عشرة دراهم]، ونقرأ عن المسجد الحرام في ("فى رحاب البيت العتيق"، لـ محي الدين أحمد إمام، دار قرطبة للطباعة والنشر والتوزيع):[ كان المسئول عن التوقيت فى المسجد الحرام هم آل الريس وهم أحفاد عبد الله بن الزبير والقائمون الآن بالتوقيت من بيت الريس هما الشيخ رضوان بن عبد السلام الريس والشيخ أسعد بن عبد السلام الريس وقد كان التوقيت يعرف عن طريق المزولة التى عملت عام 551هـ فى زمن الوزير الجواد، حتى أمر الملك عبد العزيز رحمه الله بتركيب ساعة ضخمة يسمع الجميع دقاتها ويشاهدونها بجوار المسجد الحرام، وكانت فى منطقة تسمى الحميدية]. وكانت المزولة جزء هام من المساجد (الكبرى)، فهذا مسجد الزيتونة قيل في شأنه: (يتميز بوجود مزْولة لضبط أوقات الصلاة حسب الفصول السنوية، وقد تم الاستغناء عنها اليوم بوجود الساعات الدقيقة، إلا أنها (المزولة) كانت من قبل من أتقن الصناعات واضبطها للأوقات.)[عبدالله سالم نجيب، "تاريخ المساجد الشهيرة - منارات الهدى في الأرض"، ص175]
[35]  Jones, Lawrence (December 2005), "The Sundial And Geometry", North American Sundial Society 12 (4) .
[36]  John Morris Roberts, The History of the World, Oxford University Press, pp. 264-74.
[37]  Ahmad Y Hassan, Taqi al-Din and Arabic Mechanical Engineering, Institute for the History of Arabic Science, Aleppo University, 1976, pp. 34-35.
[38]  تعود ترجمة عنوان الكتاب من الإنجليزية إلى العربية لكاتب هذه الدراسة، إذ لم يعثر على معلومات عن الأصل العربي للكتاب، وهو ما يُستشف من عنوانه، إلا إذا كان قد كتب بالتركية وحمل إسماً عربياً، أو كان العنوان بالتركية وتأثر بالعناوين العربية للكتب وما فيها من سجع.
[39]  Aydin Sayili, The Observatory in Islam”, Ankara: Turk Tarih Kurumu, 1991), 289-305; Aydin Sayili, “Alauddin Mansur’un Istanbul Rasathanesi Hakkindaki Siirleri,” Belleten 20, no. 79(1956): 414, 466. Quoted from [Dr. Salim Ayduz (26 June 2008). "Taqi al-Din Ibn Ma’ruf: A Bio-Bibliographical Essay”. http://muslimheritage.com/topics/default.cfm?ArticleID=949]
[40]  موقع "المرصد البحري الأمريكي- قسم التطبيقات الفلكية"
Astronomical Applications Department of the U.S. Naval Observatory  http://aa.usno.navy.mil/data/docs/RS_OneYear.php
[41]  موقع "المرصد البحري الأمريكي- قسم التطبيقات الفلكية" السابق.
[42]  حصلنا عليها من موقع "مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بمدينة الرياض – المملكة العربية السعودية"، http://www.kacst.edu.sa/ar/services/hijricalendar/default.aspx. وقمنا بتجميع مواعيد الصلوات لنفس العام وأدخلناها ببرنامج إكسل ورسمنا العلاقة الناتجة مع مواعيد الصلوات التي أعاد تعريفها د. بوناطيرو في نفس الشكل.
[43]  أنظر في ذلك ما أدخل من تعديلات في بعض البلاد مثل "إنجلترا – شمال ويلز"  -
“North Wales Islamic Societies - The Determination of Salaat Times”, http://www.nwis.org.uk/salaattimes - حيث يتخطى خط العرض خط 50 شمالاً، مما جعل بعض المتخصصين يحسبون موعد صلاة العشاء على درجة نزول الشمس 15 درجة تحت الأفق حتى لا يتداخل وقتي صلاة الفجر والعشاء ويظلا مميزين بعلامات يمكن حسابها، علماً بأن درجة نزول الشمس المتفق عليها هي في الغالب 18 درجة، إلا من بعض الخلاف بين المدارس الفقهية الفلكية (راجع الموقع السابق تحت عنوان Conventions currently in use). (راجع أيضاً في ذلك بحث د. حسين كمال الدين: "تعيين مواقيت الصلاة في أي مكان وزمان على سطح الأرض"، مجلة البحوث الإسلامية، العدد الثالث - الإصدار : من رجب إلى ذو الحجة لسنة 1397هـ).
http://www.alifta.com/Fatawa/fatawaDetails.aspx?View=Tree&NodeID=565&PageNo=1&BookID=2
[44]  أورد البتاني "حساب ساعات الليل" في "الزيج الصابئ باستخدام مطالع الكواكب" ص29، ولم يكن للعرب في ذلك من صنعة قبل تقدم علم الهيئة (الفلك)!
[45]  موقع الدتور بوناطيرو. سابق.
[46]  يثير هذا السؤال دهشتنا إلى أقصى درجة، وكأننا يجب أن نتوقع أن هناك من سينادي بزيادة الأسبوع يوماً بكل كوكب يُكتشف، وإسقاط يوماً إذا خرج كوكب من تعريف الصفة الكوكبية كما حدث مع بلوتو!
[47]  موقع بوناطيرو، سابق.
[48]  الماوردي، " الحاوي في فقه الشافعي دار الكتب العلمية ، 1994م، ج18 ص100. (بتصرف)
[49]  ابن تيمية، مجموع الفتاوى، طبعة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم، ج35، ص344.
[50]  ابن تيمية، " اقتضاء الصراط المستقيم الناشر : مطبعة السنة المحمدية – القاهرة، 1369، ص263.
[51]  المرجع السابق، ص 262.
[52]  السابق ص 265
[53]  السابق ص 432.
[54]  ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ج27 ص 406.
[55]  ابن تيميه، منهاج السنة النبوية، مؤسسة قرطبة ، الطبعة لأولى، ج5 ص145.
[56]  محاضرة بوناطيرو، سابق.
[57]  يراجع هامش رقم (7) أعلى.
[58]  أنور عبد العليم،"الملاحة وعلوم البحار عند العرب"، سلسلة عالم المعرفة، العدد 13، 1979م، ص40، 52، وهامش 1 ص 193.
[59]  السابق، ص 52.
[60]  أبو سعيد المغربي في "الجغرافيا"، ص 7.
[61]  الهمداني، " صفة جزيرة العرب"، ص 15.
[62]  الملاحة وعلوم البحار عند العرب، ص52.
[63]  الهمداني في "صفة جزيرة العرب"، ص 15.
[64]  القزويني، " آثار البلاد وأخبار العباد "، ص10.
[65]  أبو سعيد المغربي في "الجغرافيا"، ص 7.
[66]  الزيج الصابئ، ص15.
[67]  (ربما) يقصد "كتاب صورة الأرض" لأبي القاسم بن حوقل النصيبي، والكتاب مطبوع، دار صادر بيروت، بدون تاريخ، عن طبعة مدينة ليدن بمطبعة بريل 1938م.
[68]  الإدريسي، "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" ص31، وهو الكتاب المشهور بـ"كتاب روجار" نسبة إلى "رجار الثاني" صاحب صقلية (ت 548هـ).
[69]  القزويني، " آثار البلاد وأخبار العباد "، ص10.
[70]  أنظر: قاموس المصطلحات الاقتصادية في الحضارة الإسلامية"، محمد عمارة، دار الشروق، 1993، مادة "الفرسخ"، ص 426.
[71]  Patricia M. and Pierre M. Bikai in "Archaeology" (Jan-Feb 1990), ”,Timelines:  A Phoenician Fable”, http://nautarch.tamu.edu/shiplab/acores-geral01-fenicios.htm
[72]  J J O'Connor and E F Robertson, “History topic: Longitude and the Académie Royale”, February 1997, http://www-history.mcs.st-andrews.ac.uk/HistTopics/Longitude1.html
[73]  الـ League وحدة قياس تساوي 3 ميل تشريعي Statute Mile (4.8 كيلو متر)، و"الميل التشريعي" هو "الإسم الرسمي" للميل الأوربي الحالي (1609 متر) المصدر: The American Heritage Dictionary of the English Language, Fourth Edition copyright, 2000 by Houghton Mifflin Company. Updated in 2003
[74]  Ricklefs, M.C. (1991). A History of Modern Indonesia Since c.1300, 2nd Edition. London: MacMillan. pp. 24.
[76]  قدر عدد الرجال الذين فقدوا في هذه الكارثة بـ 2000 رجل، أنظر:
Historical Encyclopedia of Natural and Mathematical Sciences”, Ari Ben-Menahem, Springer-Verlag, 2009, p. 2379
[77]  Earnshaw's Chronometer Escapement, http://www.antique-watch.com/ref/e_earn.html
[78]  Sobel, Dava, Longitude: The True Story of a Lone Genius Who Solved the Greatest Scientific Problem of His Time, Walker and Company, New York, 1995
[79]  The Nautical Almanac and Astronomical Ephemeris, for the year 1767, London: W. Richardson and S. Clark, 1766
[80]  Lombardi, Michael A., "Radio Controlled Clocks", Proceedings of the 2003 National Conference of Standards Laboratories International, Aug 17, 2003
[81]  "Using an Astrolabe". Foundation for Science Technology and Civilisation. http://www.muslimheritage.com/topics/default.cfm?ArticleID=529.
[82]  Hill, Donald R. (May 1991). "Mechanical Engineering in the Medieval Near East". Scientific American: pp. 64–69. 
[83]  History of Sciences in the Islamic World, Hill, Donald R.. "Mechanical Engineering". http://home.swipnet.se/islam/articles/HistoryofSciences.htm. Retrieved on 2008-01-22. )
[84]  King, David A. (1983). "The Astronomy of the Mamluks". Isis 74 (4): C. pp. 531–555 [545–546]
[85]  Hassan, Ahmad Y, Transfer Of Islamic Technology To The West, Part II: Transmission Of Islamic Engineering, History of Science and Technology in Islam, http://www.history-science-technology.com/Articles/articles%2071.htm
[86]  http://en.wikipedia.org/wiki/Prague_Astronomical_Clock
[87]  Ibid.
[88]  http://en.wikipedia.org/wiki/Hour
[89]  http://en.wikipedia.org/wiki/St_mark%27s_clock
[90]  موقع الساعة الكونية http://universal-clock.edu.dz/accueil_arabe.htm. (تحت رابطة "الإختراع")
[91]  http://www.aljazeera.net/news/archive/archive?ArchiveId=1033882
[92]  http://www.yeswatch.com
[93]  http://en.wikipedia.org/wiki/Daylight_saving_time
--------------------------------------------

المراجع:

------------
1.       صحيح مسلم، صحيح البخاري، مسند أحمد ابن حنبل، سنن الترمذي، سنن النسائي.
2.       كتاب العلم لأبي خيثمة، تحقيق الألباني.
3.       "اعتلال القلوب للخرائطي"، تحقيق حمدي الدمرداش، مكتبة نزار مصطفى الباز - الرياض، سنة 1420 هـ
4.       أخلاق العلماء للآجري، تحقيق إسماعيل الأنصاري، الرئاسة العامة للدعوة والإرشاد بالسعودية، سنة 1398هـ
5.       معجم أبو يعلى الموصلي، تحقيق إرشاد الحق الأثري ، دار العلوم الأثرية - فيصل آباد، 1407 هـ
6.       كتاب الفوائد (الغيلانيات)، لأبي بكر محمد الشافعي، تحقيق حلمي عبد الهادي، دار ابن الجوزي، 1417
7.       المدخل إلى البحث في العلوم السلوكية، صالح العساف، طبعة ثانية، العبيكان 1421
8.       منهج البحث في العلوم الإسلامية، محمد الدسوقي، دار الأوزاعي، 1404
9.       النسيء، تقاويم العالم والتقويم العربي الإسلامي، نيازي عزالدين، الأهالي للطباعة والنشر، 1999
10.   "دورتا الشمس والقمر، وتعيين أوائل الشهور العربية باستعمال الحساب"، حسين كمال الدين، در الفكر العربي، 1996
11.   "تعيين مواقيت الصلاة في أي مكان وزمان على سطح الأرض"، حسين كمال الدين، مجلة البحوث الإسلامية، العدد الثالث - الإصدار : من رجب إلى ذو الحجة لسنة 1397هـ
12.   "خطيئة لُغوية وانتكاسة علمية"، مقال، عزالدين كزابر، http://almultaka.net/
13.   "الزيج الصابئ باستخدام مطالع الكواكب"، البتاني.
14.   "الحاوي في فقه الشافعي "، الماوردي، دار الكتب العلمية ، 1994م،
15.   "مجموع الفتاوى"، ابن تيمية، طبعة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم
16.   "اقتضاء الصراط المستقيم " ابن تيمية، مطبعة السنة المحمدية – القاهرة، 1369،
17.   "منهاج السنة النبوية"، ابن تيميه، مؤسسة قرطبة ، الطبعة لأولى
18.   "الملاحة وعلوم البحار عند العرب" أنور عبد العليم، سلسلة عالم المعرفة، العدد 13، 1979م
19.   "الجغرافيا"، أبي سعيد المغربي.
20.   " صفة جزيرة العرب"، الهمداني.
21.   "المواعظ والاعتبار" المقريزي.
22.   "كتاب صورة الأرض" لأبي القاسم بن حوقل النصيبي، والكتاب مطبوع، دار صادر بيروت، بدون تاريخ، عن طبعة مدينة ليدن بمطبعة بريل 1938م.
23.   "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" الإدريسي،وهو الكتاب المشهور بـ"كتاب روجار" نسبة إلى "رجار الثاني" صاحب صقلية (ت 548هـ).
24.   "آثار البلاد وأخبار العباد "، القزويني.
25.   قاموس المصطلحات الاقتصادية في الحضارة الإسلامية"، محمد عمارة، دار الشروق، 1993.
26.   "الإعجاز العلمي والعددي في الميزان"، خالد بن عثمان السبت.
27.   مجلة الإعجاز العلمي، مجلة فصلية تصدر عن الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، العدد 30 جمادى الآخرة 1429هـ
28.    “Calendrical Calculations”, Nachum Dershowwitz, Edward Rengold, Third Edition, Cambridge University Press, 2008
29.    David A. King (1983), "The Astronomy of the Mamluks", Isis 74 (4). pp. 531–555 [545–546]
30.    George Saliba, A History of Arabic Astronomy: Planetary Theories During the Golden Age of Islam, New York University Press, 1994.
31.    Jones, Lawrence (December 2005), "The Sundial And Geometry", North American Sundial Society 12 (4) .
32.    John Morris Roberts, The History of the World, Oxford University Press,..
33.    Ahmad Y Hassan, Taqi al-Din and Arabic Mechanical Engineering, Institute for the History of Arabic Science, Aleppo University, 1976.
34.    Aydin Sayili, The Observatory in Islam”, Ankara: Turk Tarih Kurumu, 1991), 289-305.
35.    Aydin Sayili, “Alauddin Mansur’un Istanbul Rasathanesi Hakkindaki Siirleri,” Belleten 20, no. 79(1956)
36.    Salim Ayduz (26 June 2008). "Taqi al-Din Ibn Ma’ruf: A Bio-Bibliographical Essay”. http://muslimheritage.com/topics/default.cfm?ArticleID=949.
37.    Patricia M. and Pierre M. Bikai in "Archaeology" (Jan-Feb 1990), ”,Timelines:  A Phoenician Fable”, http://nautarch.tamu.edu/shiplab/acores-geral01-fenicios.htm
38.    J J O'Connor and E F Robertson, “History topic: Longitude and the Académie Royale”, February 1997, 
39.    Ricklefs, M.C. (1991). A History of Modern Indonesia Since c.1300, 2nd Edition. London: MacMillan.
40.    Earnshaw's Chronometer Escapement, http://www.antique-watch.com/ref/e_earn.html
41.    Sobel, Dava, Longitude: The True Story of a Lone Genius Who Solved the Greatest Scientific Problem of His Time, Walker and Company, New York, 1995.
42.    The Nautical Almanac and Astronomical Ephemeris, for the year 1767, London: W. Richardson and S. Clark, 1766.
43.    Lombardi, Michael A., "Radio Controlled Clocks", Proceedings of the 2003 National Conference of Standards Laboratories International, Aug 17, 2003.
44.    Hill, Donald R. (May 1991). "Mechanical Engineering in the Medieval Near East". Scientific American: pp. 64–69.
45.    History of Sciences in the Islamic World, Hill, Donald R.. "Mechanical Engineering". http://home.swipnet.se/islam/articles/HistoryofSciences.htm
46.    Hassan, Ahmad Y, Transfer Of Islamic Technology To The West, Part II: Transmission Of Islamic Engineering, History of Science and Technology in Islam, http://www.history-science-technology.com/Articles/articles%2071.htm
47.    “Historical Encyclopedia of Natural and Mathematical Sciences”, Ari Ben-Menahem, Springer-Verlag, 2009.

48.   موقع الدكتور لوط بوناطيرو:
49.   موقع الساعة الكونية (تحت رابطة "الإختراع")
50.   موقع "هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة" بمكة المكرمة، وهي هيئة تابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
51.   موقع وكالة الفضاء الأمريكية: أطوار القمر
http://eclipse.gsfc.nasa.gov/phase/phasecat.html , NASA - Moon Phases 6000 Year Catalog,
http://eclipse.gsfc.nasa.gov/phase/phases2001.html , Phases of the Moon:( 2001 to 2100)
52.   موقع "المرصد البحري الأمريكي- قسم التطبيقات الفلكية"
Astronomical Applications Department of the U.S. Naval Observatory  http://aa.usno.navy.mil/data/docs/RS_OneYear.php
53.   موقع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بمدينة الرياض – المملكة العربية السعودية: (تقويم أم القرى)
54.   موقع الموسوعة العربية العالمية:
55.   موقع أخرى:
North Wales Islamic Societies - The Determination of Salaat Times”, http://www.nwis.org.uk/salaattimes
"Using an Astrolabe". Foundation for Science Technology and Civilisation. http://www.muslimheritage.com/topics/default.cfm?ArticleID=529 










هناك 4 تعليقات:

  1. هل صحيح ان موعد الافطار وموعد السحور فية خطأ ويجب ان يكون الصيام لليل كما في الايات ؟

    هناك اختلاف في تفسير هذا الامر لمذا خالف العلماء ضاهر الايات ولم يميزوا بين الغربو والليل وهذا واضح من خلال الاحاديث ومن خلال فتاوى العلماء بعض الناس يفطرون قبل الغروب وبعض الناس يفطرون بعدة ب 12 دقيقة لمذا كل هذا الامر ؟

    ردحذف
    الردود
    1. السلام عليكم ورحمة الله
      لا يوجد خطأ في موعد الإفطار (الغروب) لأنه محدد بغياب قرص الشمس كاملاً وراء الأفق الأرضي. ومن يؤخره بدقائق إنما للاحتياط لأنه ربما لا يرى الأفق بشكل صريح،

      أما الفجر ففيه إشكال حقيقي لأن التشويش الضوئي في زمننا هذا يحجب رؤية الخيط الأبيض من الخيط الأسود عند الفجر، كما وأن هناك اختلاف بين الفقهاء أنفسهم وأيضاً الفلكيين في مسألة زاوية الشمس تحت الأفق الموافقة لدخول الفجر، ويتراوح الاختلاف في المدى (16إلى 19.5) من الدرجات.
      ويمكن متابعة شيء من هذا الاختلاف في الدراسة الآتية،
      [هكذا جمعت آية (السجدة:5) سرعة الضوء، وسرعة دوران الأرض، وموعد دخول الفجر على درجة (16.9 ± 0.4)!]
      http://kazaaber.blogspot.com/2015/06/169-04-5.html

      ورغم أن الدراسة لم تستهدف دراسة موعد الفجر على الخصوص، إلا أنها عرّجت عليه، واستنبطت طريقة لتعيينه.
      وألفت الانتباه إلى الجزء الأخير في هذه الدراسة والذي جاء تحت العنوان:
      استطلاع رأي الفلكيين في موعد دخول الفجر الذي وافقته المعادلة:
      وأيضاً إلى المراجع الواردة بالدراسة، والتي شملت الكثير من الروابط التي تؤكد هذا الخلاف، سواء كانت أكاديمية أو حوارية.

      هذا والله تعالى أعلم.

      حذف
    2. من القران و السنة صلاة الفجر علي غير وقتها

      وقال رسول الله عليه الصلاة و السلام من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد

      علي العموم و الله اعجبت بما تقول و ما اتيت به خير من ما اتي به الكذب قرقوروس و خير من ما اتي به بونا طيرو

      الا اني اعيب عليك استخدامك لعلم الفلك

      كما اني ادعوك الي ان تعيد حسابتك بان تجعل في الحسبان ان الشمس و القمر هما الذين يدوران علي الارض اي ان الشمس هي التي تدور علي الارض و ليس العكس

      حذف
    3. 1- يبدو أن هناك نقصاً في بداية التعليق، حيث أن مراد صاحب التعليق من قوله (من القران و السنة صلاة الفجر علي غير وقتها ) غير واضح !!!

      2- حول الحديث (من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد)، وقول صلحب التعليق: [اعيب عليك استخدامك لعلم الفلك ] .. أنقل إليه الآتي: [ قال الخطابي في المعالم 4: 229 - 230: "علم النجوم المنهي عنه هو ما يدعيه أهل التنجيم من علم الكوائن والحوادث التى لم تقع وستقع في مستقبل الزمان، كإخبارهم بأوقات هبوب الرياح، ومجيء المطر، وظهور الحر والبرد، وتغير الأسعار، وما كان في معانيها من الأمور. يزعمون أنهم يدركون معرفتها بسير الكواكب في مجاريها. وباجتماعها واقترانها، ويدعون لها تأثيراً في السفليات، أوأنها تتصرف على أحكامها، وتجرى على قضايا موجباتها! وهذا منهم تحكم على الغيب، وتعاط لعلم استأثر الله سبحانه وتعالى به، لا يعلم الغيب أحد سواه. فأما علم النجوم الذي يدرك من طريق المشاهدة والحس، الذي يعرف به الزوال، ويعرف به جهة القبلة، فإنه غير داخل فيما نهى عنه.] ..
      ومن الواضح أن المنهي عنه هو (التنجيم) وليس ما أصبح يعرف حديثاً بـ (علم الفلك) الذي له أسباب متواترة يمكن الوقوف على صدقها.

      3- حول قول صاحب التعليق: [ادعوك الي ان تعيد حسابتك بان تجعل في الحسبان ان الشمس و القمر هما الذين يدوران علي الارض اي ان الشمس هي التي تدور علي الارض و ليس العكس ]،
      أقول: الأدلة تشير إلى دوران الأرض حول مركز ثقل المجموعة الشمسية، وأحيل صاحب التعليق إلى موضعين على هذه المدونة - فضلاً عن غيرهما - فيهما بعض الأدلة لمن شاء معرفة الحق في هذه المسألة، وهذين الموضعين هما:

      http://kazaaber.blogspot.com/2014/03/1.html
      تحت عنوان (وأما المؤآخذات ....)

      و
      http://kazaaber.blogspot.com/2013/01/blog-post_29.html
      (تحت عنوان: تأثير الكواكب على مسار الشمس)

      حذف